من أسرار لغتنا الجميلة (الجزء 1)
بقلم:
JERBAS
إن الأمازيغية،
بروافدها المتعددة، تعتبر إحدى أقدم اللغات التي قاومت المد الحضاري
والاحتواء اللغوي من طرف لغات دخيلة (لاتينية، فينيقية، عربية...)،
وذلك رغم تداولها الشفوي في أغلب الحقب، مع بعض الاستثناءات في عصور
مختلفة منذ ظهور الكتابة حيث اخترع الأمازيغ أبجدية لغوية تدعى "تيفيناغ"،
وهو ما يعني وجود أدب أو مخطوطات مكتوبة تكون قد أتلفت، وتبقى النقوش
الحجرية والوشم على الجلد إحدى تجليات الكتابة في الأدب والتدوين
الأمازيغيين، دون أن ننسى كتابة الأمازيغية بالحروف العربية (الآرامية)
كما هو حال كتاب "الحوض" للأوزالي الذي حرر بالأمازيغية.
والأمازيغية في جوهرها
لغة حية تتضمن قواعد الصرف والنحو والاشتقاق والتركيب كباقي اللغات
العالمية. ويكمن استقراء هذه القواعد وسبر أغوارها انطلاقا من اللهجات
المحلية لكل منطقة من مناطق تامازغا الشاسعة. واللهجات الأمازيغية
يتناغم معجمها إلى درجة قد لا تتصور، أعني بذلك المصطلحات غير الدخيلة،
مع وجود اختلافات صوتية في المخارج الصوتية لبعض الحروف، شأنها شأن
باقي لغات البشر.
ويمكن حصر الحروف التي
تختلف مخارجها في الخطاطة التالية:
1 - K ® KV ® C ® X
ق
Ukan (S), Ukva (R), Uca (R), Uxa (R).
2 - G ® GV ® Y ® J ® GH
ق
Igenna (S), Igvenna (SE, J), Iyenna (MA), Ajenna (R). Oli yella g
Marrakec (SE)
ق
Oli yekka gh Marrakec (S).
3 - H
ق
Z (Chez les Touaregs)
ق
(Ihi ® Izi), Tazart (Tahart)
4 - GH ® X ® q = Ighef (tête) ®
Ixef , (Ad sghegh
ق
ad seq (إدغام
الغين في الغين).
5 - L ® R, DJ ® N
ق
Alum (Alim) ® Arum (Rum) R, Illef (MA) ® Idjef ®, Amuttel (MA) ®
Amutten (R).
6 6 - M ® N
ق
Tamimt (Tament), Imselmen ® Inselmen, Tawengimt ® Tawengint.
في المغرب الأقصى، لا
يمكننا الحديث عن لهجات أمازيغية، كل ما هناك أننا إذا انطلقنا من
الشمال إلى الجنوب (سوس) وجدنا ترابطا أو منطقة صلة وصل بين منطقة
وأخرى (تريفيت، تمازيغت/ تمازيغيت، تشلحيت). وهنا أشير إلى أن مناطق
آيت وراين، صنهاجة (سراير)، تارگيست، كتامة،
أوطاط
الحاج... هي مناطق تصل بين أمازيغية الريف وأمازيغية الأطلس المتوسط.
وهناك مناطق تصل بين أمازيغية الأطلس المتوسط وأمازيغية سوس هي:
أمازيغية الجنوب الشرقس، (آيت مرغاد، آيت عطّا) المحددة بمناطق القلعة
ن ئمگون، ئماسين، آيت سدارت، (ن ~يغير دوازاغار، توندوت، آيت حديدّو...
وهناك منطقة صلة من جهة مراكش حيث منطقة بزو، دمنات،... وهناك صلة وصل
من الجنوب الشرقي مع منطقة زاگورة (تاگنيت، بليدة...). من هنا يبدو
لأول وهلة صعوبة التواصل بين ساكني منطقة الريف (أقصى الشمال) ومنطقة
سوس (أقصى الجنوب). لكن هذا يتأتى لشخص
يمكنه
قطع مسافة بين مراكش (أوريكا مثلا) مرورا بأزيلال، بزو، تاهلة، تيزي
وسلي (الريف) إلى الناظور مثلا.. لمدة تقل عن بضعة أشهر، طبعا مشيا على
الأقدام، وذلك للوقوف على التحولات الصوتية وإغناء المعجم كلما انتقل
من منطقة إلى أخرى. وعندئذ لا يمكنه أن يعي بأن هناك ثلاث لهجات أو
أكثر... من هنا يتضح أنه لا وجود للهجات أمازيغية، وإذا ما أطلقت هذه
الصفة فيقصد بها قصور لهجة من هذه اللهجات عن امتلاك معجم أمازيغي
100% بسبب الدخيل اللغوي. وتستعين كل لهجة
(Tantala)
من هذه اللهجات بإحدى
شقيقاتها من أجل طرد الدخيل، كما يحدث أحيانا أن نجد مصطلحات مشتركة
بين الريف وسوس مع اندثارها في الأطلس (صلة الوصل بين الريف وسوس)، أو
نجد كلمات في أمازيغية الحسيمة والقبايل الجزائرية مع انعدامها في
أمازيغية الناظور، إذ تشبه هذه الظاهرة اللغوية ظاهرة جيولوجية حيث
يشطر الوادي منطقتين متجانستين وتظهر نفس الصخور الرسوبية في كلتا
الضفتين مع انعدامها في الوادي الجارف. مثال:
الحسيمة
الناظور القبايل (ظاهرة أفقية)
Gurser(1) (champignon) Aghrum n
tbaghla Gursel
Aghrum n tbaghla
الشب (دحيلة)
Azvarif
Azvarif
الريف
الأطلس المتوسط سوس (ظاهرة عمودية)
أضو
Advu
أزوُو
Advu
(ئملا
ـ ئمرا)
Issenoet Imla
Imra
أضو
Advu:
الريح (K, R, S)،
وتنتحل صفة مرض
(الشرگي) عند آيت كبدان (إقليم الناظور). ويطلق آيت الناظور "أصميض"
Asemmidv
على الريح. وفي الأطلس
المتوسط نسمع: ixub wadvu
inew (خاب
املي)، Iqqim i wadvu nnes
(جلس
وحيدا). ويستعمل أيضا
Kkigh advu nnes
أي شممت رائحته.
والريح
والرائحة غازان... ومنها فعل:
Ikdvu،
أو Icdvu
أي "شم". و "أضو"
Advu
مشتقة م
ن فعل:
Idvwa، Ittvaw (يطير).
ثاينيت
Taynit:
مصدر من فعل:
Yannay
بمعنى "رأى" (MA, S).
ونسمع
في الأطلس Tannayt،
وهي مرادفة
لفعل Izvra،
مصدرها
Izvri،
ونسمع في الريف Ur izvri,
ur inniy (ماشاف
ما را) و Yannay = Inniy؛
ونسمع كثيرا في الريف:
Yarra taynit
أي لاحظ وانتبه... أو
اعتنى. ونسمع كذلك
Ixezzvar
التي تبدو دخيلة
كمرادفة لـ: شاهد. وفي شرق الأطلس الكبير، نسمع: ئشكْسُو
Isseksw،
أي "شاهد"
(Iraoa) (R, MA)؛
Ismaqqel, ur ismuqqel (S) Smuqqel (S).
وفي الريف مثل يقول:
Tmughri g waman war ttarri fad
و
Tmughli
مصدر بفعل
Iqqel (نظر
إكبدانن) و (انتظر
عند آيت
الأطلس ألمّاس). وهناك فعل
Itwala (K, R)،
أي "يرى"، ومنه اشتقت:
Allen (العين)،
Tittvawin = Tiwallin.
ومنها أيضا:
Ar italla = Itru.
وهناك أيضا:
Ismittiw ¬ Tittvawin ¬ Imettvawen
لها نفس الاشتقاق، أي
اشتقت من جذر Titv.
Irgel: Iqqen (S, MA, R)
وتعني: أغلق،
فنسمع: Rgel tawwurt.
وقد
تنطق أيضا Irjel
أو
Iryel.
وفي الريف نسمع عند آيت تمسمان:
Yajer tawwart
و
Yajer = Yarjel.
ونسمع أيضا
Ibelleo, ibellej, izarreq
التي تبدو دخيلة في
الأمازيغية. ومصدر Irgel
هو:
Argal ،
وهناك اسم أداة اشتق
من فعل Irgel
هو:
Asergul
الذي يطلق على العارضة
الخشبية التي تستعمل كحائل دون فتح الباب، وتسمى
Tameoratv.
وهناك أيضا:
Irugal،
مفردها
Aragul،
وتعني
Articulation
في الريف. ويسمى
المفصل هكذا لأنه يشد أجزاء الأطراف (رجلين، يدين..) بعضها ببعض. كما
أن المصطلح Irgel
يطلق كاسم على
نوع من الأشجار الغابوية الموجودة في الريف تعرف بـ
Tuzzalt, tuzzatc
لها فوائد صحية كثيرة
يستعملها الأهالي لعلاج داء المعدة (أمازيغية صنهاجة سراير).
Irdel: (S, MA)
وتعني هدم، وتنطق في
الريف: Yarder ® Yader،
وهي
مرادفة لـ: Issehnunni،
وقد
تنطق أيضا Yareddej،
بمعنى:
هدّم وبعثر Yareddej
taddart.
ونسمع في الأطلس
Amerdul
وتعني: المكان المندرس،
وتطلق على: الخلاء ةالفيافي.
Tasuta: (S, SE) "الجيل"
وتجمع على Tisutiwin،
أما في
الريف فنسمع: Tuta yyidva
أي جيل
اليوم، وتجمع على Tutiwin.
ومن
العبارات أيضا في الريف:
Tuta zdat n tuta
أي جيل وراء جيل،
ويقصد بها: لكل جيل خصوصياته.
Idda: (S, MA)،
مضارعها:
Ar iteddu،
مصدرها
Tawada.
وعند آيت القبايل
Ilhu, iddu
و
Yuggur، Yudjur
في الأوراس وعند آيت
مزاب، وكذلك في الريف، أو
Ifta
في سوس و Ifittu
في الريف: أي
ذهب مسرعا. ويوجد في الريف أثر لفعل
Idda في:
Amedduker
المكونة من
Ameddu + Akar؛
Ameddu
اسم فاعل من فعل
Idda،
أما Akar = Acar = Akal
فتطلق
على الأرض Terre
أو التراب
Sol.
وهكذا تصبح Amedduker
تعني
حرفيا: الماشي معك على الأرص، واصطلاحا: مرافقك وعشيرك. كما نلمس أثرا
لهذا الجذر في: Taduggat،
Tadeggût(2)
و
Tameddit
وتعنيان: "الرواح"، من
فعل "راح" Idda
وتطلقان بالريف
والأطلس وسوس والقبايل على "المساء" لأن الرواح يكون مساء. وعلى شاكلة
Taduggat (S,MA,R)، Tameddit (R, K)،
نجد مصدرين آخرين لهما
نفس الوزن وهما Tudert (R,
S, MA)، Tameddurt (R, K)،
وتطلق
Tudert
على "الحياة" و Tameddurt
على
"المعيشة"
وأحيانا "طريقة
الطبخ". والمصدران مشتقان من فعل
Idder
أي "حيي". وقد يطلق البعض
Taduggat
على الليل الذي يسمى
Idv أو
Gidv في
أغلب المناطق، وجمعها:
Idvan،
أو قد يستعمل كمرادف للنهار في الريف وسكال الأطلس المتوسط حيث نسمع: ~يضا،
أي هذا اليوم، أو Ifrax
yyidva
أي "ولاد اليوما" التي ترجمت حرفيا عن الأمازيغية مع الاحتفاظ باسم
الإشارة A ،Lyum a, idv a،
وتعني
مجازا: جيل هذا العصر. كما يوجد
Idv في
الكلمات المركبة كـ
Idvnatv.
الهوامش:
R
مكان تداولها الريف،
S سوس،
MA
الأطلس المتوسط، SE
الجنوب الشرقي
(أمازيغية آيت عطّا وآيت مرغاد، آيت يافلمان)،
K
القبايل.
1
ـ Gursel:
أورد لها الأستاذ محمد
سغوان (أستاذ بكلية الآداب بتطوان) اسم
Yurser،
وقد يكون الاسم حاضرا
في إحدى بوادي لإقليم الناظور. انظر
Tamazight،
العدد 61.
2
ـ قد ينطقها البعض خطأ:
Taduggart
ظانا أن الراء أصلية
وأنها تحذف في الريف، والصحيح هو
Taduggat
من فعل
Idda، Da yteddu .
وأحيانا تدغم التاء في
الدال وتصبح: Ddugat
وهو اسم
مؤنث أدغمت تاؤه في الدال كما هو الحال في:
Idvwa ¬ Tdvawa ¬ Ddawa
لأن التاء والدال من
الحروف الأسنانية اللثوية.
جرباس، أدرار ن صاغرو،
ورزازات، دي 1996.