|
|
الإعلام الإلكتروني الأمازيغي مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية (05/08) بقلم: سعيد بلغربي ـ المواقع الإلكترونية الأمازيغية بين الوظيفتين الإخبارية والتوثيقية: يشكل الإخبار وإيصال المعلومة الجديدة في زمن قياسي سريع، وأرشفتها في شكل ملفات وصفحات مبوبة لتكون في متناول الزائر الأمازيغي رهان هذه المواقع. لكن نظرا لغياب وجود مصادر إخبارية يومية، وضعف حركية المشهد الأمازيغي، حاولت مجموعة من المواقع أن تكون مصدرا لتوثيق الفعل والحدث الأمازيغي عبر نشر البيانات والوثائق الأمازيغية والتقارير المتعددة المهتمة باللغة والتاريخ... لهذا، فأحيانا يلمس المتتبع لحركة هذه المواقع غياب تحديث المواضيع الجديدة، مع العلم أن الإنترنيت أكثر سرعة في نقل ونشر الخبر وتداوله. ويظل نشر وتناول الحدث والخبر الأمازيغي بشكل بطيء، راجعا بالأساس إلى عوامل موضوعية تتعلق بالفضاء العام للإعلام الأمازيغي ككل، والذي لا زال يعاني من الخصاص، ويعمل في إطار الهواية والتطوع، أو يمارس غالبا كفعل نضالي دون المرور إلى أن يصبح فعلا مهنيا محترفا. ـ التقليد والابتكار في المواقع الإلكترونية الإعلامية الأمازيغية: الممارسة الإلكترونية الإعلامية الأمازيغية لا تزال تعيش في فضاء من المعيقات المادية والموضوعية التي تعرقل تطورها بشكل قوي، لتواكب التغيرات التقنية وتحديات العولمة وثورة التكنولوجيا الإعلامية، من أجل تحقيق ما عبر عنها مانويل كاسطيلس ب"المجتمع الشبكي"، فيما عبر عنها آخرون ب"مجتمعات المعرفة" أو ب "مجتمعات الذكاء العالي" أو بما سواها من التعبيرات(1). إلا أن الممارسة الإلكترونية الإعلامية الأمازيغية تبقى كتجربة فتية تتحسن بشكل ملحوظ عبر تكاثر المواقع والصفحات الإلكترونية، وتعدد المواضيع والمواد المنشورة، وظهور مواقع وبوابات افتراضية متخصصة في مجالات متعددة، ومن أجل تصويب طريق المشروع الإعلامي الأمازيغي، يجب الوقوف عند ظاهرة التقليد وما مدى حضور عقلية ابتكارية إلكترونية لدى الأمازيغ. إن الحديث عن ظاهرة التقليد في عالم الإنترنيت الذي أصبح خيمة صغيرة عبر ظهور مواقع البحث العالمية والتي تقدم خدمات مجانية ومتطورة كموقعي غوغل (2) وياهو (3)... التي تستطيع رصد أية سرقة أو تقليد إلكتروني مكتوب. تبقى المواقع الإلكترونية الأمازيغية في حاجة إلى التخلص من التقليد والبحث عن أساليب ابتكارية لتحديث مواضيعها، وإستراتيجية عملها المعتمدة على الاختراع والإبداع، من أجل تفادي الروتين الإلكتروني الذي يجعل من بعضها نسخا وصفحات متشابهة لأخرى، في تقارب مواضيعها المنشورة وبنيتها الشكلية والتقنية غير المواكبة للحدث ولتطلعات الزائر الأمازيغي، والتي تفتقد غالبا لأية منهجية إديولوجية تتوخى إيصال رسالة أو فكرة ما. لهذا يجب التفكير في العمل على خلق أوراش رقمية للنقاش والرصد والتحليل والمساهمة في ابتكار وتطوير برامج وتقنيات لها علاقة بالأمازيغية لغة وثقافة وهوية... وتحتاج المواقع الأمازيغية إلى ثقافة إبداعية لإبراز وجودها في الساحة الإعلامية الإلكترونية العالمية، لكي لا تكون فضاءات غير مرغوب فيها، لنشرها لمواد وأخبار منقولة لا يتم تجديدها وتحديثها ولا تتلاءم والبيئة الأمازيغية، والتي تحتاج إلى أن تكون مجالا لإثبات العبقرية الأمازيغية في مجال الاختراع وتطوير الإعلام الرقمي، والعمل على بروز استعداداته للتعامل بمهارة مع التقنيات والبرامج الحديثة، والمساهمة في تطوير معرفته المعلوماتية وطاقاته التقنية والفنية، لكي يصبح فيها الطرف الأمازيغي منتجا عوض أن يكون مستهلكا. ـ الإعلام الإلكتروني الأمازيغي وإشكالية اللغة:في ظل غياب لغة إعلامية أمازيغية أكاديمية موحدة ومنظمة ومستعملة في المناطق الأمازيغوفونية على شكل معاجم ودروس متخصصة، وانعدام معاهد لدراسات الإعلام والصحافة إلى جانب غياب مواد دراسية ديتاكتيكية وبيداغوجية تلقن للطلبة والدارسين في جميع المستويات الدراسية مادة الإعلام الأمازيغي، أضف إلى ذلك المعيقات التي تعيشها اللغة الأمازيغية كلغة غير معترف بها دستوريا في دول شمال إفريقيا) باستثناء الجزائر التي اعترفت بها كلغة وطنية(، وغياب البحث الأكاديمي والتطور المعجمي وإدراج هذه اللغة في مجمل الحياة العامة، تبقى المواقع الإلكترونية الأمازيغية تعتمد في خطابها على لغات أجنبية لإيصال رسالتها الإعلامية والفكرية والنضالية، مع بعض الاستثناءات كنموذج موقع إميورا كتاب نت(4) بالجزائر، والذي يعمل على نشر كل مواده تقريبا باللغة الأمازيغية، ومن الملاحظ أن هذه اللغة المستعملة في هذه المواقع غالبا ما تفتقد إلى الشروط اللسنية المتفق عليها دوليا. ومن المعلوم أن اللغة الأمازيغية تتوفر على حروف خاصة بها (تيفيناغ والحروف اللاتينية) وهي عبارة عن أشكال وحروف هندسية تحتوي على مجموعة من الأيقونات تتمثل في نقط وحركات متميزة تحتاج إلى برامج إلكترونية خاصة، لأقلمتها وتوظيفها في برامج تشغيل الوينداوز، وهذا ما يؤدي إلى غياب تمكن غالبية المتصفحين من استيعاب مضامين النصوص المكتوبة بالأمازيغية، وذلك في حالة عدم توفر أجهزة الحاسوب على هذه البرامج الخطية، وهي غالبا نصوص تتعلق بالثقافة والإبداع. وتبقى اللغات التي يتقنها الأمازيغ كالفرنسية (نموذج موقع أمازيغ القبائل (5) والعربية (نموذج موقع تاوالت((6) والإنكليزية (نموذج موقع أكراو) (7) والهولاندية (نموذج موقع تاويزا) (8) والإسبانية (نموذج موقع إمازيغين بالجزر الكانارية) (9)... كما أن هناك مواقع أمازيغية تجمع بين أكثر من لغة كأداة لإيصال الخبر والمقالة الأمازيغية. والنصوص الأمازيغية المنشورة بدورها تفتقد إلى المعيارية المتفق عليها دوليا في الكتابة بالحرف اللاتيني أو الأمازيغي تيفيناغ، لهذا، فهذه الفضاءات لا يمكن تعريفها بالمواقع الأمازيغية لكونها تستعمل لغة أمازيغية، وإنما لدورها التواصلي من أجل تبليغ الوعي الأمازيغي وإيصال الخبر الذي يحدث في المناطق الأمازيغية، أو يكون موضوعها الأساسي الإنسان الأمازيغي أو طرفا فيه، سواء كان في مجاله الجغرافي أو تعداه. لهذا ما زالت الأمازيغية كلغة إعلامية إلكترونية في طريق البروز والنمو، بمجهودات شخصية وجماعية يبذلها عدد من المهتمين بالمجال الإعلامي. وذلك بالعمل على فتح الباب وتشجيع كل الخطوات المهمة في ميدان إنتاج وتطوير لغة أمازيغية إعلامية قائمة بذاتها قادرة على إيصال المحتويات الثقافية والإخبارية المتعددة، من أجل خلق منتوج إعلامي أمازيغي متطور ينافس هيمنة اللغات والإديولوجيات الإعلامية التي تسيرها الدولة أو الخواص على حساب المنتوج الإعلامي الأمازيغي. لكي يقتصر في الأخير استعمال اللغات الأجنبية في هذه المواقع على دور ثانوي يتمثل في إيصال المنتوج الإعلامي الأمازيغي للآخرين الناطقين باللغات الأخرى، أو القيام بدور الترجمة للعمل الأمازيغي الأصلي من أجل خلق خدمة إعلامية عالمية يستفيد منها المتصفح الملم باللغات المتداولة عالميا... ـ الخبر الأمازيغي بين المصادر وإشكالية التحرير والتعليق: يعتبر الخبر مصدرا أساسيا لإغناء الساحة الإعلامية الرقمية أو المكتوبة أو المسموعة أو المرئية... فهو العنصر الأول والأساسي من أجل خلق ديناميكية وحركية إعلامية وإخبارية كيفما كانت وفي أي مؤسسة إعلامية كيفما كان نوعها وطريقتها التواصلية، إلا أن الوصول إلى الخبر داخل المجتمع الأمازيغي والمؤسسات العمومية المؤطرة لهذا المجتمع، ونقصد هنا الأخبار الرسمية التي تتحكم فيها الأجهزة الإدارية البيروقراطية نظرا للعقلية السائدة في دوائر القرار السياسي بدول شمال إفريقيا، بالتحفظ عن تسريب المعلومة إلى العموم، لهذا فالخبر الأكثر تداولا في الإعلام الإلكتروني الأمازيغي هو الذي يكون المجتمع المدني مصدرا وصانعا له، كالأحداث الاجتماعية والرياضية والثقافية والفنية...، أما الأحداث الأمنية أو التي تحدث بشكل مفاجئ، والتي تكون المؤسسات الحكومية السباقة إلى معرفتها كالمحاكم وأجهزة الأمن والمراكز الطبية ومراكز الإسعافات... وهذا راجع بالأساس إلى احتكار السلطة للخبر، بحيث تعمل على احتكار المعلومات التي يراد لها التعتيم، أو تبثها للعموم بعد صياغتها بوسائلها الخاصة والتي غالبا ما تتم في دهاليز تعمل على تمويه الرأي العام المحلي أو الدولي، ليكون الخبر في الأخير وسيلة لخدمة الدولة وأجهزتها. لهذا أصبح من الصعب الحديث عن ديناميكية الإعلام الأمازيغي بسبب عدم سهولة الوصول إلى الخبر في وقت حدوثه، ويبقى الحديث عن الإعلام الإخباري الإلكتروني الأمازيغي أنه دون المستوى المطلوب، نظرا لغياب مصادر الخبر الموثوق بها، وعدم قدرة هذه المواقع الإلكترونية على المواكبة اليومية لخلق تغطيات شاملة للأحداث، باستثناء اجتهادات ذاتية تعتمد على متعاونين أو مراسلين هواة يعتمدون في مصادرهم الإخبارية على القصاصات والروايات الشعبية، كما أن هناك مصادر شبه رسمية تعمل على إيصال الخبر إلى هذه المواقع، لتصبح بشكل أو بآخر هذه الأخيرة بوقا من أبواقها. إضافة إلى غياب ثقافة إعلامية إلكترونية لدى الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين وبشكل عام العاملين في مراكز القرار، لتبقى هذه المواقع غير متمكنة من الإحاطة الشاملة أو الجزئية بالمستجد الإخباري من المنطقة أو الجهة التي تشتغل عليها. لهذا فالإعلام الإلكتروني الأمازيغي لا يزال يعيش في حالة من الاضطراب الزمني والمكاني نتيجة لأزمة الإعلام التقليدي الأمازيغي بصفة عامة، مما يؤثر سلبا على هذه التجربة الفتية. كما لا يمكن فصل إشكالية الإعلام الأمازيغي بكل أصنافه عن المعيقات القانونية والمساطر الإدارية المعقدة والعقلية السياسية المحافظة المقيدة لحرية الإعلام والرافضة للتحولات الجذرية التي يساهم فيها الإعلام الحر والمستقل، بالإضافة إلى غياب الدعم المالي والوسائل العملية والتقنية والبشرية الضرورية من أجل تنمية المنتوج الإعلامي الأمازيغي لكي ينافس المنتوجات الإعلامية الأخرى. (يتبع) (سعيد بلغربيAmazigh31@hotmail.com)ـ المراجع والإحالات : 1)ـ يحيى اليحياوي، موقع المؤلف على شبكة الإنترنيت: www.elyahyaoui.org 2)ـ www.google.com 3)ـwww.yahoo.com 4)ـwww.imyura.cm 5)ـ www.kabyle.com 6)ـ www.tawalt.com 7)ـ www.agraw.com 8)ـ www.tawiza.nl
|
|