|
الحركة الأمازيغية: الوضعية الراهنة وشروط التنسيق بقلم: عسّو بحاج (الخميسات) إن كل متتبع لمسار الحركة الأمازيغية لا بد وأن يلاحظ أنها تعيش حالة من الفتور والجمود منذ تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على المستوى الوطني، مقارنة مع التراكمات الهائلة التي تم إنجازها في عقد التسعينات حيث لم نعد نسمع أي شيء يذكر عن التنسيقية الوطنية. في حين حفلت الساحة الأمازيغية المحلية والجهوية بميلاد عدد هائل من الجمعيات التي تتوخى النهوض بالأوضاع الثقافية والاجتماعية المحلية ورفع الحيف عن المناطق المهمشة حيث إن المتتبع للإعلام الأمازيغي المكتوب لا بد وأن يثير انتباهه عدم خلو أي عدد من صحيفة أو جريدة من الإعلان عن ميلاد جمعية جديدة تعنى بهذا الشأن. كما تجدر الإشارة إلى تطور آليات النضال الأمازيغي حيث أصبحنا نسمع عن فاتح ماي أمازيغي في الخميسات، خنيفرة وأكادير... بعد ما كان الأمر سابقا يقتصر على موقعي الرباط والبيضاء. ولقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن العمل التنسيقي المحلي والجهوي الذي تستدعيه عدة عوامل نذكر منها: ـ تزايد الجمعيات بشكل لافت للنظر، تبادل التجارب والخبرات بين الإطارات عن طريق عقد الشراكات الثنائية والجماعية، الرغبة في الرقي بأوضاع الجهة إلى مستوى أفضل... ولا يفوتنا أن نشيد بما تقوم به بعض التنسيقيات الجهوية من أعمال جليلة في هذا الميدان كلجنة قاضي قدور بالريف وكنفيديرالية طاطا بالأطلس المتوسط وتمونت ن يفوس بالجنوب. ولإنجاح أي عمل تشاركي، أي عمل تنسيقي سواء كان محليا، جهويا أو وطنيا، لا بد من توافر مجموعة من الشروط نراها ضرورية لإنضاجه نجملها في ما يلي: ـ الديموقراطية كقاعدة للتعامل بين مكونات النسيج الجمعوي المشكلة للتنسيق. وحينما نتحدث عن الديموقراطية لا بد أن نستحضر القيم المتفرعة عنها، والتي بدونها لا يمكننا الحديث عنها. ـ التسامح: أي الابتعاد عن الغلو والتطرف في التمسك بمنطلقات ومواقف كل إطار على حدة، واستبعاد الأحكام الجاهزة التي يتم إسقاطها عن الإطارات المخالفة، وعن محاكمة نوايا الآخرين، ما دامت الديموقراطية نفسها تضمن لنا حق الاختلاف والتعبير عن مواقفنا الفكرية حرية.
ـ الحوار: وهذا العنصر يكمل ما جاء به العنصر الأول، ويعني تجنب التسلط والاستئثار بالرأي الواحد في التسيير، والعمل على فتح قنوات النقاش الجدي والمسؤول بين الجميع يتوخى منه الصالح العام للوطن عموما وللأمازيغية خصوصا. ـ التمثيلية على أساس قاعدة التساوي: إن تمثيلية الإطارات الجمعوية المنضوية تحت لواء التنسيق، يجب أن يكون بشكل متساوٍ، مهما كانت سمعة الإطار وامتداده محليا، جهويا أو وطنيا، لا على أساس قاعدة القوي والضعيف. ـ تدبير الاختلاف: إن صياغة القانونين الأساسي والداخلي والتصور الذي يعمل في إطاره المنسقون، لن يكتب له النجاح إلا إذا تم التوافق على الحد الأدنى من النقط المشتركة، أي أن نعمل على ما هو مشترك بيننا، وما اختلفنا حوله نتركه جانبا، أو نؤجله للمستقبل. ـ عقلنة العمل المشترك: والعقلنة تعني الابتعاد أثناء العمل عن العواطف الزائدة والتحامل الإيديولوجي الزائف والحساسيات السياسوية الضيقة والالتزام بالضوابط العلمية للعمل الثقافي والتنموي وبما يفرضه الواقع من شروط وإكراهات موضوعية. ـ الشفافية والوضوح: ليس فقط بين أعضاء التنسيق، وإنما نقصد به أيضا العمل في ظل القانون، لأن الحركة الأمازيغية حركة حضارية وسلمية نشأت في ظل الشرعية القانونية وتعمل في إطارها. ـ إنجاز ميثاق للتنمية الثقافية والاجتماعية تتوخى من خلاله التأسيس لمجتمع حداثي يسوده التعدد اللغوي (محاربة الميز اللغوي) وقيم العدالة الاجتماعية والحداثة وحقوق الإنسان والتوازن بين الجهات. إن تأسيس تنسيقية وطنية للجمعيات الثقافية الأمازيغية لن يتأتى إلا عن طريق بناء تنسيقيات جهوية ومحلية قوية، تحافظ في ظلها الإطارات الأعضاء على استقلالها الأدبي والمالي. |
|