|
فتتاحية: عندما
يصبح المال
أفتك
بالأمازيغية
من الخصاص والفقر بقلم:
محمد بودهان من
بين الأسلحة
الخفية، لكن
الفتاكة جدا،
التي كانت
تحارَب بها
الحركة
الأمازيغية
الناشئة، هو
الفقر
والتفقير
الذي يعاني
منهما العمل
الأمازيغي،
والأمازيغيون
بصفة عامة.
فالحركة
الأمازيغية،
بجمعياتها
وصحافتها
وأنشطتها
ومطالبها
ونضالاتها،
لا تستفيد من
أي تمويل أو
ميزانية
أو أي دعم
مادي من طرف
الدولة
وأحزابها
ومؤسساتها،
عكس كل
التنظيمات
المدنية
العروبية
الأخرى.
فأصبحت
السلطة
وأحزابها
تراهن على
الفقر كسلاح
فعال لمحاربة
الأمازيغية:
فالجمعيات
التي تتحمس
في بداية
تأسيسها
للعمل
الأمازيغي،
من أنشطة
ثقافية ونضال
مطلبي وتحسيس
شعبي بالقضية
الأمازيغية،
سرعان ما
يفتر حماسها
وتتراجع
أنشطتها
ويضعف نضالها
بسبب
افتقارها إلى
المال الذي
يتطلبه تنظيم
الأنشطة
وتوفير
المقرات وطبع
المنشورات...
كذلك تظهر
الجرائد
والمجلات
الأمازيغية،
ثم سرعان ما
تتعثر في
صدورها
وتتوقف ثم
تختفي نهائيا
لغياب أي دعم
مالي. وبسبب
الفقر أيضا
يهاجر سكان
القرى
الأمازيغيون
إلى المدن،
مما يعني
هجرانهم
للغتهم
الأمازيغية
بانتقالهم
إلى وسط معرب
يصبح فيه
أبناؤهم
الذين يولدون
بالمدينة
معربين
وجاهلين بلغة
آبائهم
وأجدادهم. لكن
مرت السنون
والعقود
والحركة
الأمازيغية
لم تزدد إلى
قوة وتقدما
إلى الأمام،
ولم تعرف
ضعفا أو
تراجعا إلى
الوراء رغم
الفقر الذي
يحاصرها. هذه
الوضعية
أربكت حسابات
كل من كان
يعتقد أن
الفقر سيتكفل
بإضعاف
الحركة
الأمازيغية
وإسكات صوتها.
لقد تبين أن
المراهنة على
الفقر لوقف
الزحف
الأمازيغي
مراهنة
خاسرة، بل
على العكس من
ذلك، أدى
تفقير الحركة
إلى تجذير
مطالبها
وإعطائها
مشروعية أكثر
ومصداقية
أكبر. يجب إذن
التفكير في
سلاح آخر
جديد مناسب
لقوة صمود
الحركة وشدة
مقاومتها.
ما
هو هذا
السلاح الآخر
الجديد؟
لماذا لا
يكون هو نقيض
الفقر، أي
إغراق الحركة
وإفساد
مناضليها
ومثقفيها
بالمال الذي
كان ينقصهم
دائما؟ فإذا
لم تقض على
عدوك بالجوع،
يمكنك أن
تقضي عليه
بالتخمة
والبطنة!
فالمال سيف
ذو حدين، قد
يحيي ويميت
حسب الغاية
التي يستعمل
من أجلها.. هذه
الاستراتيجية
الجديدة التي
تعتمد على
استعمال
المال، وليس
الفقر،
لمحاصرة
الأمازيغية
واحتوائها،
عهد بها إلى
مؤسسة BMCE لتجريبها
وتطبيقها.
وبما
أن الحرف
الذي ستكتب
وتدرس به
الأمازيغية
يحدد
مستقبلها
ويرهن
مصيرها، أي
يتحكم في
حياتها
وموتها، فقد
انحصرت مهمة
مؤسسة BMCE في
فرض الحرف
العربي، أي
الحرف
المخزني،
وترسيمه في
مدارسها.
وحتى تكتسب
عملية فرض
الحرف
المخزني
طابعا "علميا"،
لجأت المؤسسة
البنكية
إلى
استعمال
السلاح
الجديد الذي
هو المال.
فجندت "خبراء"
في الموضوع
كانوا
معروفين
بدفاعهم عن
الحرف الكوني
(الحرف
اللاتيني)
لكتابة
الأمازيغية،
لكن شيكات
BMCE حولتهم
من مدافعين
عن الحرف
اللاتيني إلى
مدافعين عن
الحرف
المخزني.
هكذا أصبح "المناضلون"
مجرد تقنيين
ـ حتى لا نقول
مرتزقة ـ
يقدمون
خدمات على
مقاس رغبات
مشغلهم
مقابل أجر
مهم. فلا مكان
للنضال ولا
للمبادئ ولا
لمصلحة
الأمازيغية
أمام إغراءات
المال، خصوصا
عندما يكون
هذا المال
كثيرا
والمستفيد
منه أستاذا
فقيرا. ينفذ "التقنيون"
المجندون ما
يطلبه منهم
صاحب المال
وما
يناسب أهدافه
ويخدم مصلحته
دون أي
اعتبار لما
تطلبه
الأمازيغية
ويناسبها
ويخدم
أهدافها
ومصلحتها. لكن
المقلق
والخطير في
هذا كله، هو
أن مؤسسة BMCE لا تعمل
لحسابها
الخاص، بل
لحساب
الوزارة
الوصية على
التعليم التي
كلفتها
باستعمال
مالها لفرض
الحرف
المخزني
وإعطائه
المصداقية "العلمية"
من خلال
تجنيد "علماء"
و"لسانيين" و"خبراء"
أمازيغيين،
ثم تفويته
بعد ذلك
جاهزا ومطهيا
إلى وزارة
التربية
لتطبقه
وتعممه، لكن
هذه المرة
بلا شيكات
ولا أموال.
وإذا ارتفعت
أصوات تحتج
على فرض
الحرف
المخزني
والبنكي، رُد
عليها بأن "خبراء"
و"مختصين"
أمازيغيين هم
الذين
اختاروا هذا
الحرف،
لأسباب "علمية"
وليس لأسباب
بنكية. لكن
إذا كانت
الأسباب
علمية وليست
بنكية،
فلماذا لم
تستشر
المؤسسة
صاحبة
المشروع
جمعيات
أمازيغية
ولسانيين
وعلماء
وخبراء
امازيغيين
آخرين
ليقولوا
رأيهم في
الموضوع
وبالمجان. بل
لقد كان
بإمكان
المؤسسة أن
تجد العشرات
من الباحثين
والمختصين
الأمازيغيين
الأكفاء
لتأطير مشروع
تدريس
الأمازيغية
دون أي مقابل
لأن تدريس
الأمازيغية
هي قضيتهم
التي يناضلون
من أجلها
دائما
وينفقون في
سبيلها مالهم
ووقتهم. لكن
BMCE اختارت
من سيختار ما
اختارته هي
تنفيذا لرغبة
أصحاب "الاستئناس". والمؤسف
أن هذه
العملية،
عملية النصب
على مصير
الأمازيغية،
نفذت بمنطقة
الريف لتصبح
جزءا من
ذاكرته
وتاريخه.
فكأن هناك
نية لتلويث
ذاكرة الريف
النظيفة
والطاهرة
بهذه النقطة
السوداء. إن
فرض الحرف
المخزني
والبنكي
لكتابة
وتدريس
الأمازيغية،
سيكون ـ نظرا
للأهمية
الخطيرة
والاستراتيجية
للحرف، والتي
عليها يتوقف
مستقبل
الأمازيغية
كله ـ ضربة
قاضية لها.
ولا يهم بعد
ذلك أن ينص
الدستور على
أن
الأمازيغية
لغة وطنية
ورسمية،
لأنها ستكون
مقصوصة
الجناح
ورهينة في يد
العربية.
وهكذا يكون
المال ـ
شيكات BMCE
ـ، وليس
الفقر، هو
الذي "هزم"
الأمازيغية. لو
أن BMCE
تريد
خيرا
للأمازيغية
حقا، لوظفت
ما خصصته من
مال
للأمازيغية
في مكانه
المناسب،
وبالشكل
المفيد
والمنتج، مثل
مساندة
الجمعيات
ودعم الصحافة
ومساعدة
الفنانين
وتشجيع
الكتاب
والشعراء
وطبع كتبهم
ودواوينهم...
بدل الإنفاق
بسخاء على
الحرف
المخزني
لتدمير
الأمازيغية
والرجوع بها
قرنين إلى
الوراء. إذا
عرفنا هذا
الدور الخطير
الذي يمكن أن
يلعبه المال
في الإساءة
إلى
الأمازيغية،
سنفهم لماذا
اشترط
الأستاذ محمد
شفيق أن لا
يتقاضى أي
أجر عن مهمته
كعميد للمعهد
الملكي
للثقافة
الأمازيغية.
ما هي دلالات
هذا الموقف
النبيل،
الشهم،
الوطني
والأمازيغي
الحق؟ إنه
يعني أن: ـ
المال قد
يكون خطيرا
على
الأمازيغية
إذا لم
يستعمل حيث
هي في حاجة
إليه. ـ
إن
الأمازيغية
قضية وطنية
لا يجب أن
تكون مصدرا
للارتزاق
والاغتناء.
ـ
من قضى حياته
يناضل من أجل
الأمازيغية
ينفق عليها
من ماله
ووقته، لا
يجب أن يتحول
نضاله إلى
عمل مؤدى عنه. ومن
الواضح أن
سلوك الأستاذ
محمد شفيق قد
أحرج الذين
ينتظرون أن
يغتنوا من
معهد الثقافة
الأمازيغية
مثلما اغتنوا
من BMCE. والذي
نخاف منه
أكثر ـ على
ذكر معهد
الأمازيغية ـ
هو أن لا يكون
مشروع BMCE
تحضيرا لما
ستنفذه
وتعممه فقط
وزارة
التربية
الوطنية فيما
يخص
الأمازيغية،
بل تهييئا
كذلك لما
سيطبقه ويعمل
به المعهد
الملكي
للثقافة
الأمازيغية.
لكن، رغم
تخوفنا هذا،
فإن أملنا
كبير في أن
المعهد سيصلح
ما أفسدته
BMCE وميثاق
التربية
والتكوين. |
|