|
عن
تامازيغت
وسيدنا آدم (الجزء
الأول)
بقلم:
بوغانم خالد (الحسيمة) علم
الآثار من
العلوم
الإنسانية
التي أغرت
وما تزال
تغري الكثير
ممن استحوذ
على أنفسهم
حب الاكتشاف
والمغامرة في
البحث
والتنقيب عن
أقدم أثر
خلّفه الكائن
البشري على
وجه البسيطة،
بعيدا عن أية
نزعة دينية
أو
إيديولوجية
أو عرقية،
مما من شأنها
أن تُحيدهم
عن الطريق أو
المنهج
المرسوم
والمخطط له
من طرف هذا
العلم،
وتسقطهم
بالتالي في
أخطاء هو
بريء منها. بالفعل،
ليس فينا من
يشك في
الشفافية
والأهمية
التي يحظى
بها علم
الآثار في
إطار بحثه
الدائم
والمستمر دون
كلل أو ملل،
عن مهد
الحضارة
الإنسانية
الأول، وعن
موطن التطور
البشري
ومستقر
الإنسان في
عصوره
المتقادمة،
ولم لا البحث
عن أثر أول
إنسان تطأ
رجليه هذا
العالم
الفسيح. إلا
أن ما يؤسف له
فعلا، في عمل
هؤلاء
الباحثين،
تكثيف
أعمالهم
ومجهوداتهم
العلمية على
أجزاء محدودة
ومحددة سلفا
من القارات
الخمس. وهم في
أكثر الأحوال
يشتغلون
ويعملون وفق
معلومات
تاريخية صرفة
(الكتابة
التاريخية
الإغريقية
على وجه
الخصوص) حتى
أضحت عملية
تحديد الموقع
أو المواقع
الأثرية
المزمع
الرحيل
إليها، لا
تتم إلا
بالعودة إلى
نصوص كتبت
بقلم
هيرودوت، أو
من أتى بعده
من المؤرخين. وإذ
أنني لا
أستطيع أن
أنكر عن
هيرودت
كتاباته عن
المجتمعات
والكيانات
السياسية
والحضارية
التي تعرّفت
عليها بلاده،
أو كانت
تربطها معها
علاقات
سياسية أو
اقتصادية أو
دينية...،
فإنني لا أرى
أنه قد قام
بالشيء
المطلوب.
صحيح انه
دوّن وكتب عن
الكثير من
الأحداث
السياسية
والعسكرية
والثقافية
لمجتمعات
عديدة كان
لها صيتها
وكان لها
صوتها المدوي
أمام الحضارة
اليونانية.
ولربما كان
أكثر قوة
بكثير من ذلك
الصادر عن
بلاد وموطن "العلم
والفلسفة"،
لكن القول
بأن هيرودوت
كان نزيها
وشفّافا في
نقل الأحداث
التي تصدر عن
حضارات غير
الحضارة
اليونانية
حتى وإن كانت
تتقارب
وتتقاطع مع
هذه الأخيرة،
هو الشيء
الذي لا
أستطيع الجزم
به. من
هنا، فالبحث
الأثري، ومعه
كل الذين
ينصب
اهتمامهم على
دراسة نشأة
الحضارات
القديمة،
وعلى التنقيب
عن مهد
الحضارة
الإنسانية
الأول، يكون
من الضروري
عليهم إن هم
أرادوا فعلا
أن يختصروا
المسافات
التي تقودهم
وتؤدي بهم
إلى الحصول
على معلومات
ملموسة عن
سيدنا آدم،
أب البشرية
جمعاء، (يكون
من الضروري
عليهم)
الإلمام أكثر
بالعلوم
المتصلة
باللغة،
وخاصة منها
اللغات التي
يشهد لها
التاريخ
بقدمها كما
هو الشأن
بالنسبة
للأمازيغية. وباعتماد
اللغة كمنهج
مساعد، والتي
فيها تكمن
ذخائر الفكر
والتقاليد
والتاريخ
والفلسفة
والدين كما
يقول "هردر"،
سيتلاشى جزء
كبير من
الشكوك
والظنون التي
حامت، ولمدة
طويلة، حول
الكثير من
الظواهر
والشعائر
الدينية
الضاربة
بجذورها في
أعماق
التاريخ
البشري.
وما أخال
أن
شيئا ما لعب
دورا أخطر من
الذي لعبه
المعتقد في
الانتقال
البشري من
حيرة
الحيوانات،
والارتقاء به
إلى عالم
الحضارة
والتمدن. فالدين
لم يكن أبدا "أفيونا
للشعوب" كما
اعتقد بعض
مفكري القرن 19،
وإنما على
العكس من ذلك
كان أحد أبرز
العناصر التي
اجتمعت حولها
الإنسانية في
غابر الزمن،
وشكل حجر
الأساس
لاجتماع
وتجمع الكائن
الآدمي... في
الأول كانت
التجمعات
تقام من أجل
أداء الشعائر
الدينية
تيمنا وتبركا
بالذي تم
اختياره
للقيام بمهام
صيانة من
يتضرع إليه
من حيف وتسلط
الطبيعة
بزلزالها
وبراكينها،
ولياليها
الحلكة التي
لا يجد منها
الإنسان
البدائي
مهربا سوى
بالدعاء
والصلاة،
وتقديم
القرابين إن
تطلب الأمر
ذلك، أو دعت
إليه الضرورة. حسب
الأديان
السماوية،
تبدأ قصة أول
إنسان لامست
رجلاه هذه
التربة
المباركة،
بعدما كان
يسكن الجنة
هو وزوجه،
وبعدما نال
منهما
الشيطان
بإغوائهما
بتناول ما
كان قد
نهاهما عنه
الله تعالى
خالقهما. فلنبدأ
إذن بالذي
ظهر أول مرة
على سطح هذا
الكوكب
الأرضي. لبدأ
بسيدنا آدم: 1
ـ آدم Adam: يورد
مارسيل كوهين
M.Cohen في
كتابه Essais comparatifs مجموعة
من المعاني
التي تحملها
هذه الكلمة
في مختلف
اللغات. ففي
العربية، آدم
= جلد. وفي
المصرية
القديمة Ynm= جلد.
وفي اللهجة
الصومالية
والكوشية
Idm = جلد
المعز
المدبوغ. ثم
يضيف: في
العربية
والعبرية،
آدم= أحمر
اللون (عن
كتاب: "بحثا
عن فرعون
العربي
ودراسات أخرى"
لعلي فهمي
خشيم، الدار
العربية
للكتاب، 1985،
صفحة 133). وفي
معجم غوردون
عن نقوش رأس
الشمرة
الكنعانية
رقم 61، Adam= الناس.
رقم 60، Dm= يحمر
(المرجع
السابق، صفحة
133). وفي
النقوش
السبئية
يترجم "جام"
الجذر Dm إلى
خدم Servants وعباد
Worshippers (نفسه،
صفحة 126). وفي
لسان العرب
لابن منظور:
الأديم:
الجلد ما
كان، وقيل
الحمر. وقيل
المدبوغ.
أديم كل شيء:
ظاهر جلده.
أدمة الأرض:
وجهها، وربما
سميت أديما...
الأدمة:
السمرة.
الآدام من
الناس:
الأسمر. ويضيف
ابن منظور:
واختلف في
اشتقاق اسم
آدم، فقال
بعضهم: سمي
آدم لأنه خلق
من أدمة
الأرض. وقال
بعضهم: لأدمة
جعلها الله
تعالى فيه. وفي
الأمازيغية
بشتى لهجاتها،
Udem تعني:
الوجه. و Udem هي
الكلمة التي
أراها أكثر
قربا من معنى
ومبنى كلمة
آدم Adam. ومن
خلال الأقوال
المتقدمة
التي حاول
أصحابها أن
يحيطوا بمعنى
هذه الكلمة،
نلاحظ أن: ـ
العربية،
اللغة التي
نزل بها
القرآن
الكريم، لم
تكن كلمة "آدم"
فيها تفيد
معنى:
الإنسان،
الناس،
بالرغم من أن
القرآن قد
أورد هذه
اللفظة بهذا
المعنى. وهذا
معناه أن
القرآن ليس
عربيا 100% (من
الناحية
المعجمية على
الأقل). ـ
كل المعاني
التي يؤديها
جذر A.D.M متقاربة
في جميع
اللغات:
الجلد،
الناس،
الوجه، وجه
الأرض، أسمر،
أحمر... وجود
هذه الكلمة
في لغات
كثيرة من
العالم،
يجعلنا نميل
إلى الاعتقاد
بأنها بالغة
القدم.. أما
القول بأنها
ظهرت بظهور
سيدنا آدم،
فهذا يدفعنا
إلى طرح سؤال
آخر: من قام
بإطلاق هذه
التسمية
عليه؟ أهو
الذي أطلقها
على نفسه أم
زوجته؟ أم أن
الله أوحى
بها إليه؟!
لذلك سنتخطى
الإجابة عن
هذه الأسئلة
تفاديا
للدخول في
متاهة: هل
اللغة من
إنتاج البشر
أم أنها من
وحي إلهي؟! وحين
الحديث عن
الأصل الإلهي
للغة، فإنما
قصدنا
الأسماء
الأولى التي
علمها الله
لآدم، قبل أن
يشتق من هذه
الأسماء
أفعالا
وأسماء أخرى
بعد احتكاكه
بالطبيعة
والتعرف على
أشياء جديدة.
ولنعد
إلى "آدم"،
إلى هذه
الكلمة
العريقة جدا.
آدم Adm حسب
نقوش رأس
الشمرة
الكنعانية ـ
كما سبق أن
رأينا ـ تعني
الناس. لكن
لماذا تسمية
الناس بهذا
الاسم؟
ولماذا لم
يتم إطلاق
التسمية على
باقي
المحلوقات
الإلهية
الجامدة منها
والحية؟
لأنه،
وبكل بساطة،
الإنسان هو
الكائن
الوحيد الذي
يرتبط وجوده
وتميزه بالـUdem=
الوجه.
و Udem يميزه
عن غيره من
الكائنات،
كما يميزه في
الآن نفسه عن
بقية بني
جنسه. في
الأمازيغية
Udem لا
يطلق إلا على
وجه الإنسان.
وتجريد
الإنسان عن
وجهه في
المسكوك
الأمازيغي:
Ur ghar s bu wudem: لا
وجه له، هو
بمثابة الزج
بالمستهدف في
حظيرة
الحيوانات،
وإنكار
آدميته
وإنسانيته...
والترجمة
التقريبية
للمسكوك
Figement إلى
العربية هو:
عديم الحشمة.
فالحشمة صفة
تقترن
بالإنسان دون
غيره، ولا
تطال البقية
من الكائنات
الحية، من
حيوانات
وحشرات...
والحشمة تظهر
أكثر ما تظهر
على الوجوه
Udmawen. أما
مصدرها فهو
العقل
الإنساني.
لذا نرى أن
الإنسان
الغير العاقل
Amsvudv تنقصه
هذه الموهبة
الإلهية، أو
تنعدم فيه
بشكل نهائي.
ومن الظاهر
للعموم أن
تصرفات
الأحمق تبدو
أكثر قربا من
تلك التي
تصدر عن
الحيوانات
رغم صورته
الآدمية. نستنتج
إذن أن العقل
مصدر الحشمة،
وأن الحشمة
تجد مكان
ظهورها
واستقرارها
على Udem. ومن
المسكوكات
الأمازيغية
ذات الصلة
بالموضوع: ـ
Itegg s wudmawen= يتعامل
بالانتقاء مع
الناس. ـ
Izzenz udem nnes= باع
وجهه، بمعنى
أن لا أخلاق
له مثله مثل
الحيوانات.
ولكلمة Ddem (الدم،
تجمع على
Idammen ) علاقة
حميمية بـUdem
وبالحشمة.
وعلاقة
الحشمة هي
الدماء التي
تتدفق على
وجه صاحبه/ها،
محولة إياه
إلى لون أحمر
يظهر للعيان.
بل الأكثر من
هذا، فانسياب
الدم في
الوجوه يعبر
وبصدق عن
مختلف
الأحاسيس
الإنسانية
الغير
المعتادة
كالغضب
والمرض، خاصة
منه الذي
ينتج عن
ارتفاع درجة
حرارة الجسم.
وما زالت إلى
حدود اللحظة
لغة الطفولة
بشمال
إفريقيا
تحتفظ لنا
بلفظة Diddi التي
تعني "الدم"
في كثير من
الاستعمالات.
هناك كلمة
أخرى قريبة
من Diddi وهي
Dayday وتعني:
الضرب. لكن
مهما يكن
فالضرب قد
يسبب الجرح،
وعلاقة الجرح
بالدم غير
خاف على أحد. ولغة
الطفولة هذه
كما يثبت بعض
الدارسين، هي
لغة تاريخية،
بمعنى أن
مفرداتها
تنتقل من دون
تقليد ولا
محاولة
للاختراع، من
جيل إلى جيل
على مدى
الأزمنة.
ويذكر اللغوي
الروماني
Varro (27 ـ 126 ق.م)
بعض كلمات
لغة الطفولة
عند اللاتين
وبعضها هي
الألفاظ
نفسها
المستعملة
اليوم
كما هو الشأن
لـBua (يشرب)
و Papa (طعام)تNina
(نوم)
(فهمي خشيم،
المرجع
السابق، صفحة
150). وهذه
الكلمات
المذكورة
كلها تستعمل
في
الأمازيغية
بشتى لهجاتها. فهل
كلمة آدم
Adam جاءت
من *Udem الأمازيغية،
والتي كانت
تفيد معنى
الوجه، قبل
أن يعمم
معناها
للدلالة على
الناس عندما
انتقلت إلى
لغات أخرى؟(1) قد
يكون هذا
ممكنا، وربما
منها انتقلت
إلى
الكنعانية
وإلى باقي
لغات العالم
عن طريق لفظة
"الديموقراطية"
المكونة من
مقطعين:
Demos= الشعب،
الناس، و
التي انتقلت
هي الأخرى من
Udem الأمازيغية؛
و Cratia= حكم. وقد
دخلت كلمة "ديمو"
أو Udem الكثير
من الألفاظ
الأخرى كـ:
Démographie وهو علم
قائم بذاته
يعني
الإحصائيات
الحيوية
الخاصة
بالولادة
والموت
والزواج (أي
بأحوال الناس)،
وترجم إلى
العربية: علم
السكان/الناس؛
وDemogorgon، وهو
كائن خرافي
غامض مخيف
عرف في
اللاتينية
المتأخرة كما
يقول معجم
Oxford. وتتكون
الكلمة من
شقين: Gorgon+demo. ويقول
المعجم نفسه
إن هذا
المقطع
الأخير ربما
جاء من أصل
شرقي. أظن
أن صاحب
المعجم، لو
كان على
دراية جد
يسيرة
بالأساطير
الأمازيغية
Tinfas، لتمكن
من معرفة أن
Gorgon ما
هو إلا Urgu
الأمازيغي.
وهو مذكر لـ
Turgu. والكلمة
ما زالت
تستخدم إلى
حدود اللحظة
في جل
المناطق
الأمازيغوفونية
على لسان
الجدات
والأمهات.
وترادف كلمة
Turgu في
اللغة
الأمازيغية
Tamzva. وأعتقد
أن هذه
الأخيرة
حديثة
الظهور، وهي
مشتقة من فعل
Amezv (قبض).
وسميت Turgu بـ
Tamzva لأنها،
حسب الحكايات
الشعبية،
تقوم بالقبض
والانقضاض
على الأطفال
الصغار، قبل
أن تشرع في
تناولهم
كوجبة مفضلة.
وعليه فإن
Demogorgon يعني
الإنسان
الغول أو
الآدمي الذي
تحول إلى غول(2). الهوامش:
1
ـ عندما أقول:
لغات أخرى،
فإنني لا
أخفي أن يكون
لبني آدم في
البداية لغة
واحدة
وموحدة، قبل
أن تنشطر إلى
لهجات متصلة
بها، ثم إلى
لغات مستقلة،
نتيجة
لاستقلال كل
جماعة عن
الأخرى لمدة
زمنية معينة. 2
ـ الغول Urgu كان
في الأصل
إنسانا في
الثقافة
الأمازيغية.
وتحكي لنا
بعض الروايات
أن رجلا من
Loars، وهو
دوار قريب من
Snada (إقليم
الحسيمة) رزق
بابنة.. فلما
كبرت وترعرعت
قليلا كلفها
أبوها برعي
الأغنام،
التي كانت في
ملكه. لكن
الأب الفلاح
تفطن وأدرك
يوما أن عدد
رؤوس أغنامه
بدأت في
النقصان.
فقرر في أحد
الأيام
مراقبة هذه
الابنة، حيث
اختبأ بجوار
المكان أو
المرعى الذي
تؤمه كل يوم
بمعية هذه
الأغنام.
فشاهد بأم
عينه ابنته
الصغيرة تذبح
بأسنانها
خرفانه قبل
أن تشرع في
أكلهم
والتهامهم
بنهم شديد.
آنذاك فكر في
التخلص منها
مخافة إيذاء
ذويه وبني
عشيرته،
فقادها إلى
مكان يسمى
Acradv على
مشارف سنادة،
حيث الأرض
قاحلة جرداء،
لا توجد فيها
إلا
الحيوانات
البرية.
وهناك عاشت
طوال حياتها
هذه الابنة
الغولة أو
هذه الادمية
الغولة،
تصطاد كل من
يقترب منها
من إنسان او
حيوان. *بتغيير
الصامت D بالصامت
T في
Adam أو
Udem، نحصل
على Awtem الذي
يفيد "الذكر" |
|