|
إلى أية جهة من المغرب ينتمي محمد شكري؟ بقلم: محمد بودهان كتبت جريدة Le matin المغربية خبرا/مقالا عن وفاة محمد شكري يوم 15/11/2003 بعنوان: "وفاة مؤلف الخبز الحافي". جاء في المقال وهو يعرض لحياة الكاتب: "ولد محمد شكري ببني شيكر، بعد ذلك انتقلت عائلته إلى طنجة في 1942، ثم إلى تطوان فوهران". بالنسبة لمن لا يعرف إلى أية منطقة من المغرب ينتمي محمد شكري، لا يستطيع أن يحدد انتماءه الجهوي انطلاقا من مجرد الإشارة إلى مسقط رأسه "بني شيكر". لأن هذه القرية الصغيرة المنسية لا يعرفها إلا سكانها ومن يجاورهم داخل إقليم الناظور. فالذين اكتفوا بالإشارة إلى "بني شيكر" دون أن يوضّحوا أن هذه القرية تقع قرب الناظور أو مليلية أو بالريف، يبدو كأنهم لا يريدون أن يعرف القارئ أن هذا الكاتب من الريف. فلو تعلق الأمر بكاتب ولد بـ"مولاي يعقوب"، أو بـ"سيدي حرازم" أو بـ"لمهاية"... فهل كان صاحب المقال سيكتفي بذكر هذه القرى دون أن يضيف: "بناحية فاس" أو "تبعد عن فاس بكذا كيلومترا.." حتى يعرف القراء أن الكتاب من فاس؟ لماذا إذن لم يذكر المقال أن محمد شكري كاتب ريفي، بكل وضوح، بل بكل اعتزاز وافتخار؟ لا شك أن التنصيص على أن كاتبا، سحق بشهرته ليس كل كتاب المغرب فحسب بل كل الكتاب العرب، ينتمي إلى الريف، يتطلب كثيرا من الشجاعة والنزاهة والوطنية والتجاوز لأحكام وأفكار مسبقة. وهو ما لا يتوفر دائما بالقدر الكافي عندما يتلق الأمر بالريف والريفيين الذين يجتمع ضدهم ظرفان من ظروف التشديد Conditions aggravantes في حقهم: أ ـ كونهم أمازيغيين، ب ـ كونهم أمازيغيين من الريف "الملعون" تحديدا. كيف لمنطقة فرض عليها الإعلام والأفكار المسبقة أن تشتهر بالتهريب والهجرة السرية أن تنتج أشهر كاتب مغربي؟ إنه شيء لا يصدق ولا يقبل. ومن هنا نفهم لماذا طلب من شكري أصدقاؤه من الكتاب الذين ينتمون لغير الريف ولغير الأمازيغية أن يحذف تلك الجمل الأمازيغية من كتابه الخبز الحافي، عندما عرضه عليهم قبل طبعه. ربما حتى لا تنبّه تلك الجمل القارئَ إلى المنطقة واللغة اللتين جاء منهما شكري. إذا كان الخبز الحافي قد منع بالمغرب لأزيد من عشرين سنة، فذلك لأن صاحبه ارتكب خطيئتين إثنتين: ـ إنه كاتب ينتمي إلى جهة "محرمة" وملعونة ومهمشة. ـ كتب عن "المحرمات" والملاعين والمهمشين. وليس صدفة أن أشهر وأعظم كاتبين بالمغرب، وهما محمد خير الدين ومحمد شكري اللذان يشتركان في الانتساب إلى المناطق واللغة "الملعونة" و"المحرمة"، ظلا لمدة طويلة "ملعونين" و"محرمين". |
|