|
المغرب
من أغنى
بلدان العالم! بقلم:
محمد بودهان لما
نُشرت بعض
الأرقام ـ
نعم بعض
الأرقام وليس
كل الأرقام ـ حول حجم
الاختلاسات
التي طالت
بعض المؤسسات
المالية
كالقرض
الفلاحي
والقرض
السياحي
والعقاري،
استغربنا كيف
أن أشخاصا
طبيعيين
يسرقون
لوحدهم
أموالا يبلغ
حجمها
ميزانيات دول
صغيرة، ودون
أن يتعرضوا
لأية مضايقة
أو حساب أو
عقاب. وهو ما
يكشف على أن
الدولة
بمفهومها
الحديث غير
موجودة، بل
توجد دولة
بمفهوم آخر،
لأن الدولة
هي أصلا
تنظيم مهمته
الأولى هي
حماية المال
العام
ومراقبة
الطريقة التي
يجمع ويصرف
بها، وليس
اختلاس هذا
المال أو
تبديده في ما
لا يعود
بالنفع على
المجتمع. أما
الأرقام
الأخيرة
المهولة حول
حجم
الاختلاسات
والتلاعبات
بأموال
الصندوق
الوطني
للضمان
الاجتماعي،
فهي تشبه
عجائب وغرائب
قصص "ألف ليلة
وليلة" حيث كل
شيء فيها
سريالي يقفز
على الواقع
ويضخمه ويزيد
فيه. أرقام
تبدو خيالية
وسريالية،
لكنها، عكس
قصص "ألف ليلة
وليلة"، حقيقية
وواقعية.
اختلاسات
وتبديدات
تفوق مبالغها
ديون المغرب
الخارجية
وتمثل أضعاف
ميزانية
الدولة لعدة
سنوات! إنه
لشيء صاعق
وصادم بشدة.
ورغم كل هذه
االسرقات
بحجم
ميزانيات
دولتية، ومنذ
ثلاثين سنة،
فلا تزال
الميزانية
العامة قادرة
على أداء
أجور موظفي
الدولة ولا
تزال المرافق
العمومية
تشتغل بشكل
عادي. وهذا
يعني أن
المغرب من
أغنى بلدان
العالم لأنه
استطاع،
ولمدة ثلاثين
سنة، أن
ينفق،
وبميزانية
دولة واحدة،
على دولتين:
الدولة
الشرعية
ودولة اللصوص
ومختلسي
المال العام.
ألا يدل هذا
على أن
المغرب من
أغنى دول
العالم؟ فلو
أن كل هذه
الاختلاسات
والتبديدات
للمال العام
أنفقت في
الرفع من
مستوى
التعليم
وتحسين
الخدمات
وتحديث
الدولة
وتأهيل
المواطن
المغربي،
لكان المغرب
لا يختلف في
شيء يذكر عن
ألمانيا،
أقول ألمانيا
ولا أقول
إسبانيا التي
بها يقارن
الكثيرون
المغرب،
عندما
يتحدثون عما
كان يجب أن
يكون عليه
ويصل إليه.
إن حجم الاختلاسات والتلاعبات بالمال العام الذي تطالعنا به من حين لآخر لجن تقصي الحقائق بهذه المؤسسة أو تلك، يعطي الدليل، مرة أخرى، على أن الفساد بالمغرب أصبح، ومنذ مدة ليست بالقصيرة، جزءً من نظام الدولة المغربية، وبالتالي فإن القضاء على هذا الفساد يعني القضاء على نظام الدولة المغربية (انظر مقالنا حول الموضوع بعنوان "فلسفة الفساد بالمغرب" بالعدد 43). وهذا ما يفسر الممانعة الشديدة لكل إرادة حقيقية أو إجراء جدي لمحاربة ظاهرة الفساد، وأن الملفات تقف عند حدود "الشواش" وصغار الموظفين ولا تتعداهم إلى مساءلة المسؤولين والمستفيدين الحقيقيين من تفشي هذا الوباء الخطير. ولا
يجب أن ننسى
أن هذه
الأموال
المختلسة هي
أموال وضرائب
واشتراكات
أولئك
الكادحين
الذين
اعتبروا "عنصريين"،
فصدرت عريضة
تطالب بسن
قانون لردع "عنصريتهم"
ضد العرب!
|
|