|
|
بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لرحيل لوناس معتوب سيمـيولوجيا الإرهاب الإسلاموي في جريمة اختطاف لوناس بقلم: عبدالله زارو (أكادير)
رحل عنا لوناس معتوب وبقي صوته مجلجلا وصيته مدويا. رحل عنا لوناس معتوب وترك بصماته الشعرية والغنائية إلى الأبد في السجل الفني الكوني الراقي. رحل عنا لوناس وترك الجزائر الجريحة تتداعى عليها الأطماع من كل صنف ورغبات التدجين والتهجين من كل رهط كما يتداعى الذباب على قصعة موبوءة متفسخة... لكن صوته الصادح كان ولا زال يعلو على كل تلك الأصوات المبحوحة والمشروخة، الآثمة والمغرضة وفوق كل ذلك المدفوعة الثمن... رحل لوناس عن رفاق دربه من أنصار وحماة الإنسية الكونية والديمقراطية الراشدة والعلمانية المستنيرة والأمازيغية الجسورة... وترك مكانه، مكانا بقدر الفراغ المهول وبقدر الشرخ الهائل في نسيج واللثمة الفادحة في أديم.. وعيون لوناس ترقبهم من كل مكان وفي كل زاوية لترى إن كانوا بشيء من مستواه الفني ورقيه الإنساني وجرأته الأسطورية في الصدح بالحقائق... في وقت قال عنه علم آخر من ضحايا الهمجية الطاهر جاوط: إن تكلمت قتلت وإن سكتت قتلت فتكلم ومت. رحل لوناس وما رحل خياله وأفكاره النافذة وأنغامه الشجية وصوته الجهوري. يستنهض فينا جميعا همة التصدي للامعقول والعبث والرعونة التي تتدثر بها النزعات القومية الظالمة والضيقة والرؤى الدينية التبسيطية والساذجة بقدر ما هي قاتلة ومجرمة... أنا شخصيا، في كل مكان أجد صدى (أصداء ) من الصدق تتردد هنا وهناك من حواراته الصحفية حول الجزائر والأمازيغية والعلمانية والإسلام المتبدون للوهابيين والخوارج الجدد... أجدها تتردد في مواقفه من قدسية الحريات الفردية وما يجب أن يكون عليه وضع المرأة والجهوية والدولة الفيدرالية والمشكلة اللغوية وما يصلح وما لا يصلح في الارتباطات الدولية والأحلاف الإقليمية... لكن أحيانا أتساءل هكذا وبكل بساطة: هل نستحق معتوب لوناس؟ هل يستحقه أمازيغيونا الذين ركن "مناضلوهم" إلى الكراسي الرسمية الوثيرة، هل يستحقه "علمانيونا" الذين لا زالوا يتلعثمون كلما طلب منهم الدفاع بصوت عال لا تردد فيه ولا وجل عن هذه القيمة الإنسانية؟ هل يستحقه "ديمقراطيونا" الذين قزموا هذه القيمة الإنسانية فصارت مجرد دكاكين انتخابية ومزايدات لفظية وكراسي معبودة؟ وحاشا أن آتي هنا على ذكر هـــذه الأنظمة التي لا زالت غـــارقة في دوغمائيتها اللاهوتية وسباتها السياسي ولا على ذكر هؤلاء الإسلاميين المتبدونين الذين حاشا أن يرتقوا حتى إلى عتبة مناقشة هذه الأفكار... هل نستحق معتوب فعلا؟ قد يكون أخطأ مكان ولادته ومجال نضاله حتى وإن كنت أدرك أن لا معنى لهذه المفردات في سياق التاريخ والذاكرة... معتوب، صراحة أيها الإخوة كان منذورا لأن يكون وهجا متوهجا ومنارة مضيئة في تلك الفترات الممهدة للتحولات الكبرى في التاريخ كالفترة الممهدة لعصر النهضة الأروبية أو لعصر الأنوار... فقد سبق معتوب بشخصه وفكره ورؤاه بسنوات ضوئية كل هذه الرداءة المحيطة بنا إن على مستوى النخب أو على مستوى الحشود. رداءة تذكر بحكمة من حكم نيتشه الخالدة والقائلة: أسوء أنواع الأزمنة عندما يكون الرعاع فوق والرعاع تحت. لكن وعلى غرار الأنبياء المغدورين قبل أداء مهامهم لن يدرك هؤلاء وأولئك كم كانوا متخلفين عن ركب الرواد وكم خذلوا من كان يستنهض فيهم الروح الشفيفة والوعي الوقاد والهمة المتوثبة... الحق أن دم لوناس تفرق بين القبائل. قبيلة الجيش (قبيلة الغنيمة) وقبيلة الإسلاميين البرابرة (قبيلة العقيدة) وقبيلة القبايل (آيت حمودة وخليدة التومي والشنوي وشركائهم من أمازيغيي الخدمة). أولئك المتعاونون الأزليون مع العدو الغادر والغريب المتربص... لكن من ممن يحترم نفسه اليوم يذكر ولو مجرد ذكر كل هذه الحثالات..؟ وحده الاسم المبجل يملأ المكان ويتردد بالزمان ويتبدى بالأفق وغيره بالمستنقعات الآسنة والراكدة يراوح. وقد ارتأينا في ذكرى مرور اثنا عشر سنة على وفاة هذه المعلمة تكريم ذكراه وروحه بجولة في سيمياء الإرهاب كما عاشها في تجربة اختطافه. سيمياء تظل هي هي اليوم كما بالأمس والغد اعتمادا على ترجمتنا قبل سنوات لكتابه المتمرد. 1ـ الرسائل المجهولة: “لا يمر يوم لا أتوصل فيه برسائل مجهولة المصدر. تحمل في طياتها عبارات شديدة اللهجة تعتبرني شخصيا المسؤول الأول عن كل الشرور. كفروني واستحلوا دمي واستعجلوا موتي. كنت في زعمهم عنصرا خطيرا لا على القبايل وحدها بل على البلد برمته". 2 ـ سلاح بث الفزع: 2-1: الاقتحام:" اقتحمت مجموعة أبواب الحانة بعنف وداهمت المكان وكانت مكونة من خمسة عشر رجلا. انطلق الصياح والصراخ وعم الفزع المكان كله. وأثناء ذلك لا أحد كان يقوى على الحركة، مجرد حــركة بسيطة بل ولا على التنفس". 2-2: الصلاة قبالة لوناس المختطف: "أتذكر ذلك اليوم الذي أصابني فيه فزع شديد لأن الإرهابيين قرروا الصلاة جماعة قبالتي... قلــت لنفسي: ما معنى هذا؟ صلاتهم أمامي لا تحتمل إلا معنى واحدا: استعدادهم لقتلي. استفسرتهم عن ذلك. أكدوا لي بأنني غير مستهدف ولم أقتنع بكلامهم. وهذه الطريقة في الإذلال كثيرا ما يلجأون إليها ". 3ـ عقدة الحانة: 3-1: اختطاف في الحانة: "بينما أصابعي تلتف حول الكأس إذا بضجيج مدو يصلنا من مدخل الحانة. اقتحمت الأبواب بعنف شديد وداهمتنا مجموعة مكونة من خمسة عشر رجلا... " 3-2: نهب الحانة: من هنا مر التتار "بينما كان الآخرون يجمعون بطائق الهوية من زبناء الحانة ليمزقوها فيما بعد ويخربون كل ما وقع تحت أيديهم قبل أن يسطوا على صندوق النقود ويكسروا قنينات المشروب وينهبوا الأغذية المخزنة. قاموا بكل ذلك بدقة متناهية وتركوا خلفهم الحانة خاوية على عروشها". " وهم يتهيأون للخروج ومعهم رهينة، أقسموا بأغلظ الأيمان بأن أعمالهم هذه ستستمر طالما بقيت حانة واحدة تقدم الخمور لزبائنها. كان هذا هو إنذارهم الأخير لصاحب الحانة وتوعدوه بالموت في المرة المقبلة. أما الزبائن فسيعاقبونهم بالجلد حسب فهمهم للشريعة". 4ـ المزايدة الدينية: 4-1: المزايدة بالشهادتين: "اقترب مني إرهابي رابع، علمت فيما بعد أن اسمه الحركي أو الحربي هو حمزة. وقال لي: إذا كنت قاب قوسين أو أدنى من الموت فهل ستنطق بالشهادتين؟" 4-2: الوصاية على الشريعة: " أما الزبائن (زبائن الحانات ) فيعاقبهم الإرهابيون بالجلد حسب فهمهم للشريعة ". 4-3: لازمة عدو الله: "في اليوم الثالث، شاهدت أميرا آخر وصل لتوه. إنه أمير الولاية ومسؤول الجماعة الإسلامية في الإقليم. خيم صمت مطبق بوصوله. أخذ الكلمة متوجها إلي: أنت هو عدو الله؟! " حاكموني وحكموا علي بالموت واستمروا في توبيخي على مضمون أغنياتي وعلى التزامي واعتبروني كافرا وعدوا لله." 4-4: الضلال والهداية: القبايل في ضلال مبين " بسبب أغانيك، غرقت القبايل في ضلال مبين وأنت من يتحمل وزر ذلك." " هدف الجماعة الإسلامية المسلحة لا غبار عليه. إنه فرض الجمهورية الإسلامية على الجزائر بكل الوسائل بما فيها منطقة القبايل. القبايل التي هي معقل المقاومة عليها أن تعود عاجلا إلى طريق الهداية. فمنذ سنتين، والقبايل في زعمهم سادرة في الضلال المبين." - معتوب المسؤول الأول عن الضلال: "عند انطلاق محاكمتي، طلب مني أن أعلن هويتي على غرار ما يحدث في المحاكمات. بعد ذلك، سألوني إن كنت مستعدا للاعتراف بأنني المسؤول رقم 1 عن الضلال الذي تتخبط فيه القبايل." " إن أشخاصا مثلي، في زعمهم، مسؤولون عن الانحلال الخلقي بالقبايل." " عندما قلنا لطفل في إحدى قرى القبايل مازحين: بالله عليك أقبل إلينا! بقي الطفل جامدا في مكانه وأجابنا: لا، لن أقبل. وعندما أردف أحدنا أي أحد الإرهابيين قائلا: باسم معتوب، أقبل. إذا بالطفل يندفع بسرعة نحوهم وهو يقول: إذا كان لأجل معتوب فسآتي حالا!" " شعبيتي الكاسحة تخيفهم كثيرا." " إن الجمهور الذي يحبني ويتبعني ويستمع إلى أغنياتي يبتعد في زعمهم عن طريق الله." 5-4: التطاول على النبي: "لم يفاجئني منطوق الحكم. لكن طمعا لا شك في مراعاتي، تم النطق به في عبارات مبهمة تترك المجال للتأويل: قيل لي في المنطوق بأنه مبدئيا محكوم علي بالموت لأنني تطاولت على شخص الرسول. " 6-4: تهمة نفي العروبة والإسلام: "آخذوا علي تصريحي لقناة آرتي بعبارة كفيلة لوحدها بأن يهدروا دمي وهي: لست عربيا ولا ملزما بأن أكون مسلما." 7-4: منفذو القصاص: "أكدوا لي بأنهم ليسوا قتلة بل منفذي القصاص أي يقتلون من يستحق القتل. " 5ـ وسواس القتل والموت: 5-1 : الموت المرغوب: "يتحدث الأمير باستمرار عن الموت بلغة رقيقة وعذبة. والجنة على لسانه أنهار من عسل وحليب وسكر. أما الموت في سبيل الله فهي إيذان بالاستمتاع بكل هذه النعم." "على هذه الأرض، شغل واحد يجب أن يملأ على المؤمن كل وقته: الموت في سبيل الله وما عدا ذلك فحرام. المتع في هذه الحياة الدنيا حرام وفي الجنة حلال والطريق إلى الجنة هو الموت." "يحرص الأمير على إثارة خيالهم في اتجاه تحبيب الموت إلى نفوسهم." "عندما أيقن الأمير بأن عميروش سيسلم الروح بعد مواجهة دامية مع عناصر الدرك، لم يتوقف عن ترديد هذه الكلمات على أسماع الهالك: طوبى لك، حري بك أن تكون سعيدا. لا تحزن، إنك تقترب من الله زلفى. بعد قليل ســتلتحق بالملكوت الأعلــــى وكل ما تمنيته في حياتك ستراه بأم العين... منذ الآن، تنبعث رائحة الجنة من جسدك، رائحة مسك لا توصف، إنك تقترب من جنة الفردوس. سترى، النساء جميلات هنالك. بقطرة واحدة من لعابهن تجري بحار وبحار من العطر والطيب. " "يعتقدون أن كل من قتل منهم في الجهاد ضد الكفار تفتح أبواب الجنة في وجهه وفي وجه سبعين نفرا من عائلته وأهله. والمصير نفسه ينتظر التائب، الجنة مآله مهما عظمت ذنوبه وكثرت معاصيه. " "يخصصون حيزا كبيرا من وقتهم للصلاة التي يحرصون على أدائها بإتقان. وأثناء قيامهم بها لا يكفون عن البكاء. يجب ذرف دموع غزيرة في صلواتهم كدليل على أن المؤمن بلغ أعلى درجات الإيمان وأنه عاقد العزم على الموت: الموت الذي ينتظرونه بفارغ الصبر. " "من بين الإرهابيين الذين اختطفوني شخص يدعى محمد وهو شاب جزائري قح... اختار العمل السري وكذب على أبيه بأن قال له بأنني ذاهب إلى إسبانيا. والصحيح أنه قرر الالتحاق بالإرهابيين في الجبل. محمد هذا كان يستعجل الموت أسوة بزملائه ولم يعد يرقب ولا يترقب إلا الموت. " 5-2: نشوة القتل: " توقعت منهم الاستماع إلى خطابات كبيرة ومشيدة ومتماسكة. لكن لم أسمع إلا شبه أفكار، في الحقيقة أفكار ساذجة وبسيطة. توقعت جلسات مطولة يرأسها المسؤول السياسي للجماعة. لا شيء من هذا حدث! كلمة واحدة تتردد وتتردد على ألسنتهم: القتل والموت." " يذكرون اغتيالاتهم للأجانب بزهو وفخر سواء كان ضحاياها من الفرنسيين أو من جنسيات أخرى. يقولون: قتلنا طاغوتا، ماذا كان يفعل بالجزائر كلما أضافوا ضحية أخرى لقائمة قتلاهم. لم يستثنوا أي جنسية من فتوى القتل عدا الأمريكيين الذين امتثلوا لتعليمات حكوماتهم فغادروا الجزائر. " "كل الوسائل صالحة للدفع بالناس إلى القتل. إلا أن سعادتهم القصوى تتحقق عندما يقتلون عناصر الأمن. " "قال الإرهابي للدركي: هيا سلم نفسك، سلم نفسك! أطلق الدركي رشاشه وهو يتخبط في دمائه فاستولى عليه الأمير ثم أفرغ ما تبقى فيه من رصاص على جسده مبتدئا بالساقين صاعدا في اتجاه الرأس. قال الراوي: تحت زخات الرصاص الكثيفة، انتفخت جثة الدركي حتى غدت شبيهة بكرة وهي تتخبط في حمام من الدم. قالها ونبرات صوته تشي بأنه أشفى غليله: إنه طاغوت، إنه عدو الله وقد قتلناه ! " "وكم انتشوا بإضافة ضحية أخرى، طاغوت آخر إلى لائحة قتلاهم عندما اغتالوا أستاذ علم الاجتماع رابح استامبولي بجامعة تيزي أوزو علما بأنه رجل ديمقراطي ومناضل ومقاوم فذ." "قتل، قتل، هذه الكلمة ترددت كثيرا على سمعي وكدت أجن من كثرة سماعها. " " حاكموني وحكموا علي بالموت، بالقتل. " 6ـ التسخير أو التوظيف: 6-1: استعمال رمزية ووزن لوناس: " يسجلون في آلة التسجيل كل ما أتفوه به لأجل "اظهار الحقيقة" في زعمهم لأنني أتمتع بشعبية كاسحة والشعب سيصدق كل ما أقوله." "سرعان ما أخذت محاكمتي من قبل الإرهابيين منحى سياسيا. طلبوا مني مخاطبة سكان القبايل. أحسست بأنه لم يعد يهمهم كثيرا انتزاع اعترافات مني بقدر ما يهمهم استعمالي كأداة للتضليل. أرادوا أن يجعلوا مني الناطق باسمهم. " "توجهت بخطاب مسجل إلى الحركة الثقافية الأمازيغية تحت التهديد قائلا: يجب على الحركة أن تتخلى عن الانتماءات السياسية وتتفرغ للدفاع عن اللغة الأمازيغية وأن دورها ليس هو الكفاح ضد التطرف الديني. ووعدت، دائما تحت التهديد، في شريط يحتفظون به بالتوقف عن الغناء بدعوى أنه حرام." "آن الأوان لإصلاح الوضع، ويجب علي حسب الإرهابيين المساهمة في ذلك بأن أكون رسولهم إلى القبايليين وأشرح لهم قناعات وأهداف الإرهابيين 6-2: استغلال المساجد: "لما تعالت الأصوات بالمساجد منددة بنظام الحكم كانوا هم المستمعين. بدت لهم الأمور بسيطة للغاية فساروا خلف المنادي الذي استغل ضعفهم الفكري وتخبطهم الاجتماعي في عملية استقطابهم. واليوم، ها هم يعتصمون بالجبال والأدغال. " 7ـ الشركاء الذهبيون: 7-1: الفساد المعمم: "فالمسؤول عن كل هذا هو نظام الحكم. فأغلب هؤلاء الأغرار اليافعين بؤساء ومقصيون وضحايا نظام لم ينجح أبدا في إدماجهم، نظام قائم على الفساد والعجز والتبذير." 7-2: التعريب المتنطع: "فرض علينا بومدين سياسة التعريب التي تجعلني أموت من شدة الغيظ. وأؤكد اليوم أن هذا التعريب حطم مستقبلي ومستقبل العديد من أبناء جيلي... بدأت الجزائر في التدحرج نحو قاع الجحيم مع هذا القرار بالضبط، قرار التعريب. فما نحصده اليوم زرعناه بالأمس." "كان الجيل الذي أنتمي إليه متألقا وواعدا. لكن سياسة التعريب حطمته وضربته في مقتل وحدت من طموحاته وهاكم النتائج: الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي هي بنت شرعية لهذه السياسة التعليمية التعريبية التي انطلقت من المدرسة مرتدية حلة الشرعية. لقد فرشنا أمامها البساط الأحمر، فلم لا تستفيد؟" "التعريب أخرج إلى الوجود ما نراه اليوم في كل مكان، أقصد مجتمعا فاقدا للبوصلة وضائعا في هويته. "7-3: الإقصاء الشامل: أ – الإقصاء الفكري والمهني: "المستوى الفكري لهؤلاء الإرهابيين محدود جدا، ضحل. كان مصير بعضهم سيكون هو الشارع بدون عمل وفي معظم الحالات بدون مهنة ولا تكوين حقيقي". ب – الإقصاء الاقتصادي: "أغلب الإرهابيين ينحدرون من أوساط فقيرة. " ج – الأمية الإنجابية: "وهم أبناء لعائلات كثيرة الأنفس. قال لي أحدهم: لي خمسة أشقاء انضموا كلهم إلى صفوف المجاهدين. أحدهم ازداد عام 1970، والآخرون أتوا تباعا 1972 و1973 و1974و1975. وحكم على واحد منهم بعشر سنوات سجنا نافذة واثنان قتلا في مواجهة مع الدرك بآيت يني والآخران لا زالا يقاتلان في صفوف الجماعة الإسلامية المسلحة. وببساطة متناهية أخبرني بأن له أخوين آخرين في بداية شبابهما وأردف قائلا: عندما يكبران قليلا، تكفي ركلة واحدة ليقوما ويلتحقا بالمجاهدين في الأدغال." 7-4: الاحباط: حالة بطل الجيدو العالمي " في اليوم الثالث من الاختطاف، ظهر شاب بالمعسكر لي سابق معرفة به.. كان ظهوره عزاء لي. كنت أعرفه جيدا، إنه رياضي كبير في لعبة الجيدو. كان بطلا لإفريقيا مرتين ويحتل المرتبة السادسة أو السابعة عالميا. زارني عدة مرات ونام عندنا في البيت... لكن ما إن بدأ في الحديث معي حتى اكتشفت تغيرا في نبرة صوته بالنسبة لما كنت أعرفه عنه. فارقته صديقا ووجدته من رجال العصابات. واثق من أفعاله ومصمم العزم على طريق جهاده. وقعت علي أقواله كالصاعقة، قال: عندما يتطاول أيا كان على الدين فالقتل جزاؤه ولو كان أبي... صار واثقا من نفسه وقاسيا جدا." والسبب هو ما يلي: "حصول رياضيين أقل منه شأنا على شقق وبقع أرضية صالحة للبناء أو محلات تجارية بمباركة السلطات المحلية. أما هو فلم يجد شقة للكراء إلا في شملال وهي إحدى معاقل الإسلاميين. ذات مساء، قام رجال الدرك بتفتيش بيته وأخذوه من سريره وقيدوه ثم اصطحبوه معهم. استسمحهم قبل اعتقاله بالتحدث إلى زوجته الحامل فرفضوا طلبه. أصاب الرعب زوجته فوقع منها الحمل. وعندما أفرجوا عنه، التحق بالإرهابيين في الأدغال." تلكم كانت قراء سيميولوجية لمفاتيح الإرهاب الديني تمكن لا محالة من فهمه معرفيا وسوسيولوجيا وسياسيا كما اكتشفناها في كتاب هذا المتمرد العابر للأزمنة والأمكنة. متمرد ثائر فقد فيه أحرار الشمال الإفريقي دعامة مؤكدة وشرفاء العالم مرجعا لا غنى عنه. وقد خصه وأمثاله [إرنيست جنجر] بهذه العبارات في كتاب المتمرد: فسواء في لحظات كرم أو تطير، تجد هذه الطينة من بني البشر يترفعون على الحسابات الفردية الضيقة ولا تقبل أفعالهم التصنيف داخل خانات أخلاقية صغيرة. فهي تحتوي على مقادير هائلة من التجرد وفي شخصياتهم بعد أرستقراطي لا غبار عليه يؤكد امتلاكهم لناصية الحرية ". وكل هذه الخصال تجعل صغار العقول وضعاف النفوس وعموم الباحثين عن الأمان المؤسساتي لا تطيق هذه الكائنات المتمردة وأضرابها. ثم هل نحن في حاجة إلى التذكير بأن التمرد ثورة دائمة حتى على الثورة نفسها إن هي انحرفت عن مقاصدها وأن الثورة تمرد مؤقت سرعان ما ينتهي إلى الامتتالية والرغبة في التدجين فتكون سببا في ظهور متمردين جدد ينفخون فيها الحياة من جديد؟ Zarou abdallah (adam_agadir@yahoo.fr)
|
|