|
اَلْقَوْمَجِيّةُ و"الإسلامَيزمْ" وجهان لعملة واحدة بقلم: يمّاس ن ماسين "العربو ـ إسلاميزم" زواج فضيع بين مفهومين ينمّان عن فكرين متعاليين افتخاريين يفرضان المونولوج ويسيطران به على من ينبغي عليهم الإنصات في صمت. وإلا سيتهمون بالعنصرية (ضد العروبة) أو الكفر (ضد الإسلاموية)، وبالتالي سيعرّضون أموالهم وأعراضهم وأنفسهم للفيء. إن العروبة تنطلق من نقاء وطهارة، بل من قدسية العرق العربي وشرفه، لتحكم على الآخرين بالوضاعة والدنس. أما الإسلاموية فهي تحتقر المعتقدات الأخرى، سيما منها الغير "السماوية" وتقذف بها في أتون "الجاهلية" وتجاهد لمحوها من خريطة ملك الله عبر إحضار "الفريضة الغائبة". فالقومجية صنيعة الدول الاستعمارية، حاربت الخلافة العثمانية المسلمة، وساهمت بوحي وتأطير من أسيادها الأمبرياليين ـ مقابل وعدٍ لم ولن يتحقق ـ في زوال هذه الخلافة. لقد راهن القومجيون العنصريون بكل ما لديهم من أوراق ولم يحصدوا إلا الذل: من الهزيمة النكراء (1948)، إلى عار (1967) مرورا بوهن وهوان (1982) وطرد الفلستينيين Philistins من لبنان، الذين ولوا أسلحتهم نحو الأردن ولبنان اللذين استضافاهم (Ssekcem ten d, ad k ttehin!) وصولا إلى كارثة حروب الخليج الفارسي، ثم خلع حزب البعث الفاشيستي من الحكم في العراق، والبقية آتية لا ريب... أما الإسلاموية فقد استهلت تعصبها الديني بنقاشات تافهة وعقيمة (السدل/القبض ـ الحجاب/السفور...)، ثم بمجابهة ومهاجمة الإسلامات المحلية التي لا تملك إلا زرعها وحرثها مقابل تمويل هائل للأولى من ريع البترول وعوائد التهريب والمخدرات، في انتظار الوقت المناسب للسطو على الأبناك والأموال العامة التي سيتم تكفيرها فيما بعد. لقد كان تواطؤ الدولة المخزنية واضحا بتساهلها مع هذه الخفافيش، بتركها تعربد على خصوصيتنا ووحدة مذهبنا وتميزنا. لذا فما عليها إلا أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية وتُلجم أفواه هذه الوحوش الضارية قبل فوات الأوان. لم أذكر في سياق الحديث عن هزائم القومجية أعلاه حرب أكتوبر 1973، التي "انتصرت" فيها الملكيات البترولية: ليس على إسرائيل، وإنما بسبب الارتفاع الصاروخي لثمن البترول، الذي فتح الباب على مصراعيه للتاريخ المأساوي الحديث للمسلمين. "Iffu d lhal izri f ubukadv" مثل أمازيغي ينطبق على حال الملكيات البترولية التي اغتنت كثيرا بين عشية وضحاها. لكن غناها لم ينفعها في تنمية وتحرير أوطانها ومواطنيها، بل وظفته في عولمة الإرهاب الإسلاموي. فبمجرد التدخل السوفياتي في أفغانستان، انقضت أميريكا على زمام المبادرة التي كانت سانحة لها للانتقام من السوفيات لما فعلوها بها في الفيتنام. وكانت وسيلة أميريكا في ذلك هو "الجهاد" الذي باركته، بل وأطّرته وقدمت له الدعم المباشر واللوجيستيكي، لتعيد بذلك الإسلامويةُ نفسَ الدور الحقير الذي قامت به القومجية ضد الحكم العثماني المسلم لصالح الدول الاستعمارية. المكليات البترولية، وعلى رأسها المملكة السعودية الممولة الرسمية Sponsor للإرهاب الإسلاموي، توخت من مساندتها "للجهاد" فرصة لا تعوّض، لتفويت فرصة الهيمنة العقائدية الصاعدة على إيران الشعبية وثورتها التي أفلحت في إسقاط الشاه. هذه الثورة التي بدأت تزعجها في عقر دارها، خصوصا بالمظاهرات العنيفة التي ينظمها الحجاج الإيرانيون في الثمانينات ضد "الشيطان الأكبر" حليف خادمة الحرمين الشريفين! وسال الإسهال الجهادي ليحصد اليابس والملوّن. فبعد أن "طرد" المؤمنون الكفار من أفغانستان تحولت المعركة من ـ بين الإيمان والكفر ـ إلى حروب إثنية بين "المجاهدين". الجنة الإسلاموية تحولت واستحالت إذن إلى نار وزمهرير. أما ولية نعمة الإسلاموية، اميريكا، وبعد تخليها عن المجاهدين، فقد استحال جلهم، خصوصا منهم العرب الأفغان، إلى قنابل آدمية راجت تزرع الرعب من كاراتشي، القاهرة، جربة، الجزائر، الدار البيضاء (الاستثناء!)، بل وفي عقر الولايات المتحدة الأميريكية التي خانها وقار الابن العاق. باسم العرق العربي "الطاهر" حاول صدام المصدوم تأليب العرب ضد الثورة الإيرانية: "يا عرب، تعالوا لنحارب الفرس الغاصبين". لقد تسبب صدام المخلوع في قتل مئات الآلاف من المسلمين الإيرانيين بسبب تعصبه، وأباد الآلاف من الأكراد بالأسلحة المحظورة دوليا، وقام بتهجيرهم من ديارهم في إطار عملية تطهير عرقي منقطعة النظير. لقد ذبحت الإسلاموية الرعاة والأطفال والشيوخ وقامت بسبي النساء واغتصابهن باسم الدين، وصفّت جسديا الرموز والمثقفين والمفكرين والفنانين والفنانات (طاهر دجاوت، لونيس معتوب، "نگيب محفوز"، فرح فودة، عمر بن جلون...). إنهم يريدون فرض الجزية على الأقباط في مصر (ضريبة الإيمان!). إنهم يقتلون السياح لأنهم يقومون بـ"الغزو الفكري" الإباحي المنحل! إنهم يقومون بوأد النساء في البيت أو خارجه بالقبر الثوبي! إنهم يحرمون البطاقة الوطنية وعقد الزواج والرسم وتقارير الأرصاد الجوية، والتأمين Assurance على الحياة والممتلكات!!! إنهم يحرمون الأطفال من التمدرس وتقبيل الأمهات والأخوات في الوجنتين!؟ إنهم يفرضون وضعية أهل الذمة على مسيحيي ووثنيي السودان، وهي وضعية لا يستحملها حتى الحيوان. وهذا ما يفسر هجرة إخواننا المغاربة اليهود إلى إسرائيل! (إنن لمن باب اللغط والثرثرة الحديث عن تسامح ديني في المغرب) إنهم، وكما يقول المثل الأمازيغي، يقولون: Mel iyi mad trit, ad t agawigh! لن أطيل عليكم في سرد محطات نضالاتنا ومواقفنا وممارساتنا نحن الأمازيغيين والأمازيغيات المناضلين والمناضلات، لنبين شجاعتها وجرأتها ووطنيتها وتقدميتها وتسامحها. فالظلام الإجرامي الذي انتهك حرمتنا في الدار البيضاء ـ البيضاء يوم 16 ماي الأخير كشف، ومن أهم ما كشف عنه، أن حجتنا وخطابنا هما بالقوة بمكان. إننا نعاهد شعبنا على الدفاع عن حرمته وكرامته وأمنه المادي والرمزي. ونقول للعنصريتين البغيضتين العرقية والدينية في هذا الوطن: إننا قادمون، وإنكم لتنظرون، وأنّا ها هنا لقاعدون. (يمّاس ن ماسين، منسقة مجموعة العمل الأمازيغي: الصويرة ـ تزنيت ـ إفني) |
|