| |
الاشتقاق في اللغة الأمازيغية
(الجزء الأول)
بقلم: صالح ايت عسو
تـقـديم:
كانت النقاشات التي خضنا فيها، على أعمدة شهرية تاويزا الأمازيغية مند أواخر عام
2002، حول الاسم المشتق في الأمازيغية* حافزا قويا دفعنا الى الاهتمام بشكل عام
بظاهرة الاشتقاق في هذه اللغة، محاولة منا الإجابة على بعض الاسئلة العالقة حول
الحدود الفاصلة بين بعض المشتقات من خلال صياغتها، لما نلاحظه أحيانا من لبس بين
الصيغ يحتاج الى إيضاح أو تبرير. من هنا تولدت هذه الرغبة الذاتية في فهم التركيب
الأمازيغي و نسقه الصوتي والصرفي. ورغم ما تمت مراكمته في هذا المجال، إلا أن
العديد من القفضايا والظواهر ما زالت في حاجة الى اهتمام أكثر دقة وضبطا، وخاصة ما
يتعلق بالنظام الصرفي ومنه الاشتقاق و التركيب المزجي... من طرف المتمكنين من
المعجم الأمازيغي خصوصا. إذ لا يكفي امتلاك الأدوات المنهجية والنظرية لاكتمال
البحث ودقته رغم حتمية ذلك.
فيما يخص بحثنا هذا فقد اشتغلنا فيه على الاشتقاق، الذي يعتبر في نظرنا أحد هذه
الحقول المحتاجة للمزيد من البحث، ولن ندعي أننا أجبنا هنا على كل الأسئلة أو غطينا
كل جوانب هذه الظاهرة الصرفية، بقدر ما نعتبره لبنة من بين أخرى تهدف الى سد بعض
الثغرات، وإثارة نقط مستفزة أخرى. وقد عمدنا الى تقسيمه الى فصلين إثنين؛ خصصنا
الفصل الأول للحديث عن اللغة الأمازيغية بشكل عام بتقديم لمحة تاريخية عنها ومجال
تداولها في المبحث الأول، أما المبحث الثاني فقد كان محوره بعض الخصائص اللسانية
للأمازيغية وألفبائيتها. والفصل الثاني كان محط الحديث عن الاشتقاق في اللغة
الأمازيغية عبر أربعة مباحث؛ خصص الأول لتحديد الاشتقاق في هذه اللغة وما يكتنفه من
إشكاليات. فيما خصص المبحثان الثاني والثالث على التوالي لاشتقاق الأفعال ثم اشتقاق
الأسماء المختلفة. أما المبحث الأخير فقد كان محوره النحت والتركيب. وبالنسبة
للمنهجية المتبعة وخاصة في الفصل الثاني، فليست محددة بدقة؛ إذ كانت خلاصة ما
اطلعنا عليه من الدراسات اللسانية الأمازيغية، وسلكنا ما رأيناه أكثر السبل إيضاحا
وبيانا، معتمدين طرقا مبسطة بغية تسهيل الإدراك والفهم لغير المتخصصين. وعموما فقد
كانت الطريقة استقرائية، حيث اعتمدنا على كم هائل من الأمثلة المتنوعة يتم تحديد
القاعدة من خلالها، والانتهاء بالتالي الى نتيجة معينة.
المبحث الاول: لمحة تاريخية عن اللغة الأمازيغية.
1-1. مجال تداولها.
تعتبر اللغة الأمازيغية من اللغات العريقة والصادرة عن إحدى الحضارات العريقة في
العالم، وهي حاضرة دائما في شمال إفريقيا، و“ الاكتشافات الأنثروبولوجية الحديثة
تفصح عن كون أصل الشعب الأمازيغي يعود الى بداية تكون المجتمعات البشرية، كما يؤكد
على ذلك HANOUSE “ 1). ويتحدث ابن خلدون عن اللغة الأمازيغية - بعد أن بين أن «بلاد
المغرب لم تزل إلى طرابلس، بل وإلى الإسكندرية عامرة بهذا الجيل (الأمازيغي) ما بين
البحر الرومي وبلاد السودان منذ أزمنة لايعرف أولها و لا ما قبلها“ (2) – قائلا:
“ولغتهم من الرطانة الأعجمية متميزة بنوعها وهي التي اختصوا من أجلها بهذا الاسم“
(3). أما الحسن الوزان الملقب بليون الإفريقي، فيبدو أكثر وضوحا من ابن خلدون في
مسألة اللغة إذ يقول: ”إن الشعوب الخمسة المنقسمة (يشير الى شعوب صنهاجا، مصمودا،
زناتا، هوارا و غمارا في شمال إفريقيا أو مايسمى بالأفارقة البيض) الى مئات
السلالات وآلاف المساكن، تستعمل لغة واحدة تطلق عليها إسم أوال أمازيغ أي الكلام
النبيل، بينما يسميها العرب البربرية، وهي اللغة الإفريقية الاصيلة والممتازة
والمختلفة عن غيرها من اللغات“ (4).
و قد استعملت اللغة الأمازيغية في كل المجالات؛ فحسب سالم شاكر هناك نصوص علمية
ودينية محررة بالأمازيغية إبان حكم البرغواطيين والمرابطين والموحدين، كما ترجم
القرآن الى الأمازيغة خلال هذه الفترة(5). وإذا كانت هذه اللغة متدوالة هكذا، وبشكل
واسع عبر كل أرجاء شمال إفريقيا، فإن قرونا من الإسلام والاستعراب/التعريب، جعلتها
تنحصر في جزر جغرافية كبيرة أو صغيرة، لكن دائما من واحة سيوا بمصر الى جزر
الكاناري، “فالامازيغوفونية تهم حاليا عشرة من بلدان المغارب والصحراء والساحل. إلا
أن الجزائر والمغرب هما الأكثر احتواء للساكنة الأمازيغوفونية، ومن الصعب إعطاء
أرقام محددة لها لغياب إحصائيات لغوية6. ويعتبر المغرب أكبر بلد أمازيغي في العالم
ثم الجزائر في المرتبة الثانية؛ حيث تعد الساكنة الناطقة بالأمازيغية بالملايين في
كل منهما، أما التجمع الثالث فتكونه الساكنة التاركية الموزعة على مالي، التنيجر،
الجزائر، ليبيا، بوركينا فاسو وحتى نيجيريا “أما باقي التجمعات فتكمن في تونس وخاصة
في جربا وعشرة من القرى في الوسط الجنوبي للبلاد. وفي ليبيا نجد الأمازيغوفونية
متركزة خاصة في زوازا و جبل نفوسا حيث الساكنة مهمة ومقاومة، أما في مصر فنجد
الأمازيغية في واحة سيوا والساكنة تتراوح فيها بين 5000 و 10000 نسمة “7 . وهناك من
يقول إنها تقدر ب 200008.
وتجدر الإشارة الى أن هذا التحديد للمجال الأمازيغوفوني تقليدي؛ فإذا أخذنا بعين
الاعتبار التحولات السوسيولوجية والاقتصادية التي عرفها شمال إفريقيا وما أدت إليه
من هجرات كبرى داخل البلد الواحد سنجد كيف كان هذا العامل مهما في ظهور مجموعات
أمازيغوفونية في مدن كبرى كالدار البيضاء والجزائر العاصمة، لنقتنع بأن أرض الواقع
فرض امتزاجا لغويا وثقافيا لا يمكن إنكاره.
1-2. التطور الذي لحق الأمازيغية.
إن اللغات، بإعتبارها ملازمة للإنسان، معرضة للتطور والتغير كما يتطور هذا الإنسان
عبر مسار تاريخي طويل منذ نشأته الى يومنا هذا. وبم أن اللغة هي خير معبر عن فكر
هذا الإنسان، وهي الوسيلة التي لاغنى عنها في التواصل بين الجماعات، و تساهم في
انسجام المجتمعات و تعارفها، فإنها تعتبر صدى يعكس التغيرات السوسيوثقافية التي
تحدث داخل هذه المجتمعات. وإذا كانت اللغات في العالم اليوم تعد بالمئات، فإن
اللغويين باختلاف تخصصاتهم يتفقون على أن أغلب اللغات متفرع من واحدة من العائلتين
اللغوتين المعروفتين بالهندو- اوروبية و الأفرو- آسيوية، وإذا عرفنا أيضا أنه إلى
حدود القرن الثامن عشر كانت مثلا العديد من اللغات الأوروبية الحالية كالفرنسية
والاسبانية والايطالية... مجرد لهجات لغة واحدة هي اللاتينية، تبينا الوتيرة التي
تتطور بها اللغات.
وبالنسبة للغة الأمازيغية فهي تنحدر من اللغة الليبية؛ وهي لغة متداولة في شمال
إفريقيا منذ عصور قديمة، “وقد أشار اليها مؤلفون إغريق ولاتينيون في كتاباتهم...
وفي القرن الخامس الميلادي أشار القديس Saint Augustin الى أن سكان شمال إفريقيا
يتكلمون لغة واحدة، (وما هو موجود من الشواهد) يؤكدُ أُمومة الليبية للأمازيغية “9
وهي تُتداول في مساحة مترامية الأطراف لها لهجاتها، بالطبع، مثل باقي اللغات. إلا
أن درجة الاختلاف بين هذه اللهجات لم يكن بهذه الحدة المعروفة اليوم؛ إذ كان
التواصل يتم بشكل عادي بين مختلف المناطق، فقد تحدث ابن خلدون عن لغة متميزة، وبعده
بقرن، أي في القرن السادس عشر الميلادي تحدث ليون الإفريقي عن لغة واحدة تسمى أوال
أمازيغ.
فإذا كانت أية لغة تتطور عبر الزمان مهما واتتها الظروف، فإن الأمازيغية تميزت
بوضعية خاصة عبر التاريخ؛ فهي “لم ترق في تاريخها الى مستوى اللغة الرسمية، كما
أنها لم تستفد من إيجابيات التدوين رغم امتلاكها خطا خاصا بها، ورغم أن التعبير
الأدبي غني جدا”10 . إن غياب الاهنمام الرسمي والتدوين الوفير، منذ مدة، لكاف
بجعلها تتطور تطورا انشطاريا - لم يكن في صالحها - باستمرار، خاصة اذا أخدنا بعين
الاعتبار شساعة مجال تداولها وقلة التواصل بين مختلف ناطقيها الذين تفرقوا مجموعات
بسبب الغزو الأجنبي. وهكذا تعددت لهجاتها وأخذت الفوارق الصوتية بالأخص تتباين. أما
المعجم فأصبح يختلف نسبيا وفق طبيعة الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية للساكنات
الأمازيغية المختلفة وافتقدت نسبة منه أمام غياب التدوين وغزو لغات أخرى، إذ أصبح
الدخيل جزءا من المعجم الأمازيغي “وخاصة الدخيل العربي لقدم إقامة (الثقافة العربية
) بشمال إفريقيا، وكذا تأثير الدين الإسيلامي الذي تشكل اللغة العربية حاملته“11.كل
هذه العوامل أدت، أولا، إلى تقلص الساكنة الناطقة بالأمازيغية في شمال إفرقيا حيث
تم تعريب جزء منها، كما أدت أيضا إلى تباعد الفروق بين اللهجات الأمازيغية. وحال
هذه اللغة هو حال كل لغة لم تدرس ولم تمعير أولا، لأن ذلك يلزم ناطقيها بقواعد
ضابطة تقي الانزياح واللحن، والمعيرة هي ما تفتقده الأمازيغية. وهذا كفيل بجعلها
الى جانب عوامل أخرى تختفي وتتلاشى أمام لغات مقعدة ومدرسة حاملة لتراث مدون كبير
كالعربية أو الفرنسية، مستحضرين هنا مصير أغلب اللغات من قرينات الأمازيغية حيث
اندثرت تماما كالمصرية القديمة والفينيقية...ومنها ما أصبحت لهجاتها لغات مستقلة
كاللغات اللاتينية, وهذا ما يجعلنا نتساءل عن سر صمود هذه اللغة الى حد الآن!
في محاولة للإجابة حدد الأستاذ سالم شاكر مجموعة من العوامل التي ساهمت في صمود هذه
اللغة ونجاتها من الانقراض12، نذكر فيما يلي بعضها:
ـ العامل الديموغرافي: نجد الأمازيغة حاضرة ومحافظا عليها بالخصوص في المناطق
الآهلة بالسكان الأمازيغوفنيين؛ إذ أن الكثافة لا تسمح إلا بشكل عسير لدخول عناصر
أجنبية، بينما انتشر التعريب في المجالات غير الآهلة بشكل كبير.
ـ الجغرافيا: يتمثل هذا العامل في الانعزال في المجالات الجبلية حيث تحتفظ الساكنة
بلغتها مقابل السهول والأراضي المنخفضة التي عربت مبكرا.
ـ نظام الإنتاج وتملك المجال: يبدو أن الأمازيغية تكون في وضع مريح في مناطق ذات
التقليد ”القروي“ المتجذر في الأرض والمرتبط بالملكية الفردية العتيقة للمجال (رغم
وجود اشكال جماعية للاستغلال والتسيير).
ـ البنية الاجتماعية الانقسامية La ségmantarité : هذه البنية عمت الساكنة
الأمازيغية القديمة إذ ان هذا النظام قد يكون وسيلة ضد الاقتحام الاجنبي لكن هذا
العامل لوحده قد يفضي لنتائج عكسية.
ـ العامل السياسي: أغلب المناطق الأمازيغوفونية توافق المجالات التي جمعتها علاقات
توتر و خلاف – منذ العصر الوسيط – مع مختلف السلطات المركزية التي لم تنجح قط في
مراقبتها، هذه المناطق التي تعيش بشكل عام حياة سياسية مستقلة.
وإذا كانت اللغة الأمازيغية – كما سبق أن ذكرنا – لم ترق الى مستوى اللغة الرسمية
فإن ذلك لم يحرمها حيويتها الشديدة حيث ظلت لغة داخلية سواء في العلاقات الاجتماعية
المختلفة داخل المجتمع، أو داخل الاسرة “مع النساء حارساتها بحق وهذه نقطة ضعف
الأمازيغية وقوتها ( في الوقت نفسه )”13.
ومع إحساس نخبة أمازيغوفونية بما يهدد لغتها، منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية
القرن العشرين، وكذا تنامي الوعي بتفردها الهوياتي واللغوي تم الشروع – بشكل غير
رسمي – في مشروع مازال مستمرا الآن يروم تطبيع الأمازيغية ونفخ روح جديدة في
أوصالها. وهكذا ظهرت أعمال أدبية مختلفة مدونة بها، وبرزت عدة معاجم متنوعة، سواء
الخاصة باللهجات الأمازيغية أو”الفصيحة” الشاملة Pan-Berbère (14. أما بنية اللغة
الأمازيغية من نحو وصرف وصوت فقد حظيت بأهمية كبرى غير مسبوقة (15).وأمام الخصاص
الحاصل في المعجم الأمازيغي العصري ذي الصلة بالتطور العلمي الذي يعرفه العالم،
ظهرت العديد من الأعمال التي اشتغلت لسد هذا الفراغ بطرق مختلفة؛ بالالتجاء أولا
الى الموروث المعجمي الأمازيغي وخاصة في اللهجة التاركية وذلك عن طريق الاشتقاق
والنحت أو الالتجاء الى تقنية خلق المعجم الجديد La néologie، وإخضاع ذلك للبنية
الصرفية والصوتية الأمازيغية، كما يمكمن الالتجاء الى الاستعارة اللغوية وخاصة مع
بعض المصطلحات التي اصبحت عالمية(16).وهذا التراكم، وخاصة على المستوى المعجمي،
أصبح مصدرا يمتح منه الإعلام الأمازيغي المسموع والمكتوب منذ سنوات.
1-3.انتماء اللغة الأمازيغية:
أثيرت مسألة انتماء الأمازيغية منذ القرن التاسع عشر من قبل العديد من الباحثين
والمقارنين لتحديد القرابة الجينية لهذه اللغة “فكان j. Chompollion في مقدمته لأول
معجم مزدوج أمازيغي - فرنسي الفه V. De paradis ، أول من أشار الى أن بين
الأمازيغية والمصرية القديمة قرابة لتتوالى الدراسات والاهتمام بالأمازيغية بعد
ذلك، واختلفت الآراء حول انتمائاتها ؛ فهناك من ربطها بالباسكية وخاصة من اللغويين
الألمان(17) وهناك من أكد علاقتها بالمصرية القديمة. إلا أنه مع القرن العشرين ظهرت
دراسات تستند الى تحليل أدق وأعمق للسان الأمازيغي ولمقارنات واسعة النطاق“ (18،
مال أغلبها الى اعتبار اللغة الأمازيغية شعبة من اللغات الحامية السامية. واستند
أصحاب هذه النظرية إلى نوع من القرابة أو المجانسة على المستوى الصرفي والتركيبي،
واشتراكها في مجموعة من الجذور. إلا أن مجموعة من المستمزغين لم يقتنعوا بهذه
الفرضية و منهم A. Basset و Rossler. أما السويسري H.C.mukorovscy فقد أعاد نظرية
تقارب الأمازيغية مع الباسكية 19. والذي جعل هؤلاء غير مقتنعين بنظرية الافرو-
أسيوية هو ما لاحظوه من قدرة الأمازيغية على التركيب المزجي واستعمالها الصوادر
والكواسع Préfixes et suffixes ثم عدم تجانس حروف المعاني بين الأمازيغية و بعض
اللغات السامية، وكذا التوافق الوظيفي بين بعض الضمائر الأمازيغية وبعضها في اللغات
الاوروبية (20). أما اطروحة انتماء الأمازيغية والباسكية الى مجموعة لسانية واحدة “
فما زال يدافع عنها أن بين اللغتين توافقا معجميا معترفا به 21.
وما يؤكد هذه القرابة الأمازيغية الباسكية في نظر المدافعين عنها هو أن بعض الأبحاث
البيولوجية الحديثة اثبتت “أن بين سكان الجزيرة الإيبيرية والأمازيغ قرابة دم
أظهرتها دراسة الجينات في 542 من مختبرات العالم“ 22
“ إلا أن المدرسة الفرنسية للدراسة المقارنة اعتبرت أن الأمازيغية الى جانب السامية
والمصرية والكوشية، هي عضو في العائلة الحامية –السامية أو الافرواسيوية، وذلك منذ
M. Kohen 1949 “ 23. غير أن هناك نظريات أخرى تنطلق من أسس إديولوجية أكثر منها
علمية تروم إثبات كون الأمازيغية لغة سامية، وتسقط السامية كلها على شعبة من شعبها
وهي العربية، فأصبح أصحاب هذه النظرية يطلقون عليها العربية القديمة24 وهذا ناتج عن
الخلط المقصود والخاطئ بين العربية والسامية إذ هما ليستا مترادفتين “فالحامية
السامية ليست هي السامية فبالأحرى العربية... فاللغة العربية ليست إلا شعبة ضمن فرع
اللغات السامية المتضمنة إلى جانب العربية، العبرية، الأكادية، الفينيقية، الآرامية
واللغات الإثيوبيبة، وعندما نقول إن الأمازيغية هي فرع من الحامية السامية فهذا
لايعني أنها من العربية، وهذا لامعنى له طالما أن الأمازيغية لا تنتمي الى الفرع
نفسه مع العربية، وهذا أثبت منذ زمن” 25 ويوضح المستمزغ K. Prasse علاقة الأمازيغية
والعربية قائلا: “ليست أختا للعربية وإنما أختا للغة السامية بشكل عام، لأنه عندما
ولدت العربية، وجدت الأمازيغية وهي لغة مستقلة بذاتها منذ زمن طويل“ 26
إلا أن الجدل بين المقارنين واللغويين لم يتوقف عند انتماء الأمازيغية بل تعداه الى
مناقشة طبيعة / فرضية قرابة اللغات الحامية السامية، إذ كان السؤال المطروح هو: هل
هذا التجانس ناتج عن قرابة وراثية أم هو ناتج عن علاقة تاريخية طويلة؟ “إذ منذ
النصف الأول من القرن التاسع عشر أثيرت تحفظات حول وحدة هذه العائلة اللغوية من قبل
T. Benfey ، وتم تزكيتها من طرف العديد من المختصين بالحضارة المصرية القديمة
Egyptologues أو المهتمين بالحضارات السامية كَـ C. Broklemann الذي رفض فرضية
القرابة بين هذه اللغات وتحدث عن تأثير متبادل بين لغات متجاورة جغرافيا، لكن آخرين
يرون أن العدوى بين اللغات شملت كل اللغات المتوسطية“27 إلا أن المؤكد والمتفق عليه
بين مختلف اللغويين هو أن هناك بين اللغات السامية، الكوشية، المصرية والأمازيغية
علاقات في بنيتها العامة. وهذا ما يتطلب حسب D . Cohen دراسات أخرى متجاوزة لما هو
لغوي تؤكد قرابة هذه اللغات ووحدتها الجينية 28.
الإحالات:
* جريدة تاويزا : أنظر العدد 67 نونبر 2002 و كذلك العددان 59 و 61.
1. صديقي فاطمة.
Sadiqi Fatima. Grammaire du berbère P.17 L’Harmattan 1997 Paris.
(2). ابن خلدون عبد الرحمان : تاريخ ابن خلدون الجزء السادس ص : 139،نشر دار الفكر
الطبعة الثالثة.
(3). نفسه الصفحة 116.
(4). الحسن الوزان المعروف بليون الإفريقي : وصف إفريقيا ترجمة محمد حجي و محمد
الأخضر من الفرنسية،دار الغرب الإسلامي الطبعة الثانية ص.39 الجزء الاول.
(5). فاطمة صديقي : مرجع مذكور ص.18
(6). Salem Chaker : Berbères Aujourd’hui. Edition L’harmattan
Deuxième édition. P18
(7). Salem Chaker : IBID. P 15.
(8). Belkacem Louines : SIWA de L’autre COTE du mirage Tawiza N°77 – 3 Septembre
2003.
(9). Mohamed akli HaddaDou : Le guide de la culture berbère
Edition INA – YAS. Alger 2000.
Et Paris – Méditerranée 200. Paris.
P. 211.
(10). L. Galland : La langue et les Parlers. Cité Par M. A. Haddadou
Dans Le guide de la culture Berbère P. P. P : 260. 261. 262.
(11). M. A. HADDADOU le guide de la langue berbère. P. 249.
(12). Salem Chaker : Berbères aujourd’hui Page. 17. 18 1 9
(13) galland La langue et Les Parlers. IbID.
(14). من أهم هذه المعاجم نذكر المعجم التاركي - الفرنسي ل : شارل دوفوكو ( 1951) و
المعجم القبائلي - الفرنسي ل : جون ماري دالي ( 1982 ) و المعجم الأمازيغي -
الفرنسي لميلود طايفي ( 1991 ) . إلا أن أبرز المعاجم وأكثر ها شمولية هو المعجم
العربي – الأمازيغي لمحمد شفيق الذي صدر في ثلاثة أجزاء عن الأكاديمية المغربية.
يقول صاحبه في مقدمة هذا المعجم: “هذا المعجم يختلف إذن تمام الاختلاف عما ألفه
المتمزغون الفرنسيون من المعاجم المزدوجة من حيث إنه عني بجوهر اللغة أكثر ما عني
بخصوصيات اللهجات، عني بما أسماه الباحث الدانماركي كارل براص بالأمازيغية الأولى
Le Protoberbere “.مقدمة المعجم ج I ص 8.
15). في إحصاء قدم الباحث سالم شاكر أرقامه في كتابه les Berbères Aujourd’hui.
تبين أن 87 من 117 أطروحة أنجزت حول الأمازيغية الى حدود عام 1998 همت اللغة
الأمازيغية في بنيتها اللسانية بمختلف مستوياتها وأغلبها قدم من طرف الباحثين
المغاربة. سواء في المغرب أو في بلدان خارجية و خاصة في فرنسا.
16. نذكر في هذا الصدد معجم الأمازيغية العصرية “ Amawal n tmazight tatrart “ و هو
مزدوج أمازيغي فرنسي ، فرنسي أمازيغي Lexique du berbere moderne. نشر الجمعية
التقافية الأمازيغية - بجاية 1980 وللاطلاع على الخلق المعجمي في الأمازيغية انظر
“الخلق المعجمي الامازيغي 1945 - 1995 “ ل د عشاب رمضان. كما أن هناك محاولات
واقتراحات حول الخلق المعجمي في التخصصات العلمية المختلفة، أنظر على سبيل المثال
دراسة ل كارل كاستيلانوس أستاذ بجامعة برشلونة والمنشورة في تاويزا “ tawiza تحت
عنوان: Différents procèdes dans les création néologique ( scientifique et
technique ) en langue amazighe critère pour le choix N ° 72 et N °73
17.يرى المهتمون بالباسكية من غير الألمان وجود علاقة بينها و بين الأمازيغية إذ
“تشكل لهم اللغة الباسكية استثناء في أوروبا حيث أغلب اللغات هندوـ أوروبية، ولم
يجدوا روابط بينها وبين اللغة الباسكية وعلى خلاف ذلك و جدوا أن لها علاقات
بالأمازيغية او L’histoire. N °274 dans un interview sur le nationalisme basque.الجورجية
“ انظر :
18 شفيق، اللغة الأمازيغية بنيتها اللسانية، منشورات الفنك طبعة 1 ص ص 10 و 11. 19محمد
شفيق نفسه ص48 و حدادو، مرجع مذور ص 269.
20شفيق نفسه ص 49
21شاكر إستشهد به محمد شفيق نفسه ص 50.
22شفيق نفسه ص 50 .
23 Mohamed El madlaoui : Le berbere et L’histoire du pluranguisme au magrebe (le
cas du maroc), prologe N° 27/28 2003 Page 84
24.قدافي مؤسسة جعل على راسها الذكتور علي فهمي خشيمك و هدفها بيان عروبة
الأمازيغية إذ نشر هذا الاستاذ معجم “ الأمازيغية العربية «، بل الأغرب من هذا أن
هناك برامج تلفزيونية تبث في ليبيا لتأكيد أن العربية هي أصل لغات أخرى كالانجليزية.
25Salem chaker : apparentement de la langue berbere, cité par akli haddadou dans
le guide de la cultire berbere PP259 260
26Interview avec L’amazighisant le professeur Karl – G. Prasse, traduit de
L’anglais Par Ali amaniss, TAWIZA N° 56. 20 27.Cohen, Les chamitou - simitiques,
Le guide de la culture berbere 258 259
28. نفسه.
|