|
افتتاحية: لأول مرة تظاهرة مغربية خالصة، لكن بفضل الإرهاب! بقلم: محمد بودهان إتشكل التظاهرة الشعبية ضد الإرهاب ليوم الأحد 25 ماي بالدار البيضاء حدثا فريدا من نوعه وغير مسبوق في تاريخ المغرب الحديث، ليس من حيث عدد المشاركين فيها، لأنه سبق أن نُظّمت في السنوات الماضية تظاهرات مليونية من نفس الحجم أو أكبر من ذلك بكثير. تظاهرة 25 ماي حدث فريد وجديد فقط لأن التاظاهرة كانت مغربية مائة في المائة. فجميع التظاهرات الشعبية السابقة عن الأحداث الإرهابية للدار البيضاء لم تكن مغربية لا ببواعث تنظيمها، ولا بموضوعها، ولا بالشعارات التي كانت تردد أثناءها، ولا بالرايات التي كانت ترفع خلالها. فموضوع هذه التظاهرات كان دائما قضايا عربية مشرقية، وبواعث تنظيمها هي مناصرة هذه القضايا الأجنبية والغير المغربية، كقضية فلسطين والعراق بالخصوص، وشعاراتها هي التنديد بـ"أميريكا الإمبريالية" و"إسرائيل الصهيونية"، والرايات المرفوعة مشرقية لا علاقة لها بالمغرب ولا بالمغاربة. أما تظاهرة 25 ماي فقد كانت مغربية بموضوعها الذي هو تفجيرات الدار البيضاء الإرهابية، وبأسباب تنظيمها التي هي مناهضة الإرهاب والتنديد بالأعمال الإجرامية ليوم 16 ماي. كما كانت مغربية ـ وهذا هو الأهم ـ بالشعارات التي رددت وبالرايات التي رفعت، والتي هي كلها مغربية. أما المشرق فلم يكن حاضرا إلا بشكل غير مباشر من خلال التنديد بالإرهاب الإسلاموي ذي الأصول المشرقية. هكذا إذن اكتشفت الهيئات والأحزاب التي دعت إلى هذه التظاهرة، والتي كان ولاؤها للمشرق يفوق ولاءها لوطنها، مغربَها ووطنها وانتماءها المغربي الأصيل الذي كادت أن تنساه لكثرة ارتباطها بالمشرق ودفاعها عن قضاياه. لكن هذا الاكتشاف المتأخر للذات وللهوية وللانتماء إلى المغرب تم ـ ويا للمفارقة! ويا للأسف! ـ بفضل الإرهاب الذي ضرب الدار البيضاء يوم 16 ماي. فهل كان لابد أن يضرب الإرهابُ وتُفجر القنابل ويُقتل الأبرياء لتعي أحزابنا أنها مغربية وموجودة في بلد اسمه المغرب، مستقل وبعيد جدا عن المشرق؟ إن أحداث 16 ماي أكدت مرة أخرى ما كتبناه مرارا في هذا المنبر من أن المشرق لا يأتينا ـ ولم يأتنا ـ منه سوى الإرهاب والفساد والتخلف. إنه لمما يسر أن نرى أحزابنا، التي كان هيامها بالإيديولوجيات المشرقية يتجاوز حبها لوطنها، تكتشف فجأة، بعد أحداث 16 ماي، مخاطر الارتباط الإيديولوجي والفكري والثقافي بالمشرق. لكن بعد أن اكتشفت مغربها، بقي عليها أن تكتشف الأمازيغية التي تشكل أساس وجوهر هذا المغرب. فلا يكفي لهذه الأحزاب أن تردد شعارات وترفع رايات مغربية لتتخلص من السحر القاتل للمشرق، بل عليها أن تعي وتعلن في قوانينها ونصوصها وإعلامها أن المغرب بلد أمازيغي وبهوية أمازيغية مستقلة ومتميزة عن العرب والعروبة. فعسى أن تكون تفجيرات الدار البيضاء سببا لترسيخ الهوية الأمازيغية للمغرب والعودة إليها والتعلق بافتخار بها. فيكون ضحايا تلك الاعتداءات الإرهابية لم يموتوا سدى، بل شهداء ضحوا بأرواحهم من أجل تحرير الوطن من الاستعمار الفكري والثقافي والإيديولوجي، البعثي والوهابي المشرقي. |
|