uïïun  116, 

mggyur 2006

  (Décembre  2006)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

atilifizyun: tafsna taxatart n usoarrb

Teghremt

Islan

I cem i imma

Afulki n tmazirt inu

Ughulid

Wi igan

Mag ijran

Ghari rebda tudsed

Français

L'Unesco honore un amazoghophobe juré

La religion de Tertullien

Ainsi parlait nini

"Un kidnappé sans adresse"

Concours "questions -réponses"

Tamazight, la constitutionnalisation ou la mort

La poésie amazighe

Izerfan n imazighen

Télé tamazight ou tamazight à la télé?

Interview de Rachid Najib

Déclaration de Nador

العربية

التلفزيون: الدرجة القصوى لتعريب المغاربة

الأمازيغوفوبيا في وسائل الإعلام المغربية

العار

واقع الحركة الأمازيغية من خلال الأسطورة

نقد القبيلة على مستوى السلوك السياسي الأمازيغي

مولاي محند والحركة الريفية

تابرات أو الرسالة الخارقة

إلى رشيد نيني الابن العاق

دسترة الأمازيغية أو العصيان المدني

المطلب الدستوري ونضال الحركة الأمازيغية

حرف تيفيناغ

الرمزية في الشعر الأمازيغي

المسرح الأمازيغي بالريف

الشاعر الحاج محمد بن يحيا

الطفل الأمازيغي والمدرسة العروبية

الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة تستنكر

اللقاء الأول لسكان الجبال بالناظور

العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان

بلاغ أميافا

بيان حول تدريس الأمازيغية

أنشطة لجمعية آيت حذيفة

تهنئة لجمعية أسيكل

 

مولاي محند والحركة الريفية

 (الجزء الخامس)

بقلم: القجيري محمد

بـ : مولاي محند بين «مكتب المغرب العربي» و»لجنة تحرير المغرب العربي»:
تقتضي طبيعة الموضوع الحديث عن موضوع ما يسمى «بمكتب المغرب العربي» الذي سيتحول فيما بعد إلى المسماة «لجنة تحرير المغرب العربي» التطرق في البداية ولو في لمحة سريعة إلى تاريخ ظهور مصطلح «المغرب العربي» ذي الحمولة العنصرية ومراحل بروزه بشكل قوي داخل تمازغا وخارجها. لقد أخذ هذا المصطلح العنصري يظهر وينتشر في أدبيات الساسة العربية ولو بشكل ضعيف في عام 1913 حينما تأسست الحركة القومية العربية في باريس من طرف المخابرات الفرنسية والبريطانية، ثم أخذ يظهر بشكل واضح وسريع في أواسط الأربعينيات حينما تأسست المسماة الجامعة العربية في عام 1945، برعاية السلطات البريطانية التي أرادت من ذلك القضاء على ما تبقى من الإمبراطورية التركية. وقد كانت السلطات البريطانية آنذاك تحرض رجال العروبة وترشهم بالمال للدعاية لهذه الجامعة والانخراط فيها. وفي سياق هذا الموضوع يقول المفكر المصري بيومي قنديل منظر حزب «مصر الأم» الفرعوني إن «إنشاء الجامعة العربية كان برعاية بريطانيا العظمى التي كانت متحكمة في المنطقة. والحقائق تقول إن مكتب المخابرات البريطاني في القاهرة كان يدفع رشاوي لشخصيات لكي يروجوا لفكرة القومية العربية» (64). وزيادة على ذلك، فإن المسماة الجامعة العربية قد تأسست وظهرت إلى الوجود في باريس ولم تتأسس في دمشق أو لبنان أو بغداد أو في أي معقل آخر للحركة القومية العربية. وهذا إنما يدل على أن مؤسسها الحقيقي كان هو الاستعمار البريطاني وبتشجيع فرنسي طبعا. وقد أرادت بريطانيا وفرنسا من خلال ذلك إضعاف وتشتيت الإمبراطورية الإسلامية في تركيا، حتى لا تحول بينهم وبين تحقيق أحلامهم الاستعمارية التوسعية في منطقة الشرق الأوسط الكبير ومنطقة تمازغا. وفي هذا يندرج أيضا قيام السلطات البريطانية بمساعدة القوميين العرب وتشجيعهم على تأسيس أحزاب ومنظمات قومجية لنفس الغرض المذكور.
وهكذا ظهرت إلى الوجود عدة أحزاب قومجية متطرفة وعلى رأسهم حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أسسه السوري ميشال غفلق في سنة 1952، وهو مسيحي يوناني المذهب، وابتداء من ذلك التاريخ أصبح مصطلح «المغرب العربي» يستعمل بشكل رسمي في كل أدبيات وخطابات الأحزاب العربية، إلى أن وصل فيروسه إلى الأحزاب المغاربية في بداية الخمسينيات عن طريق ساطع الحصري بعد أن تبناه بشكل متطرف في كتابته وخطابته القومجية. لاشك إذن أن الأفكار المسمومة التي كانت تأتي من الشرق إلى تمازغا عن طريق الحركة القومية العربية قد أعطت أكلها داخل الأحزاب المغاربية وجعلت هذه الأخيرة تنخرط في المشروع القومي العربي، وتتخلى بذلك عن تسمية شمال إفريقيا لتستبدلها بالمصطلح العنصري الذي هو «المغرب العربي»، وتتخلى أيضا في آن واحد عن تسميات أخرى من قبيل المغرب الإسلامي المغرب الأقصى، المغرب الأوسط، المغرب الأدنى، وهذه التسميات الثلاثة الأخيرة كانت تحيل إلى المواقع الجغرافية للدول الأمازيغية في الغرب الإسلامي للتفريق بينها وبين الدول العربية في الشرق الإسلامي، وليس المقصود بها المغرب الحالي الذي كان يسمى آنذاك بمراكش. لعل من أهم ما أضافه التاريخ في بداية الخمسينيات إلى الأحزاب المغاربية كان هو مصطلح «المغرب العربي» بعد أن كان في الماضي مقتصرا فقط على بعض القوميين العرب ولا يتعدى خطاباتهم السياسية. فمصطلح «المغرب العربي» لم يكن في السابق يستعمل عند الساسة المغاربيين لا في خطابتهم ولا في تسمية تنظيماتهم وجمعياتهم السياسية. فجل التنظيمات التي تأسست قبل الخمسينات كانت تسمى بشمال إفريقيا، اللهم إذا استثنينا هنا مكاتب المسماة «بالمغرب العربي» في أواخر الأربعينات، نظرا لأن بعض مؤسسيها ينحدرون من الشرق الأوسط، أضف إلى ذلك أن مكان تأسيسها كان في معاقل الحركة العروبية.
وعلى صعيد آخر، كانت هناك عدة تنظيمات سياسية مغاربية تحمل اسم شمال إفريقيا، وفي مقدمتها نجد «جبهة الدفاع شمال إفريقيا» التي أسسها الشيخ محمد الخضر التنوسي في سنة 1944 وضمت أعضاء من تمازغا، و نجمة شمال افريقيا" التي تأسست في باريس من طرف الجزائريين سنة 1939، و»منظمة الاتحاد العام لطلبة شمال إفريقيا المسلمين»... إلخ. وحتى مع تأسيس مكاتب المسماة «بالمغرب العربي» في بعض العواصم العربية والقاهرة، ثم بعده المسماة «لجنة تحرير المغرب العربي» لم يكن مصطلح «المغرب العربي» يعني شيئا بالنسبة للساسة المغارببين، ماعدا أنه كان يشير ويقتصر على تسمية المكتب واللجنة ولم يكن الشمال الإفريقي إذاك يسمى بذلك المصطلح العنصري من طرف الساسة المغاربيين ماعدا الذين كانوا منطوين تحت المكتب واللجنة، كما أن المسماة «لجنة تحرير المغرب العربي» لم تكن تسمى بتلك التسمية من طرف عدة جهات، فعلى سبيل المثال كان يسميها روبير مونطاني «برابطة الدفاع عن شمال إفريقيا» والحكومة الفرنسية كانت تسميها «بجبهة الدفاع عن شمال إفريقيا» وليس «بجبهة الدفاع عن المغرب العربي» كما سماها العجوز القومجي عبد الكريم غلاب في كتبه أو «لجنة تحرير المغرب العربي» كما وردت في كل المصادر والمراجع للحركة اللاوطنية وفي مقدمتهم كتاب «الحركات الاستقلالية في المغرب العربي» لصاحبه المدعو علال الفاسي. وخلاصة القول يمكن القول إن تاريخ ظهور وبروز مصطلح «المغرب العربي» في تمازغا وخارجها قد جاء على مراحل متفرقة، مرحلة آولى ظهر فيها بشكل ضعيف مع تأسيس الحركة القومية العربية في العشريات ومرحلة ثانية ظهر فيها بشكل قوي مع تأسيس الجامعة العربية في الأربعينيات ومرحلة ثالثة وصل فيروسه إلى الأحزاب المغاربية مع تأسيس حزب البعث العربي القومي في الخمسينات ثم المرحلة الأخيرة التي لم نتحدث عنها وهي مرحلة تأسيس ما يسمى «باتحاد المغرب العربي» في أواخر الثمانينات وبالضبط في يوم 16 فبراير 1989 والتي طغى فيها استعمال مصطلح «المغرب العربي» عند الساسة المغاربيين مثلما نشهده اليوم. وعن هذه المرحلة المشؤومة يقول القومجي الحسن الثاني «إنها للحظة تاريخية هذه التي نعيشها اليوم... إننا نحقق حلما خامر آباءنا وأعمامنا وإخواننا ومن سبقونا، لأنهم كانوا دائما يحسون أنه رغم الحواجز ورغم البعد والنوى، ورغم الاستعمار، كانوا دائما يجدون في أنفسهم لواعج حنين لأيامنا الزاخرة المشرقة، تلك الأيام التي كان فيها مغربنا العربي الكبير جناحا للعروبة والإسلام...، ولا عذر لنا، لأن ماضينا الحضاري والثقافي شاهد علينا... علينا أن نرعاه صباح مساء وأن نلقنه لأبنائنا وحفدتنا حتى إذا وقفنا أمام الله وجدنا أنفسنا قد قمنا بالأمانة وأدينا الواجب»)65(. قد يقال هنا إن ما ذكره الحسن الثاني في خطابه هو مجرد كلام سياسي للاستهلاك الإعلامي العروبي، وأن مكان هذا الخطاب هو مزبلة التاريخ وهذا صحيح طبعا، لكن خطاب الحسن الثاني في حقيقة الأمر هو مثل جميع خطابات ديكتاتوري تمازغا لا يهمهم منه شيء سوى إعطاء الأوامر لتعريب ما تبقى من شعوب تمازغا وتمسكهم بأوهام «اتحاد المغرب العربي». ويبدو أن الحسن الثاني قد حقق فعلا مراده في هذا الخطاب حينما ألح فيه على رعاية وتلقين المسمى «اتحاد المغرب العربي» لأبناء وأحفاد تمازغا. فلا بأس أن نذكر هنا أن هذا الاتحاد العنصري أصبح اليوم لسوء الحظ يدرس ويلقن في جميع أسلاك التعليم المخزني، وبات من الدروس والعناوين الأساسية والبارزة في كتب التعليم المخزني والنموذج كتاب التربية الوطنية (اللاوطنية) للسنة التاسعة من التعليم الأساسي، وأيضا في كتب أخرى من التعليم المخزني، ولا يفوتني هنا أن أذكر أنه حينما كنا أطفالا وفي أقسام مدارس المخزن كنا نردد وبافتخار وبدون أن نعي ما نقول «اتحاد المغرب العربي» لدرجة أنني كنت شخصيا اعتبر طغاة تمازغا آنذاك أبطالا، لا لشيء سوى أنهم أسسوا هذا الاتحاد العنصري، رغم أنني كنت في ذالك الوقت أكره المخزن وأحلم بدولة الريف، وطبعا كان ذلك نتيجة تأثرنا وتخدرينا في ذلك الزمن بأفكار التعليم المخزني العروبي اللاوطني الذي لا زال حتى يومنا هذا يروج لأوهام «اتحاد المغرب العربي» ولخرافات أن الأمازيغ أتوا من اليمن.
وإذا كانت برامج التعليم ووسائل الإعلام قد لعبت دورا كبيرا في ترسيخ فكرة العروبة وخرافات المغرب العربي في شريحة واسعة من ساكنة تمازغا، فإن الأسوأ ما في الأمر هو السكوت والصمت الشعبي الأمازيغي العالمي وتأخر الحركة الأمازيغية في اتخاذ مواقف حاسمة، على الأقل تفعيل تاودا أو القيام بما قام به الاكرانيون حينما نزلوا إلى الشارع واحتلوه. هذه الطريقة هي التي أراها مجدية وممكنة لإيقاف المد العروبي التدميري في تمازغا وإيقاف ما سمي باتحاد المغرب العربي الذي هو وصمة عار علينا نحن الأمازيغ مادام أن مكان تأسيسه كان في أرض أمازيغية بتمراكشت ومن طرف أقلية عربية.
هذه الأقلية العربية الحاكمة من الدرجة الثانية ومعها أسيادها العرب من الدرجة الأولى لازالوا حتى يومنا هذا يوهمون الناس على أن سكان شمال إفريقيا الأقدمين هم عرب قدامى أتوا من اليمن وأن شعب تمازغا شعب عربي وسموا الشمال الإفريقي بالمغرب العربي وجعلوه كيانا تابعا للمشرق العربي و سموا أيضا المحيط الأمازيغي بالمحيط العربي وقالوا إن الوطن العربي أو العالم العربي يمتد من المحيط (الأمازيغي) إلى الخليج (الفارسي) مرورا طبعا عبر أرض الأقباط الفرعونية التي اعتبروها أرضا عربية. ونفس الشيء بالنسبة لأرض الأكراد والاشوريين والتركمانيين... لدرجة ـ ويا لا الصدفة ـ أن يكون أول نشيد للوحدة العربية المزعومة من طرف الأقلية العربية في المغرب يقول:
بلاد العرب أوطان في الشام لبغداد
ومن نجف إلى يمن إلى مصر فتطوان(66).
إن ما يثير الاشمئزاز أكثر في مثل هذه الأناشيد والخرافات العربية هي عندما تأتي من أناس أمازيغ. فهذا عبد الحميد بن بادس على سبيل المثال قال في أحد أبياته الشعرية: شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب (67). وفي السنين الأخيرة سمعنا من أحد الحكام العروبيين بشمال إفريقيا يصرح أن شكسبير عربي لأن اسمه الحقيقي هو الشيخ زبير وأمريكا عربية لأن مكتشفها هو أمير عربي اسمه الأمريكا. من هنا لا نستغرب تماما لو سمعنا غدا من أي عرباوي آخر أن الله عربي وأن لغة الجنة هي لهجة قريش العربية- ترى ماذا ستكون لغة جهنم هل هي العربية كذلك- لا يمكننا أن نستغرب من ذلك مادام قد سمعنا في السابق أمثلة كثيرة مشابهة لها، فعلى سبيل المثال في حديث منسوب للرسول الكريم مفاده أن كل من تحدث بالعربية فهو عربي!!! كم يبدو هذا الحديث الذي ابتكره الفكر العربي الجاهلي شاذا ومثيرا للسخرية، فإذا كان الأمر بهذا الشكل وبهذه البساطة فإنه كان سينطبق على جميع لغات العالم وبالتالي كنا سنرد عليهم بالمثل أي كل من تحدث بالأمازيغية فهو أمازيغي.
وتبعا لما سبق، يمكن القول إن الحركة العرباوية أرادت أن يكون كل شيء على الوجود عربيا، وكل شيء أمازيغي عربيا. فأسماء المناطق الجغرافية في تمازغا حرفوها إلى أسماء عربية والإنسان الأمازيغي قالوا عنه إنه إنسان عربي وهنا على سبيل المثال لا الحصر قالوا في المنجد العربي للغة والأعلام إن مولاي محند هو «مجاهد عربي» (68) وإن طارق بن زياد هو «قائد عربي بربري الأصل» (69) رغم أن طارقا هذا بغض النظر عن عمالته للعرب كان قائدا على جيش
أمازيغي قوامه أزيد من 12 ألف مقاتل أمازيغي وبها استعمر واحتل الأندلس، واللائحة طويلة في هذا الجانب. أما الحيوان فحدث ولا حرج وأكثر ما نسمعه اليوم هو الحصان العربي، الفرس العربي، وحتى المثلجات قالوا عنها إنها عربية فقد قرأنا في جريدة الصباح (عدد 1943/7 يوليوز2006) مقالة بعنوان «الأيس كريم اخترعه العرب و طوره الايطاليون» ونفس الشيء بالنسبة للكرة والرياضة المغربية التي أرادوها أيضا عربية. فقد كتبت جريدة الجمهور (عدد 661/15-16يوليوز 2006) «المغرب هو عاشر بلد عربي يؤكد مشاركته في كأس العرب2009». أما على مستوى الجمال الأمازيغي الذي أرادوه أيضا عربيا فمؤخرا قرأنا في جريدة الصباح (عدد 1914/3-4 يونيو 2006 ) مقالة بعنوان «جميلات المغرب العربي يرتدين أزياء مغربية» ثم لم تمر إلا أيام معدودة حتى قرأنا في جريدة الجمهور (عدد631/10-11 يونيو2006) مقالة أخرى بعنوان «ملكات جمال المغرب العربي يرتدين ملابس من تصميم مصممة أزياء مغربية «. وحتى هذا الزى الأمازيغي أرادوه أيضا أن يكون عربيا رغم أنه استعمل من تصاميم العمق المغربي بألوانها الزاهية والطرز التقليدي بصنع اليد المغربية الخالصة كما ذكر في جريدة الأيام (عدد238/3-9 يوليوز2006) حول موضوع «اختيار ملكة جمال المغرب العربي بباريس». يبدو أن هناك محاولات جارية حاليا لتعريب وعوربة كل شيء ليس عربيا ولم يعرب بعد وحتى نشيد الثورة الريفية الأمازيغية أردوه قسرا أن يكون عربيا فقد زعموا أنه يبدأ بما يلي: «اليوم هو للعرب هيوا».
إذن هذا كل ما يتعلق بخرافات «المغرب العربي» وبأساطير العربان الأقحاح وأيضا أساطير «أشقائهم» العربان بالتبني كما سماهم التونسي الحبيب بورقيبة وسمى نفسه أيضا حينما قال الراحل السعودي الملك فيصل «أنتم عرب أقحاح أما نحن فعرب بالتبني».
لنعد بعد هذا الفاصل إلى موضوع ما سمي «بلجنة تحرير المغرب العربي» التي انبثقت عن ما سمى أيضا «بمكتب المغرب العربي» الذي تأسس في يوم 27 فبراير 1947 بناء على توصيات ما سمى كذاك «بمؤتمر المغرب العربي» المنعقد في القاهرة من 15 إلى 22 فبراير1947، والذي كان يضم عبد الخالق الطريس وابن عبود من حزب الإصلاح الوطني وعلال الفاسي من حزب الاستقلال والحبيب بورقيبة ويوسف الروسي والجبيب ثامر من حزب الدستور التونسي الجديد علاوة على أعضاء من حزب الشعب الجزائري. وقد كانت المهمة الرئيسة والأساسية التي من أجلها أسس «مكتب المغرب العربي» وأنشئت له فروع في بعض بلدان العربية هو الدعاية لهذه الأحزاب المغاربية المعترف بها من طرف الاستعمار ولأجل نشر بعض الأخبار السياسية حول شمال إفريقيا والشرق الأوسط في منشورات فاخرة، أما مسألة التحرير فلم تكن موجودة في قاموسهم السياسي. وطبعا استغل أعضاء المكتب تواجد مولاي محند في مصر وحاولوا استمالته إلى مكتبهم بهدف الاستفادة منه ومن شهرته ورصيده التاريخي كمناضل تحرري. وطبعا جاءت هذه الخطوة بعد أن تيقنوا من أن انخراطه في المكتب سيزيد من شهرة مكتبهم وشهرة أحزابهم السياسية وأنه بعد أن يحصلوا على مبتغاهم سيتم افتعال مواجهات بينه ليضطر على إثرها الاستقالة من المكتب. إذن بعد مرور وقت قصير على تواجده في مصر أقنعوه بالانخراط في مكتبهم وطبعا استغلوا الحدث حيث كانوا يتسارعون ويتسابقون فيما بينهم لأخذ الصورة معه لدرجة أنهم كانوا يدفعون المال للصحافيين بغية نشر الصورة بحضرته في أكبر عدد ممكن من الصحف لإدعاء على أن مولاي محند كان يتفق معهم ويساند سياسيتهم وسياسة أحزابهم وعلى أنه يؤيدهم فيما يفعلون.
لكن الواقع فضح هذه الادعاءات إذ لم يمر وقت طويل على عمل مولاي محند داخل المكتب حتى استفحل الخلاف بينه وبين الأحزاب المغاربية نظرا لأن مولاي محند كان يلح على تغيير القانون الأساسي للمكتب وتنصيصه على الكفاح المسلح الذي لم يكن يؤمن به أعضاء المكتب والحركة اللاوطنية المغاربية. وفي علاقة بهذا الموضوع يقول بيير فونتين لقد كانت لهجة مولاي محند «تختلف عن لهجة السياسيين أو الانتهازيين الذين تمردوا لأغراض شخصية أو لمساومات محبطة –ثم يضيف ويقول- لقد دعا إلى الثورة بلغة البدوي الواقعي. إن صوته لم يقف عند أسوار «المثقفين» الغاضبين، بل دخل الخيام والأكواخ والبيوت...(70) هذا من جهة، ومن جهة أخرى استفحل الخلاف أيضا بين الأحزاب المغاربية فيما بينهم حول من يحظى بأكبر عدد ممكن من المناصب داخل المكتب كما نفهم من كلام فتحي الديب، مسؤول المخابرات المصرية المكلف بملف شمال إفريقيا حيث يقول «شعرت وكأني أعيش وسط جماعة وجدوا أنفسهم فجأة على أبواب كنز، فبدؤوا يتصارعون على بابه ليقضي كل واحد على زميله، ولينفرد بالاستحواذ على الغنيمة»(71). وأكثر من هذا وصل الخلاف بين الأحزاب المغاربية إلى حد العراك فيما بينهم وإقفال أبواب المكتب ونشاطه السياسي كما يفيد ذلك عبد المجيد بن جلول في رسالته إلى أحد اللاوطنيين في تطوان، يقول فيها «ليس هناك جديد سوى أن المكتب مقفل، وقد أقفلناه بعد قدوم الطيب سليم والشاذلي المكي، وقد كسر الأول ونحن ننظر باب غرفة الحبيب بورقيبة، وكسر الثاني باب غرفة المرحوم ابن عبود رحمه الله (توفي ابن عبود في احتراق طائرة كانت تنقله إلى باكستان في يوم 12/12/1949 وتولى عبد المجيد بنجلول مكانه في رئاسة المكتب) فاضطررنا إلى استدعاء البوليس وإغلاق المكتب لتطور المواقف، وكان يسير ضدنا وكانت الظروف حرجة وسوف نستأنف النشاط بعد قليل، وقد اتصلنا بالأمير ابن عبد الكريم وأفهمناه كل شيء(...) ولكنه لا يريد أن يخطو خطوة إيجابية فإذا لم يفعل فعملنا نحن»(72). هذا بعض ما كان يجري في المكتب الذي كان مولاي محند لا يحضره إلا في مرات نادرة جدا عندما يتعلق الأمر بالقضايا المهمة والجادة مادام أن هذا المكتب لم يكن ينص على الكفاح المسلح وكان فقط مجرد بوق للدعاية لهذه الأحزاب الانتهازية. أما بخصوص المسماة «لجنة تحرير المغرب العربي» فقد انبثقت عن المكتب لكن دون توقف نشاط هذا المكتب، وتأسيس هذه اللجنة الذي كان في اليوم 9 شتنبر 1947 لم يكن من الأمور السهلة بل جاء بعد مخاض عسير ونقاش طويل كاد أن يسبب الانشقاق داخل المكتب بسبب الصرعات الخفية والعلنية بين الأحزاب المغاربية فيما بينها من جهة وبين مولاي محند والأحزاب المغاربية من جهة أخرى. إذن بهذه الطريقة الصعبة تأسست هذه الهيئة المسماة «لجنة تحرير المغرب العربي» طبعا حسب التسمية المذكورة في جميع مصادر ومراجع الحركة العرباوية. وتأسيسها طبعا لم يكن من إرادة الحركة اللاوطنية المغاربية التي كانت تعارض الكفاح المسلح وإنما جاء بعد ضغوطات من مولاي محند وشقيقه أمحمد، يقول عبد الكريم غلاب» انبثقت من أجل العمل العسكري ترضية للخطابي، ولم يكن لها نشاط»(73) وقد أسندت رئاستها لمولاي محند بصفة دائمة، بينما عين شقيقه أمحمد نائبا للرئاسة بصفة دائمة أيضا، على أن يتم انتخاب الأمين العام وأمين الصندوق كل ثلاثة أشهر. وفي اليوم الخامس من يناير 1948 أي بعد تكوين هيئة جديدة ودخول أحزاب جديدة إلى اللجنة. أعلن مولاي محند عن ميثاق اللجنة الذي أشرف عليه أعضاء اللجنة والمخابرات المصرية حسب ما ذكره فتحي الديب، مؤسس المخابرات المصرية في كتابه «عبد الناصر وثورة الجزائر « الذي يفيد فيه بشكل أوضح على أنه هو الذي أشرف على تحرير معظم بنود مبادئ الميثاق الذي نص على ما يلي:
- المغرب العربي بالإسلام كان، وللإسلام عاش، وعلى الإسلام سيسير في حياته المستقبلية.
- المغرب العربي جزء لا يتجزأ من بلاد العروبة، وتعاونه في دائرة الجامعة العربية على قدم المساواة مع بقية الأقطار العربية أمر طبيعي ولازم.
- الاستقلال المأمول للمغرب العربي هو الاستقلال التام لكافة أقطاره الثلاثة (تونس والجزائر ومراكش) .
- لا غاية يسعى إليها قبل الاستقلال.
- لا مفاوضة مع المستعمر في الجزئيات ضمن النظام الحاضر.
-لا مفاوضة إلا بعد الاستقلال.
- للأحزاب الأعضاء في «لجنة تحرير المغرب العربي» أن تدخل في مخابرات مع ممثلي الحكومة الفرنسية والاسبانية على شرط أن تطلع اللجنة على سير مراحل هذه المخابرات أولا بأول.
- حصول قطر من الأقطار الثلاثة على استقلاله التام، لا يسقط على اللجنة واجبها في مواصلة الكفاح لتحرير البقية.
وفي ختام هذا الميثاق كتب مولاي محند ما يلي: «هذا هو الميثاق الذي قطعنا على أنفسنا العهد على ضوئه، والعمل بمقتضى مبادئه. وقد وافقت عليه أنا وشقيقي أمحمد، كما وافق عليه رؤساء الأحزاب المغربية التالية ومندوبها: -الحزب الحر الدستوري التونسي القديم- الحزب الحر الدستوري التونسي الجديد- حزب الشعب الجزائري- حزب الوحدة المغربية- حزب الإصلاح الوطني- حزب الشورى والاستقلال-حزب الاستقلال. وقد كتبنا لبقية الأحزاب نطلب موافقتها النهائية على تكوين اللجنة والمصادقة على ميثاقها وتعيين مندوبيها في اللجنة بصفة رسمية» (74). لا شك أن ميثاق لجنة تحرير المغرب اللاعربي ذات البعد القومي العربي قد أعطت الأولوية للعروبة والإسلام في البندين الأول والثاني وهذا يعني أن اللجنة والمنضوين تحتها ومن بينهم مولاي محند وشقيقه أمحمد يعتبران هما أيضا امتدادا لحركة التحرر العربي ولخرافات القومية العربية. وما يهمنا نحن هنا هو مناقشة بعض ما جاء في ميثاق اللجنة الذي يلح على الطابع العروبي الإسلامي الوحدوي في إطار علاقته بفكر مولاي محند التحرري وذلك عن طريق طرح بعض الأسئلة التي نراها مثيرة للنقاش والبحث ومنها هل فعلا كان مولاي محند يؤمن بمبادئ الميثاق ومن ثمة سقوطه في فخ العروية؟ وهل يعني قبوله بالعروبة أنه يؤمن بها أم أنه كان تحت تأثير وتخدير وضغوطات المخابرات المصرية والأحزاب المغاربية سيما وأن هذه الأحزاب كلها ذات توجهات وإيديولوجيات عروبية، فمثلا حزب الدستور التونسي يستمد إيديولوجيته من الفكر الإصلاحي السلفي العروبي مثل حزب الاستقلال المغربي كما أن حزب الشورى والاستقلال المغربي يستمد إيديولوجيته وتوجهاته من الفكر الحداثي التقليدي العروبي مثل باقي الأحزاب. ومما لاشك فيه أن إدخال العروبة إلى مبادئ الميثاق وجعلها أحد البنود الأساسية لوثيقة اللجنة كان من عمل المخابرات المصرية والأحزاب المغاربية القومجية وليس من إرادة مولاي محند وشقيقه أمحمد. ونعتقد أن مولاي محند قد قدم فعلا تنازلات كثيرة أمام ضغوطات المصريين والمغاربة خلال صياغة وثيقة اللجنة سيما وأن هذه الوثيقة لم تشر قط لا من بعيد ولا من قريب إلى دولة الريف التي كان لا يزال يؤمن بها مولاي محند وأخوه أمحمد. أما بخصوص العروبة فمعروف عن مولاي محند قبل نزوله في مصر أنه لم يكن يؤمن بالعروبة ولم يكن يساند سياسة القومية العربية والجامعة العربية حتى أنه كان في مرات عديدة يسمي الدول العربية بالدول الإسلامية، بل أكثر من هذا كل يحارب الجامعة العربية التي كان يعتبرها من رواسب الاستعمار البريطاني وكان يدافع عن الإمبراطورية العثمانية وعن بقاء الدول العربية تحت الحكم العثماني. كما أنه أصبح فيما بعد معجبا بالقومية التركية أو بالأمة التركية كما كان يحلو أن يسميها وبسياسة مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس دولة تركيا الحديثة، ويذكر مولاي محند في هذا الصدد الذي كان مهتما بمسيرة الزعيم التركي كمال أتاتورك أن قراءته لمذكرات الزعيم التركي زادته «إعجابا بمصطفى كمال في بعض جوانب عظمته و سياسته الإصلاحية العامة في خطوطها العريضة» (75). ومعروف عن مصطفى كمال كره الشديد للقومية العربية لدرجة أنه غير الحرف العربي (الآرمي) لتركيا إلى حرف لاتيني، وهذه طبعا هي أحد إصلاحاته العامة في تركيا. وفي الإطار نفسه أي فيما يتعلق بعوربة الميثاق لا بد أن نستحضر هنا أيضا الظروف والتطورات التاريخية آنذاك سيما وأن تاريخ صياغة الميثاق العروبي تزامن مع الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948 كما يجب أن نأخذ بعين الاعتبار كذلك الظروف السياسية التي كانت تتطلبها معركة التحرير آنذاك من مصر. سيما وأن أرض الفراعنة كانت تعتبر قلبا للعروبة ومعقلا للحركة العربية وهذا يعني أن كل معارض للعروبة جزاؤه إما السجن أو الإعدام بتهمة المس بالمقدسات العربية، ومن خلال ما سبق يمكن القول إن مولاي محند قد قدم فعلا تنازلات عديدة في كل ما يتعلق بالجمهورية الريفية والكفاح المسلح وأيضا في بعض بنود الميثاق العروبي ووقع عليه تحت ضغوطات وإكراهات فرضت عليه من طرف السلطات المصرية والأحزاب السياسية المغاربية. وفي هذا الصدد أورد الدكتور عبد الجليل التميمي، رئيس مؤسسة التميمي للمعلومات والبحث العلمي بتونس في مداخلته بالندوة الدولية التي نظمت بالحسيمة يومي 28 و29 يوليوز 2004 احتفاء بمعركة أنوال «أن ميثاق لجنة تحرير المغرب العربي قدم فيه عبد الكريم تنازلات حفاظا على وحدة النضال المغاربي (76) وهذا صحيح طبعا، إذا علمنا أن الظروف السياسية آنذاك لم تكن تسمح لمولاي محند بأن يطلب ما يشاء أو يتحرك حسب رغباته أو ما يوحي به ضميره ونفسه، أضف إلى ذلك أن المكلف والمسؤول الحقيقي عنىاللجنة كانوا هم رجال المخابرات المصرية طبعا تحت أوامر وتوجهات السلطات المصرية.
وبعد هذه الاستنتاجات حول الميثاق العروبي نعود إلى المسماة «لجنة تحرير المغرب العربي» التي لم تعمر كثيرا بحيث لم تكد تمضي الأشهر الثلاثة على تأسيسها حتى استفحل الخلاف في الرؤى والمنهج بين مولاي محند والأحزاب المغاريبة التي رفضت الكفاح المسلح، ومن جهة أخرى بين الأحزاب المغاربية بعضها البعض ويعود السبب في ذلك إلى الصراعات الشخصية والمنفعية حول من يظفر بأكبر عدد من المناصب داخل اللجنة، كما يفيد ذلك مولاي محند بقوله «غير أن بعض الأحزاب الموجودة في اللجنة تسعى دائما لعدم الانصياع لهذه الدعوة (دعوة إلى توحيد النضال المغاربي)، وفضلت أساليبها واحتكار الحزبية والمناصب على تحقيق الأهداف(...) والأدهى والأمر أنهم يحاربون بعضهم بعضا في كل قطر من هذه الأقطار الثلاثة (تونس والجزائر ومراكش) فنسوا المحتل وشغلوا عنه بما قام بينهم من منازعات شخصية داخلية» (77). وإلى جانب هذه الأعمال المشينة، سعى السياسيون المغاربة إلى تهميش مولاي محند ومحاربته وأرادوه أن يكون سوى مجرد غطاء وديكور في اللجنة، يعملون تحته للاستفادة من شعبيته ورصيده النضالي في مصالحهم الشخصية، إذ أنهم «لا يريدون منه سوى أن يكون المظلة التي يعملون تحتها، وأن يكون مجرد رئيس صوري».(78) أو «ورقة رابحة في مجال العلاقات العامة للدعاية وترويج بعض الأسماء»(79). وطبعا كل هذا رفضه مولاي محند وجعله يتخذ مواقف حازمة تجاه الانتهازيين المغاربة «الذين يحاول كل واحد منهم لفت الأنظار إليه وحده ليكسب نفسه صفة الزعيم» (80)، والواقع أنهم استفادوا كثيرا من شعبية مولاي محند في الترويج لأسمائهم وأحزابهم البورجوازية وقد حصلوا فعلا على ما أرادوه من مولاي محند بإنزاله في مصر ثم الركوب على رصيده التاريخي والنضالي باستغلاله في المكتب ثم اللجنة، والمؤسف هو أنهم بعد أن حصلوا على مرادهم تعاملوا معه بالوقاحة وبنوع من الكراهية والحقد لدرجة أن قال عنه عبد الكريم غلاب فيما بعد إن «عبد الكريم الخطابي شخصية مضطربة ومترددة وأنه لا يؤمن بالعمل الوطني» (81). هكذا ستعود حليمة الغلابية ومعها جماعتها الانتهازية إلى عادتها القديمة، كما كانوا يفعلون في المكتب، أي التعامل والتعاون مع الاستعمار وتبذير الأموال في طبع منشورات فاخرة للترويج لأسمائهم وأحزابهم.
وقد لخص ذلك مولاي محند بقوله: «للأسف، أضاعت الانتهازية قضيتنا الوطنية كما أضاعت كل شيء بالمشرق. ثم يضيف ويعاتب الانتهازيين المغاربة على جمع الأموال للحركة الوطنية وتبذيرها حسب هواهم في نضال اقتصر على مدينة القاهرة، وطبع منشورات فاخرة، لقد تخليت على مواصلة هذه الفكاهة الرديئة. إنني رجل مريض ولم أستطيع مكافحة الفساد. لهذا تركت السياسة وحكمت على نفسي بالصمت وقطعت كل صلة برفقائي المغاربين بمصر» (82). بالطبع هذه الأسباب وغيرها هي التي جعلت مولاي محند يقطع كل علاقته بأعضاء اللجنة الذين خانوه ونكثوا بالعهد الذي قطعوه عليه في اللجنة المتمثل في العمل على توحيد النضال وتحرير شمال إفريقيا كلها، لكن بالسرعة التي حصلوا بها على مرادهم من اللجنة نكثوا بما تعهدوا به وتصافحوا مع الاستعمار وبطبيعة الحال هذا ما جعل الاستعمار الاسباني والفرنسي يغير من بعض سياسيته تجاه الأحزاب المغاربية. وهنا على سبيل المثال أوضح الجنرال الاسباني فاريلا أنه لا يضمر «شيئا للطريس ولا لحزبه ولا يمنعه من نشاطه وإنما الذي يمنع هو الحركة باسم عبد الكريم» (83). وهذه الشهادة تؤكد بوضوح أن حزب الإصلاح الوطني الذي يتزعمه عبد الخالق الطريس كان مقبولا من طرف السلطات الإسبانية ومتعاونا معها. ومما لاشك فيه أن هذه العوامل وغيرها هي التي سارعت بمولاي محند إلى الانسحاب من اللجنة والقطيعة مع الأحزاب المغاربية المتعاونة مع الاستعمار، حيث إنه لم يلبث أن أعلن رسميا أن العمل من داخل اللجنة مع الأحزاب المغاربية أصبح أمرا عديم الجدوى فانسحب منها، يقول: «هذه اللجنة قد انتهيت منها لأني رأيت أن لا فائدة من وجودها وقد حاولت في كثير من الفرص أن أصلح شأنها وأجعلها آلة فعالة لصالح المغرب ففشلت في مسعاي، وذلك بسبب الغايات المختلفة التي تتنازع الأحزاب والحزبية وهي عناصر متوفرة في هذه اللجنة» (84). وفي إعلان آخر حول نفس الموضوع أدلى به لمجلة آخر ساعة المصرية، يقول فيه: «ومن سوء الحظ أنني عشت لأرى أفكاري هذه تتشتت ولأشهد مصرعها واحدة إثر الأخرى. فقد دخلت الانتهازية وحمى المتاجرة في قضيتنا الوطنية(...) ووجد من بين أعضاء هذه اللجنة(..) من يسعى لتفتيت وحدة قضيتنا وتجزئتها(...) وقد تعذبت كثيرا وأنا أرى أنني عاجز عن مقاومة هذا الفساد الطاغي. وعندما ظهر تماما أنني لا أستطيع المضي في هذا الطريق الملتوي انسحبت وقطعت كل علاقتي بإخواني الموجودين في مصر (85). وإذا كانت لجنة تحرير المغرب الأمازيغي قد فشلت وانسحب منها مولاي محند، فإن ذلك لا يعني اعتزاله العمل التحرري، بل انصرف إلى إعداد المقاتلين للكفاح المسلح من طلبة شمال إفريقيا الوافدين على مصر وإلحاقهم بالمدارس والكليات العسكرية بسوريا والعراق... وفي نفس الوقت ارتكز نضاله إلى التوجيه المباشر للشعب الأمازيغي من خلال فضح السياسة الاستعمارية في تمازغا والعاملين معها من خونة الأحزاب المغاربية عن طريق المنشورات السرية والتصريحات الصحفية والنداءات المذاعة، وخاصة في برنامج «صوت العرب» الذي كان يبث من القاهرة والموجه إلى شعوب تمازغا لكي يعبئوا بأفكار السموم العربية.

(لقجيري محمد lakjiri@yahoo.fr)
 

(يتبع في العدد القادم)

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting