|
|
رسالة إلى العظماء الفرنصيص بقلم: مبارك بلقاسم أيها العظماء الفرنصيص، بمناسبة الاحتفال بذكرى تأسيس فاس عاصمة عروبة مغربنا العربي العظيم، أكتب إليكم والحال غير الحال. أكتب إليكم ونحن كما تروننا في حال بؤس وضنك. فقد كثرت فينا المصائب وأعمل الدهر فينا النوائب كطعنات الخناجر بل أفظع! رجالنا عاطلون وأبناؤنا ضائعون يحلمون بالعبور الذي لا عبور بعده. والقلاقل لا تلبث أن تخمد في مكان من وطننا العزيز حتى تفلت في مكان آخر. وإنه لخطأ عظيم ذلك الذي ارتكبتموه أيها الفرنصيص.. يا أعظم شعب في العالم! ذلك الخطأ هو رحيلكم عن هذه البلاد التعيسة التي لا يستقيم أمرها إلا بكم. وتركتم الأرض بعد أن أزهرت وأينعت فلم تلبث أن ذبلت وجفت. ورغم ابتعادكم عنا وفراقكم لنا لم نرد عليكم إلا بالوفاء للعشرة والاشتياق للوصال. فلغتكم الفرنصيصية يرطن بها كبارنا ويغني بها صغارنا ويدردش بها شبابنا وشاباتنا. لغتكم الفرنصيصية العظيمة هي لغة أصحاب المال وأصحاب الأعمال وأصحاب الحال. لغتكم الفرنصاوية الشريفة هي لغة المخزن الشريف في مدارسه البئيسة وجامعاته التعيسة وإداراته المظلمة وتلفزاته الفارغة. فمثقفونا وصحفيونا وكتابنا وسياسيونا لا يبرحون أبدا عن الإشارة بالقول والبنان لعظمة بلدكم وحضارتكم وقوانينكم وجامعاتكم ومدارسكم وتلفزتكم وصحافتكم وأفلامكم وأدبكم وشعركم، جاعلين من كل ذلك المثل الأعلى الذي لا يعلى عليه. إننا لا نعرف غير لغتكم وثقافتكم حق المعرفة ولا نريد غيرها أبدا. ومما لا شك فيه أنه قد نما إلى علم جنابكم الشريف، أن شرذمة من البربر المفسدين ممن يسمون أنفسهم الأمازيغ، قد طلعت علينا مطالبة بتمزيغ هذه الأمة وتمزيقها وفصلها عن عالمها العربي الأصغر وعالمها الفرنصيصي الشريف الأعظم. وهم ينادون فيما ينادون به بالاعتراف برطانتهم البربرية، التي يسمونها لغة أمازيغية، كلغة شريفة رسمية في الدستور تزاحم العربية الشريفة. ولم يكتفوا بذلك بل تمادوا فنادوا بالاعتراف بتلك الرطانة البربرية لغة تعليم وإعلام وقضاء وتعامل في كل مؤسسات الدولة لتزاحم اللغة الفرنصيصية في مجالها الطبيعي الحيوي، تمهيدا لإزاحتها وطردها من البلاد. ويريد هؤلاء البربر أن تكون خربشات رعاتهم حروفا تزاحم حروفكم الفرنصيصية المجيدة وحروفنا العربية الشريفة. ولا يخفى عن حضرتكم خطورة هؤلاء البرابرة على مكانة ثقافتكم الفرنصيصية الرفيعة في بلدكم الثاني المغرب. فهم يستحضرون التاريخ القديم وينبشون في قصص البربر القدماء بني مازيغ سكان المغرب الأولين الذين صدوا أجدادكم الرومان وطردوهم من هذه البلاد مثلما طردوا أجدادنا الأمويين. كما أن البربر حاليا يريدون نشر لغتهم وتقاليدهم وفكرهم بشكل منافس يزاحم فكركم الفرنصيصي العظيم المجيد وفكرنا العربي العريق العتيق. وإنهم ينكرون أصلهم اليمني العربي السعيد ويصرون على نسب أصولهم إلى مجاهل أفريقيا الزنجية. إلا أن أخطر ما يتقول به هؤلاء البربر هو تكذيبهم لتاريخ الحماية الفرنصيصية العظيمة للمغرب. فهؤلاء البربر يعتبرونها احتلالا واستعمارا وليس حماية. ويزعمون أن فرنسا قتلت منهم مئات الآلاف وسرقت أراضيهم وخربت عيشهم ونهبت ثرواتهم وضيقت على استعمال لسانهم البربري. وزعموا فيما زعموا أن الحماية الفرنصيصية العظيمة قد قربت إليها نخبة من «أهل فاس» و»أهل الرباط وسلا» الشرفاء وخصتهم بالنعم والرضا مقابل تعاونهم، واستبعدت سواد البربر واستعبدتهم في أعمال الأرض والفلاحة. وبلغ من جرأة هؤلاء البربر أنهم كذبوا مسألة «الظهير البربري» وأثاروا النقاش والجدال الشعبي حول مدى صحة ما نقوله بشأنها، وهو موضوع محرج لنا ولكم لا نريد إثارته، بل نريد دفنه ونسيانه لمصلحتكم ومصلحتنا. ومن أدهى ما قام به هؤلاء البربر هو أن قاموا بربط بربريتهم بمسألة حقوق الإنسان وراسلوا في ذلك منظمة الأمم المتحدة التي وبختنا شر توبيخ في جينيف على عدم اعترافنا بلغة البربر لغة رسمية. وإنكم لتعلمون أنه بهذا فإن المسألة قد بلغت جدية لا جدال فيها تستدعي تضافر جهودنا في الحد من هذا الخطر البربري المبين.إلا أن أخطر شيء يمكن أن يحدث على الإطلاق هو أن يتحد بربر المغرب والجزائر وليبيا وتونس وموريتانيا ومالي والنيجر في مشروعهم البربري وفي وعيهم السياسي واللغوي. وإذا حدثت مثل هذه الوحدة فإن مصالحكم ومصالحنا ستكون على كف عفريت بل أسوأ. يجب أن نسعى إلى عزل المجموعات البربرية عن بعضها البعض ومنعها من التواصل بلهجاتها البربرية فيما بينها والتضييق على التبادل الثقافي والفني فيما بين البربر. يجب أن نحملهم على تبني لغتكم الفرنصيصية كلغة علم واقتصاد وفكر ولغتنا العربية كلغة دين وثقافة وتراث. أيها العظماء الفرنصيص، إننا إذ نلفت انتباهكم الثمين إلى هذه القضية المبينة لنحن موقنون بحسن فهمكم لأقوالنا وحسن تقديركم لأحوالنا. إننا نهيب بكم أن تتجاهلوا دعوات هؤلاء البربر وتستمروا في التحالف الكامل معنا لأن ماضيكم ومستقبلكم مضمون معنا ولأن مصالحنا في هذه البلاد واحدة. وإن المغرب العظيم يزخر بالخير العميم الذي ينتظر عقولكم النيرة ونيتنا الحسنة وسواعد البربر القوية. إن نيتنا الصادقة الصالحة هي أن نبقى دائما تحت مظلتكم وداخل عباءتكم نحتمي بكم من غدر العديان وننهل من ثقافتكم المجيدة ونتعلم لغتكم العظيمة ونتعاون مع دولتكم العتيدة. وبه وجب الإفهام، والسلام، فاس، طربوش بن أبي طربوش
|
|