|
عودة
إلى موضوع
تطليق آدم
لحواء بسبب
الأمازيغيين: تعليق
على توظيف
الشعر
الأندلسي في
سب الأمازيغ! بقلم:
الدكتور
مصطفى
الغديري (أستاذ
الأدب
الأندلسي
بكلية الآداب
ـ وجدة) قرأت
تعليقا في
أسبوعية "الصحيفة"،
العدد 45 22/28
فبراير 2002 ص: 4
تعليقا
بعنوان "مفارقة
ثقافية
وسياسية
غريبة"،
مفادها أن
شخصية مغربية
من العيار
الثقيل ـ حسب
سياق المقال
ـ قرأتْ على
مسامع
المرحوم
الملك الحسن
الثاني بيتين
من الشعر
لشاعر
أندلسي، هما (بعد
تصحيح ما جاء
في الرواية
من أخطاء): رأيت
آدم في نومـي
فقلت له:
أبا البرية
إن الناس قد
حكموا أنّ
البرابرة
نسلٌ منك،
قال:إذن
حواء طالقة،
إن كان ما
زعموا بدون
ذكر لاسم
الشاعر أو
إشارة إلى
مصدر الرواية
أو السياق
الذي وردت
فيه هذه
القراءة أمام
المرحوم
الحسن الثاني. وقد
كان في نيتي
أن أكتب شيئا
عن هذا
التعليق،
لكنني أرجأت
ذلك إلى حين
ظهور ردود
أفعال عن ذلك
بعد قراءة
هذا المقال،
وهو ما حصل
بالفعل؛ إذ
طلعت علينا
شهرية "ثاويزا"
الصادرة
بسلوان (عدد
60أبريل 2002 ص: 2)
بمقال تحت
عنوان "آدم
يطلق حواء
لأنها أنجبت
الأمازيغيين!"؛
وهي عبارة عن
دراسة نصية
من المنظور
الأدبي
انطلاقا من
سياق رواية
أسبوعية "الصحيفة"،
ليصل صاحب
الدراسة إلى
ما وصل إليه
من نتائج
بناء عن
الرواية
السابقة وعن
دلالة لغة
الأبيات. وما
يهمني في هذا
التعليق هو
توثيق رواية
هذين البيتين
ثم التعليق
عن مضمونهما
. بالنسبة
للبيتين فإن
الدارسين
المعاصرين
الذين يروون
هذين البيتين
ويستشهدون
بهما، في
المشرق
والمغرب،
اعتمدوا كلهم
على رواية
المقري
التلمساني (توفي
سنة 1041هـ) في
كتابه "نفح
الطيب" :3/412 ، حيث
وردا منسوبين
للشاعر
الأندلسي خلف
بن فرج
المعروف
بالسّمَيْسِر
(عاش في عصر
ملوك الطوائف)
المعروف
بهجائه
اللاذع لحكام
الأندلس،
العرب منهم
وغير العرب،
إلى حد يمكن
أن يعتبر
شعره نقدا
اجتماعيا
وسياسيا
للحكام الذين
فرطوا في
الأندلس حتى
وقع لها ما
وقع!. ونقده
هذا هو الذي
جعل المصادر
الأدبية في
وقته تعرض عن
التفصيل في
ترجمته
ورواية
أشعاره، وفي
مقدمتهم ابن
بسام الذي
روى جملة من
أشعاره في
غير غرض
الهجاء، ثم
اكتفى بلمحة
وجيزة على
غير ما هو
معهود في
تراجمه
للشعراء
والأدباء (ينظر
الذخيرة : 1/2/883).
ورواية
المقري لا
تخلو من
التذبذب، فهو
تارة يروي
البيتين
للشاعر
المذكور في
هجاء المعتصم
بن صمادح،
صاحب ألمريه.
وحسب كتب
التراجم التي
ترجمت لبني
صمادح تفيد
بأن هذه
الأسرة هاجرت
من المشرق
إلى الأندلس
منذ وقت
مبكر، أي مع
الطوالع
الأولى من
المهاجرين
المشارقة على
عهد عبد
الرحمان
الداخل، وهي
من حرملة بن
تميم من
الجزيرة
العربية (ينظر
كتاب "الحلة
السيراء"
لابن الأبار
البلنسي: 2/78 _ 96).
والحال هذه
لا أرى وجها
في هذا
السياق دليلا
على صحة
الرواية، إن
صح البيتان
للسميسر لأن
المعتصم
عربي، كما
تقول المصادر.
والصيغة
الثانية
للرواية تقول
بأن السميسر
لما حصل في
قبضة المعتصم
صرح بأن
هجاءه هذا
موجه للأمير
عبد الله بن
بلقين، آخر
أمراء بني
زيري بغرناطة
وهو من
البرابرة
الذين كان
المنصور بن
أبي عامر
استقدمهم من
شمال إفريقيا
للمشاركة في
الجهاد
بالأندلس،
وعبد الله
هذا ممن
أبعدهم
الخليفة
الصالح يوسف
بن تاشفين عن
الأندلس،
وأتى به إلى
المغرب ضمن
مجموعة من
حكام الأندلس
الذين فرطوا
في تدبير
أمورها، وبقي
في المغرب
حيث أنجز
مذكراته
المعروفة بـ "
كتاب التبيان
" إلى أن
وافاه الأجل
فيها (ويعتبر
الكتاب من
خيرة المصادر
التي برأت
يوسف بن
تاشفين مما
يسند إليه من
الافتراء في
قضية سجنه
المعتمد بن
عباد بأغمات).
فإن صحت هذه
الرواية في
عبد الله بن
بلقين، وهو
بربري (أمازيغي)،
فإن هذا
التذبذب ينقص
من قيمتها. ثم
علينا أن
نتعرف طريقة
المقري في
كتابة كتابه
الضخم "نفح
الطيب"
بالمشرق،
وبالضبط
بدمشق، وقد
توقف عدة
مرات عن
كتابته،
معتذرا ببعده
عن مصادره
التي تركها
بفاس، فقد
كان يعتمد
على الذاكرة
في كثير من
الأحيان أو
يسند رواية
إلى بعض
المصادر التي
كانت معه، من
أمثال "قلائد
العقيان" و"مطمح
الأنفس"
للفتح بن
خاقان، بينما
في روايته
بيتي السميسر
لم يسند
الخبر إلى أي
مصدر من
المصادرط .
وعن "نفح
الطيب" ـ حسب
علمي ـ نقلت
المراجع
والدراسات
البيتين في
سياقات
متعددة، تارة
للإزراء،
وتارة
للتشفي،
وطورا آخر
للاستشهاد،
كأن البيتين
وثيقة
تاريخية يحتج
بها، كما هو
الشأن في
كتاب "الاستقصاء"
للناصري. ونعود
الآن إلى
مصدر آخر
لرواية
البيتين، وهو
"زاد المسافر
وغرة محيا
السافر"
للأديب أبي
بحر صفوان بن
إدريس …
التجيبي
المرسي
الأندلسي.
عاش في النصف
الثاني من
القرن
القرنين
السادس
الهجري وتوفي
سنة 598 هـ. بذلك
لم يتعد
الفرق الزمني
بينه وبين
السميسر أكثر
من نصف قرن،
وهو ابن بلده.
بينما الفرق
الزمني بينه
وبين المقري،
وبين السميسر
والمقري من
جهة أخرى
يفوق أربعة
قرون. وكان
صفوان بن
إدريس هذا من
شعراء
الأندلس
المرموقين في
القرن
السادس، عصر
الموحدين
بالأندلس،
ومن بيت
الأدب
والشعر، ومن
متذوقيه
ورواته، كما
يشهد على ذلك
كتابه
"زاد المسافر"
الذي التقط
درره الشعرية
من أفواه
كبار رواة
الشعر من
شيوخه
وأصدقائه
خلال رحلاته
وجولاته
بالأندلس
والمغرب، كما
يؤكد محقق
كتابه
الدكتور محمد
ابن شريفة
العالم
بالتراث
الأدبي
الأندلسي (ينظر
مقدمة المحقق
للكتاب
الصادر عن
مطبعة النجاح
الجديدة
سنة1999
م ص.ص.9ـ90)، كما
أن الكتاب
نفسه سبق أن
نشره العالم
الجزائري عبد
القادرمحداد
سنة 1939 م. ورواية
صفوان بن
إدريس في
كتابه "زاد
المسافر" (ط.
عبد القادر
محداد ص: 120رقم 37
، ط. ابن شريفة 332
رقم : 37) أوردت
البيتين ضمن
أشعار أبي
عبد الله بن
سهل اليَكّي
المتوفى في
حدود ستين
وخمس مائة.
ومعنى ذلك
أنه كان
معاصرا
لصفوان بن
إدريس. وهو
شاعر هجاء لم
يسلم أحد من
لسانه، حتى
قال ابن سعيد
في حقه : "هذا
الرجل هو ابن
رومي عصرنا،
وحطيئة
دهرنا، لا
تجيد قريحته
إلا في
الهجاء ولا
تنشط في غير
ذلك من
الأنحاء" (المغرب
في حلى
المغرب : 2/266). ورواية
صفوان بن
إدريس
البيتين جاءت
كالآتي: رأيت
آدم في نومـي
فقلت له:
أبا البرية
إن الناس قد
حكموا
أن
الزَّراجينَ
رهط منك قال
إذاً حواءُ
طالقةُ إن
كان ما زعموا
وعلق
الدكتور محمد
ابن شريفة
على كلمة "الزراجين"
في الهامش
بقوله: أطلق
الأندلسيون
هذه الكلمة
على
المرابطين
الملثمين،
ولم يلتفت د.
ابن شريفة
إلى رواية
النفح ولا
قارنها، رغم
أنني أعلم
أنه وقف
عليها وهو من
قرأ النفح
قراءات كثيرة
إلى حد لا
يغيب عنه كل
ما ورد فيه، و"الزراجين"
لا وجود لها
في اللغة
العربية إلا
ما دل على صوت
الخيل وجلبها
من فعل "زرج"،
لهذا قال
الدكتور ابن
شريفة: أطلق
الأندلسيون
هذه اللفظة
على
المرابطين
الملثمين، أي
حكام دولة
المرابطين
حين وضعوا
حدا للتسيب
الذي عرفته
الأندلس،
والذي كان
سيعجل
بسقوطها في
القرن الخامس.
وإذا كان
الأندلسيون
أطلقوها على
حكام
المرابطين،
فهي تعني
التخصيص من
أبناء المغرب
وليس
التعميم،
وحتى لو كانت
تعني تعميم
المغاربة فهي
ليست تعني
كافة
الأمازيع
البرابرة من
كافة أنحاء
شمال إفريقيا.
وإن افترضنا
جدلا أن
المقصود بها
كافة
البرابرة فهل
هذا يعني
دستورا أو
منطقا لا
يناقش، أو
كلاما سماويا
يحتج به ولا
يحتاج إلى
تأويل؟
ثم هل
الشعر، كل
الشعر، يعبر
عن وجدان كل
أفراد الأمة
في جميع
الحالات؟
وهل الشعر
الذاتي مثل
هذا يحتج به
كوثيقة
تاريخية أم
أنه انطباع
ذاتي آني
بحسب ظروف
الشاعر الذي
قد لا يلبث أن
ينسخها بمثله
في أية لحظة؟
أعتقد
أن مثل هذا
الشعر إن كان
يجد فيه بعض
قرائه متنفسا
في لحظة من
اللحظات، فإن
قارئا آخر قد
لا يستمع
إليه ولو كان
ذواقا للشعر! ولا
أدري ما هو
السياق الذي
جعل الشخص
المشار إليه
في أسبوعية "الصحيفة"
يقرأ البيتين
على مسامع
المرحوم
الحسن
الثاني، ولو
عرفنا السياق
لكان هناك
كلام آخر،
وبما أننا لا
نعرف الظروف
المحيطة
بقراءة
البيتين، فلا
داعي لمناقشة
ذلك .
ولما
كان هذا
الشاعر
متكسبا
ببضاعته
الشعرية
وجدناه يمدح
المرابطين
الملثمين بما
ينسخ معنى
بيتيه بقوله: قوم
لهم شرف
العلا في
حمير وإذا
انتموا
لصنهاجة
فَهُم همُ لمّا
حوَوْا
إحْرازَ كلِّ
فضيلةٍ
غلب الحياءُ
عليهـمُ
فَتَلَثّموا
(
المغرب
2/269 ) . وبالمقابل
نجده قد هجا
أهل فاس هجاء
مقذعا فاق كل
هجاء، ولولا
مناسبة رواية
البيتين
السابقين
ومناقشة حجة
ذلك لما
سمحتُ لنفسي
بنقلها
ونشرها، منها
قوله : يا
أهل فاس لقد
ساءت ضمائركم
فأصبحتْ
فيكــم
الآراء متّفِقَهْ كلّ
امرئ منكم قد
حاز منقصـةً
بها أحاط
كدَوْرِ
العيـنِ
بالحَدَقَهْ وربما
اجتمعت في
بعض ساداتِكم
نقائصُُ
أصبحنْ في
الناسِ
مفتَرِقَهْ كالقرنِ
والقَوَدِ
المشهورِ
والكذبِ
الــمعروفِ
والخَلّةِ
الشّنْعاء
والسرقَهْ فلا
تَهابَنَّ
فاســياُ
مررتَ بـهِ
وإنْ تَقُلْ
فيه خَيْراً
حــوِّلِ الدّرَقَهْ والْعَنْهُ
شيْخاً
وكَهْلاً
واجْفُهُ
حدَثاً
ونِكْــهُ
طِفْلاً
ولَوْ
أَلْفَيْتَهُ
عَــلَقَهْ فلا
سقى اللهُ
فاساً صوبَ
عاديَةِ
نَعَمْ ولا
اخْضَرَّ في
أرجائها
ورَقَـهْ (
"زاد
المسافر"
نفسه، وهناك
من هجاء أقذع
في أهل فاس في
نفس الصفحات).
فهل
قوله هذا في
فاس وأهلها
سنعتبره حجة
يحتج بها
ونعتبرها
مزية سنرددها
يوما على
مسامع حكامنا
في المحافل
الرسمية!، أم
أنه مجرد
انطباع نعده
رد فعل
الشاعر
وتصفية
حسابات من
شخص أو أشخاص
في لحظة
معينة كتلك
اللحظة التي
دفعته إلى
قول البيتين
فيمن سماهم
بالزراجين؟ . وما
يصدق على هذه
القطعة يصدق
أيضا على
البيتين
السابقين
اللذين
أُسْمِعَا
للمرحوم
الملك
المرحوم
الحسن
الثاني، إن
صح ذلك حسب
رواية تعليق "الصحيفة".
وذكرني
سياق قراءة
البيتين في
الرواية
السابقة
بموقف مخزِ
لأحد
المتدخلين في
إحدى الندوات
العلمية بصدد
مناقشة بحث
قدمه أحد
الأساتذة في
موضوع يتعلق
بالأمازيغية
والأمازيع
بشمال
إفريقيا،
ولما نهض إلى
منصة
المناقشة
استفتح كلامه
بقوله: سبق لي
أن قرأت في
كتاب مخطوط
بالقاهرة
"البربري
والفارلا
تعلمه باب
الدار"، كأنه
اكتشف مجهولا
في رحلته إلى
القاهرة
ليطلع على
هذا المخطوط "النادر"
و"الثمين"،
ويستخرج من
كنوزه هذه
العبارة
المبتذلة،
علما أن هذا
من أمثال
العوام له
صيغ متعددة
داخل المغرب
وفي الأندلس
وفي المشرق،
يدخل في باب
المنافرة
بين العدوتين:
الأندلسية
والمغربية،
وتصفية
الحسابات، لم
تستثن
البربري وغير
البربري: _
العربي
والفار لا
تْعلموا باب
الدار ! _
البربري
والفار لا
تْعلموا باب
الدار ! _
الفلالي
والفار لا
تعلموا باب
الدار !
_
الشلح
والفار لا
تعلموا باب
الدار ! _
لَعْروبي
والفارْ لا
تْعلموا باب
الدار ! (
ينظر
ذلك بتفصيل
في كتاب
أمثال العوام
للزجالي
الأندلسي
تحقيق د. محمد
ابن شريفة ج/1 ص:
207 ، 2/45). لعل
من قرأ
البيتين ـ
بغض النظر عن
سياق القراءة
ـ لا يختلف عن
موقف من
استشهد
بالمثل الذي
قرأه بمخطوط
بالقاهرة
أثناء مناقشة
موضوع يتعلق
بالأمازيغية
والأمازيغ
بشمال
إفريقيا!.
ولله في خلقه
شؤون!!
|
|