|
عذرا لوناس معتوب! بقلم: أعزيزو إدريس (الخميسات) ذنبك، معتوب، أنك أردت أن تكون أنت أنت، لا أنت غيرك. ذنبك، أنك لما غنيت، عريت على عوراتهم، وفضحت كفرهم، وزيف خطابهم، وكشفت أن "فتحهم" كان تعريبا، وكان غزوا واستعمارا. وفهمنا من بعدك أن قتلك كان عدوانا وقمعا، وأسلوب تخويف وترهيب، وإسكاتا لصوت يجهر بالحقيقة، ومحاولة تمرير لمشروع تعريب، استهدف إخوتك بالاساس، لكنهم فوجئوا أن اغتيالك لم ينه القضية، ولم يثن عزيمة المؤمنين بها، بل زادهم إيمانا على إيمانهم، فانقلب ترهيبهم الى ذعر يلاحقهم مثل ظلهم.. ودون أن يدركوا، أو أن يقرأوا أبعاد جريمتهم النكراء، منحوك رمزية تخطت حدود منشئك، وامتدت إلى معظم وطنك الكبير: تامازغا، وأصبحت ذكراك مناسبة سنوية، يحتفي بها كل شغوف بنبل القضية، قضيتنا الامازيغية . لم نكن نعلم أن عدوى حقدهم عليك سيمتد إلى مغربنا الذي هو، بدون شك ،بلدك، رغم حدود وهمية اصطنعها المستعمر بالأمس، ولا زالت مصطنعة!!! دعني أخبرك أن إخوة لك هنا، نالوا نصيبهم من سوط بني أمية بإميلشيل، ولعنة آل الوهاب بالدارالبيضاء، و أن حرفك المميز، ممنوع الكتابة به على علامات المرور بالناظور، رغم الموافقة الرسيمية على التدريس بها، وأن الدستور المغربي لا زال يتنكر لحقنا في الوجود، والاعتراف بلغتنا التي هي رمز هويتنا، وأداة تميزنا عن الغير، رغم أدائنا لما تستلزمه المواطنة من ضرائب وواجبات. دعني أخبرك أن مدارس النخبة الفاسية الأندلسية، أنشئت أساسا، لبتر لساننا، و مسخ هويتنا، والقضاء الكلي على ما تبقى من كياننا الحضاري، وأن إعلامهم الذي يبتز جيوبنا، أنشئ بالأساس، لكسب عطفنا تجاه قضاياهم، وربط اهتماماتنا بمشرقهم، واعتبارنا سوقا استهلاكية لمسلسلاتهم الكاسدة واغانيهم المائعة... حتى نسينا، أو كدنا نتخلى عن هويتنا الأمازيغية، و كل ما لدينا في سبيل الذوبان في ذاتهم. أعدك عزيزي معتوب ـ أني سأحتفي بذكراك دونما حاجة لفضاءاتهم "الثقافية" التي خصصت، في الأصل، لجمعياتهم الصفراء وأحزابهم البعثية العروبية. لقد صارت "رباط" تامسنا، عاصمة لثقافتهم العربية، ففكروا في تخصيص ليلة للشعر العربي، وليلة للمسرح العربي، و ليلة للأغنية العربية. و حتى لا يغفلوا خصوصيتنا "الوطنية"، تكرموا علينا بحصة في الفولكلور الأمازيغي، في مهرجانهم ذاك، الذي رصدت له الحكومة المغربية، " المحترمة" ميزانية "خاصة". فهل سترصد، كذلك، ميزانية لمهرجانات تشجع أساسا ثقافتنا الأمازيغية كمهرجان خنيفرة مثلا... وهبت حياتك معتوب ـ من أجل قضيتنا، فدعني أخاطب روحك الخالدة بفنك وبرصيدك النضالي، دعني أخاطبك بلسانهم الذي لم أعاده يوما، رغم عداوتهم للساني، لأخبرك أني أحترق عشقا لألواني الثلاثة: الأزرق والأخضر والأصفر، لوطني الكبير، عساي أنبعث زايا z (و) تبدد ظلاما أتانا من الشرق. فمنذ عقود، بل و منذ قرون وأنا أكتوي بنارهم كيفما اتفق، ودون ان أدري، أغرمت بجمال "الدائرة" و نسيت أن "وجهي" ليس كذلك . أحترق و سأظل أحترق وأبيت أحترق، وأصبحت أحترق، حتى ينبعث زايي z رمز هويتي، وسأولد من جديد مثل طائر الفينق، لأضييء الطريق لأبنائي القادمين من رحم الآت. ******* أقدم هذا الاعتذار للفنان المناضل لوناس معتوب، على إثر حرمان جمعية تيفسا بالخميسات من تنظيم نشاطها بالمركب الثقافي الاطلس بالخميسات، يومي 27/28/يونيو2003 بمناسبة الذكرى الاليمة لاغتيال الفنان الامازيغي لوناس معتوب، مع العلم ان هذا المركب الذي كان كنيسة من قبل احتضن مؤخرا الجمع العام التاسيسي لجمعية الاطلس المتوسط، كما احتضن في السابق مؤتمرا جزبية دون أية عراقيل.
|
|