|
الأمـازيغـية وسـؤال التنسيــق بقلم: اعزيزو إدريس (الخميسات) تقدم لنا التجربة القبايلية، من حيث هيكلتها وتنظيمها وقدرتها على التعبئة والضغط، النموذج الأمثل والمرجعية الحية. ولعل العامل الجغرافي لعب دورا أساسيا، إلى جانب عوامل أخرى، في دفع هذه التجربة إلى كسب رهان التنظيم القوي، الشيء الذي لازال لم يتحقق في المغرب. في هذا الإطار، يمكن طرح التساؤل التالي: نحن أمازيغ المغرب، ماذا نريد بالتحديد؟ وكيف يمكن تحقيق ما نريد؟ ... فربما يستدعي الأمر فتح حوار موسع داخل الحركة الأمازيغية بالمغرب، من أجل بحث الآفاق وتحديد التوجه والبرنامج العام الذي يلزم اتباعه، لكي لا نبقى محكومين بالإنتظارية تارة وبردود الفعل تارة أخرى. فإلى حد الآن، ينبغي الإقرار أن المكسب الوحيد الذي تحقق نتيجة ما يقرب أربعين سنة من عمل الحركة الأمازيغية بالمغرب، إضافة إلى عوامل خارجية، هو الاعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب. دون ذلك، لا يمكن الحديث عن مكاسب أخرى الآن، فالترقب والانتظار عموما هو السائد داخل الحركة الأمازيغية، فمتى سيتم تجاوز هذا الوضع، وضع الترقب الانتظار؟ لقد استطاعت الحركة القبايلية أن تعبئ القبايليين للتصدي بوعي لكل الإصلاحات السياسية التي لم تأخذ في الحسبان المطالب الجوهرية والمشروعة للحركة الأمازيغية بالجزائر. وقد خلق هذا الوضع أزمة سياسية خانقة، يستحيل على النظام الجزائري حلها ديمقراطيا، دون الوقوف عند هذه المطالب، واعتبار الحركة الأمازيغية طرفا أساسيا في أي تفاوض مستقبلي، وهذه القوة والمناعة التي اكتسبتها هذه الحركة هي ثمرة التنظيم الذي تتسم به. هنا وفي الظرف الراهن، يبدو أن العمل التنسيقي مطروح أمام الحركة الأمازيغية. ومن الناحية العملية، يمكن القول إن الشروع في التنسيق، محليا وجهويا، في مختلف مناطق المغرب، قد بدأت بوادره وتجليا ته تظهر، إلا أن هذا العمل التنسيقي لازال محدودا، وفي حاجة إلى توسيع دائرة النقاش حوله، داخل الحركة الأمازيغية، من أجل استحضار كل الصعوبات والعوائق التي تعترض سبيله، والتي من ضمنها عدم الانسجام، على مستوى الخطاب، الذي تتحدث عنه بعض الأطراف داخل الحركة الأمازيغية، والتي تحكمها منطلقات حزبية معينة. لنقر أننا لسنا أمام خطاب أمازيغي موحد، وأن مسألة تحصين الذات أمر مطلوب، خصوصا وأن الخصوم كثر، وأن عملية اختراق الحركة الأمازيغية شيء ملحوظ. إن الحاجة إلى برنامج عام، وإلى تحديد الخطاب السائد داخل الحركة الأمازيغية، لا يعني تقزيما أو إضعافا لها، بل يعني إزالة اللبس الذي قد تخلقه وتسببه التصورات التي لها منطلقات حزبية يسارية أو إسلاموية أو غيرهما، كما يعني تجاوز مقولة اللاانسجام في الخطاب والمرجعية، إذ يمكن أن نقبل بالاختلاف والتعدد في أشكال وطرق العمل، وهذا ليس عائقا، لكن المرجعية الفكرية والخطاب ينبغي أن يتميزا بالانسجام والوضوح لصالح القضية الأمازيغية. فمن الأمور التي تعترض سبيل الحركة الأمازيغية، أيضا، مسألة الديمقراطية الداخلية، إذ يفرض المستقبل توفير هذه المسألة كشرط أساسي لتقدم الجمعيات الثقافية الأمازيغية، فلا يمكن إنجاح التنسيق على المستوى الوطني، إذا كانت إطاراتنا الثقافية الأمازيغية تشكو من انعدام الديمقراطية الداخلية. في هذا السياق، يمكن الإدلاء بالملاحظتين التاليتين: ـ استمرار نفس الوجوه القديمة على رأس الجمعيات الثقافية الأمازيغية الوطنية.. ففي نظري، هذا الوضع ينم عن خلل ما داخل هذه الإطارات، ينبغي تصحيحه من الداخل، خلل الزعامة المستديمة القاتلة التي ينتفي معها مبدأ الديمقراطية الذي تتبناه هذه الإطارات في قوانينها الأساسية، فهذا الوضع غير الصحي، وهذه الذهنية السائدة يجب أن تتغير، حتى لا نكرس ما ننتقده لدى الغير. وهذا لن ينقص شيئا من الرصيد النضالي لهذه الوجوه، بل سيزيدها ويزيد خطابها مصداقية وقوة حتى خارج إطاراتها الجمعوية تلك. ـ الملاحظة الثانية تتمثل في كون تسمية هذه الجمعيات بالوطنية هي تسمية مجانبة للواقع، اللهم إذا أطلقناها تجاوزا وتمييزا لهذه الجمعيات عن الأخرى. فالواقع يقول إن فروع هذه الجمعيات لا تغطي معظم أقاليم ومدن المغرب. فحسب علمي، لا توجد، مثلا، بمدينة خنيفرة أو مريرت أو الناظور.. فروع للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي أو لجمعية تماينوت، كما أن هذه الجمعيات يغلب عليها طابع جهوي معين. فقد يكون الظهور المتزايد والمسترسل للجمعيات الثقافية الأمازيغية المحلية بالخصوص، عبر مناطق المغرب، خلال السنوات الأخيرة، وظهور تكتلات جمعوية جهوية يمثل ردا واقعيا على هذا الوضع. فهذا الظهور الملحوظ للجمعيات الثقافية الأمازيغية المحلية يعبر عن ضرورة الوعي باستحضار كل الخصوصيات الجهوية، إذ أن هذه الخصوصيات تنتصب كشرط أساسي في أي عمل مشترك. إلا أن معطى الإطارات المحلية، إذا كان يعبر عن الوعي المتنامي بالقضية الأمازيغية في مختلف مناطق المغرب، فهو يطرح مسألة التنسيق على المستوى الوطني الذي فشل في السابق.. فإلى جانب الدور المنوط بهذه الجمعيات في التحسيس والتوعية بالقضية الأمازيغية ومطالبها المشروعة أمام محدودية قنوات التصريف، يبقى العمل التنسيقي والتكتل على أوسع نطاق، مطلبا ملحا، يمثل تحققه مرحلة أساسية من مراحل الحركة الأمازيغية.
|
|