|
بعد
دسترة
الأمازيغية
بالجزائر: هل
ستصبح
الأمازيغية
لغة وطنية
ورسمية في
الدستور
المغربي؟
بقلم:
محمد بودهان كما
كان متوقعا،
أعلن الرئيس
الجزائري عبد
العزيز
بتفليقة يوم
12/3/2002 عن قرار
دسترة
الأمازيغية
كلغة وطنية.
فما هي
انعكاسات هذا
الحدث الهام
ـ الذي سكتت
عنه الصحافة
الوطنية بشكل
لافت للنظر ـ
على وضع
القضية
الأمازيغية
بالمغرب
وتطوراتها
المستقبلية؟ إن
المغرب
والجزائر
بلدان
تجمعهما
وتفرقهما
مفارقات يندر
أن نجد لها
مثيلا لدى
دول أخرى: 1
ـ أسس السلطة
بالبلدين،
رغم اختلاف
نظامي الحكم
بهما، عروبية
أشد ما يكون
الانتماء
للعروبة، لكن
شعبيهما
أمازيغيان
أشد ما يكون
الانتماء إلى
الأمازيغية. 2
ـ ورغم وحدة
الأسس
العروبية
لنظامي
الحكم، التي
كان ينبغي أن
تجعل منهما
نظامين
صديقين
ومتعاونين،
خصوصا في
مواجهة
الأمازيغية
التي تشكل
عدوا مشتركا
لهما، رغم كل
ذلك، فإن
النظامين
يعرفان، منذ
استقلال
الجزائر،
خلافات
وحزازات زاد
من حدتها
استرجاع
المغرب
لصحرائه
التي
كانت
تستعمرها
إسبانيا
سابقا. 3
ـ وهذا ما جعل
الأمازيغية،
رغم أنها عدو
مشترك لكلا
النظامين
العروبيين ـ
وهذا ما كان
يفترض أن
يكون هناك
تنسيق مشترك
لمواجهتها ـ،
تصبح موضوع
مساومات
ومزايدات
يوظفها أحد
النظامين ضد
الآخر
لإحراجه
والمزايدة
عليه وخلق
مزيد من
المشاكل له. وهكذا
نفهم لماذا
اتهم حكام
الجزائر
الحسن الثاني
رسميا بأنه كان له ضلع
في اندلاع
أحداث الربيع
الأمازيغي في
أواخر أبريل 1980(Salem
Chaker, “Berbères aujourd'hui”, Harmattan 1989, page p.98)
(وياله
من شرف كبير
للمغرب وملكه
لو ساهم فعلا
في قيام
انتفاضة
الربيع
الأمازيغي!).
بل لقد سبق
للحكام
الجزائريين
أن ذهبوا
أبعد من ذلك
عندما اتهموا
المغرب رسميا
كذلك بأنه هو
من ألقى
بالأسئلة عبر
الطائرات إلى
عناصر "بربرية"
في منطقة
القبائل في
ديسمبر 1978 بصدد
ما عرف آنذاك
بقضية رأس
سيگلي Cap Sigli (نفس
المرجع، صفحة
97). وليس
من المستبعد
أن يكون خطاب
الحسن الثاني
لعشرين غشت 1994،
الذي أعلن
فيه عن قرار
تدريس
الأمازيغية،
موجها، ليس
إلى
المغاربة، بل
إلى الحكام
الجزائريين
لإحراجهم
والمزايدة
عليهم وتجذير
مطالب الحركة
الأمازيغية
بالبلد
الشقيق. نقول
هذا لأن هذا
الخطاب لم
يكن له، على
مستوى تطبيق
ما جاء فيه،
أي صدى
بالمغرب، في
حين أن رد
الفعل
بالجزائر كان
هو إنشاء "المحافظة
السامية
للأمازيغية"
والشروع
عمليا في
تدريس
الأمازيغية. ولم
تمض على خطاب
محمد السادس
بأجدير،
والذي أعلن
فيه عن إنشاء
المعهد
الملكي
للأمازيغية،
سوى خمسة
أشهر حتى
أعلن الرئيس
بوتفليقة عن
قراره
بالتنصيص في
الدستور
الجزائري على
أن
الأمازيغية
لغة وطنية.
فماذا سيكون
الرد القادم
للمغرب على
هذا التطور
الهام للقضية
الأمازيغية
بالجزائر؟ هذا
التحليل لا
يعني أننا
نرجع كل ما
حققته الحركة
الأمازيغية
بالمغرب
والجزائر إلى
اضطرار
النظامين،
المعاديين
أصلا
للأمازيغية،
إلى
استعمالها
وتوظيفها
ليزايد بها
أحدهما على
الآخر. إن
تحليلا كهذا
سيكون ساذجا
ومبسطا بشكل
مضحك. ذلك أن
كل واحد يعرف
أن مكاسب
الحركة
الأمازيغية
بالبلدين هي
نتيجة نضال
مرير ومتواصل
خلف المئات
من الضحايا
كما في
الجزائر التي
اتخذت فيها
المطالبة
بالاعتراف
بالأمازيغية
أشكالا
نضالية
متقدمة أرهبت
الحاكمين
وأربكتهم.
لكن سنسقط في
نفس التبسيط
والتحليل
الساذج إذا
ألغينا
نهائيا
محاولة
النظامين
استغلال
التنازلات
التي يضطران،
تحت ضغط
الحركة
الأمازيغية،
لتقديمها
للأمازيغية
لإحراج الآخر
وتهييء
الأرضية
لمزيد من
الغضب
الأمازيغي
عنده. فهذا
يدخل في إطار
ظاهرة "المحاكاة
والمحاكاة
المضادة"
التي تفسر
الكثير من
الفعل ورد
الفعل بين
البلدين، هذه
الظاهرة التي
كشف عنها
وحللها
بعبقرية فذة
المرحوم محمد
باهي الذي
اغتاله
إخلاصه
للاتحاد
الاشتراكي. لنعد
إلى سؤالنا:
فماذا سيكون
الرد القادم
للمغرب على
هذا التطور
الهام للقضية
الأمازيغية
بالجزائر؟ عندما
أعلن محمد
السادس عن
إنشاء المعهد
الملكي
للأمازيغية،
كان واضحا أن
هذا الإنجاز
يتجاوز بكثير
مؤسسة
المحافظة
السامية
للأمازيغية
بالجزائر،
وحتى الطريقة
المشينة
والسيئة جدا
التي تقرر
بها منذ
سنوات تدريس
الأمازيغية
بالبلد
الشقيق. لكن
قرار
بوتفليقة
دسترة
الأمازيغية
كلغة وطنية
كان قرارا
يجبّ كل ما
سبقه من
قرارات لصالح
الأمازيغية،
سواء بالمغرب
أو بالجزائر.
وتكمن أهمية
هذا القرار
الأخير لحكام
الجزائر في
أنه قرار بدأ
من البداية ،
وليس من
النهاية أو
الوسط. ذلك أن
كل القرارات
السابقة، بما
فيها قرار
إنشاء العهد
الملكي
للأمازيغية،
كانت قرارات
تفتقر إلى
السند
الدستوري.
أما قرار
دسترة
الأمازيغية
فهو قرار
القرارات
ورأسها،
والذي كان
يجب أن يسبق،
منطقيا
وقانونيا، كل
القرارات
الأخرى لأن
الدستور هو
القانون
الأسمى
للدولة، ومنه
تستمد كل
القوانين
الأخرى سندها
ومشروعيتها.
وعندما
ينص
الدستور على
الأمازيغية،
فهذا يعني
أنها تتوفر
على أضمن
وأسمى حماية
لها، وهو ما
لا يمكن أن
يكون معه
تماطل في
تنفيذ
القرارات
الأخرى
المتعلقة
بتنمية
الأمازيغية
ورد الاعتبار
لها. فدسترة
الأمازيغية
عبارة عن شرط
واقف
للاستجابة
لكل المطالب
الأخرى. وهذا
الدور
الرئيسي
والأولي
لدسترة
الأمازيغية
هو ما جعل
الحركة
الأمازيغية
تضع دسترة
الأمازيغية
على رأس
لائحة
مطالبها. كيف
سيتعامل
الحكام
بالمغرب مع
هذا المعطى
الجديد، معطى
دسترة
الأمازيغية
بالجزائر؟
مما
لا شك فيه أن
هذا القرار
قد خلط
الأوراق على
مدبري الملف
الأمازيغي
بالمغرب،
خصوصا إذا
كانوا
يعتقدون، كما
راج ذلك في
حينه، أن
المعهد هو
أقصى ما يكمن
أن تقدمه
السلطة
للأمازيغية
والأمازيغيين.
بل يكاد أن
يجعل من هذا
المعهد شيئا
متجاوزا
ومتقادما حتى
قبل أن يبدأ
عمله. ولا شك
أن المغرب
سوف لن يلجأ
إلى التنصيص
في الدستور
على أن
الأمازيغية
لغة وطنية
حتى لا يظهر
أنه منساق
وراء محاكاة
الجزائر التي
سبقته إلى
ذلك، هذا
فضلا على أن
التنصيص
دستوريا على
أن
الأمازيغية
لغة وطنية،
إذ كان يضمن
لها حماية
قانونية
واعترافا
رسميا، فهو لا
يحمل أي
جديد، بل هو
مجرد وصف
لواقع قائم
وموجود منذ
آلاف السنين،
أي أن
الأمازيغية
كانت دائما،
ومنذ منذ فجر
التاريخ، لغة
وطنية بشمال
إفريقيا. لكن
من حسن حظ
المغرب أن
حكام الجزائر
اكتفوا
باعتبار
الأمازيغية
لغة وطنية
فقط وليست
رسمية، وإلا
لكان
انتصارهم على
المغرب، فيما
يخص موضوع
الأمازيغية،
انتصارا
ساحقا، ولكان
سبقهم عليه
تاما وكاملا
يصعب تداركه
أو تجاوزه.
إذن لم يبق
أمام المغرب
سوى أن ينص في
دستوره على
أن
الأمازيغية
لغة وطنية
ورسمية
لينتزع من
الجزائر
الرقم
القياسي الذي
في حوزتها،
فيما يخص
الاعتراف
الدستوري
بالأمازيغية. في
الحقيقة، لقد
خسر المغرب
الكثير بعدم
اعترافه
الرسمي
والدستوري
المبكر
بالانتماء
الأمازيغي
للمغرب. أول
ما خسره هو
دعم "الأشقاء"
العرب لقضية
وحدته
الوطنية لأن
إنشاء
جمهورية
عربية أخرى
إضافية لا
يتعارض مع
المنطق
والتفكير
العربيين.
لكن، لو ان
المغرب كان
معروفا في
هويته
وانتمائه
بأنه مملكة
امازيغية،
لما كان وجود
لمشكلة
الصحراء،
لأنه لن
يساند عاقل
إنشاء
جمهورية
عربية فوق
أرض
امازيغية،
وإلا لجاز
دعم قيام
جمهورية
أمازيغية فوق
التراب
السعودي مثلا.
لقد اعتقد
حكام المغرب،
تحت تأثير
الحركة
الوطنية، أن
اختيار
المغرب، ضدا
على التاريخ
والجغرافيا،
الانضمام إلى
الجامعة
العربية
بصفته دولة "عربية"،
سيربح بذلك
ود الدول
والعربية
وعطفها
ووقوفها
بجانبه. لكن
الذي حدث هو
العكس:
معاداة
الناصرية
والبعثية
للمغرب
وتحريض
المعارضة على
قلب نظام
الحكم، كما
لم يسبق له أن
استفاد من
ريع البرتول
العربي كبلد
شقيق. لكن لو
تميز المغرب
عن البلدان
العربية
كمملكة
أمازيغية،
لربح احترام
هذه الدول
العربية
نفسها كما هو
حال
أندونيسيا
وماليزيا
اللتين
تحظيان
باحترام
وتقدير الدول
العربية، بل
لاستفاد من
ريع البترول
العربي الذي
تساعد به دول
الخليج كثيرا
من الدول
الإسلامية
كباكستان
وأفغانستان
قبل أن تصبح
هذه الأخيرة "عربية"
مع ابن لادن
والأفغان
العرب. إن
القضية
الأمازيغية
لم تعد اليوم
محصورة في
المطالبة
بتعليم
الأمازيغية،
ولا حتى في
الاعتراف
الدستوري
بها، بل
أصبحت مسألة
تهم هوية
المغرب
وانتماءه،
وبالتالي
فالمطلوب ليس
فقط التنصيص
في الدستور
على أن
الأمازيغية
لغة وطنية
ورسمية، بل
التأكيد كذلك
في نص
الدستور،
وبكل وضوح
وفخر، على أن
المغرب بلد
أمازيغي في
انتمائه
وهويته. كما
يجب الاشتراط
مستقبلا في
الحكام وكبار
المسؤولين
إتقان
الأمازيغية
لتسند إليهم
المسؤوليات
العمومية.
|
|