انطباعات معلقة على جدران أذرار
ن أوراس... من إيحاء صوت ديهيا
بقلم: ســـعودى عبد الحميد أينوغيســن (الأوراس،
الجزائر)
ذلك الصوت الذي يستنطق الماضي، ماضي الأجداد قاهري الرومان
والوندال والبيزنطيين والعربان، قاهري السكونية والخنوع، يستنطق الفصاحة الطالعة من
وشم علــى جبين عجوز تأكل عمرها بين الرحى الحجرية (ثاسيرث) وبين تجفيف التين
والطماطم وتعليق أحلامها على ناصية الأيـــــام.
رائحــة التاريخ هنا تشبه في روعتها رائحة برتقال "يـافــا" في أرض الأنبياء،ذلك
الصوت يرمي حجرا في بئر الذكريات فيتذكـر القلب تفاح (أضفو) "إينوغيســن" وعنب (ثيزورين)
بــوزينة وتمر (ثــايني) ثيمسـوين و بسـاتين إغزر ن ملاقـو الذي أصبح يحمل زورا اسم
"وادي العرب"، عربـوه لأنهم يتوجســـون خوفا من لعنة التاريخ التي ستظل تلاحقهم من
أذرار ن أوراس الذي يرفض كل ما هو دخيل.
أتأمــل روعة الأســاور الفضية المنقوشـة على جيد فتاة أوراسيــة تعيــد قراءة
ذكريات "ديهيا" على ضفاف إغــزر أملال.
روعة النسيـــم تدغدغ التاريخ في سبخات عين امليلة ومشـــارف السقـنية وآيث أملــول
والنمامــشة والحراكتة حيث الصوت الأزلي الخالد لـعيسى الجرمــوني ينادي:
akkerd ad nnugir war gebaad xf webrid
كل شيء يشهـد على عبقرية المكــان والإنسـان في صلابة صخـور غـوفي و ضريح مدغاسن
ومداوروش مدينة العالم الأمـازيغي أبوليوس، وتاغاست مهد القديس أوغسـطين.
شموخ جبال شــليا وزلاطــو تستنطق التاريــخ المزيف من قبل همج وبدو بني هلال.
عندما تكون الكلمات صـادقة فإنها تستطيع أن تخــاطب عقل وقلب الإنســان الحائــر
بين الأنتربــولوجيا والإثنـولـوجيا والرابض خلف جــدران الإيديولـوجيا.
إنهــا باختصار أصــوات الأوراس تبعث الحضـور وصحـوة الذات لتضع قبرا للديمــاغوجية
وتلعـن شـارات الغياب والتغيب.
(مميس ن أذرار ن أوراس،ســـعودى عبد الحميد اينوغيســن)
|