|
|
احتفالات 1200 سنة: تكريس الهيمنة الفاسية والنزعة العروبية الأمازيغوفوبية بقلم: فكري الأزراق (العروي) لا حديث هذه الأيام في «أجمل بلد في العالم» إلا عن الاحتفال بذكرى 1200 سنة على تأسيس مدينة فاس، التي خصصت لها مبالغ مالية ضخمة – من أموال الشعب طبعا - على اعتبار أن مدينة فاس هي مدينة أثرية وتاريخية وهي العاصمة الأولى للمغرب و..و..، حسب أقاويل النخب الفاسية التي لا زالت تستولي على أهم المواقع الحساسة داخل دواليب الدولة، وكأن حضارة المغرب لم تبدأ إلا بعد تأسيس مدينة فاس وكأننا نحن معشر الأمازيغ لم يكن لنا وجود على هذه الأرض – ثــامزغا- ، مع العلم أن حضارة المغرب )مراكش( ضاربة بجذورها في عمق التاريخ وتمتد إلى عصور ما قبل الإسلام، أنظر: محمد شفيق «لمحة عن 33 قرنا من تاريخ الأمازيغ».( فلماذا هذا الاحتفال إذن؟ لماذا يحتفل الشعب المغربي بفاس من دون المدن الأخرى العريقة كطنجيس )طنجة حاليا( أومدينة النكور)سد محمد بن عبد الكريم الخطابي بالحسيمة حاليا( أو بمدينة رباط الفتح أو مراكش ......الخ؟ وما هي أهداف هذا الاحتفال؟ إن النخب الفاسية الحاكمة حاليا في مغرب «العهد الجديد» ومغرب «المنهجية الديمقراطية» ومغرب «الجهوية الموسعة» و...وغيرها من الشعارات الزائفة، تعمل كل ما في جهدها لأجل استرجاع رمزيتها وسيطرتها الروحية والوجدانية على ضمائر هذا الشعب المغلوب على أمره بعد أن دخلت على الخط نخب أخرى تنافسها هيمنتها وسيطرتها على خيرات هذه البلاد، تستعمل هذه النخب بعدة طرق ووسائل كـ: «بركة مولاي ادريس الأول» مثلا كما نقرأ ذلك في كتاب «ابتهاج القلوب في أخبار المجذوب» للشيخ عبد الرحمان الفاسي )إن مولاي إدريس – وهو في قبره طبعا- ضرب زيدان برجله لما أطلق السبيل في أهل فاس ضربة صيرته وراء وادي العبيد( وأيضا ما نقرأه في كتاب «زهر الآس» لعبد الكبير الكتاني وكتاب «عندما يصبح المغرب إسلاميا « لنيكولا بو ...الخ وتأمل عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة هذا المقطع الذي أخذته من كتاب «زمن المحلات» لكاتبه «لويس أرنو» )ووقفوا أمام الملك يطالبونه بالوزارة الأولى، وبطرد وزيره الأول باحماد، بل ويطالبونه بأن يسلمه لهم ليحاكموه فأرسل إليهم مولاي الحسن وزير تشريفاته ليخطب فيهم: «لقد اقترفتم ضد المخزن وضد سيدنا أخطاء كثيرة وإني أرى من بينكم حتى خدام المخزن وشرفاء مولاي إدريس، ورغم ذلك تمردتم وحقت معاقبتكم فغضب الفاسيون وأعلنوا التمرد وعينوا قائد السيبة الحاج أحمد الرايس الذي انتخبوه). وللإشارة فمولاي الحسن المذكور في القطعة أعلاه هو «الملك الحسن الأول» واليوم، بعد أن أصبح للنخب الفاسية منافسون في مناصبها ورمزيتها، خاصة مع تصاعد نضال الحركة الأمازيغية واتساع رقعة الوعي الإيديولوجي والسياسي لدى الشعب المغربي ومحاولة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية كسب الرهانات المستقبلية )العدالة والتنمية الذي احتل المرتبة الثانية في الانتخابات الأخيرة)، وتصاعد المعارضة داخل قبة البرلمان...الخ، ولتدارك الموقف والحفاظ على طعم الشباكية الفاسية في المائدة المخزنية صار البحث عن طريقة إنقاذ الموقف هو الشاغل الأكبر للنخب الفاسية فاخترعت «خرافة 1200 سنة» للتمويه على الشعب المغربي بتاريخ الفاسيين العريق وببطولاتهم وعلمائهم وأدبائهم و..و كأن المغاربة لا يتوفرون على أي شيء من دون فاس. وهذا كله لتخدير الشعب ومحاولة السيطرة على عقله في اتجاه خدمة اللوبيات الفاسية المخزنية المعروفة بانتهازيتها ووصوليتها وعدائها للأمازيغية لغة وثقافة وتاريخا وحضارة لها امتداد تاريخي عريق، كما أن النخب الفاسية المخزنية تستغل الفرصة للتشويش على الحركة الأمازيغية وبالتالي محاصرة ما هو محاصر أصلا، بمعنى أن هذه الاحتفالات ما هي في الحقيقة إلا استمرار وامتداد لأسطورة «الظهير البربري» الذي حاول به أصحابه آنذاك شيطنة الأمازيغية وتحويلها إلى دخيلة وغريبة وعاملة لصالح المستعمر رغم أن الأمازيغ هم من حملوا السلاح لتحرير البلاد وطرد المستعمر في الوقت الذي كان فيه رجال الحركة الوطنية يدبجون قصائد مدح إلى المقيم العام الفرنسي، وشغلهم الشاغل هو تعليم أبنائهم في دول المستعمر وذلك استعدادا لشغل أحسن المناصب غداة سطوع شمس الحرية والاستقلال )أنظر «أوهام الظهير البربري: السياق والتداعيات» لعبد المطلب الزيزاوي أو «الظهير البربري أكبر أكذوبة سياسية في تاريخ المغرب المعاصر» لمحمد منيب( إلا أنه، وفي هذا الصدد، وجبت الإشارة إلى أمر يتصل بهذا الاحتفال ومفاده أن استمرار السيطرة على خيرات وثروات البلاد، وعلى أفضل المناصب داخل دواليب الدولة المخزنية العروبية لن تعمر كثيرا بعدما تعالت أصوات تطالب بفصل الدين عن الدولة وبعلمانية الدستور، ولم يكن أمام الحاكمين من حل سوى التفكير في إنقاذ الموقف وضخ دماء جديدة في عروق المعارضين ومحاولة السيطرة عن تفكيرهم عن طريق استعمال الدين والتاريخ والتراث...الخ. وهذا كله لخدمة اللوبيات الفاسية لأجل أن يعيش المغاربة عقودا طويلة من الزمن مستقبلا وهم رهائن في يد الفاسيين.إن هذه المقالة لا تسعى إلى التشكيك في دعاة 1200 سنة والاحتفال بتاريخهم – وهذا من حقهم طبعا- ونتمنى لهم كل التوفيق لأننا نحن معشر بني مازيغ ندين بالحب والحرية، فهما عقيدتنا وملتنا الراسخة والصالحة لكل زمان ومكان، كما أنني لا أسوق هنا لخطاب مثبط للعزائم والهمم لكن هذا لا يمنع من الدعوة إلى التوقف مليا عند بعض الأمور مع إحسان الإصغاء لها، ووضعها في سياقاتها الصحيحة دون اندفاع ولا عاطفة. فثمة أمور يجب وضعها تحت مجهر المجريات السوسيوثقافية قصد قياس درجة حرارتها ومدى تأثيرها السلبي أو الايجابي. صحيح أن هناك قانونا شهيرا في الدراسات النفسية يؤكد على أنه لا توجد جماعة بشرية يمكن أن يتفق أفرادها جميعا على موقف فكري واحد، بيد أن هذا النوع من القوانين يسري فقط على المجتمعات التي تخطت عتبة الوصاية والحجر، وكسرت منطق الولاءات المصطنعة وأعلنت تحررها وأسست تعاقدا مبنيا على الاختلاف والتعدد. أما مجتمعات درجة «الصفر» والتي تشتغل وفق المبدأ الأسطوري والديني والتي لا تزال تستظل باللاهوت وعقلية القطيع من قبيل: «أمة واحدة – دين واحد- وطن واحد – زعيم واحد...- « كما يفعل أصحابنا الأندلسيون الفاسيون الذين يريدون أن يصبح المغرب فاسيا حكومة ومؤسسات وهوية وتاريخا وحضارة مع الإقصاء القسري لكل المكونات الأخرى... (فكري الأزراق/ العروي ـ www.fikrielazrak.tkـ fikri-87@hotmail.com )
|
|