|
الإعلام الأمازيغي والتحديات المفروضة بقلم: نجيب سيفاو رشيد (تيمولاي، أگلميم) يشكل الإعلام الأمازيغي المكتوب طرفا رئيسيا من معادلة المشهد الإعلامي والتواصلي الوطني، باعتباره القريب من هموم وآلام وآمال الشعب الأمازيغي إذ يعتبر إلى حد ما الناطق الرسمي باسمه، إضافة إلى كونه يعبر عن آراء الحركة الثقافية الأمازيغية ويصرف عمليا مواقفها وملاحظات الفاعلين والنشطاء فيها حول مجموعة من المواضيع المطروحة، وخاصة ما يتعلق منها بواقع الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، وكذا الهوياتية. كما أن هذا الإعلام لعب دورا مركزيا في تتبع حركية المجتمع المدني الأمازيغي داخل المجتمع المغربي، وكلك خارج الوطن، إضافة إلى رصده لشتى أنواع الخروقات والانتهاكات التي تطال يوما عن يوم الحقوق والحريات ذات الارتباط بالهوية الأمازيغية... وكان يقوم بهذه المهام النبيلة بشكل نضالي في الوقت الذي تواطأت فيه كل من الصحافة الحزبية ووسائل الإعلام الرسمي الذي يموله المواطنون من عرق جبينهم، على تهميش المناطق الأمازيغية والأخبار المتعلقة باللغة والثقافة الأمازيغيتين في ارتباط وثيق مع التوجه الرسمي السائد الرامي إلى استبعاد أية مصالحة مع القضية الأمازيغية بالاستجابة الفورية لكافة المطالب الديموقراطية التي ما فتئ نشطاء الحركة الثقافية الأمازيغية ينادون بتحقيقها، وينشطون من أجل ذلك، كما أن وسائل الإعلام، سواء المنتمية إلى الشق الرسمي أو الشق الحزبي لا زالت تستحضر مقولة المغرب النافع والمغرب غير النافع، مصنفة الأمازيغية في إطار الخانة الأولى، متمادية في إلحاق المزيد والمزيد من التهميش بها. ورغم الدور الهام الملقى على عاتق الإعلام الأمازيغي باعتباره يشكل الملجأ الوحيد الذي تعبر الأمازيغية من خلاله عن معاناتها، وباعتباره من جهة أخرى المنفذ الوحيد الذي تطل منه، وبكل حرية الحركة الثقافية الأمازيغية مصرفة مواقفها حول مجموعة من القضايا ما دامت الآن. وهو ما ينبغي أن يعيه جيدا النشطاء في صفوفها. فقد أصبحت طرفا وازنا في المعادلة المغربية، ومن الضروري بمكان أن تعطي تصوراتها حول كل ما هو مطروح في الساحتين الوطنية والدولية بشكل وخطاب حضاري تقدمي ديموقراطي وحداثي حتى لا تبقى متقوقعة حول نفسها. وهنا يمكن للإعلام الأمازيغي المكتوب أن يكون بمثابة الحامل الرئيسي لذلك الخطاب المراد تصريفه. هكذا إذن يبدو ضروريا الوعي بطبيعة المعيقات والعراقيل التي تقف حجر عثرة أمام استمرارية وتطور الإعلام الأمازيغي المكتوب. فهناك غياب الدعم الرسمي إسوة ببعض الجرائد والصحف التي تستفيد من مجموعة من الامتيازات. ولعلّ أبسطها نشر الإعلانات القضائية والإدارية، غياب إيرادات الإشهار ما دام المعلنون الاقتصاديون لا يخصون الجرائد الأمازيغية بالإعلانات الإشهارية، ضعف عدد النسخ المسحوبة، ضعف ورداءة عملية التوزيع... بسبب ذلك كله، ونظرا لكونه إعلاما نضاليا تحضنه حركة مدنية تطالب بتحقيق الديموقراطية والاستجابة الفورية لمطالب الحركة الثقافية الأمازيغية التي بلورتها في العديد من وثائقها وأوراقها، فإن الإعلام الأمازيغي المكتوب يجد نفسه أمام مجموعة من التحديات التي لا مناص ـ من أجل تجاوزها ـ من الانضمام إلى جبهة المنابر الإعلامية المستقلة التي تتواجد معه في نفس خندق الاستقلالية، لا بد للإعلام الأمازيغي المكتوب العمل على فتح أبواب التواصل مع جميع قرائه في أفق خلق مقروئية أمازيغية قوية، ولا بد له من ضم صوته إلى الأصوات المنادية باحترام حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة بصفة خاصة، والتي تعرف تراجعات خطيرة هذه الأيام. ينبغي له كذلك المطالبة بتبني الدولة لسياسة واضحة وشفافة في مجال الدعم المقدم للصحف، مبنية على أسس ومعايير ومقاييس شفافة وصريحة بعيدا كل البعد عن التمييز والتفاضلية والمحاباة. كما يتوجب عليه المطالبة بإنشاء مكتب التحقق من الانتشار رفعا للميز الذي تعاني منه الصحافة الأمازيغية على مستوى التوزيع. ولا بد من اعتماد الجرأة المسؤولة في تناول الملفات التي تهم ماضي وواقع ومستقبل الأمازيغية في إطار الخط التحريري المستقل الذي اختاره. وإذا كانت وزارة الاتصال قد نظمت يومي 21 و 22 أبريل الماضي لقاء حول موضوع: "وسائل الإعلام: الديموقراطية والتنمية ورهانات الإصلاح"، فيما يشبه المناظرة الوطنية للإعلام التي انعقدت في عهد وزير الداخلية والإعلام الأسبق إدريس البصري التي بقيت توصياتها في جيوب منظميها، فإن السؤال المطروح هو: ما هو التصور المتوفر لدى وزارة الاتصال في شأن تنمية الإعلام الأمازيغي بجميع أصنافه، وبالخصوص الإعلام المكتوب الذي يحظى باحترام جزء هام من الرأي العام الوطني والدولي؟ |
|