|
|
من يريد تحويل المغرب إلى ولاية تابعة للمشرق العربي؟ بقلم: محمد بودهان ـ أعلنت وزارة الثقافة المغربية ـ أم العربية؟ ـ الرباط عاصمة للثقافة العربية سنة 2003. ـ سبق أن قرر المغرب تنظيم مؤتمر الخامات والأئمة بمدينة إفران أيام 31 ماي 1، 2، 3 يونيو. لكن اضطر في الأخير إلى إلغائه تحت ضغط وابتزاز "المغاربة العرب" وجمعياتهم/وكالاتهم التي تمثل وتحمي بالمغرب الإيديولوجية العروبية المحتضرة، مثل خالد السفياني وجماعته وجمعيته. ـ انعقد مؤخرا بالمغرب، أيام 27، 28 و29 ماي، مؤتمر اتحاد المحامين العرب، الذي قرر "محاكمة" بوش وشارون باقتراح من مجموعة العمل الوطنية (المغربية) لمساندة العراق وفلسطين. ـ خصص مجلس النواب المغربي يوم 26 ماي جلسة للتضامن مع فلسطين والعراق تحدث خلالها نواب الأمة ـ الأمة المغربية أم الأمة العربية؟ ـ عن "انتمائنا العربي"، و"أمتنا العربية" وأن "فلسطين قضية وطنية"... ـ يعتزم المغرب، في الأيام المقبلة، استضافة مؤتمر الفكر العربي ببلادنا. ـ مجموعة من المحامين المغاربة، يتزعمهم مجنون العروبة خالد السفياني، ينافسون ويستبقون غيرهم من المحامين العرب الحقيقيين في تنصيب أنفسهم مدافعين عن صدام حسين. ـ نفس المجنون يعلن عن تأسيس هيئة دولية لإطلاق سراح الفلسطيني مروان البرغوتي يكون مقرها بالرباط. ـ من يتابع مشاهدة التلفزة المغربية سيلاحظ تنامي التوجه المشرقي العروبي الواضح عند القناتين، وبشكل فيه استفزاز واستهتار بمشاعر المغاربة الحقيقيين، كما يظهر ذلك جليا من خلال برامجها وأفلامها ومسلسلاتها وأخبارها وضيوفها وأغانيها على الخصوص. كل هذه الوقائع، وغيرها كثير، تبين أن هناك مرحلة جديدة من الاستعراب القومي والهوياتي والثقافي والفكري والإيديولوجي للمغرب وإلحاقه بالمشرق كولاية تابعة وخاضعة للنفوذ العربي، مرحلة جديدة تبين أن "العهد الجديد" هو حقا جديد في هذه "القفزة النوعية" التي جعلت التبعية للمشرق ـ قوميا وهوياتيا وفكريا وثقافيا ولغويا وإيديولوجيا ـ أكثر متانة وقوة مما كانت عليه في السابق. المفارقة الغريبة في هذه الهرولة المتزايدة نحو المشرق، أنه كلما أشرفت الإيديولوجية العروبية، بمظاهرها القومية والناصرية والبعثية، على الموت والانقراض ودخلت مرحلة الغيبوبة والاحتضار، كلما نشطت وانتعشت واستعادت عافيتها بالمغرب، ونشط وانتعش المدافعون عنها والمتمسكون بها الذين يعيشون، باقتياتهم من حطام ما تبقى من تلك الإيديولوجيات العروبية الهالكة والمتهالكة، كالغربان التي لا تنتعش إلا مع وفرة الجيف وكثرة الحيوانات النافقة. عندما كتبنا، في العدد السابق، بأن إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية قد يعزز التوجه العروبي بالمغرب لأن أي اعتراض على هذا التوجه سيُرد عليه: «انظروا، لقد أنشأنا لهم معهدا ملكيا للثقافة الأمازيغية فدعونها نتفرغ لخدمة العروبة وانشغلوا أنتم بمعهدكم وتيفيناغكم»، لم نكن إذن مبالغين ولا مجانبين للصواب. فالواقع يثبت يوميا صحة هذه الملاحظة. إذا كانت شرذمة من "المغاربة العرب"، مثل خالد السفياني ومجموعته، يعملون جاهدين ـ بل ومجاهدين ـ لتحويل المغرب إلى ملحقة تابعة وخاضعة للمشرق العربي، ينصّبون أنفسهم عمالا عليها لتطبيق تعليمات مراكز القرار الإيديولوجي العروبي، فإن السلطة الحاكمة بالمغرب لا ينبغي أن ترضخ لضغوطاتهم وابتزازاتهم حتى تلغي قرارا سبق أن اتخذته لعقد مؤتمر دولي ببلادنا. فهذه السلطة تمثل المغاربة الحقيقيين وليس "المغاربة العرب" الذين يتخذونها رهينة باسم العراق وفلسطين والقضايا العربية التي يجدون فيها تعويضا عما يعانونه من نقص فظيع في الوطنية تجاه بلادهم. وهنا يجب أن يكون السؤال واضحا ومباشرا: من يحكم المغرب؟ السلطة الشرعية أم حفنة من "المغاربة العرب" الذين يبتزون هذه السلطة بهدف خدمة قضاياهم العروبية التي لا علاقة لها بقضايا المغرب ومشاكله؟ كم عرف المغرب من انتهاكات لحقوق الإنسان بلغت أوجها مع سجن تازمامارت! لكن متى رفع هؤلاء "المغاربة"، الذين نصبوا أنفسهم اليوم محامين عن صدام "المظلوم"، دعوى يطالبون فيها بمقاضاة المسؤولين عن تازمامارت؟ بل متى أصدروا بيانا فقط ينددون فيه بما كان يجري بهذا السجن الرهيب؟ متى دعوا إلى تنظيم تظاهرة شعبية تضامنا مع معتقلي تازمامارت كالتي ينظمونها تضامنا مع العراق وفلسطين؟ لكن إذا لم يفعلوا ذلك فلأنهم كانوا منطقيين مع أنفسهم: فتازمامارت قضية مغربية وليست عربية. إذا كانت السلطة قد عزمت، منذ أحداث ماي 2003، على محاربة الإرهاب، فإن هذه المحاربة لن تكون فعّالة إلا بتجفيف منابعه والقضاء على العوامل التي تغذيه وتشجع عليه. هذه المنابع وهذه العوامل هي ما ينشره هؤلاء "المغاربة العرب" من أفكار شرقانية وما يروجونه من إيديولوجية عروبية تجعل من المغرب كيانا تابعا لمشرقهم العربي. والقطع مع هذه الأفكار وهذه الإيديولوجية لن يكون إلا برد الاعتبار للأمازيغية كأيديولوجية وطنية بديلة عن الإيديولوجية العروبية التي غزت واستلبت عقول الكثير من المغاربة الذي أصبحوا، نتيجة لذلك، لا يشعرون بانتمائهم إلى المغرب إلا كممثلين للمشرق العروبي بهذا البلد الأمازيغي الإفريقي الذي يعتبرونه ولاية ملحقة ببلدانهم العربية.
|
|