|
|
الأمازيغ في رحلة البحث عن الذات بقلم: محمد مسطاج (تكفاريناس)، كلية الحقوق، أكادير إذا أردت أن تلغي شعبا ما تبدأ بشل ذاكرته التاريخية. ثم تلغي ثقافته وتاريخه، وتجعله يتبنى ثقافة أخرى غير ثقافته، وتخترع له تاريخا آخر غير تاريخه وتجعله يتبناه ويردده... عندئذ ينسى هذا الشعب من هو؟ وماذا كان؟ وبالتالي ينساه العالم... صدق هوبل ولم يأت ببهتان لكن الخطأ الوحيد الذي أرتكبه أنه أعطى السبيل لمن سولت لهم أنفسهم العبث بثقافة الآخرين وتزوير تاريخهم. الشعب الأمازيغي مثال حي لضحايا قولة هوبل، وضحية الاحتلال العروبي، ونموذج للشعوب التي تبنت تاريخا لا يمت لها بصلة. لا يمكن أن ننسى الأيام التي كنا نخرج إبانها إلى الشارع ونحن نردد شعار "فلسطين عربية"، كنا حقا مستلبين إلى حد كبير والحمد لله أننا عدنا إلى رشدنا. المستعمر العربي لم يجد صعوبة كبيرة في إقناعنا بكوننا شعبا عربي الهوية واللغة والتاريخ، وقد نجح في إلغائنا لمدة لا يستهان بها... ونجح في حياكة نسيجنا الفكري من خيوط البلادة والخنوع... جعلنا نلعن أولئك "البرابرة" الذين وقفوا في وجه "بطلنا المقدام الشجاع عقبة الذي جاء فاتحا بلادهم"، جعلنا نلعن أنفسنا بأنفسنا، جعلنا غرباء في بلادنا حتى أن أحدا ما إن تطأ قدمه أرض الريف أو الأطلس أو بلاد سوس أو الجنوب الشرقي حتى يخال أن الحافلة التي ركب على متنها هي آلة للسفر عبر الزمن قد حطت به في القرون الوسطى: هذا رجل يرتدي عمامة بيضاء مرقعة ببقع الزيت والمازوط وهو يأخذ بيد طفل بريء حاف عار... وتلك امرأة تحمل على ظهرها المقوسة رزمة حطب يابس وملامح التعب قد علت وجهها، تحاول أن تخفف عن نفسها عبء الرزمة بترديد أغان تؤلفها بنفسها في الحين... مظاهر توحي للزائر أن هؤلاء ينتمون إلى زمن غابر وليس إلى زمن العهد الجديد، زمن التنمية البشرية. استفاق الأمازيغ من نومهم العميق وبدأت الرحلة وأتت المبادرة الأولى من القبائل، وردا على إعلان سياسة التعريب ومنع الأسماء الأمازيغية رفع القبايليون في إحدى مباريات شبيبة القبايل شعار»اللغة الأمازيغية ستعيش». بعد ذلك تم منع مولود معمري من إلقاء محاضرة حول الشعر القبائلي القديم نتج عن ذلك أن خرج الناس إلى الشارع منددين بالقمع الممنهج ضد إيمازيغن (الربيع الأمازيغي1980). واستمرارا للنضال الأمازيغي في القبايل استشهد الفيلسوف المفكر الأمازيغي معتوب لوناس، تلاه تلميذه ماسينسا كرماح نتجت عنه تظاهرة عارمة عمت شوارع تيزي وزو (الربيع الأسود2001) ثم تأسست تنسيقية العروش التي صعدت في المواجهة ونجحت في إرغام بوتفليقة على الاعتراف بالأمازيغية كلغة وطنية وعلى ظهور الأمازيغية في المجال الإعلامي في شكل نشرة إخبارية سنة 2002. أما في المغرب فقد كان الفضل الكبير لبوجمعة الهباز الذي أشعل الوقيدة الأولى للنار الأمازيغية واختطف بسبب ذلك ولا يزال مصيره مجهولا. وبعد ذلك أصدر الأستاذ محمد شفيق بيانا يطالب فيه بإعادة الاعتبار للأمازيغية وإدراجها ضمن البرامج التعليمية ورفع الحصار عن الأسماء الأمازيغية... بعدها أصدر نشطاء أمازيغ بيانا لا تختلف مطالبهم عما أورده الأستاذ شفيق في بيانه... وللإشارة فنحن الأمازيغ لا نعتبر المعهد الملكي مكسبا لنا لأنه مجرد عقبة من العقبات التي يحاول المخزن أن يعيق بها رحلتنا... استمر نضال المغاربة وولدت الحركة الثقافية الأمازيغية وقدمت بدورها معتقلين لا يزال بعضهم قابعا في سجون المخزن العروبي القومجي، وحان دور الجنوب الشرقي وخرج الأمازيغ في تظاهرات تحت لواء تنسيقية أيت غيغوش إلى الشارع في كل من تازارين، النقوب، تنغير، قلعة مكونة، امسمرير... ثم بومال ن دادس، انتهت باعتقال عشرة مناضلين (تاكرست تابركانت)... وعلى مستوى ليبيا، وردًا على قانون 24 الذي نص على منع الأسماء الأمازيغية عقد المؤتمر الليبي للأمازيغية اجتماعا بمدينة لندن البريطانية لمدة ثلاثة أيام تحت شعار "لا تقتلوا اسمي الأمازيغي" ليرغم الزعيم الليبي على التنازل عن قانون 24 بواسطة نجله سيف الإسلام الذي زار مجموعة من المناطق الأمازيغية واعترف بأن الأمازيغية جزء من الثقافة الليبية حسب ظنه. أما الأمازيغ فهم يؤمنون بأن الثقافة الليبية أمازيغية، لكي لا ننسى فإن ليبيا ضحت بأحد أبنائها سعيد سيفاو الذي ذهب ضحية مؤامرة مخزنية. وفي بلاد الطوارق استشهد مانو دياك ليدخل هو الآخر تاريخ الأمازيغ من بابه الواسع ولا يمكن أن ننكر فضل الطوارق في الحفاظ على الأبجدية الأمازيغية تيفيناغ التي يعود لها الفضل هي الأخرى في استمرار الأمازيغ. وهذا ما أكده سالم شاكر حين قال: "إن التيفناغ تسمح للأمازيغيين بأن لا يدرجوا بعد في سجل البرابرة والبدائيين الآخرين الذين لا بديل لهم سوى الذوبان في الثقافات الكبيرة"(1). لقد سئم الأمازيغ وعود المخزن الزائفة... واكتشفوا الحقيقة التي لطالما غابت عنهم. وهذه بوادر ثورة أمازيغية حقيقية ستعيد قيم تيموزغا إلى الوجود وستعيد الاعتبار لكل أمازيغي أحس يوما أنه قد أهين وسينهي بذلك الأمازيغ رحلتهم في البحث عن الذات وكما قال إيمازيغن:Huz much sayadir ig izem 1ـ سالم شاكر في كتابه إيمازيغن أسا (avavainova@hotmail.com) |
|