|
التعريب
بين التأسيس
لواقع مبتكر
والطمس لواقع
فعلي بقلم:
أوعطّا (تنغير) تعتمد
كل دولة على
مجموعة من
الآليات أو
المؤسسات
المختلفة
لتمرير قيم،
رموز، نمط
عيش... الطبقة
الحاكمة بشكل
بيّن أو
مقنّع، بغية
استهلاكها من
طرف المجتمع
والإيمان بها.
وإذا كانت
دول معينة
تستغل هذه
الآليات بشكل
لطيف، فإن
أخرى تعمل
على توظيفها
إلى حدودها
القصوى، وذلك
للحفاظ على
مصالحها
وضمان بقائها
المادي
والمعنوي. ولما
أُعلن المغرب
بلدا عربيا ـ
وهو أمر بعيد
عن واقع
الحال ـ وجب
البحث عن كل
الوسائل
الممكن
تسخيرها،
والسبل
الواجب
اتباعها
لتحقيق الحد
الأدنى من
المطابقة بين
الخطاب
والواقع،
وبين مثال
متخيّل مصمم،
وعالم ملموس
طبيعي.
وسنحاول فيما
يلي تسليط
الضوء على
بعض تلك
الآليات
التي سنضعها
بعد ذلك في
المحك لبيان
مدى نجاعتها،
حيث تصطدم
بحقائق صلبة
يظهر من
خلالها
المغرب
الحقيقي. آليات
التعريب: ـ
الدستور
المغربي،
باعتباره
القانون
الأسمى
للبلاد، ينص
على اعتبار
العربية لغة
رسمية. لكن
الخطأ هو جعل
الدارجة من
طرف العامة،
هي المقصودة،
فاعتبرت
معيارا
للعربية
باعتمادها في
الإنتاجات
الفنية،
والحياة
العامة، إذ
تجدها في
الإدارات
العمومية،
وحتى في
المؤسسات
التعليمية
حيث يدرس
البعض بها!
كما اعتبرت
أيضا لغة
الصعلكة
والتسول. وما
أن تكلم أحدا
بغيرها حتى
يبادرك ويطلب
منك أن تكلمه
بالعربية ـ
وهو يقصدها.
إلا أنه لم
يدرك أنه لا
يستطيع
التواصل بها
مع عربي مثلا!..
كما لا يخجل
فنانونا، وهم
يعتبرون
أنفسهم عربا،
عندما
يخاطبهم
المشارقة
بكونهم لا
يفهمون "اللهجة
المغربية"،
وما يحمل كل
هذا من
حمولة،
سينيما كان
هذا الفن أو
غناءً. وهذا
ما يفسر
ارتماء مغنين
مغاربة،
ومحاولة
آخرين، في
أحضان مصر
للغناء
بلهجتها،
لأنهم شعروا
أنهم لا
يغنون
بالعربية،
وهم يغنون
بالدارجة
المغربية! ـ
النظام
التعليمي:
يعتبر هذا
القطاع بالغ
الأهمية
لكونه يهم
عامة الشعب،
لذا اقتضى
الأمر توظيفه
بشكل جيد،
وهو ما عملت
عليه
الحكومات
المتوالية
منذ "الاستقلال"،
إذ حملت شعار
التعريب ضمن
مبادئها،
وكان المقصود
به تلقين كل
المعارف
باللغة
العربية،
وبالتالي
إعطاء مكانة
محددة لهذه
اللغة، وخلق
وضع طبيعي
لها في وسط لا
يلائمها. في
مقابل إهمال
لغة طبيعية
بشكل كلي في
معقلها. فعوض
أخذ العلوم
والمعارف
باللغة
الأصلية، أو
من اللغة
الأجنبية (الفرنسية)
مباشرة، وجب
على الطالب
إتقان لغة
عربية، ثم
فرنسية
ليتمكن من
مسايرة دروسه
بشكل عادي.
وهذا ما يقع
مثلا في
المواد
العلمية التي
عربت بشكل
جزئي في
المرحلة
الثانوية،
بينما يصطدم
المتعلم
بواقع جديد
عندما ينجح
ويرحل إلى
الجامعة، حيث
يجد الدروس
تلقى
بالفرنسية
فقط، مما
يجعله عاجزا
عن مواكبتها
حالا، إن لم
يؤدّ به
الأمر إلى
الفشل
النهائي.
وهذا ما يجعل
المرء يذهب
أبعد من هذا
ليتساءل عن
الهدف
الحقيقي من
تعريب مرحلة
أولى وفرنسة
أخرى؟!.. إلى
جانب هذا
تتخذ
المقررات
الدراسية في
مختلف
المراحل شكل
جراب حابل
بإيديولوجيا
معينة قصد
تنميط
المجتمع
عليها،
وتأسيس وعيه
الجمعي على
أسس ومسلمات
مفبركة، مما
يعني نفي
الاختلاف
والتنوع،
وبالتالي
إحداث
القطيعة مع
الحقيقة
الواقعية.
وينتح عن هذا
خلق المواطن
لتصور خاص/خاطئ
عن شخصيته
التي أصبحت
مستحدثة لا
تعكس كينونته
الأصلية
وماهيته
الحقيقية.
وهكذا يبني
نظرته إلى
العالم،
ويفسر
الظواهر
أمامه على
هذا الأساس.
هذا إذا لم
يتمكن من
إدراك
الحقيقة من
مصادر أخرى،
وهذا أمر
نادر. ـ
الإعلام:
تعتبر هذه
المؤسسة جد
مؤثرة على
الأفراد
والجماعات،
خصوصا مع
التطور
الكبير الذي
تعرفه. وإذا
كان هذا
القطاع يتسم
بالتعدد
والاختلاف ـ
في الاتجاه ـ
في مجموعة من
الدول، فإنه
يتميز
بالتوحد
واللاتنوع في
أخرى، وذلك
راجع إلى
طبيعة النظام
القائم.
والإعلام
في
المغرب، وإن
كان يختلف من
حيث أشكاله (مسموع،
مقروء، مرئي)،
إلا أنه موحد
الاتجاه في
صميمه، وإن
كانت بعض
الجرائد تدعي
استقلاليتها،
إذ لا تحتاج
إلى وقت طويل
حتى تتبين
خطها
التحريري
وميولاتها.
والنقطة
الأولى التي
تشكل إجماع
شرائع
المجتمع
المغربي
تتعلق
بالقضية
الأمازيغية،
فمنها من
تعمل ما في
جهدها للنيل
منها ومن
الأمازيغ
عامة، وتسخّر
لذلك أسماء
مستعارة أو
حقيقية
لتحقيق
هدفها، ولا
تهمها درجة
منطقية ما
يكتب
وعقلانيته،
بقدر ما تهتم
بحدته وعنفه،
لأن القارئ
المغربي،
بصفة شبه
عامة، مهيأ
عبر تراكمات
شحن بها عن
طريق آليات
أخرى لتلقي
ما يقرؤه من
هذه الصحف
والأخذ به،
أو أنه لا
تتوفر فيه
الكفاءة
اللازمة
لممارسة
قراءة نقدية
تمحيصية
تمكنه من
تمييز الصحيح
من الخطأ،
والحقيقة من
الادعاء. أما
الصنف الآخر
فلا يوظف
موضوع
الأمازيغية
إلا لاستكمال
صفحاته أو
جعله نكهة
يحلّي بها
بضاعته
لتحقيق أغراض
تجارية أو
سياسية محضة،
حيث لا يتردد
في نشر
مقالات
مستعارة،
مقابل رد
يتيم، أو
مقالة شاردة
وسط صفحات
عروبية
عديدة، كما
توجد جرائد
أخري لا تجد
فيها أثرا
للأمازيغية
وكأنها تُنزل
من السماء،
أو أن
محرريها لا
يعيشون في
واقع أمازيغي
هو واقع
المغرب! هذا
الإجماع
القائم حول
الأمازيغية
يدل على
انعدام إعلام
مكتوب يعايش
نبض الشارع
المغربي وأهم
مشاكله، حيث
أضل الإنسان
المغربي نفسه
وهويته وهو
لا يشعر. أما
بالنسبة
للنقطة
الثانية التي
تتماهى فيها
الجرائد
المغربية،
فهي ملء
ثناياها
بمشاكل
خارجية
وطّنوها (جعلوها
وطنية)، وصار
يساكنها
المغربي في
نومه ويقظته،
وفي حله
وترحاله،
وأصبح يحمل
همها أكثر من
هم خبزه،
فأنسته هذه
المشاكل
معضلاته
الحقيقية،
فتشبث بأخرى
اصطناعية.
وخير نموذج
على هذا ما
حدث إثر تجدد
المواجهات
الفلسطينية
الإسرائيلية،
إذ أصبحت
صحفنا "عربية
أكثر من
نظيراتها في
بلدان الطوق".
وهكذا سخّرت
محلليها
ومفكريها
للتنظير
والتحليل،
والبحث في
القضية،
أصولها،
تداعياتها،
حلولها...
وكأنها وجدت
كنزا إخباريا.
فصارت تتغذى
عليه.. ومن هذه
الصحف من تضع
خريطة فلسطين
دائما في
أولاها.
وعندما
انطلقت مسيرة
الرباط
الأخيرة،
أشادت بعض
هذه الصحف
بعملاقية
الشعب
المغربي
وتحسرت على
قزمية
الأحزاب
السياسية.
وكل هذا
انطلاقا من
عدد
المتظاهرين،
ولم يطرح
السؤال عن
السبب
الحقيقي
لخروج هذا
العدد؟!
ولم يتلمسوا
أيضا حقيقة
الوعي بالذات
عند هؤلاء!
كما أخطأوا
في المعيار
المعتمد من
لدنهم في وصف
الشعب
المغربي
بالعملاق!
وسنعود إلى
هذه النقطة
في الآلية
الموالية.
وأنت أيها
القارئ
للجرائد إن
أردت ملفا عن
واحدة من
المشاكل
الكثيرة
للشعب
المغربي إبان
المسيرة
وبعدها،
فعليك بتأجيل
قراءتها لأنك
ستجد نفسك
غريبا أمام
صور وعناوين
الأكشاك! إن
مشاكلك في
رخصة. فابحث
عن شيء آخر
إذن لأنك لن
تجد جريدة
مغربية!! ولا
يجب أن يدعي
أحد أننا
أنانيون
ومؤْثرون كل
شيء لأنفسنا
ويصفنا
كالعادة
بأننا
شوفينيون و...
من خلال ما
قلناه، لأن
الإنسان
العاقل
المفعم بقيم
الإنسانية
والتعايش
يتضامن بشكل
عفوي مع كل
مضطهد في
الأرض، ويندد
بكل سياسة
تهدف سلب
الحياة
والأرض بغير
وجه حق. لكن
دون الذوبان
فيه حتى يصير
الآخر هو
الأنا، ودون
بكاء الدموع
الغزار عليه،
وعلات الذات
أهل لذلك
أولا، إذ
سيكون ذلك
محض تظاهر
واستغلال
لقضية على
حساب أخرى لا
تقل أهمية
ويصبح ذلك
حقا يراد به
باطل. وهذا هو
الذي يدفعنا
إلى التساؤل
بكل براءة:
كيف أتضامن
مع هذا وأدعي
الإنسانية،
ولا أشير حتى
إلى آخر
يضطهد ببلد
قريب مني
وتجمعني معه
خصائص معينة،
وهو يموت
برصاصات من
هو مكلف في
الأصل
بحمايته. ففي
بعض الأحيان
يقتل الإرهاب
الأعمى
ثلاثين شخصا
دفعة واحدة
ولا تتم
الإشارة
إليه، وإن تم
ذلك فباختصار
شديد ودون
تعليق! هل
الإنسان الذي
يقتله عدوه
المعروف علنا
وعالميا أكثر
إيلاما
وإثارة من
آخر يقتله
حاميه أو
مواطنه (بشكل
منظم) الذي
يتكلم لغته
ويدين
بدينه؟؟!...
إنها مفارقة
الإعلام. ولما
كان عدم
الاكتراث
بالأمازيغية،
وإغراق
البلاد في
مشاكل خارجية
هو سمة
الإعلام
المكتوب
بالمغرب، وجب
القطع بتوحد
تلك الجرائد
ومطابقتها
للإعلام
الرسمي رغم
اختلاف
الألوان
والأحجام.
أما
الإعلام
المرئي
والمسموع،
فباعتباره
يصل كافة
المغاربة
وعامتهم، فقد
احتكر من طرف
الدولة، وما
رفضها إنشاء
قنوات أخرى
إلا لإحساسها
بأهمية
وفعاليته،
لهذا أناخت
بكلكلها ـ
وهذا حال
الدول
العربية أو
المعربة بشكل
عام ـ
واعتمدت عليه
في مشروعها. وبما
أن ما تقدمه
التلفزة في
المغرب،
مستوردا كان
أو محليا
مستلبا، لا
يطابق
الواقع، فإن
النتيجة كانت
إما استلابا
للمتفرج
واحتواءه، او
نفورا من طرف
آخر أحس
بالعنف
الرمزي
الممارس
عليه، فرفض
وسعى للبحث
عن شيء يجد
فيه ذاته.
فالتلفزة
تقدم له
وصفات عسيرة
الهضم، وفي
لغة لا
يفهمها، إذ
هي في الغالب
عربية فصحى
أو عامية
مصرية أو
فرنسية، وفي
أحسن الأحوال
دارجة مغربية
منقحة. وإذا
وُظفت لغته،
فإن ذلك يقع
لغرض النيل
منه، وإحراجه
مع ذاته
وأناه،
وإشعاره
بالذنب لأنه
كان ما لا يجب
أن يكون! فكم
اتُّخذ سخرية
بين آخرين في
مشاهد معينة،
وكم بُيّن
بدائيا وغير
مكافئ للغير،
وكم تلوعب
ببني ثقافته
في المحافل
والمناسبات...
ياله من
مواطن غير
محظوظ، وغير
عادي، عليه
التنكر
لنفسه،
والتقنع
بقناع الضاد،
وتوسل
الدارجة
المغربية على
الأقل ليبرئ
نفسه ويخرج
من دائرة
المغضوب
عليهم!. ـ
توظيف بعض
الأحداث
الدولية أو
المناسبات
لخدمة
التعريب،
وخاصة
المرتبطة
منها ببعض
الدول
العربية.
وهذا ما يفسر
حضور القضية
الفلسطينية
حاليا في
الساحة
الإعلامية
المغربية.
فالمغرب
متضامن مع
الشعب
الفلسطيني
باعتباره
بلدا عربيا
أولا، وقد
تأتي
الاعتبارات
الأخرى.
فالعدد الذي
خرج في مسيرة
الرباط
يؤكدها (مع
بعض
الاستثناءات)
رغم تقنع
البعض باسم
الإسلام.
وعلى هذا ـ
كما قلنا
سابقا ـ قُيم
الشعب
المغربي على
أنه عملاق
والأحزاب
أقزام. أما
القول بقزمية
الأحزاب
المغربية،
فلا جدال
فيه، وهذا
منذ زمن، فلا
طائل منها
ولا جدوى من
تعددها. أما
عملاقية
الشعب
المغربي فلا
جدال فيه
كذلك، لكن
ليس على أساس
المعيار
المعتمد، فقد
كان هذا
الشعب عملاقا
منذ فجر
التاريخ؛ منذ
عهد يوكرتن،
وميس نيزّا،
وتاكفاريناس...
وأثبت ذلك
مجددا برجاله
المخلصين في
العصر الحديث
من خلال
محاربة
الاحتلال
الفرنسي. ولم
يظهر هذا في
مسيرة
الرباط، بل
إن ما ظهر
منها شيء
آخر، هو شدة
معاناته
وتيهه، فهو
يحس بألم
الآخرين ولا
يحس بآلامه
وجراحه التي "تمزق
جنبيه مثل
المدى".
والمشكلة أن
تضامنه مع
الآخرين ليس
عن وعي بحدود
الذات
والآخر، بل
عن وعي مصطنع
تشكل لديه
وفق ما بيناه
سابقا. فليت
كان هذا
التضامن
إنسانيا وليس
قوميا مزيفا
وضيقا. ومثل
هذا يحدث في
بعض
المناسبات
الوطنية حتى
التي تجري في
مناطق بدوية
أمازيغوفونية
بامتياز، حيث
يتم تذكير
البسطاء
بعروبتهم
وانتمائهم
لوطن عربي
كبير. لذا وجب
تخصيص ريع
هذه المناسبة
أو تلك
لمساعدة قطر
عربي شقيق،
والأهالي
البسطاء
يفتقدون
الكثير من
أساسيات
الحياة
ويعيشون على
بنية تحتية
مهترئة أو
منعدمة. كل
هذا وهم
يسمعون أشياء
لم يجدوا
آباءهم
عليها، ولا
يتم احترام
لغتهم
وتوظيفها حتى
وهم (المنظمون)
في ضيافتهم
على أرضهم
يحتفلون بطقس
ثقافي متوارث
أبا عن جد. ـ
تعريب أسماء
الأماكن
والأشخاص: إن
التعريب لا
يمكن أن
يكتمل دون
التفكير في
الإنسان
ومحيطه. لذا
حظي هذا
بنصيبه من
الأهمية،
وكانت فاتحته
منع أسماء
معينة
وتعويضها
بأخرى وفرضها
على أشخاص لم
يدركوا في
البدء سبب
ذلك ومغزاه.
فكم من اسم أو
كنية منع منذ
"الاستقلال"
إلى
يومنا هذا.
إلا أن الأمر
لم يتوقف عند
هذا الحد، بل
شملت يد
التعريب حتى
الجماد
والبنيان؛
فغيرت أسماء
وحرفت أخرى،
كما أنشأت
أخرى غريبة
عن وسطها كأن
يطلق اسم "وادي
الصفاء" على
جماعة قروية
متواجدة في
منطقة سوسية
نائية!!..
والأمثلة
نظير هذا غير
محصورة. ورغم
هذه
الشراسة،
فعناد تضاريس
المغرب فوق
كل عناد. فكم
من مدينة أو
قرية أبت
عفويا إلا أن
تحتفظ
بهويتها
الحقيقية رغم
التسميات
والتحريفات.
لهذا تم
اللجوء إلى
استغلال
الأحياء
والشوارع في
المدن
المستحدثة
لتعويض هذا
والبحث ولو
عن بعض
التوازن.
والأحسن عدم
التعويل على
الطوبونيميا
لإثبات عروبة
المغرب لأن
ذلك سيفضي
إلى نتائج
فلسفية غير
مرغوب فيها. ـ
تشجيع سياسة
الأنساب
والانحدار من
أصول خارجية
عربية، في
عامة الشعب،
ولكل من هب
ودب. لهذا
نلاحظ كثرة
المدعين
لانحدارهم من
أسر مختلفة،
معززين
بوثائق تثبت
قولهم. وفي
هذا النطاق،
لم تتردد
طالبة ـ على
سبيل التمثيل
ـ من أگادير
في ادعائها
الانتساب إلى
امرئ القيس،
الشاعر
المعروف،
معززة
ادعاءها
بوثيقة
اطلعنا عليها
شخصيا، منذ
مدة، مما
يثبت كونها
فصلا وغصنا
عن أصل من هذا
الشاعر
المجهول
المصير! كما
أُخبرنا في
زاگورة أيضا
من طرف شخص
ونحن نتحاور
معه ـ
بالأمازيغية
طبعا ـ
انحداره من
أبي بكر رضي
الله عنه وهو
حفيده! وقد
ارتبط هذا
بمرحلة معينة
يحظى فيها
هذا النوع من
الناس بمكانة
خاصة داخل
القبيلة
بحصوله على
امتيازات
محددة، وما
يعزز هذا أن
هناك أشخاصا
مريدين
لزاوية معينة
يقومون
بزيارة أحد
أوليائهم
ويحشدون معهم
كمية كبيرة
من الدقيق
والزيت
والسمن...
بالإضافة إلى
الأموال
تلمسا منه
البركة
وتقربا إلى
الله من
خلاله!... هذه
معظم الآليات
الموظفة
للوصول إلى
خلاصة مفادها
أن المغرب
بلد عربي،
دون الحديث
عن آلية
الدين، أو
بالأحرى
استغلال
الدين، لأن
ذلك قد يطول
بنا أكثر من
هذا... لهذا تم
الحرص على
تأثيث واجهة
البيت
الخارجية
لبلدنا بكل
ما يوحي
بالعروبة (مهرجانات،
قرارات،
معارض...). ولما
كان هذا مطمح
المسؤولين
عنه، ولما
كان أيضا
ادعاؤهم
عروبة المغرب
أمرا محققا،
أو على الأقل
سيتحقق عبر
الزمن الكفيل
بمساعدتهم
على ذلك، وجب
النظر بإمعان
وموضوعية إلى
الواقع
المغربي وكل
ما يعتمد من
طرف البعض
دليلا على
عروبة المغرب. ـ
أول هذه
النقط الواقع
اللغوي
بالمغرب،
فبجعل قسم من
ساكنة المغرب
يتكلم
الدارجة
المغربية في
حياته
اليومية، ثم
القول
بعروبتهم، بل
أكثر من ذلك
ذهب البعض
إلى القول
بأن كل من نطق
بالعربية فهو
عربي!؟... وعلى
هذا الأساس
سنعتبر
أميريكا
الجنوبية
إسبانيا
والبرتغال،
والدول
الإفريقية
فرنسا
وأنگلترا!
أليس هذا
عبثا؟ وإذا
كان من الخطأ
اعتماد معيار
اللغة وحده
للحسم في
هوية شعب
معين، فإنه
في حالة
المغرب يعتبر
خطأ مضاعفا
لأن الدارجة
المغربية
ليست عربية
فصحى منزاحة
عن قواعدها
كما يحلو
للبعض أن
يقول. فلكون
جزء من
المغاربة
تعربوا بعدما
كانوا
أمازيغ، فإن
الدارجة ما
هي إلا
أمازيغية عرب
جزء من
معجمها،
واحتفظ بجزء
آخر كما أخذ
جزء آخر من
العربية لكنه
خرج عن
دلالته فيها
واكتسب أخرى
جديدة. كما
أخذت أيضا
شيئا من لغات
أجنبية، هذا
دون الحديث
عن بنية
الجملة في
الدارجة ولا
عن خاصية
تسكين
الحركات وما
لا يسكن،
الطاغية
عليها. ونحن
هنا لا
نتناول
العامية التي
يتخاطب بها
بعض الفنانين
وينتجون بها
أعمالهم، بل
نتحدث عن
الدارجة
الحقة،
الخارجة من
رحم الشوارع
والأحياء
الشعبية. لكل
هذا لا تفهم
الدارجة
المغربية
والمغاربية
بشكل عام عند
العرب،
والقول بغير
هذا يفتقد
إلى السند؛
فقد التقينا
أفرادا من
سوريا ومصر
في بلد
أجنبي،
فاستعصى أو
استحال
التفاهم بغير
الفرنسية
مثلا. وليس
الحال كذلك
مع
الجزائريين. بما
قلناه الآن
يتوضح الواقع
اللغوي
الحالي لجزء
من الشعب
المغربي، دون
الحديث عن
الجزء الآخر
الأكبر الذي
يحتفظ بلسانه
الأصلي ويرفض
في أنفة
واعتزاز
استلابه
وذوبانه، أو
تقيه الجبال
الشامخة التي
يسكن بينها
رياح التعريب
وما يصاحبها. ـ
ملامح الحياة
الاجتماعية
في كل
تجلياتها
تفصح بدورها
عن واقع
ملموس مفارق
لواقع مشكل
ومصمم في
الخطاب
الرسمي.
فالبحث عن
نقط مشتركة
بين المغاربة
والخليجيين
باعتبارهم
عربا أقحاحا
سيكون مضنيا
وغير ذي
جدوى، إلا ما
كان من اللغة
العربية في
ديباجة
الدستور،
والإسلام
باعتباره
دينا تشترك
فيه العديد
من أجناس
العالم. فنمط
عيشهم،
وعوائد
أكلهم،
وطقوسهم
الاحتفالية،
وتقاليدهم،
وطريقة
تسييرهم،
ونظرتهم إلى
قضايا
المجتمع...
ليست مثيلة
في شيء لما
يجري في
مراكش (المغرب).
فالزائر
العادي
للمغرب أو
العارف
الموضوعي
بأحوال
المجتمعات،
يؤكد الطابع
الخاص لهذا
الشعب،
وخصوصيته هذه
إنما هي من
أمازيغيته
رغم ما كرسه
التعريب،
والفهم
والممارسة
الخاطئان
للإسلام. ـ
الحياة
الفنية
بالمغرب تبرز
هذه الخصوصية
ـ وخصوصية
المغرب
الكبير ـ
بشكل واضح.
فبتأملك
لتضاريس هذا
الفن ستقتنع
بسهولة
بأمازيغية
هذا البلد
وأبرز أوجه
الحياة
الفنية لدينا:
التمثيل
والغناء،
ونظن أن
الحديث عن
سينيما
مغربية حقة
في وقتنا
الحالي أمر
يحتاج إلى
كثير من
التحفظ
والاحتياط.
فعدد الأفلام
السينيمائية
التي تنجز
خلال السنة
قد لا يتجاوز
عدد أصابع
اليد
الواحدة، دون
التساؤل عن
جودتها،
ووسائل
اشتغالها...
بينما نجد
بعض
الفعاليات
الأمازيغية
تعمل وتنتج
في صمت وبدون
دعم أفلاما
تستحق
التشجيع.
وإذا نظرنا
إلى الغناء
فسنجد ما
يسمى
بالأغنية
العصرية يشهد
ركودا وشبه
غياب ـ في
وقتنا الحالي
ـ إن لم يكن
هذا نقطة
نهاية لها
لأنها نحت
نحو التقليد
فكان ذلك غثا
مخجلا. فصح
على مغنيها
قول: مطرب
الحي لا
يطرب، لأنهم
اعتبروا
غناءهم
عربيا، فلم
يستطع الصمود
أمام الغناء
العربي
الحقيقي،
وأمام ما
يوصف
بالأغاني
الشعبية،
وخاصة الفن
الأمازيغي
الذي يعتبر
بحق وجه
الأصالة
المغربية، إذ
يشهد انتعاشا
يصعب معه حصر
الإنتاج
وتعدده ووصف
وتيرته
المتسارعة في
كل جهات
المغرب (الريف،
سوس، الأطلس)،
رغم حصاره من
طرف الإعلام
الرسمي
واعتماده على
المستورد بدل
الذاتي. وهذا
ما عبرت عنه
الفنانة "تباعمرانت"
بقولها: Mani
tra telfaza negh Irumina Dar
negh ghid llen ur mmuteni وهذا
يعكس مدى
المرارة التي
يشعر بها
الفنان
الأمازيغي
وهو يرى
تلفزته التي
يمولها تقصيه
ولا تعترف به
رغم شعبيته
الكبيرة. في
المقابل تعمل
هذه التلفزة
على التأصيل "لفن"
معين وإدخاله
في حلق
المشاهد بقوة
وبالرغم منه.
هذا الفن
الذي لا يطاق
ولا يحتمل
سماعه أو
مشاهدة
مؤديه، لا
يريد
المغاربة رغم
كل هذا هضمه.
وقد اقترنت
به الإذاعة
والتلفزة منذ
"الاستقلال". لهذا
سنفهم كم كان
درس مسرح
محمد الخامس
في أمسية
تكريم "حمو
وليازيد"
قاسيا على
الأمازيغوفوبيين،
إذ أكد لهم
حضور
الأمازيغ في
كل مكان
وتشبثهم
بهويتهم
وثقافتهم.
فما بالك لو
تكررت
المناسبة أو
كانت أكثر
شمولية لكل
ممثلي الطرب
الأمازيغي.
هذا النجاح
الباهر جعل
القائمين على
السهرة في
التلفزة
المغربية
يصبون غضبهم
على الفنانين
المشاركين
بإهانتهم
بحرمانهم من
مستحقاتهم
كاملة لكي لا
يتجرؤوا يوما
آخر على
الحضور إلى
مثل هذا
المحفل، كما
استهزأ هؤلاء
بالشعب
المغربي
قاطبة من
خلال قطع هذه
السهرة على
شاشة التلفزة
واستبدالها
بأغانٍ
مشرقية،
فأكدوا بذلك
على انتمائهم
وانتسابهم
وتوجههم
الحقيقي وعدم
مغربية
أفعالهم. ـ
النقطة
الأخيرة
متعلقة
بأسماء
الأماكن.
فهذه أبت أي
شيء غير ما
سميت به من
طرف أهلها.
وهذا في كل
شمال إفريقيا.
فرغم محاولة
تعويض
أسمائها
بأخرى أو
تشويه نطقها
وكتابتها،
إلا أن
أصالتها لا
تخفى على كل
مختص مهتم،
لأن ما رسخته
القرون
يستحيل مسحه
أو نسخه في
سنوات معينة،
وما نقشته
الأجيال
ونحتته في
الصخور يصعب
مسحه أو
إخفاؤه لنزوة
عابرة. خلاصة:
من خلال كل
هذه الحقائق،
وأخرى لم
نذكرها،
يتبين أن
آليات
التعريب، رغم
قساوتها
وشراستها، لم
تنجح بتاتا
وإن كانت لها
آثار سلبية،
كما تتأكد
المفارقة
الكبيرة
والهوة التي
لا يمكن
ردمها بين
واقع يؤسس له
الخطاب
الرسمي
ويدعمه
بإمكاناته
المتعددة،
وواقع حقيقي
خفي، يجثم
ذلك الخطاب
بضلاله عليه،
ولا يترك له
فرصة الظهور
إلا بشكل
مقنن ومعد له
بدقة، ولقصد
معين.
فالواقع
الأول،
المشكل، هو
المعتمد مثلا
في تصنيف
المغرب ضمن
الوطن
العربي، فكان
ذلك غير مشرف.
فكيف يكون
المغرب بلدا
عربيا ويبقى
متلقيا وليس
مؤثرا، فاهما
وغير مفهوم،
وخاصة في
الميدان
الفني، فأين
فطرة الإبداع
العربي في
المغرب؟ هل
هو بهذا
المعنى بلد
عربي أبكم؟
أين عزة
النفس لدى
المطبلين
لهذا؟ بيد أن
لكل فرد أو
شعب حدا أدنى
من الكبرياء!
وإذا كان
المسؤولون
يمتلكون ذلك
حقا فلماذا
يستمرون على
ما هم عليه؟ يبقى
الجواب
الوحيد هو
أنهم لا
يشعرون
بانتمائهم
إلى هذا
البلد!
فأشقاؤهم
وذووهم في
الشرق وليس
في المغرب
وشمال
إفريقيا، حيث
يوجد مجرد "بربر"
غير معترف
بوجودهم! تفنيد
هذا يفترض في
الحد الأدنى
اعتدالا في
الخطاب،
وتعديلا في
الدستور
لإعادة
الاعتبار
للواقع
الحقيقي
الخفي لبلد
اسمه "مراكش"،
وليس مغرب
المشرق، كما
يفترض ذلك
النظر ولو
قليلا في
موضع قدمي
الشخصية
المغربية عوض
النظر بعيدا
اعتقادا
بمشرق الشمس
من وجهة
معينة.
|
|