|
الأستاذ
المدلاوي أو
غلطة الكبار بقلم:
محمد بودهان تعرفت
على الأستاذ
محمد
المدلاوي
المنبهي من
خلال مقالاته
التي ينشرها
من حين لآخر
بالصحف
الوطنية،
فاكتشفت فيه
مفكرا عميقا
وكبيرا رغم
أنه مغمور،
يعمل في صمت
وتواضع،
بعيدا عن
الأضواء
وبلاطوهات
التلفزيون.
ليست مقالاته
وكتاباته من
التي تقرأ في
المقاهي أو
أمام شاشة
التلفزيزن،
بل تفرض على
قارئها أن
يقرأها في
خلوة، بعيدا
عن أية
مثيرات قد
تعكر عليه
صفو الذهن
وتركيز
الانتباه
اللذين
يتطلبهما
استيعاب
مضامينها
العميقة
والخصبة
والمزلزلة
للبديهيات
المعروفة حول
الموضوع الذي
تتناوله تلك
المقالات
والكتابات.
فأنا عندما
أقرأ مقالاته
أخاف من أن
أنتهي من
قراءتها،
وهذا ما
يجعلني
أقرأها ببطء
كبير وتأنٍّ
مقصود حتى
أستمتع بها
أطول مدة
ممكنة من
الزمن. وكم
كنت أود لو
أتيحت لي
فرصة قراءة
بحوثه
العلمية
ومقالاته
الأخرى التي
ينشرها
بالإنجليزية
والفرنسية
والعبرية
بمنابر
ومجلات
عالمية
متخصصة. لما
قرأنا اسم
الأستاذ
المدلاوي ضمن
لائحة
الموقعين على
"عريضة من أجل
قانون ضد
العنصرية"
التي نشرتها
أسبوعية La vérité
بالعدد
69، لم يفاجئنا
الأمر كثيرا
لأن اللائحة
تضم أسماء
أخرى لم نكن
ننتظر من
أصحابها
التوقيع على
تلك العريضة
الملغومة.
ولما تراجع
بعض الموقعين
عن توقيعاتهم
ـ ومنهم
وزراء ـ
ووضحوا أن
أسماءهم
أدرجت دون أن
يطلعوا
إطلاقا على
نص العريضة
أو أنهم لم
ينتبهوا إلى
الفخ الذي
نصب لهم في
ديباجة
العريضة،
قلنا ربما
أن السيد
المدلاوي هو
أيضا لم يكن
على علم
بحيثيات
الديباجة
المعلومة،
على غرار
الكثيرين ممن
أدرجت
أسماؤهم ضمن
اللائحة. لكن
مقاله
بجريدة "المستقل
الأسبوعي"
ليوم 24/5/2002 رفع كل
لبس ووضع حدا
لكل تساؤل.
فلم يكتف
الأستاذ
المدلاوي
بتأكيد
توقيعه على
كل مضمون
العريضة عن
علم وإدراك
وبينة "بكل
علاتها" حسب
تعبيره، بل
نصح
المترددين
والمتشككين
بالمبادرة
بالتوقيع
عليها. إلى
هنا ليس هناك
ما يؤاخذ
عليه الأستاذ
المدلاوي أو
حتى يناقش
فيه. فمن حقه
أن يوقع على
العريضة ومن
حقه أن يدعو
الآخرين إلى
التوقيع
عليها. إلا أن
ما يثير
النقاش
ويحتاج إلى
رد وتوضيح،
هي الحيثيات
والاعتبارات
التي برر ـ أو
بالأحرى برّأ
ـ بها
الأستاذ
المدلاوي
توقيعه على
عريضة التهمة
والشبهة. فما
هي هذه
الحيثيات
والاعتبارات؟ اعتمد
الأستاذ
المدلاوي في
استدلاله نفس
الحجج
والأسباب
والحيثيات
التي نصت
عليها ديباجة
العريضة
المعنية، كما
اتبع في
مقاله نفس
الترتيب الذي
وردت به تلك
الأسباب
والحيثيات في
الديباجة:
تصاعد العداء
ضد اليهود،
وتنامي خطاب
أمازيغي
متطرف وذي
نفحة عنصرية.
الفرق بين ما
جاء في
ديباجة
العريضة وبين
ما كتبه
الأستاذ
المدلاوي هو
أن الديباجة
أشارت إلى
تلك الحيثيات
في أربعة
أسطر، أما
الأستاذ
المدلاوي
فخصص لها
أكثر من صفحة
ونصف من
الجريدة، مما
اضطر هذه
الأخيرة إلى
تصغير حجم
الخط لربح
المساحة. لا
يهمنا ما
كتبه الأستاذ
المدلاوي عن
التهجمات
التي تستهدف
اليهود، رغم
أهمية ذلك،
من قبيل
الشعارات
التي تردد في
تظاهرات
التضامن مع
فلسطين، وحتى
في فاتح ماي: "هذا
عار، هذا
عار، يهودي
مستشار!". وهو
ما يستوجب
حسب الأستاذ،
وهو محق في
ذلك، قانونا
يردع مثل هذه
السلوكات
والتجاوزات. والحركة
الأمازيغية
هي كذلك، حسب
الأستاذ
المدلاوي،
تعرف "زحف مرض
طفولي"،
وانحرافا "إثنيا
باتولوجيا"
وسقوطا في "التطرف"
و"السفه" و"هوس
الشرقانية"،
وغير ذلك من
التعابير
القاسية في
حق الحركة
ومناضليها.
وذلك ما
يبرر، حسب
الأستاذ
المدلاوي،
استصدار
قانون يضع
حدا للتطرف
الأمازيغي. لأول
مرة أقرأ
للأستاذ
المدلاوي
تحليلا خاليا
من أي اجتهاد
وجديد، بل
يستعيد
الأدبيات
الأمازيغوفوبية
المعروفة
والمكرورة،
والتي تقوم
على ممارسة
نوع من
الابتزاز على
الأمازيغية،
هذه الممارسة
الابتزازية
التي أصبحت
مسلمة رئيسية
في كل خطاب
يرمي إلى ضرب
الأمازيغية
ومحاربتها.
في البداية
كانت هذه
الممارسة
الابتزازية
تقوم على
الربط بين
المطالب
الأمازيغية
من جهة،
والاستعمار
والانفصالية
وتهديد
الوحدة
الوطنية من
جهة ثانية.
أما اليوم،
وبعد أن أصبح
"التطرف" هو
الشغل الشاغل
للعالم كله،
فقد انتقل
الابتزاز إلى
الربط بين
المطالب
الأمازيغية
والتطرف، ثم
العنصرية،
وغدا الإرهاب.
وقد رأينا
ملفات نشرت
حول "التطرف
الأمازيغي" (انظر
العدد السابق
من "تاويزا") لكن
يجب أن نعترف
أن مكر
الواقع
والتاريخ
يجعل هذا
الربط بين
المطالب
الأمازيغية
والتطرف
والعنصرية
أمرا يكاد
يكون بديهيا
ولا مفر منه
ومن الصعب
درؤه ورده،
لأن
الأمازيغية،
لسوء حظها
ولمكر
التاريخ
والواقع كما
قلت، توجد في
وضعية لا
يمكن إلا
تظهر معها
مطالبها
كتطرف
وكعنصرية
إزاء العرب
واللغة
العربية.
فنحن عندما
نناهض سياسة
التعريب
ونندد بها
ونحاربها، من
ذا الذي من "المغاربة
العرب" لا
يمكنه أن يرى
في ذلك
مناهضة
للعربية
ورفضا للغة
القرآن
ومحاربة
للإسلام؟!
وعندما نقول
بأننا
أمازيغيون
ولا نريد أن
نكون عربا
ونرفع شعار
Nous ne sommes pas des arabes, corrigez l'histoire، فمن
لا يمكنه أن
يرى في هذا
الموقف وهذا
الشعار عداء
للعرب وحقدا
على العروبة؟
وحتى ما لمّح
إليه الأستاذ
المدلاوي
كنموذج
للتطرف من
قبيل ما قيل
على بعض
القنوات
الفضائية،
فإن ما قاله
ذلك المناضل
الأمازيغي
بأن اليهود
لم يسبق لهم
أن مسوا سكان
شمال إفريقيا
بأذى، وأن كل
الأذى جاءهم
من العرب
الذين احتلوا
أرضهم وسبوا
نساءهم،
حقيقة
تاريخية
ثابتة يوردها
المؤرخون
العرب أنفسهم.
ولكن من لا
يمكنه أن يرى
في هذه الجهر
بهذه الحقيقة
تطرفا
وعنصرية و"تصهينا"؟
هناك
إذن لاشعور
ثقافي
وتاريخي
وسياسي،
يتغذى في
الغالب من
أسطورة "الظهير
البربري"،
يجعل
الأمازيغية
ملازمة
بالضرورة
للانفصال
والاستعمار
والتطرف
والعنصرية،
وربما
الإرهاب غدا.
سأقدم
للأستاذ
المدلاوي
مثالا حيا عن
هذا الحضور
القوي لهذا
اللاشعور
الذي يتحكم
في نظرة
الكثيرين إلى
الأمازيغية.
والمثال حدث
واقعي بإمكان
الأستاذ أن
يتأكد منه
لأن طرفيه لا
زالا حيين
يرزقان. لما
عقدت
أكاديمية
المملكة
المغربية
إحدى دوراتها
الخاصة
بالهجرة
بمدينة
الناظور في
أبريل 1999، قام
أحد أعضاء
الأكاديمية
البارزين
بجولة في
المركب
التجاري
للناظور.
فشاءت الصدف
الماكرة أن
يدخل متجرا
يملكه أحد
النشطاء
الأمازيغيين
الذي يرفض
الحديث بغير
الأمازيغية
ولو كلفه ذلك
إغلاق المتجر
ونفور كل
الزبناء
المعربين.
سأل
الأكاديمي
صاحب المتجر
عن ثمن ما كان
يرغب في
اقتنائه،
فأجابه هذا
الأخير
بالأمازيغية.
فرد
الأكاديمي
بأنه لا يفهم
الأمازيغية
طالبا من
البائع أن
يتكلم
العربية. لكن
هذا الأخير
استمر في
الرد على
أسئلة
الأكاديمي
بالأمازيغية،
الشيء الذي
أغضب الزائر
فقال لصاحب
المتجر: "أنت
عنصري". وهنا
رد البائع: "الآن
أتكلم معك
العربية
لتفهم معنى
العنصري: هل
العنصري هو
الذي يتكلم
لغته أم الذي
يرفض عليه
هذا الحق
ويأمره بأن
يتكلم لغته
هو؟". ولما
دخلا في نقاش
حول
الأمازيغية
والعنصرية،
كشف
الأكاديمي عن
هويته وأنه
يعرف جيدا
الأستاذ محمد
شفيق الذي
يشتغل معه
بالأكاديمية،
ووعد صاحب
المتجر بأنه
سيرسل إليه
المجلد
الثالث
للمعجم
العربي
الأمازيغي
الذي كان قيد
الطبع لأنه
هو المسؤول
عن مصلحة طبع
منشورات
الأكاديمية.
فصاحب المتجر
عندما كان
يرد
بالأمازيغية
لم يكن يفعل
شيئا أكثر
مما يفعله كل
إنسان حر في
وطنه عندما
يستعمل لغته.
لكن من لا
يمكنه أن يرى
في هذه
الوضعية
سلوكا عنصريا
بينا
ومكشوفا؟ وموقف
المفكر
الأكاديمي
الذي حكم على
مخاطبه
بالأمازيغية
بأنه عنصري
لا يختلف عن
موقف الأستاذ
المدلاوي
الذي حكم على
بعض مظاهر
الحركة
الأمازيغية
بالتطرف
والسفه
والباتولوجيا
والهوس
والمرض
الطفولي.
وحتى القضية
الفلسطينية
التي اعتبرها
الأستاذ
المدلاوي من
القضايا
الكبرى
التي يشوش
عليها "التطرف
الأمازيغي"
مقدما كنموذج
عن هذا "التطرف"
ذكر قضية
الطوارق
والقبايل
كلما ذكرت
القضية
الفلسطينية
على سبيل "المقايضة
والمقاصة"
على حد
تعبيره، قلت
فحتى هذه
القضية، إذا
تأملناها
بموضوعية
وخارج
اللاشعور
الذي يؤطر
تصورنا
للأمازيغية،
ألا
نرى أنها
قضية أجنبية
عنا، وأن
علاقتنا بها
يجب أن تكون
كعلاقة تركيا
أو أندونيسيا
أو أي بلد
إسلامي آخر
غير عربي،
وأن من
واجبنا أن
نهتم
بالطوارق
والقبايل قبل
فلسطين؟ لكن
من هذا الذي
لا يمكنه أن
يرى في كلامي
هذا مثالا عن
التطرف
ومناصرة
للصهيونية؟ لقد
جعلنا
اللاشعور
الثقافي
والسياسي
والتاريخي،
الذي تشكل مع
"الحركة
الوطنية"،
ننظر إلى "الوطنية"
على أنها
تبتدئ من
بغداد ـ وليس
حتى من مكة ـ
ودمشق
والقاهرة، مع
أن الوطنية
الحقة
والفعلية هي
التي تبتدئ
من "الدوار"
ثم ما يليه،
وليس حتى من
العاصمة
الرباط. هذا
اللاشعور
الذي يؤطر
التفكير في
الأمازيغية
ويربطها
ضرورة
بالتطرف
والعنصرية،
لا يشوه
الحقائق
وينتج
البديهيات
الكاذبة
فحسب، بل
يخلق إهلاسات
Hallucinations تُظهر
الأمازيغية
لدى المصابين
بهذه
الإهلاسات
كما يتوقعون
ويريدون أن
تظهر لهم. فلا
يرون فيها،
طبعا، سوى
التطرف
والعنصرية
والانفصالية.
وكمثال على
هذه
الإهلاسات ما
صرح به نبيل
بن عبد الله "الشيوعي"
ـ ياحصراه ـ،
عضو المكتب
السياسي لحزب
التقدم
والاشتراكية،
لأسبوعية "الصحيفة"
(عدد 66) بأن
شعارات رفعت
في تظاهرة
فاتح ماي
بمراكش تقول:
"لا نريد
ملكية وإنما
نريد جمهورية
أمازيغية"،
أو ما نشرته "كواليس
الريف" حول
مساندة جمعية
أمازيغية
لشارون! وهو
ما لم ير فيه
الأستاذ
المدلاوي،
تحت تأثير
ذلك
اللاشعور،
سوى انعكاس
لانزلاق
الحركة نحو
التطرف كانه
يلتمس
لكواليس
الريف عذرا
ويحمل
المسؤولية "للمتطرفين"
الأمازيغيين،
مع أن
الصحيح، إذا
نظرنا إلى
المسألة من
خارج
اللاشعور
الأمازيغوفوبي،
هو أن ما
كتبته كواليس
الريف وما
صرح به نبيل
بن عبد الله ـ
وهو أفضح مما
نشرته كواليس
الريف ـ ناتج
عن استعداد
لاشعوري
للافتراء على
الأمازيغية
وإلصاق كل
الشرور
والآثام بها
دون أن يشعر
الذين يفعلون
ذلك أنهم
يفترون عليها
أو ينشرون
الأكاذيب
حولها، بل
يخيل إليهم
انهم يقومون
بعمل وطني
نبيل. لهذا
فهم لا
يخافون من أي
حساب أو عقاب
رغم أن ما
يكتبون
وينشرون حول
الأمازيغية
يتجاوز جنحة
القذف ويصبح
مسا بالنظام
العام
وتحريضا على
الفتنة
والتباغض،
وهو ما كان
يتطلب التدخل
التلقائي
للنيابة
العامة
لمساءلة من
كان وراء تلك
الأخبار
والتصريحات
من قبيل ما
نشرته كواليس
الريف و"الشرق"،
وخصوصا ما
صرح به نبيل
بن عبد الله.
وهذا
الاستعداد
اللاشعوري
لإلصاق كل
التهم
والمساوئ
بالأمازيغية
هو الذي يفسر
كذلك كيف أن
بعض الأئمة
يدرجون في
خطبهم التهجم
على
الأمازيغية
ونعتها بأنها
حركة صهيونية
معادية
للإسلام،
وكيف أن بعض
الجرائد تنشر
أن الحركة
تتلقى تمويلا
من الخارج
ومن إسرائيل! فإذا
كان الأستاذ
المدلاوي،
بغزارة علمه
وثاقب نظره
وواسع معرفته
وعمق حكمته،
لم يستطع
التخلص من
اللاشعور
الأمازيغوفوبي،
فكيف نلوم
على ذلك
جريدة كواليس
الريف أو
نبيل بن عبد
الله أو بعض
الأئمة؟ الحركة
الأمازيغية
تسير، حسب
الأستاذ
المدلاوي،
نحو التطرف،
لهذا فهو
يدعو إلى
الاعتدال في
النضال
والمطالب.
لكن متى يكون
المناضل
الأمازيغي
متطرفا ومتى
يكون معتدلا؟
ألم يكن صاحب
المتجر الذي
رد على
الأكاديمي
معتدلا، لكن
مخاطبه حكم
عليه بأنه
عنصري؟ هل
نخرج عن
الاعتدال
ونركب التطرف
والعنصرية
عندما نقول
بأننا
أمازيغيون
ولسنا عربا؟
إذا كان هذا
تطرفا
وعنصرية فإن
قولنا إن هذا
قلم (أمسكه
الآن بيدي)
وليس مفتاحا
يكون تطرفا
وعنصرية
وسفها
وباتولوجيا
ومرضا
طفوليا، كما
يحلو للأستاذ
المدلاوي أن
يصف ما
يعتبره تطرفا
في الحركة
الأمازيغية.
أين التطرف
والباتولوجيا
والسفه
والمرض
الطفولي
عندما نقول
ينبغي
استبدال اسم "المغرب
العربي"
بشمال
إفريقيا؟
أليس السفه
الحقيقي
والباتولوجيا
المشخصة
والعنصرية
المؤكدة هو
أن نطلق على
هذه البلدان "المغرب
العربي" التي
هي تسمية
عنصرية
واضحة؟. فإذا
كان هذا
المطلب سفها
وباتولوجيا
وتطرفا، فإن
تسميتنا لهذا
الكتاب (الذي
هو أمامي)
كتابا وليس
دجاجة ـ لأنه
بالفعل كتاب
وليس دجاجة ـ
يكون تطرفا
وعنصرية
وسفها ومرضا
طفوليا! وهل
نصبح متطرفين
وسفهاء
وباتولوجيين
وغير معتدلين
عندما نقول
يجب الاهتمام
بقضية
الطوارق
والقبايل قبل
قضايا المشرق
البعيدة عنا؟
إذا كان هذا
تطرفا وسفها
وباتولوجيا،
فإن اهتمام
الإنسان
بأقاربه
وجيرانه قبل
اهتمامه بمن
لا تربطه بهم
وشائج قرابة
ولا علاقة
جوار سفها
وتطرفا
وباتولوجيا.
وهل من
التطرف
والسفه أن
نطالب
بالتنصيص في
الدستور على
أن
الأمازيغية
لغة وطنية
ورسمية؟
ولماذا لم
يسفه الأستاذ
المدلاوي من
نصوا في
الدستور على
أن العربية
هي اللغة
الرسمية
للملكة؟ وهل
التطرف
والسفه
والباتولوجيا
أن نندد
بالتعريب ولا
يكون
المتطرفون
والسفهاء
الحقيقيون هم
أصحاب
التعريب
الأعمى الذي
أعمى حاضر
ومستقبل
المغرب؟ نلاحظ
إذن، من خلال
هذه الأمثلة
والأسئلة، أن
التطرف ليس
صفة موضوعية
وداخلية
Intrinsèque لصيقة
بهذه
السلوكات
التي يحكم
عليها
المعارضون
للأمازيغية
بأنها سلوكات
عنصرية
ومتطرفة
وسفيهة
وباتولوجية،
بل هي
استعداد ذهني
جاهز عند
أصحاب هذه
الأحكام
لمجرد أن
الموضوع
يتعلق
بالأمازيغية.
فالاعتدال
المطلوب في
هذه الحالة،
والذي يدعو
إليه الأستاذ
المدلاوي، هو
أن لا تطالب
بأي شيء
يتعلق
بالأمازيغية:
لا تطالب
بتدريسها،
بدسترتها،
بتسجيل
الأسماء
الأمازيغية،
بتغيير اسم "المغرب
العربي"، لا
تشغل بالك
بالطوارق
والقبايل، لا
تدافع عن
الهوية
الأمازيغية....
أي أن لا تكون
أمازيغيا،
والسلام. هذا
ما معنى أن
تكون معتدلا
وغير سفيه
ولا متطرف
ولا عنصري
ولا باتولوجي!
الأمازيغية
توجد، بسبب
اللاشعور
السياسي
والثقافي
والتاريخي
الموروث عن
الحركة
الوطنية، في
وضع مأزقي ذي
مخرجين
كلاهما مر
ومضر
بالأمازيغية
.Situation de dilemme . وهذا
الوضع
المأزقي
يجعلنا، نحن
أصحاب
المطالب
الأمازيغية،
بالضرورة
متطرفين
وعنصريين ما
دام الاعتدال
هو أن لا
نطالب بأي
شيء له علاقة
بالأمازيغية.
وهذا هو
الابتزاز
الذي يمارسه
هذا اللاشعور
على
الأمازيغية:
لا تطالب
بشيء لصالح
الأمازيغية
وإلا فأنت
متطرف وعنصري
وسفيه
وباتولوجي! وليس
من السهل
الخروج من
هذا الوضع
المأزقي الذي
توجد فيه
الأمازيغية،
لأن المسألة
لا ينفع معها
منطق ولا عقل
ولا توعية
ولا إقناع،
ما دام الأمر
يتعلق
بلاشعور يحرك
السلوكات
والمواقف
إزاء
الأمازيغية
دون وعي ولا
شعور بذلك.
والدليل هو
الأستاذ
المدلاوي
نفسه الذي
وقع ضحية هذا
اللاشعور
رغم قدرته
الفائقة على
التحليل
الموضوعي
والاستدلال
المنطقي
والتفكير
العقلاني.
فكما أن هذا
اللاشعور ذو
حمولة ثقافية
وسياسية
وتاريخية،
فإن تجاوزه
إلى منطقة
الشعور يتطلب
عملية تطهير
Catharsis ثقافية
وتاريخية
وسياسية، وهي
عملية شاقة
تشبه غسل
الدماغ
المغربي
لاستعادة
صفائه وحالته
السوية، وهو
ما يتطلب
وقتا وصبرا
ونضالا،
وربما تطرفا
وعنصرية. يقدم
الأستاذ
المدلاوي
أمثلة
توضيحية على
وجود جناح
متطرف داخل
الحركة
الأمازيغية،
مستشهدا
بجريدة "تاويزا"
التي لم
يسمها
بالاسم، لكنه
سماها من
خلال بعض
الكاريكاتورات
التي نشرتها
حيث كتب يقول:
"من قبيل أن
يرسم بعض
المرضى
المتطفلين
على
الكاريكاتور
حرف الزاي
التيفيناغي
وهو يتبول
على حرف
الضاد، أو
يرسم شخصا
متطربشا وهو
يخاطب دابة
من ذوات
الحوافر
بقوله: مرحا
بالأخ في
العروبة، في
تعريض بمفهوم
الحصان
العربي". يبدو
أن الأستاذ
المدلاوي لم
يتأمل
الكاريكاتور
الأول جيدا
أو لم يقرأ
العدد الذي
يتضمنه، بل
اكتفى بإيراد
نفس "التعليق"
الذي سبق أن
كتبته جريدة "التجديد"
حول نفس
الكاريكاتور.
فلو تأمل
الكاريكاتور
"المتبول"
دون حكم جاهز
ومسبق، لرأى
أن موضوعه
ليس هو حرف
الضاد، أي
اللغة
العربية في
ذاتها
ولذاتها كما
جاء في جريدة
"التجديد"،
بل هي
التلفزة
المغربية
ببرامجها
العربية
المستوردة من
المشرق
العربي. أما
كاريكاتور "الحصان
العربي" فهو
تعبير عن
ظاهرة
العربومانيا
Arabomanie التي
تنسب، وبشكل
مبالغ فيه،
موضوعات
وقيما عالمية
ومشتركة إلى
العرق
العربي، من
قبيل:
الرياضة
العربية،
السباحة
العربية،
الطفل
العربي،
الاشتراكية
العربية،
الحصان
العربي،
العدل
العربي،
المغرب
العربي،
الكتاب
العربي،
الأغنية
العربية،
الفن العربي،
العبقرية
العربية... فكل
شيء يقاس على
"البترول
العربي" نسبا
وانتماء.
أليس "التصوير
الكاريكاتوري
من أبلغ
وأنجع أوجه
الصراحة
وأنسبها
للقراءة"،
كما اعترف
الأستاذ
المدلاوي
نفسه؟ (محمد
المدلاوي،
"عن الذاكرة
والهوية"،
سلسلة شراع،
عدد 64، أكتوبر
1999، صفحة 45). الأستاذ
المدلاوي
يمارس هنا هو
أيضا، تحت
تأثير
اللاشعور
الذي تحدثنا
عنه،
الابتزاز على
الأمازيغية
عندما يؤول
كل رفض ونقد
للنزعة
العروبية،
كما في
كاريكاتور
الحصان
العربي،
والتعريبية،
كما في
كاريكاتور
حرف الزاي "المتبول"،
على أنها
تطرف وعداء
وعنصرية تجاه
العرب والعربية.
فمن يمكنه أن
يقتنع بأننا
لا نستهدف
العربية
والعرب عندما
نعبر عن
رفضنا للنزعة
العروبية
التي تريد أن
تجعل منا
عربا،
ولسياسة
التعريب التي
تقصي لغتنا
وتفرض علينا
لغة الضاد
فرضا؟ إن
موقف الأستاذ
المدلاوي،
هنا، يعطي
الدليل على
أن الحركة
الأمازيغية،
كما سبق أن
قلنا، لا
يمكنها إلا
أن تظهر، من
خلال مطالبها
وأنشطتها
وإبداعاتها
ونضالاتها
وشعاراتها،
كأنها في حرب
ضد العرب
والعربية.
ومن هنا يصبح
ممارسة
الابتزاز
عليها سهلا
وبديهيا. مع
أن رفض سياسة
التعريب
والنزعة
العروبية ليس
رفضا للعربية
كلغة، ولا
للعرب بما هم
عرب.
فنحن لسنا ضد
العرب الذين
تفصلنا عنهم
آلاف
الكيلومترات
والذين لا
تتجاوز
مبادلاتنا
التجارية
معهم 1%، بل نحن
ضد "المغاربة
العرب" الذين
يريدون أن
يجعلوا منا
عربا. فشتان
إذن بين رفض
النزعة
العروبية
بالمغرب،
وبين رفض
العرب لأنهم
عرب. وقد سبق
أن كتبت في
افتتاحية
العدد 18 بأن "مشكل
الصراع بين
العرببية
والأمازيغية،
وحتى بين
العرب
والأمازيغ،
مشكل لا وجود
له إلا في
أذهان خصوم
الأمازيغية
في بلاد شمال
إفريقيا،
وليس في بلاد
العرب". وتلك
هي قناعتنا
فيما يتعلق
بهذا الموضوع. ومن
مظاهر ما
تعرفه الحركة
الأمازيغية،
حسب الأستاذ
المدلاوي
دائما، من
باتولوجيا
ومرض طفولي "هوس
الشرقانية
والقومجية
وغير ذلك من
الألقاب
السوقية
الشعوبية
والشعبوية".
لقد كنت أنا
أول من
استعمل لفظ "الشرقانية"
الذي أصبح
اليوم جزءً
من أدبيات
الحركة
الأمازيغية.
استعملته أول
مرة
بالفرنسية في
مقال بجريدة
Tidmi بتاريخ
21/2/1995 بعنوان Le
mal de l'orientalitarisme (آفة
النزعة
الشرقانية).
ولأنه مصطلح
صيغ أصلا
بالفرنسية،
فلم يكن إذن
ذا هدف ولا
طابع شعوبيين
ولا شعبويين
لأن
الشعوبية،
والشعبوية
بالخصوص، لا
يمكن أن تكون
بلغة أجنبية
ونخبوية
كالفرنسية.
ثم لماذا
يكون هذا
المفهوم (شرقانية)
سوقيا
وشعوبيا
وشعبويا؟
أليس من أنبل
وظائف الفكر
والعقل هو
خلق المفاهيم
للسيطرة بها
على الواقع
وضبطه
والتعبير
عنه؟ بل لقد
ذهب بعض
المفكرين
(G.Deleuze) أن
الفلسفة ليست
شيئا آخر غير
خلق المفاهيم
Les concepts. وقصدت
بمفهوم "الشرقانية"،
كما جاء في
المقال
المشار إليه،
تلك التبعية
وذلك
الارتباط
الذهني
والفكري
والثقافي
واللغوي
والإيديولوجي
والحزبي
والإعلامي
للمغرب
بالمشرق
العربي إلى
درجة التقليد
والمحاكاة.
فهناك إذن
ظاهرة قائمة
وموجودة
تتمثل في هذه
التبعية
الثقافية
والفكرية
للمغرب
للمشرق. وليس
مفهوم "الشرقانية"
إلا اسما
أطلق على هذه
الظاهرة التي
لا ينكرها
السيد
المدلاوي
نفسه. فإذا
كان استعمال
مفهوم "الشرقانية"
يدخل في باب
التطرف
والعنصرية
والباتولوجيا
والمرض
الطفولي
والسفه
والسوقية
والشعوبية
والشعبوية،
فإن
أول من سيكون
متطرفا
وعنصريا
وباتولوجيا
ومصابا
بالمرض
الطفولي
وسفيها
وسوقيا
وشعوبيا
وشعبويا هو
الأستاذ
المدلاوي
نفسه الذي
خصص ثلث
كتابه "عن
الذاكرة
والهوية"
المشار إليه
ـ نعم ثلث
كتاب وليس
مقالا ـ لشجب
النزعة
الشرقانية
بشكل عنيف قد
يلامس القذف
أحيانا، كما
في تندره عن
ذلك الحكم
المغربي
الدولي الذي
تحول إلى
مشرقي أمام
الميكروفون
عندما كان
يقول: "والله
أنا مش عارف...
كذا وكذا وبس".
(صفحة 59). فما
الذي تغير ما
بين شجب
الأستاذ
المدلاوي
لمظاهر
الاستلاب
الشرقاني عند
المغاربة في
أواخر 1999 وبين
شجبه
لاستعمال
مفهوم "الشرقانية"
للدلالة على
تلك المظاهر؟
أم أن اليوم
هناك معهد
ملكي للثقافة
الأمازيغية
لم يكن
موجودا عندما
كتب الأستاذ
كتابه؟ إلا
أن أسوأ ما
كتبه الأستاذ
المدلاوي في
مقاله الذي
نحن بصدد
مناقشته، هو
ربطه لما
اعتبره هوسا
وباتولوجيا
ومرضا طفوليا
وسفها في
الحركة
الأمازيغية "باستغلال
البعض من جهة
لهامش الحرية
التي حققها
المغرب في
السنوات
الأخيرة". إنه
كلام ما كنت
أصدق أنه
صادر عن
الأستاذ
المدلاوي لو
لم أقرأه له
وبتوقيع منه،
وهو الذي
يحترم
التوقيع ولا
يسحبه أو
يتراجع عنه
كما قال بنفس
المقال. لقد
أغاظني هذا
الكلام لأنني
لم أرد أن
أسمعه من
مفكر في
مستوى
الأستاذ
المدلاوي،
ذلك أن هذا
كلام أمني
ومخزني لا
ينطق به ولا
يفكر من
خلاله إلا
أصحاب الهاجس
الأمني الذين
يتضايقون من
حرية التعبير
لأنها تفضحهم
وتكشف عن
تجاوزاتهم
أمام الرأي
العام. وإذا
كانت
التطورات
التي حققتها
الحركة
الأمازيغية ـ
والتي لم ير
فيها الأستاذ
المدلاوي إلى
السفه
ولاباتولوجيا
والمرض
الطفولي... ـ
ناتجة عن
هامش الحرية
الذي يعرفه
المغرب،
فمعنى هذا أن
الوسيلة
الوحيدة لوقف
هذا الزحف
الأمازيغي هو
التقليص
والتضييق من
هذا الهامش
من الحرية
الذي استكثره
الأستاذ
المدلاوي،
على طريقة
رجال الأمن
ورجال
المخزن، على
الحركة
الأمازيغية.
فكأنه لم
يكفه منع
الأسماء
الأمازيغية،
ولا التجمعات
والتظاهرات
الأمازيغية،
ولا عدم
الترخيص
لجمعيات
أمازيغية...
فيطالب بقطع
الألسن لتي
تتكلم
والأيادي
التي تكتب.
فهل هي نصيحة
ضمنية موجهة
إلى
المسؤولين كي
يقسوا
ويتشددوا
أكثر مع
الحركة
الأمازيغية؟ لا
ننسى أن نفس
الهاجس
الأمني
المخزني
المستكثر
لهامش الحرية
هو الذي كان
وراء منع
ثلاث صحف
وإصدار قانون
للصحافة أسوأ
من الذي كان
معمولا به في
العهد البائد
أو العهد
السابق، لأن "سدنة
المعبد" رأوا
في هذا
الهامش من
الحرية التي
وفرها العهد
الجديد خطرا
يتهددهم ويضر
بمصالحهم،
فكان الحل هو
تضييق هذا
الهامش لأن "الشر
يتعين أن
يخنق في
البيضة قبل
أن يشتد عوده"،
حسب ما نصح به
الأستاذ
المدلاوي. يقول
الأستاذ
المدلاوي: "فالذين
يتجاوزون
اليوم كل
حدود
المواطنة في
ردود أفعالهم
على أعمدة
الصحافة وعبر
الفضائيات
والمؤتمرات
الدولية لم
تكن لهم
الشجاعة
ليحركوا
ساكنا حينما
زج في السجن
بالشاعر عي
صدقي أزايكو".
لدي أسئلة
وملاحظات حول
هذه النقطة: ـ
ما علاقة
قضية الأستاذ
علي صدقي
أزايكو
بالتوقيع على
العريضة الذي
هو موضوع
مقال الأستاذ
المدلاوي؟ ـ
كيف يستنكر
الأستاذ
المدلاوي على
من لم يكونوا
موجودين أنهم
لم يحركوا
ساكنا عندما
سجن علي صدقي
أزايكو؟ ألا
يعلم أن
الحركة
الأمازيغية
في ذلك الوقت
كانت لا تزال
في مرحلة
المخاض وأن
عدد جمعياتها
لم يكن يتعدى
أربع جمعيات؟
كان الأجدر
به أن يستنكر
ذلك على
الأحزاب
والجمعيات
والمنظمات
الحقوقية ذات
التوجه
الشرقاني
التي كانت
لها الهيمنة
على الساحة
في تلك
الفترة،
والتي لم يكن
لها أي رد فعل
إزاء اعتقال
ومحاكمة علي
أزايكو،
كعادتها
عندما يكون
خرق حقوق
الإنسان ذا
صلة
بالأمازيغية. ـ
ولنفرض أن
هؤلاء
المناضلين
الأمازيغيين
لم تكن لهم
الشجاعة
ليحركوا
ساكنا عندما
زج بأزايكو
في السجن،
فهل هذا مبرر
لكي لا
يصبحوا اليوم
"شجعانا"
يطالبون
بحقوقهم بصوت
مرفوع
ومسموع،
مستفيدين من
التقدم
الحاصل في
مجال الحريات
العامة
بالمغرب؟ ـ
وإذا كان
هناك اليوم
من يملك
الشجاعة
ليتكلم عن
الأمازيغية
دون خوف أو
نقص في
الشجاعة،
بعدما لزم
الصمت عندما
أدخل أزايكو
السجن، فهذا
شيء إيجابي
جدا يعطي
الدليل على
أن النضال
الأمازيغي لم
يذهب سدى، أو
أنه مجرد سفه
وباتولوجيا
ومرض طفولي،
بل لقد أعطى
ثماره وانتزع
كثيرا من
حقوقه التي
كانت
الأمازيغية
ممنوعة منها،
وعلى رأسها
الكلام بكل
حرية عن هذه
الحقوق بعد
أن كانت
طابوهات
محرمة، فساهم
بذلك في
توسيع
الحريات
العامة وحرية
التعبير على
الخصوص. أليس
ذلك تقدما
حققته الحركة
الأمازيغية
لا ينكره إلا
جاحد أو غافل
عما يجري؟
ـ
وأخيرا، إذا
لم يكن هناك،
عندما اعتقل
أزايكو، من
يملك الشجاعة
لتحريك ساكن،
وقد يكون
معذورا لأن
الفترة هي
فترة
تازمامارت
وتكميم
الأفواه،
فلماذا لم
يملك الأستاذ
المدلاوي هذه
الشجاعة
ليحرك ساكنا،
وفي مرحلة
حُلت فيها
عقدة الألسن
وتوفرت فيها
حرية
التعبير،
عندما حرم
نفس الشاعر
علي صدقي
ازايكو من
جائزة "اتحاد
كتاب المغرب"،
التي سبق أن
قررتها له
لجنة
التحكيم، عن
ديوانه "إزمولن"
لأنه ديوان
شعر أمازيغي؟
قلت
في بداية هذه
المناقشة بأن
ظهور اسم
الأستاذ
المدلاوي ضمن
الموقعين على
العريضة من
أجل قانون ضد
العنصرية، لم
يفاجئني، لكن
الذي فاجأني
هو ما شرحه
لنا في مقاله
بأنه اطلع
على العريضة
في الجريدة
التي نشرتها
فأرسل توقيعه
عبر الفاكس
إلى إدارة
الجريدة، ومن
ماله الخاص
طبعا. وهذا ما
يثير مجموعة
من الأسئلة
والملاحظات: ـ
الأستاذ
المدلاوي هو
الوحيد الذي
وقع على
العريضة دون
أن يطلب منه
أحد ذلك، لأن
كل الموقعين
الآخرين تم
الاتصال بهم
أو أدرجت
أسماؤهم بعد
ان أعطوا
موافقتهم
بالهاتف. ـ
إن الأستاذ
المدلاوي وقع
على العريضة
الأصلية قبل
تعديلها، ثم
سحبها نهائيا. ـ
يصف المبادرة
"بالشجاعة
أخلاقيا
والذكية
سياسيا". لكن
الجريدة
نفسها، "الشجاعة"
و"الذكية"،
تراجعت عن
العريضة التي
وقعها
الأستاذ
المدلاوي بعد
إدخال تعديل
على
ديباجتها،
وهو ما يعني،
من الناحية
القانونية،
عريضة ثانية
جديدة قبل أن
أن تسحبها
نهائيا من
النشر ابتداء
من العدد 71.
وهذا اعتراف
من الجريدة
نفسها ان
مبادرتها لم
تكم "شجاعة"
ولا "ذكية"،
بل خطأ وغلطة.
فكيف يحكم
الأستاذ
المدلاوي بـ"الشجاعة"
و"الذكاء"
على من نفى عن
نفسه ذلك؟
وكيف يوقع
على عريضة
أصبحت في حكم
الملغاة بعد
تعديلها؟ كيف
يبقى وحده
المدافع عن
عريضة بعد أن
تنصل منها
واضعوها
الأصليون؟ لقد
أسرع ـ بل
تسرع ـ
الأستاذ
المدلاوي في
التوقيع على
العريضة
بالفاكس حتى
يكون من
المحظوظين
الأوائل
ولتقديم خدمة
مجانية
لأعداء
الأمازيغية ـ
نعم أقول
الأعداء ـ
مثلما يفعل
دائما "أمازيغو
الخدمة"
Imazighen de service. فلماذا
لم يسبق له أن
تحلى بنفس
السرعة
للتوقيع على
العرائض التي
تقدمها
الحركة
الأمازيغية،
والتي ربما
لم يمض أية
واحدة منها
طيلة حياته "الأمازيغية"؟
ولم
يكتف الأستاذ
المدلاوي
بهذه "السرعة"
الأولى التي
وقع بها
العريضة، بل
أردفها بـ"سرعة"
ثانية بكتابة
مرافعة مطولة
يدافع فيها
عن العريضة
ويدعو
الأمازيغيين
إلى الاقتداء
به كأنه
النبي الذي
يفتقرون
إليه، والذي
جاء يخرجهم
من ضلال
السفه
والباتولوجيا
والمرض
الطفولي إلى
محجة "الحداثة"
و"العقلانية"
التي يبشر
بها إنجيل
العريضة. لكن
المفارقة
المضحكة هو
أن "النبي" لا
زال يدعو إلى
الإنجيل/العريضة
بعد أن سحب
الآلهة وحيهم
وتراجعوا عن
إنجيلهم، مما
جعل منه نبيا
يدعو قومه
إلى دين أصبح
في حكم
المنسوخ. لا
شك أن هذه
السرعة، التي
أبداها
الأستاذ، في
التوقيع على
العريضة،
وخصوصا في
كتابة مقال
للدفاع عنها،
ستشكل غلطة
العمر في
الحياة
الفكرية
للأستاذ
المدلاوي.
وهذا شيء
طبيعي لأن
غلطة الكبار
لا يمكن إلا
تكون كبيرة. لقد
رد الأستاذ
المدلاوي على
زملائه الذي
نصحوه بسحب
توقيعه، كما
فعل آخرون،
بأنه يحترم
التوقيع
ويلتزم
بمعناه
اللغوي،
خصوصا وأنه
محسوب على
اللغويين،
ولذلك لا
يمكنه إلا أن
يتمسك
بإمضائه
ويحتفظ به.
لكن هل فهم
المحسوب على
اللغويين
المعنى
اللغوي
لعبارة "بعض
المتطرفين
الأمازيغيين"
الواردة في
حيثيات
ديباجة
العريضة؟
فكلمة "البعض"
تعني قليلا
أو جزءً من
كل، أو طائفة
من الشيء كما
في لسان
العرب.
وعليه، فإن
هذه العبارة
تفيد بأن كل
الأمازيغيين
متطرفون، وأن
طائفة من كل
هؤلاء
المتطرفين هم
الذين لهم
سلوكات
عنصرية تجاه
العرب. فكيف
يوقع الأستاذ
المدلاوي على
عريضة تدينه
وتحكم عليه
هو نفسه
بالتطرف ما
دام أنه
أمازيغي
تشمله عبارة
"... المتطرفين
الأمازيغيين"؟
لكثرة ما
انشغل
الأستاذ
المدلاوي
بموضوع "العنصرية"،
نسي "التطرف"
الذي تلصقه
العريضة بكل
الأمازيغيين.
وهنا تكون
العريضة حقا "شجاعة"
و"ذكية". والدليل
على أن
الأمازيغية
هي المستهدفة
بالعريضة،
وهو شيء كان
يجب أن ينتبه
إليه الأستاذ
المدلاوي، هو
عدم تنصيصها
على التمييز
العنصري بسبب
اللغة، مع أن
كل المواثيق
الدولية حول
الموضوع تنص
على محاربة
التمييز
العنصري
بمظاهره
الأربعة:
بسبب اللغة
أو العرق أو
الجنس أو
الدين. يمكن
أن يتأكد
الأستاذ
بسهولة من
ذلك بالبحث
عن كلمة
Discrimination أو
Racisme في
Google الذي
سيعطيه كل
المواثيق
الدولية حول
العنصرية،
وسيرى أن
العنصرية
بسبب اللغة
حاضرة دائما
كشكل من
أشكال
العنصرية
التي تدينها
هذه المواثيق.
أصحاب
العريضة
استبعدوا
طبعا التمييز
العنصري بسب
اللغة حتى لا
تستفيد
الأمازيغية
من هذا البند
لأنها هي
الضحية
الأولى في
المغرب
للعنصرية
اللغوية.
فكيف يوقع
الأستاذ
المدلاوي على
عريضة ضد
العنصرية هي
أصلا عريضة
عنصرية لأنها
تقيم تمييزا
بين أشكال
العنصرية
فتبقي على
بعضها وتلغي
الأخرى
مناقضة في
ذلك ما
أعلنته
الجريدة
بعنوان كبير:
"لا لكل أشكال
العنصرية". لم
يفكر الأستاذ
المدلاوي في
كل هذه
الفخاخ
المنصوبة عن
وعي وقصد
وتخطيط ذكي
لأن له فكرة
ثابتة على أن
الحركة
الأمازيغية
ليست سوى
باتولوجيا
وسفه وهوس
وتشويش على
القضية
الفلسطينية.
وهذا ما ينم
عن نظرة
استعلائية
وميكالومانية
ومتكبرة إلى
هذه الحركة
التي وجد لها
منقذا من
الضلال في
التوقيع على
العريضة
العنصرية،
وليس العريضة
ضد العنصرية. وهنا
أتساءل:
لماذا وجه
الأستاذ
المدلاوي كل
ذلك النقد
إلى الأستاذ
محمد عابد
الجابري فيما
يخص موقفه من
الأمازيغية
عقب ظهوره في
برنامج "في
الواجهة"،
هذا النقد
الذي نشره
كمقال في
بيومية "الأحداث
المغربية"
ليوم 30/10/2000؟ أطرح
هذا السؤال
لأن دفاع
الأستاذ
المدلاوي عن
العريضة "الشجاعة"
و"الذكية"،
بكل ما كاله
إلى الحركة
الأمازيغية
من باتولوجيا
وسفه وهوس
ومرض طفولي،
يجعل منه ندا
ومنافسا
للجابري في
هذا الميدان.
بل إن
الجابري على
الأقل لم
يوقع على
العريضة كما
فعل الأستاذ
المدلاوي،
فضلا على أن
موقفه من
الأمازيغية
منسجم لا
يعرف التناقض
والتهافت
اللذين يسمان
موقف الأستاذ
المدلاوي،
واللذين تكشف
عنهما
المقارنة بين
ما كتبه حول
الموضوع في
مناسبات
كثيرة سابقة.
وسواء
اعتبرنا
الأمازيغية
لهجات يجب
إماتتها كما
نادى بذلك
الجابري، أو
هوسا وسفها
وباتولوجيا
ومرضا طفوليا
يجب وضع حد له
بإصدار
قانون يعاقب
على ذلك،
والذي أيده
واستحسنه
الأستاذ
المدلاوي،
فإن النتيجة
واحدة، وهي
تقديم الدعم
والتبرير ـ
أو إعداد
الفراش، كما
يقولون
بالفرنسية
Faire le lit
ـ لمعارضي
الأمازيغية
وأعدائها.
|
|