|
على هامش سنة الجزائر بفرنسا: القمع الجزائري معروض، ما موقف فرنسا؟ بقلم: نجيب سيفاو رشيد (تيمولاي، أگلميم) طيلة سنة 2003، تحتضن فرنسا سنة الجزائر، وهو مشروع يهدف ظاهريا إلى تمتين أواصر القرابة بين الشعبين الفرنسي والجزائري عبر التعريف بمختلف مظاهر الثقافة الجزائرية وتقديمها للفرنسيين، علما أم هناك تاريخا مشتركا طويلا وعلاقات ومبادلات هامة تربط البلدين منذ أمد بعيد، وباطنيا إعطاء المزيد من الشرعية لنظام يقمع الحريات والحقوق الأساسية... وذلك ما دامت مبادرة سنة الجزائر أتت في ظرف زمني خاص، وسياق استثنائي سقطت فيه جميع أوراق التوت عن نظام "بوتف". فالصورة التي نعرفها اليوم هي صورة لدولة عنيفة، بوليسية، تمنع أو تحد من الحريات الأساسية للمواطنين وتنتهك بشكل مكثف ويومي الحقوق الإنسانية في تحدّ صريح للاتفاقيات والإعلانات والعهود الدولية الضامنة لحقوق الإنسان. لقد خلف الضغط البوليسي إلى الآن ما لا يقل عن 122 شهيدا بمنطقة القبايل، أغلب هؤلاء الشهداء شباب لم يكن ذنبهم الوحيد سوى الاحتجاج والصراخ تعبيرا عن عدم رضاهم عن وضع الانتهاكات التي تعم البلاد، زيادة عن مئات من الجرحى الذين سيبقى الكثيرون منهم معوقين ومعطوبين مدى الحياة. أما مندوبو حركة المواطنة الجزائرية المعروفة بـ"العروش" فهم معتقلون بشكل تعسفي وتحكمي في حين بقي المسؤولون الأمنيون والعسكريون الذين عذبوا وقتلوا، وهي أفعال أدانتهم بها لجنة التحقيق المكونة رسميا، بقوا طلقاء صرحاء مستفيدين من وضعية اللاعقاب! هؤلاء المعتقلون السياسيون هم اليوم مهددون بخطر الموت بعد دخولهم في إضراب عن الطعام بسجون النظام القائم في بالجزائر بتيزي وزّو. والخطير في الأمر هو سياسة الصمت التي اختار الإعلام أن يواجههم بها. إن هذه الوضعية التراجيدية لا يتحمل المسؤولية الأولى فيها سوى نظام كاريكاتوري يضرب عرض الحائط بأهم المبادئ الإنسانية المتعارف عليها عالميا. في ظل هذه الشروط تظهر "سنة الجزائر بفرنسا" بكل وضوح وكأنها وسيلة للدعاية للنظام الجزائري وتقديمه للعالم في صورة مذهبة ولامعة لإخفاء ممارساته اللامشروعة تجاه الشعب، ومنها: السلطوية، والتسلط، الرشوة، اللاعدالة، اللاعقاب، الضغط على المواطنين... وأثناء إلقاء نظرة على البرنامج الموضوع لتخليد ما سمي بسنة الجزائر، نلاحظ أنه يغيّب قسريا مجموعة من المحاور التي تشكل ما يمكن أن نطلق عليه جزائر اليوم، وبالخصوص الثقافة الأمازيغية التي كانت بمثابة العمود الفقري في مطالب انتفاضة القبايل المجيدة التي أدت ولا زالت تؤدي ثمن إصرارها على بناء دولة الحقوق وإعادة الاعتبار للهوية الأمازيغية بالدماء والدموع. وباستحضار المسوّغ الأخلاقي، فلا يحق لفرنسا أن تغمض عينيها عن الحقائق السابقة المزعجة والمحركة للضمير الإنساني كما لا يحق لها تقديم الدعم للنظام الجزائري الحالي حتى لا نقول ألا تعترف به. وعند المواطنين الفرنسيين المنحدرين من أصول أمازيغية والذين حسموا المعركة الانتخابية الأخيرة لصالح جاك شيراك في مواجهة اليمين المتطرف، والذين يملكون ما يكفي من الشرعية للإنصات إلى ثقافتهم الأصلية في البرنامج المسطر، فإن السؤال الذي يطرحونه: كيف تقبل فرنسا، بمبادئها الجمهورية منذ 1789، بامتداد واضح للسياسة الإقصائية للنظام الجزائري فوق أراضيها؟ ألا يعود الاحتفاء بالنظام القائم بالجزائر من خلال ما سمي سنة الجزائر بفرنسا مضادا لقيم الجمهورية؟ إن الضمير الإنساني والمدافعين عن حقوق الشعب الأمازيغي بالجزائر ينتظرون من فرنسا إشارة رمزية لتجسيد الوقوف الفعلي لفرنسا إلى جانب حقوق الإنسان والتعبير عن التضامن المطلق مع ضحايا المعركة الديموقراطية بالجزائر، وفي طليعتهم مناضلو منطقة القبايل، وستكون البداية عبر توقيف ما يسمى بهتانا وكذبا "سنة الجزائر" التي مهما بلغت درجة إتقانها وتقديمها على طبق من ذهب للفرنسيين فلن تخلو من صرخات وآهات ضحايا النظام الجزائري بالقبايل الصامدة. |
|