|
الحركة
الإسلامية
والمطالب
الأمازيغية بقلم:
أوعطّا (تنغير) تقديم:
خصصت
جريدة "التجديد"
ملفها ليوم
الجمعة 12
يوليوز 2002،
العدد 414،
لمقاربة بعض
الجوانب
المتعلقة
بالأمازيغية
تحت عنوان "مستقبل
الحركة
الأمازيغية
بعد تأسيس
المعهد
الملكي
للثقافة
الأمازيغية".
إلا أن مضمون
الملف كان
عاما، وعبارة
عن "نقد"
للحركة
الأمازيغية
بالمغرب.
وتكّون أساسا
من افتتاحية
ومقالين
منفصلين
لمحمد يتيم
ومصطفى
الخلفي، فضلا
عن حوار
مقتضب مع
الحسين
أوعزّي. ومن
خلال ما كتب
تم التأكيد
مرة أخرى على
مواقف
الإسلاميين
المعروفة من
القضية
الأمازيغية،
لكن بصيغة
توهم القارئ
باهتمامها
بالشأن
الأمازيغي
ومساندتها،
على الأقل،
لبعض مطالبه.
غير أن
إكثارها من
الثوابت التي
تنصب نفسها
حارسة عليها،
وببّغاويتها
في ترديد
الخطاب
الرسمي حول
الهوية
المغربية،
يسقطان
المشروعية
حول زعم
الحركة
الإسلامية
دفاعها عن
الأمازيغية
لغة وهوية. في
هذه الورقة،
سنحاول
الوقوف على
المفاهيم
التي ركز
عليها
الكاتبان
السالفا
الذكر في
نقدهما
للحركة
الأمازيغية،
لنصل في
الأخير إلى
اللبس الذي
يقصد
الإسلاميون
لفّ رأيهم
فيه،
واستجلاء
تصورهم
الحقيقي/المختفي
من القضية
الأمازيغية
وما يقتضي
ذلك من توضيح
لحقيقة وهوية
الحركة "الإسلامية". 1
ـ الهوية
الأمازيغية:
جاء
في افتتاحية
الملف أن "الهوية
المغربية
نسيج متفاعل
تفاعلا
تاريخيا
وجدليا بين
مكونات منها
ما هو
أمازيغي،
وعربي
وأندلسي
وإفريقي
وأوروبي...
والإسلام هو
المرجع...".
وكأن الكاتب
هنا يتحدث عن
طبق غذائي
يحمل نكهات
مختلفة
بجرعات
متساوية، أو
تفاعل فزيائي
بين عناصر
متكافئة في
محلول مرجعي
هو الإسلام.
وانتقد محمد
يتيم ما سماه
بالتصور
السكوني،
الشوفيني
لمفهوم
الهوية لدى
الأمازيغيين،
الذين
يعتبرون
المغرب بلدا
أمازيغيا،
مغتنيا
بثقافات أخرى.
ويبرر موقفه
بأن بعض
عناصر الهوية
تتغير، وأن
العنصر
الثابت هو
الدين،
وبالتالي وجب
اتخاذه
معيارا.
ويبدي الكاتب
هنا قصورا في
استيعاب
مفهوم الهوية
الثقافية
وكيفية
تشكلها، إذ
يتم استحضار
الإسلام
دائما في
حديث
الإسلاميين،
وكأن هناك
خلافا حول
تدين المغرب
به. فالهوية
الثقافية لا
تختزل فقط في
اللغة
والعادات
والتقاليد
والدين، بل
تتجاوز ذلك
إلى كل
ما يجمع بين
عناصر مجموعة
بشرية معينة
ويميزها عن
مجموعات أخرى.
وإذا كان
صحيحا أن
معايير اللغة
والعادات
والأفكار...
تغتني
باستمرار عبر
التاريخ، إلا
أن جوهرها لا
يتغير إذ
يبقى هو هو ما
دام حاملها
على قيد
الحياة. "أما
العقيدة فهي
مكون غير
أصلي، وإنما
هي مكون
إضافي يلحق
بذات الشعب
عندما تتموضع
إرادته على
أفكار عقيدة
أو دين معين"(1).
فشعوب الأرض
تمايزت
واختلفت، قبل
ظهور الإسلام
مثلا، وحتى
مع توسعه،
فلا يمكن
الادعاء
بتطابق
المجتمعات
التي تدين
به، بل تختلف
في كل شيء،
باستثناء
الشعائر
الدينية.
لهذا لا يجب
مقابلة
الإسلام
بالهوية
الثقافية،
واعتباره
مصدرها
ومرجعيتها،
وإنما هو
معيار واحد
من بين أخرى.
أما جعل مكون
الأمازيغية
جنبا إلى جنب
مع مكونات
أخرى في
تحديد هوية
المغرب،
والقول بأن
أمازيغية
المغرب،
متخيلة
وصادرة عن
شوفينية، فإن
ذلك يدل عن
جهل أو تجاهل
لمبادئ
العلوم
الإنسانية
في هذا
الشأن، وخاصة
الأنتروبولوجيا.
فإذا كان
الأمر كما
يعتقد
الإسلاميون،
فأين انصهرت
هذه المكونات
وأين تلاقت،
إذ لا يمكن أن
تأتي وتتفاعل
في العدم. إن
هذه البوتقة
التي استجمعت
هذه
التأثيرات
كلها هي
الشعب
الأمازيغي
المتواجد
بشمال
إفريقيا منذ
آلاف السنين.
إن المكون
العربي،
الأوروبي،
الإفريقي،
الأندلسي
واليهودي (الذي
لم يذكر) كلها
روافد
ومؤثرات
اغتنت بها
الأمازيغية
لأن نسبتها
ضئيلة جدا
مقابل أغلبية
الشعب
الأمازيغي.
فالقليل يذوب
في الكثير
حيث يفقد
خصائصه
ويستبدلها
عفويا بقيم
ورموز
الأغلبية.
وقد تنبه ابن
خلدون إلى
هذه القاعدة
منذ عهده إذ
قال "وألقت
الأندلس
أفلاذ كبدها،
ولم يلبثوا
أن انقرضوا
وانقطع سند
تعليمهم في
هذه الصناعة (الملكة
اللغوية)
لعسر قبول
العدوة لها
وصعوبتها
عليهم بعوج
ألسنتهم،
ورسوخهم في
العجمة
البربرية"(2).
وما قاله ابن
خلدون عن
الأندلسيين
ينطبق
عن اليهود،
وبضعة من عرب
بني هلال
الذين دخلوا
المغرب في
العهد
الموحدي
بالخصوص. فأن
يعلن بعض
القوميين
العروبيين
عروبة
المغرب،
وتعلنون
أنتهم، أيها
الإسلاميون،
أنه عربي
إسلامي، فإن
الأمر جد
عاديّ
وطبيعي، رغم
ما في ذلك من
إقصاء وإخفاء
للحقيقة. أما
أن يعلن
الأمازيغيون
أمازيغية
المغرب
المنفتحة على
الثقافات
الأخرى، فذلك
صادر عن
شوفينية
وتطرف وكره
للإسلام. هذا
الطرح
الشوفيني
يسقط في دعوى
"التفرقة
داخل المغرب،
وفصل المغرب
عن العمق
العربي
الإسلامي".
وهو يقول هذا
ينطلق من
مسلمة عروبة
المغرب، التي
لا تسقط
بالمقابل في
دعوى التفرقة
رغم أمازيغية
المغرب، بل
بالعكس. ثم
إذا كان
البعد العربي
الإسلامي
عميقا إلى
هذه الدرجة
في المغرب،
فماذا سنقول
عن الأصل
الأمازيغي؟
يفترض هنا
اعتباره
وافدا وطارئا
على العمق
العربي
الإسلامي؟!..
وهل الإقرار
بأمازيغية
المغرب فصل
للمغرب عن
إسلامه؟!
إنها
إشكاليات
متخلفة
وتافهة، غير
جديرة بأن
تطرح. 2
ـ المطالب
الأمازيغية
مرفوضة
لطبيعة
الخطاب
الأمازيغي:
لا
يفوت
الإسلاميين
التذكير كل
مرة بالطابع
اللائكي (اللاديني
حسب فهمهم)
للخطاب
الأمازيغي،
ما يعني
مباشرة "معاداة
الإسلام
عقيدة وشريعة
وتاريخا،
وللرؤية
الإسلامية
للتاريخ..
ناهيك عن
الحساسية
المفرطة لكل
ما هو عربي،
سواء كان
تاريخا أو
لغة أو ثقافة
أو فتحا... كما
أن المطالب
الأمازيغية
توجد على
أرضية ملغومة...
متنكرة
لقضايا الأمة
مثل قضية
فلسطين...
والمتبنية
لأطروحة
مشبوهة، بما
تتضمنه من
نزعة
انفصالية
ومضمرات تجعل
المتتبع يطرح
ألف سؤال حول
ولائها
الوطني". هذا
كلام محمد
يتيم من خلال
ملاحظاته حول
الحركة
الأمازيغية. وإذا
كانت عدالة
المطالب
الأمازيغية
لا تترك
لهؤلاء أية
حجة
لمعارضتها،
أو أي مجال
للمناورة،
فإن ما جاء
ذكره أعلاه،
يمثل ملجأهم
للوقوف
أمامها
وتضليل الناس
حولها، وهم
المدعون
دفاعهم عن
الإسلام. فما
علاقة
المطالب
الثقافية
والاقتصادية
ذات الصلة
بالأمازيغية
ـ باعتبارها
لغة وثقافة
شعب مسلم ـ
بالدين،
والعلمانية
والولاء
الوطني؟!..
وإذا كان
المُطالب
بهذه الحقوق
سيئ النوايا،
فما الذي
يمنع الحركة
الإسلامية من
تبنيها
والدفاع
عنها، بشكل
رسمي وموثق،
باعتبار ذلك
واجبا
إسلاميا؟
فالإسلام لا
يختص بلغة
ويتعارض مع
أخرى... إنها لا
تفعل ذلك،
ولا تترك من
يفعل. ويمكن
بالتالي أن
تدعي الدفاع
عن كل شيء إلا
الإسلام الذي
يقر التعدد
اللغوي
والجنسي،
واحترام
العدالة
وحقوق
الإنسان. كما
أنها لم تدقق
النظر في
مفهوم
اللائكية
فاعتبرتها
مرادفا
للادين كما
فعل محمد
يتيم.
والحقيقة أن
هذا المفهوم
يستهدف تقديس
الدين
وإعلاءه عن
السياسة التي
تنقلب من
الضد إلى
الضد، وتخضع
للحسابات
وميزان
الوقائع
المتغيرة،
كما أنها
تضمن حق
الفرد في
إقامة شعائره
الدينية.
باختصار،
إنها تقوم ضد
الاستغلال
السياسي
للدين، وضد
الركوب عليه
لخداع الشعوب
والتلاعب
بمصالحهم.
وفي هذا
النطاق، من
يثبت لنا أن
الشعب التركي
أقل تدينا من
الشعوب
العربية!؟
غير أنه لا
يجب انتظار
تغيير
الحركات
الإسلامية
عامة لنظرها
إلى هذا
المفهوم لأن
ذلك سيحرمها
من رأسمالها
ويفقدها علة
وجودها. وقد
ينكر علينا
أحدهم هذا،
ويقول إنهم
يذودون عن
الإسلام
ويأمرون
بالمعروف
وينهون عن
المنكر، وذلك
واجب إسلامي!
بيد أن
التجربة في
العديد من
بلدان العالم
الإسلامي
تبين النتائج
العكسية
والمدمرة
أحيانا، أو
المعيقة
لإقلاع
المجتمعات من
تخلفها
أحيانا،
نتيجة الركوب
على المقدس
والاحتجاج به
(من الحجة)
لتبرير
الوقوع في
المدنس
والمحرم أو
تبرير وضع
غير صحي ولا
طبيعي
والدفاع عنه
في مجتمع
معين كالمغرب. والافتراء
على الحركة
الأمازيغية
بأنها تعادي
الإسلام
عقيدة
وشريعة، هو
قذف يحرمه
الإسلام الذي
جعل محمد
يتيم نفسه
حارسه وحاميه.
فأين البينة
والحجة على
قوله؟ إنه
اتهام مجاني
ينافي قيم
الدين
الحنيف، فأين
اطلع على ما
يقول، وما هو
البيان الذي
أشارت فيه
الحركة
الأمازيغية
إلى الإسلام
أو لمحت إليه
بسوء؟ بل
تقدسه ولا
تستغله لخدمة
مطالبها،
مثلما يفعل
آخرون.
والشيء نفسه
مع اللغة
العربية، حيث
عُزّز مقال
يتيم بصورة
لمناضلين
أمازيغ
يحملون
لافتات في
مظاهرة
معينة، تتضمن
مطالبها،
وتندد بسياسة
التعريب،
فعُلّق على
الصورة "بمشهد
من
مظاهرة
نظمتها
جماعات
أمازيغية
لمناهضة
اللغة
العربية".
فهذا كذب آخر
وتضليل
للقراء
الإسلاميين
واستهزاء
بقدرتهم على
التمييز.
فمتى نظمت
مظاهرة "ضد
اللغة
العربية"
وأين؟ ومتى
تم اتهام هذه
اللغة بشيء؟
هذا اللبس
الذي قصده
الإسلاميون
في خطابهم
يكشف نواياهم
المبيتة تجاه
الأمازيغ، إذ
يعملون فقط
على النيل
منهم، وإن
اقتضى الأمر
الخروج عن
قواعد
الإسلام.
وهذا اللبس
يشمل بالأساس:
الإسلام،
اللغة
العربية،
التعريب،
والإيديولوجيا
العربو/إسلامية.
فهذه
المفاهيم
مرادفات يمكن
أن ينوب
مفهوم عنها
ويعنيها،
محولين "بذلك
هذا الدين
الذي جاء
بوحدانية
الله
والمساواة
بين الأجناس
والألسن إلى
دين عرقي"(3).
إلا أن
الحركة
الأمازيغية
تحرص على
تحديدها بدقة
وإبراز
الفوارق
بينها. فإذا
كانت لا
تجمعها أية
حساسية مع
الدين
الإسلامي
واللغة
العربية كلغة
من بين
اللغات
الأخرى،
فإنها تندد
بالتعريب
الذي يطال
الأمازيغيين،
ويروم القضاء
على ثقافة
ولغة شعب
مختلف، خلقه
الله بلسانه
المختلف
ليتعارف مع
شعوب وقبائل
أخرى،
ويتواصل معها.
وإرادة
تنحيته ـ تحت
أية ذريعة ـ
مخالف لمقاصد
الإسلام
وإخلال
بمبادئ خلافة
الله في
الأرض. فلم
يكن قط هدف
الإسلام
تعريب الشعوب.
والأدهى أن
التعريب في
بلدنا يواجه
لغة وثقافة
شعب لم تتوفر
لهما بعد
أسباب
المناعة
الذاتية "والاستيلاء
على ما لا
يستطيع
الدفاع عن
نفسه نذالة
وجبن"(4). فهل
يريد
الإسلاميون
بعد هذا أن
يصفق
الأمازيغ
للتعريب؟ وهل
بإمكانهم
التمييز
للحظة بين
الإسلام وهذا
المفهوم
الغريب عنه؟ ومن
جهة أخرى،
تنادي الحركة
الأمازيغية
بالقطع مع
الإيديولوجيا
العربو ـ
إسلامية، وهي
مجموع
الأفكار
المبنية على
أساس العرقية
العربية،
وتسخير
الإسلام
لدعمها
وتخدير
الشعوب بها.
فالمغرب بلد
أمازيغي أسلم
منذ أربعة
عشر قرنا،
وهو في غنى عن
إيديولوجية
عرقية
متجاوزة،
ساهمت
في تخلف
صانعيها
الذين وضعوها
لغايات في
أنفسهم،
بتشجيع
ومباركة من
الدول
الإمبريالية. ويكثر
الإسلاميون
من الثوابت
المرتبطة
بالدين
الإسلامي من
لغة عربية
وتاريخ وفتح
وثقافة...
وأكاد أجزم
أنه لو عاش
العلماء
المسلمون،
أمثال فقهاء
المعتزلة،
والفارابي،
وابن رشد،
وابن خلدون...
لتعرضوا
للمحاكمة.
مما يعكس عدم
تطور العقلية
الإسلامية
الحديثة عن
نظيرتها في
العصر الوسيط
"وهو ما يفسر
مراوحة
نهضتها" نفس
المكان الذي
كنا عليه في
بداية القرن،
إن لم نكن
تراجعنا إلى
الرواء(5). إذ
اعتبر محمد
يتيم دراسة
التاريخ
الإسلامي
والتشكيك فيه
مسا
بالإسلام،
عندما أشار
إلى أحمد
عصيد الذي لم
يكن أول من
أعاد النظر
في هذا
التاريخ. وهو
يضع المشكك
في قفص
الاتهام لم
يستخرج كاتب
المقال أي
شيء لمناقشته
ومناقضته أو
تصوبه، إن
رأى في ما ذهب
إليه عصيد
أخطاء، لكنه
لم يفعل، لأن
ما أشار إليه
هذا الأخير
كان منطقيا
ومستدَلا
عليه. إلا أن
ما لا يستساغ
لهؤلاء
الإسلاميين
هو إعادة
إلقاء الضوء
على تلك
الصورة
الذهنية
المشكلة على
حقب تاريخية
معينة من طرف
إسلام سني
رسمي، كتب ما
شاء، وترك ما
شاء! كما أن
هذه الصورة "الذهنية"
هي عملة
هؤلاء حيث
يدعون إلى
الارتكاس
ثلاثة عشر
قرنا إلى
الخلف. وأكثر
من هذا، وحتى
بعد ما يسمى
بالفتنة
الكبرى يصرون
على إغلاق
أعينهم على
رؤية الحقيقة
خلال الحقب
المتعاقبة
بهدف بناء
نظرة إسلامية
متكاملة
تلائم العصر،
حيث "ساء
استغلال بعض
الحكام
المسلمين
للرأسمال
الرمزي
للإسلام من
أجل الشرعية
السياسية منذ
عصر الأمويين
إلى وقتنا
الحاضر"(6).
والأمر
يقتضي، كما
يرى العديد
من الباحثين،
أن "تستعمل
منهجيات
العلوم
الإنسانية
والاجتماعية
والتاريخية
والنقدية
لتحليل ظواهر
تاريخية
واجتماعية
وجغرافية
وسياسية"(7).
وغياب هذه
المنهجية لدى
الإسلاميين
بالمغرب، على
الأقل، في
النظر إلى
التاريخ
يجعلهم
ينزعجون
ويزمجرون
عندما يعالجه
غيرهم. أو
أنهم يرغبون
في الحفاظ
على صورتهم
للتاريخ
وتقديسها،
فعليها يتأسس
مشروعهم.
وهكذا لا
يوافقون على
إعادة
التساؤل حول
ما يسمونه
فتح شمال
إفريقيا، ولو
تمرنوا قليلا
(من المرونة)،
لرأوا أنه
كان إلى
الغزو أقرب
منه إلى
الفتح،
والوقائع
كثيرة جدا،
إذ تعددت
التجاوزات
على المستوى
العسكري
والاقتصادي
والعنصري
والأخلاقي
والإنساني(8)،
إذ لا يمكن
حصرها، حيث
أصبحت شمال
إفريقيا "بالنسبة
للعرب أرض
المغانم
والأسلاب
والسبي، أرض
أكوام الورق
وقناطير
الذهب
والسبايا
الجميلات"، "إذ
لم يكن نشر
الإسلام غاية
واضحة في ذهن
عقبة.. [حيث] كان
ينقض على
المدائن
محاربا...
عسكريا عنيفا"(9)،
بل "لو كان
يرجو نشر
الإسلام
لخلّف فيما
مر به من
البلاد نفرا
يعلم الإسلام"(10).
أما موسى بن
نصير فقد
اهتم "بالدرجة
الأولى أثناء
ولايته على
المغرب
بالجري وراء
جمع الجواري
المسبيات"(11).
ولأرقام
مخيفة، مثيرة
للاشمئزاز
والاستنكار. وإذا
كان هذا، وما
خفي اعظم، هو
ما يعتبره
فتحا إسلاميا
مشروعا،
فبماذا
سنعرّف
الغزو، هل هو
اخذ الناس
بالتي هي
أحسن،
وتخييرهم بين
الجزية
والحرب،
ورفعها عند
الإسلام؟ هل
هو عدم
الإتيان على
العاجزين
والنبات
والحيوان،
وعدم سلب
خيرات
العباد؟ ويضيف
محمد يتيم "وحتى
وإن تم
الاعتراف
بميزة أو فضل
للإسلام أو
للتاريخ أو
الحضارة
الإسلامية،
فهو فضل
أمازيغي".
وهذا الكلام
يعني أن
الأمازيغ لا
يعترفون
بالإسلام
وتاريخه وفضل
الأمم الأخرى
عليه، وهي
تهمة مجانية
أخرى لأن
كلمة "وحتى"
تفيد هنا
الاحتمال
الأقل ورودا. وهذا
غير صحيح
مطلقا، إذ
متى ادعى
الأمازيغ أن
كل الفضل لهم
وأقصوا
الآخرين؟
صحيح أن
تضحياتهم من
أجل الإسلام
عبر التاريخ،
لا تقاس ولا
تقدر، وهذا
يسجل لهم. غير
أن الذي يريد
السطو على
التاريخ
الإسلامي،
تاريخيا،
ثقافة وسياسة...
هو القوميون
العرب، إذ
يقول أحدهم "الإسلام
دين قومي
للعرب وليس
هناك تاريخ
إسلامي، بل
تاريخ عربي
محض"(12).
والحركة
الإسلامية في
المغرب
الأمازيغي
تعمل بهذا
المنطق.
فعبارة "العربي
الإسلامي"
تثقب آذان
سامعيهم
وتفقأ أعين
قارئيهم، كما
هو الشأن على
سبيل التمثيل
عند محمد
يتيم الذي لا
يمل من
تكرارها(13). ولا
داعي
للاستدلال من
التاريخ،
فأرقى
العلماء،
واللغويين
والفقهاء... في
المشرق من "العجم"
(من فرس
وغيرهم). ورغم
هذا فإن
القوميين
العرب
والعروبيين
وما اشتق
منهم من
حركات
إسلامية، لا
يخجلون من
نسب كل شيء
للعروبة،
وذلك أثناء
المد
الإمبريالي،
وبعده، حيث
أُصيبوا
"بالبيتية
الثقافية"،
كما ترجمها
عبد الله
إبراهيم عن
الغرب من
Domesticité intellectuelle، وتشير
إلى "النزعة
التي ترمي،
لإرغام الفكر
على أن يبرر
كل ما في تراث
أمة من الأمم
وأن يصوره
كما لو كان هو
الصورة
الوحيدة
الكاملة،
للتعبير بصفة
نهائية، عن
عبقريتها،
والدافع
الداخلي لهذه
النزعة قد
يكون مظهرا
لمركب النقص،
وقد يكون
مجرد تملق
لشعب يسوده
الكسل
العقلي،
ويشعر أفراده
بالعجز
فيفرون إلى
التاريخ
يلتمسون منه
أن يبررهم،
وأن يزكيهم
أمام حاضرهم
التافه"(14).
وهذا حال
الإسلاميين
تماما، فأمام
عجزهم أمام
المدنية
الأخرى،
واندهاشهم من
التطور
الحاصل
الهائل لدى
الآخر (والتطور
من المفروض
أن ينطلق
منهم فقط،
كما يعتقدون)
يفرون إلى
الماضي
الساكن للبحث
عن الحلول
للحاضر
المتغير بغية
"ترشيد
المجتمع
والدولة"(15)،
حيث يتخبط
الكل، أفرادا
ومؤسسات، في
الضلال
والظلام. وهم
المؤهلون
للأخذ بيدهم
إلى النور
والرشاد. ولتبرير
عجزها عن
تبني المطالب
الأمازيغية،
تدعي الحركة
الإسلامية
على لسان
محمد يتيم
أنها توجد
فوق أرضية
ملغومة،
متنكرة
لقضايا الأمة
كقضية فلسطين.
والكاتب هنا
يريد أن
يتجمع
المغاربة
كلهم في ساحة
وينوحون،
وينتحبون،
وينتفون
شعرهم،
ويتمرغون في
التراب،
ليتأكد من
حقيقة
شعورهم.
والحقيقة أن
الناس يعرفون
من تحالف مع
القوى
الاحتلالية
الأجنبية ضد
الإمبراطورية
العثمانية
الإسلامية،
واستبدالها
باستعمار
إنجليزي
وفرنسي، يدفع
الفلسطينيون
الأبرياء
الآن ثمن
تبعاته، كما
يعرف الناس
من حول هذه
القضية إلى
مسألة عرقية
ضيقة، ووسيلة
للاسترزاق
السياسي.
والحق أن
المغاربة، من
مسلمين
ويهود،
متضامنون مع
الشعب
الفلسطيني،
ومع كل قضية
عادلة في
العالم، قبل
أن تصعد
تيارات
إسلامية
لتحاكم
نواياهم.
فعلى أي شيء
استند الكاتب
الإصدار
أحكامه، بل
إن هذه
الحركة
الإسلامية هي
من يتنكر
لقضايا الوطن
المصيرية مثل
الأمازيغية،
وتجيّش أئمة
المساجد،
التي يذكر
فيها فيها
اسم الله،
للقذف
والتنابز،
وزرع الحقد
والكراهية
بين
المغاربة،
وإلقاء خطب
تحريضية تتخذ
من
الأمازيغية
والأمازيغ
عدوها. وهذا
في مختلف
أرجاء
المغرب، وما
زال الأمر
مستمرا. دون
الحديث عن
المؤسسات
التعليمية. والتشكيك
في الولاء
الوطني
للحركة
الأمازيغية
بهدف التشويش
على مطالبها
هو من قبيل
الابتزاز
الذي مورس
ويمارس في حق
كل من جهر
بأمازيغيته
من طرف ما
يسمى "بالحركة
الوطنية" لكي
تستأثر بكل
شيء. والشيء
نفسه مع
الإسلاميين
الآن الذين
أحسوا بالزحف
الأمازيغي.
بيد أنه من
الغباء
والبلادة
إعادة ترديد
مثل هذه
الأشياء،
فذلك أشبه
بفزّاعة
وهمية
مستهلكة، لا
يعير لها أحد
اهتماما إلا
الذين في
قلوبهم مرض.
فالأمازيغيون
مغاربة قبل
غيرهم،
ووطنيون أكثر
من غيرهم،
وسجلهم حافل
بالملاحم ضد
مختلف الغزاة
عبر التاريخ،
تاريخ
الأمازيغيين
الذي يشكل
مصدر فخر
واعتزاز لكل
المغاربة،
ويرفع رأسهم
عاليا أمام
الأمم
والأعداء،
لكونهم لم
يوظفوا ظهائر
أسطورية، أو
حيلا أو دينا
لخداع شعوب
أخرى.
والمنطق
يقتضي
التشكيك في
الولاء
الوطني
للمستوردين
لإيديولوجيات
غريبة خارجية
عن أرض
المغرب
وهويته
وأمازيغيته.
فبلدنا أسلم
منذ زمن بعيد
ولم ينتظر
حتى تأتيه
تيارات
إسلامو ـ
عروبية
مستوردة من
قواعد
خارجية، حتى
تعطيه دروسا
في الوطنية
والإسلام.
هنا يحق طرح
الشكوك، لأن
الولادة غير
محلية وغير
طبيعية.
والاعتراض
علينا
بكونية
الإسلام،
وعدم خضوعه
للحدود،
سيكون في
محله لو كانت
الحركة
الإسلامية
بالمغرب
تتبنى
الإسلام فقط،
وليس
الإيديولوجيا
العروبية،
والديكتاتورية...
فالحركة
الإسلامية في
الجزائر كانت
في بدايتها
حركة بعثية
تتصدى لكل ما
هو أمازيغي
وديموقراطي
بجامعة
الجزائر
العاصمة،
ويصل الأمر
إلى اغتيال
النشطاء
الأمازيغيين(16).
ولا يوجد أي
فرق بين
الحركتين في
المغرب
والجزائر،
وخاصة في
موقفهما من
الأمازيغية. وفي
ما اعتبره
يتيم تناقضا
بين الخطاب
والأطروحة
وأدواتها
المنهجية في
نقده للخطاب
الأمازيغي
وفكر أحمد
عصيد خصوصا،
أصدر أحكاما،
ولم يستدل
ولو بمثال
واحد ليقنع
قراءه، إذ
أشار إلى أن
الأمازيغيين
يدافعون عن
فكر نكوصي
منغلق، وتصور
سكوني غير
تاريخي
لمفهوم
الهوية.
والحق أن هذه
الأوصاف
أخذتها
الحركة
الإسلامية من
نفسها (المتصفة
بها) وأصبحت
تنعت بها
غيرها. فمن
يقصي
التاريخ،
وخاصة
العريق،
والعوامل
الثقافية
والاجتماعية
في تحديد
الهوية؟ من
يدعو إلى
الانغلاق حول
الذات ويغذي
كراهية الغير
في نفوس
المواطنين
وأبنائهم؟ من
يصور الآخر
وحشا يتأهب
للانقضاض على
المسلمين
لغاية في نفس
يعقوب؟ ووحش
مختلف الآفات
يلتهم أفراد
المجتمع. من
يريد العودة
بالناس إلى
الخلف والقطع
بينهم وبين
أسباب الرفه
والرقي؟ من
هذا الذي لا
يؤمن بالتطور
التاريخي،
وتقلب
الأوضاع،
ويصر على
التشبث
بالسكون
واللاتطور؟
من الذي يلح
على تغيير حق
الله وطمس
آياته في
التنوع
البشري
والطبيعي؟ من
يدافع عن
هوية مصطنعة
وملفقة؟ من
المنغلق
المتزمت، هل
أولئك الذين
يؤمنون
بالتعدد
الثقافي
واللغوي، أم
هؤلاء الذين
يختزلون
التعدد في
بعد واحد؟
ولك، أيها
القارئ
اللبيب أن
تجيب بنفسك. 3
ـ إعادة هدم
مطلب إنصاف
الأمازيغية:
اعتبر
محمد يتيم
إنصاف
الأمازيغية
يحتاج إلى
إعادة تأسيسه
على أسس
ومعطيات منها:
المعطى
التاريخي،
حيث أكد على
شرف اللغة
العربية في
مضمونها (وأي
مضمون؟)، مما
يكشف حد
التلاحم
الحاصل بين
الإسلام
واللغة
العربية لدى
الإسلاميين،
ويؤكد أيضا
عدم أهليتهم
للدفاع عن
هذا الدين
الذي تدين به
دول "أعجمية"
عديدة، إذ
ستعربها قبل
كل شيء. وهذا
ما يراد
بالمغرب، إذ "يستعمل
دعاة هذه
الإيديولوجيا
ببلادنا
الإسلام
كمطية لترويج
أفكارهم التي
تجعل من
العروبة
الشرط
الأساسي
للإسلام"(17) .
هذا الغرام
والهيام
باللغة
العربية،
الذي جعل
الكاتب
يمنحها
الشرف، وهي
التي تعبر عن
أغراض
متكلميها
النبيلة
والخسيسة، هو
ما جعله يثور
غضبا على
الأمازيغ، إذ
يصنفون لغتهم
بدورهم بأحلى
الأوصاف
وأعظمها، وهي
اللغة التي
لا تمتلك إلا
أفواه
أبنائها
وأقلامهم
للحفاظ
عليها، رغم
كل الصعوبات،
في زمن يداس
فيه كل ما هو
أمازيغي، وهي
أيضا لا
تمتلك ذرة من
الدعم المقدم
للغات أخرى
وافدة. ورغم
أن الكاتب
مطلع على هذا
تماما، إلا
أنه يستكثر
عليها حتى
عشق أهلها
لها،
والإبادة
التي تتعرض
لها! فله،
إذن، أن يجد
التسمية
المناسبة
للوضعية التي
توجد عليها
الأمازيغية،
وما تتعرض له.
أما المعطى
الثاني
فهو
الاجتماعي
والواقعي.
وهنا يتحول
يتيم إلى
ماركس ـ وهو
الذي يؤاخذ
الأمازيغيين
لأنهم حسب
زعمه متأثرون
به ـ حيث
يقترح إنصاف
الأمازيغية
من خلال
الإقصاء
الاجتماعي
والاقتصادي
والسياسي (ولو
لم يذكر
الثقافي)
الذي تعاني
منه طبقة
اجتماعية
مغربية تسكن
المغرب غير
النافع،
وطبقة أخرى
غنية تسكن
المغرب
النافع، "وقد
تصادف (نعم
تصادف) أن
الجزء الأعظم
من البادية
أمازيغي".
وقوله هذا
ينم عن تجاهل
للتركيبة
الاجتماعية
والثقافية
المغربية،
ويصل الأمر
حد السذاجة
عندما يعتبر
الصدفة هي
التي حكمت
على الأمازيغ
بالإقصاء
ورمت بهم إلى
الهامش. فهل
يعلم الكاتب
أنهم يوجدون
في كل التراب
الوطني بمدنه
وقراه؟ "إذ
كانوا يمثلون
أكثر من 57% في
الدار
البيضاء،
وفاس، ومكناس...
وحوالي 80%
بمراكش"(18)
إبان
الاحتلال،
بالإضافة إلى
المناطق
الأمازيغوفونية
المعروفة. ثم
ما هذه
الصدفة
اللعينة التي
تلاحق
الأمازيغ عبر
التاريخ،
فتقسو عليهم،
وتنعم على
غيرهم؟
فالمتأمل
لتاريخهم
سيجزم بأنهم
ذهبوا ضحية "نكران
الذات، وحسن
نواياهم،
وثقتهم
المفرطة في
الآخر، وهو
ما استغل
بشكل جيد من
طرف
المتربصين
بهم. وفي إطار
هذه الصدفة
الطريفة عند
محمد يتيم،
سئل مواطن
ريفي، من طرف
صحافي إسباني
عن التغييرات
التي حدثت
بالريف بعد
أربعين سنة
من الثورة،
فأجاب "لا
شيء، لا يملك
الريفيون إلى
ما تركته
إسبانيا لهم،
لا طرق، ولا
بنيات تحتية،
ولا صناعة،
إنهم يعيشون
دائما في
البؤس. في
الريف لا
يوجد سوى
العجزة، أما
الشبان فقد
رحلوا"(19). ولو
مر هذا
الصحفي عبر
مناطق الأطلس
والجنوب لحصل
على الجواب
نفسه. وهنا
يجب أن نشير
إلى أن
النضال
الأمازيغي
يتجاوز صراع
الطبقات،
الذي يتعبره
البعض
الإشكال
الجوهري، نحو
استهداف
الإقرار أولا
بوجود شعب
بكامله،
والاعتراف به
في أرضه
ولإقرار كامل
حقوقه، التي
تتمتع بها كل
دول
العالم، حتى
التي تمزقها
المجاعة!..
فالإقصاء،
إذن، أكبر من
أن يكون
اقتصاديا
واجتماعيا
وسياسيا فقط.
فأنا كاتب
هذه السطور
غير موجود
رمزيا وفق
مؤسسات
الدولة،
والملايين
أمثالي كذلك.
ألا ترى معي،
إذن، أن
الأولى أن
أوجد قبل كل
شيء؟! أن أكون
أولا، قبل
الحديث عن
إصلاح
المجتمع أو
تحقيق
العدالة
الاجتماعية،
وتوزيع
الثروات بشكل
عاجل!... هذا ما
يجب أن يدركه
جيدا كل من
الإسلاميين
واليساريين "الراديكاليين"،
الذين يريدون
اختراق
الحركة
الأمازيغية.
وقال
الكاتب نفسه
إن "النخبة
الأمازيغية
تركب على
مطلب إنصاف
الأمازيغية
ولا تفعل ذلك
من أجل
المغرب
العميق، بل
بمنطق المركز".
وهو لا يدري،
أو يتجاهل،
أن هذه
النخبة نفسها
من المغرب
العميق
وجباله، كما
لا يضع في
الحسبان
الخناق
السياسي
والمادي
المطوِّق
للحركة
الثقافية
الأمازيغية.
ويصبح، مرة
أخرى، كلام
يتيم تافها،
وكاشفا لوجهه
الحقيقي
عندما يتهم
الأمازيغيين
بالسعي إلى "إبادة
تشلحيت،
تريفيت،
وتمازيغت، من
خلال تعميم
أمازيغية
معيارية"،
وهو الذي
يتحدث عن
إنصاف اللغة
الأمازيغية!
فأية لغة
تريد
إنصافها،
وأنت تنتقد
من يعملون
على معيرتها،
ما هذا
التضليل يا
مسلم؟ واللغة
المعيارية
غير مصنوعة
من المختبرات
كما تدعي،
لأنك لم تطلع
على الأوراق
المقدمة في
هذا الشأن،
من طرف
مناضلين
أمازيغيين
غيورين على
لغتهم، في
غياب تام
لمؤسسات
الدولة.
ولتطمئن،
أيها الخائف
على اللهجات،
فحسب هذه
الأوراق ـ
المشاريع، لن
تكون اللغة
الأمازيغية
إلا لغة
مقعدة خارجة
من رحم
لهجاتها،
وليس لغة
توجد في
المصاحف فقط،
ولا يتكلم
بها أحد.
والأمازيغ لن
يقدسوها كما
يفعل البعض
لأنهم لا
يؤمنون
بقداسة أية
لغة، مع
الإشارة إلى
أن كل واحد حر
في تقديس ما
يريد ومن ذلك
لغته وجنسه...
شريطة ألا
يفرض مقدسه
على غيره.
وهذا عيبكم!
فأين الحجج
التي نوظفها
وتنقلب علينا
بسهولة؟ إن
ادعاء إرادة
إنصاف
الأمازيغية
والتأكيد على
ضرورة بقائها
مجزأة يكشف
الوجه
الحقيقي
للموقف
الإسلامي.
4
ـ الحركة
الأمازيغية
والإسلامية
ومستقبلهما:
ركز
مصطفى
الخلفي، خلال
عرضه لمراحل
تطور العلاقة
بين الحركة
الأمازيغية
والإسلامية،
على بعض
الكتابات
التي ميزت
مرحلة ما
سماه
بالمفاضلة،
وخاصة من
الطرف
الإسلامي حيث
اكتفى
بالإشارة إلى
وجود كتاب
لأحمد عصيد (دون
الاستدلال
منه) بينما
خصص مساحة
كبيرة لإيراد
آراء متطرفة
جدا لعبد
السلام ياسين
والمصطفى
المسعودي،
وهي مواقف
بدائية
ومتجاوزة،
لأن القارئ
بدون شك سيمل
من إعادة
الكلام حولها
وإثبات
عكسها، بينما
يرددها
الإسلاميون
كاللازمة دون
ملل أو كلل،
لأن المؤمن
بالفكرة
المطلقة،
الدوغمائية
وأحادية
التفكير، لن
يقتنع "ولو
خرجت من جلدك"،
من مثل:
التهجم عل
لغة القرآن
والمكون
العربي،
والإسلام
نفسه، الولاء
للخصم
الحضاري الذي
هو فرنسا،
تسعير
النعرات،
الثقافة
المائعة
المميعة ضرة
للغة القرآن...
بإكثار القدح
في
الأمازيغية
التي خلقها
الله، حتى
يندهش القارئ
ويتساءل عن
إمكانية صدور
هذا ممن
يدعون أنفسهم
حماة الإسلام.
إلا أن
الطريف،
المثير
للضحك، هو ما
أورده الكاتب
عن المسعودي
من خلال
التفريق بين
أمازيغية
كسيلة،
الوثنية،
الخائنة،
التي تسقط
بجرة قلم
أربعة عشر
قرنا من
التاريخ
الأهلي
الإسلامي [متجاهلا
أنهم هم
الذين يحذفون
عن سوء نية
أكثر من تسعة
قرون قبل
الإسلام من
التاريخ
الأهلي
الأمازيغي]،
وأمازيغية
طارق بين
زياد. ولا
أدري هل يدرك
هؤلاء انه لا
توجد علاقة
بين اللغة
والدين؟ وأنه
توجد
أمازيغية
واحدة، هوية
وثقافة،
عاشها أجداد
كسيلة،
ورضعها طارق
في اللبان.
ثم، ما كل هذا
الحقد على
العاهل
الأمازيغي
المسلم الشهم
كسيلة، هل
لأنه قتل
عقبة العربي؟
هل لأنه أعطى
درسا في
العدل
والمروءة
لشخص اعتقد
بسمو الجنس
العربي،
وإمكانية
استعباد
الأشخاص
وإهانتهم؟
وقد ثبتت صحة
إيمان كسيلة!
لقد حقق
العدالة
وأوقف عقبة
عند حده،
ووقى الناس ـ
أهل شمال
إفريقيا ـ
جوره وبطشه،
وسيجازيه
الله على ذلك
خير الجزاء.
وموقف
الإسلاميين
من هذه
الحادثة يؤكد
مرة انهم
مسخرون
للدفاع عن
شيء آخر،
إنهم يدافعون
عن "الإسلام
العربي"، إذ
يدل هذا على
انهم يرددون
فقط ما
يسمعونه من
المشارقة
العرب الذين
يريدون الثأر
من الأمازيغ
لأن عقبة قتل
في أرضهم.
ورغم التماهي
الحاصل بين
الخطاب
القومي
العروبي،
والإسلامي في
ما يخص
الأمازيغية،
إلا أن
الكاتب يقول
إن
الأمازيغيين
يستنسخون
الخطاب
القومي
المشرقي في
مواجهة
الخطاب
الإسلامي.
وهذا غير
منطقي لأن
الحركة
الإسلامية في
المشرق توجد
في مجتمعات "عربية"،
وفرعها في
المغرب يوجد
وسط مجتمع
أمازيغي،
وبالتالي
فحجج الحركة
الثقافية
الأمازيغية
على
الإسلاميين
المغاربة،
مختلفة
وكثيرة،
وبيان جزء
منها هدف هذا
المقال. ورغم
لاعقلانية
ولاشرعية (من
الشريعة،
بالمفهوم
الديني)
المواقف
الآنفة من
الأمازيغية،
إلا أن
الكاتب
الخلفي لم
يتردد في
تبنيها قائلا
"تمثل هذه
المواقف
الأرضية
العامة
المشتركة،
والتي نجدها
بصيغ مختلفة
في الخطاب
الحركي
الإسلامي
تجاه
الأمازيغة"،
مما يفضح كل
دعاية مغرضة،
متسترة في
ثوب المساندة
اللفظية
الجوفاء لبعض
المطالب
الأمازيغية.
ويضيف صاحب
المقال أن "مشروع
تمزيغ المغرب
[وكأنه غير
أمازيغي] لا
يمثل إلا
الوجه الآخر
لمشروع
علمنته، وهو
ما يفسر حماس
بعض
الأمازيغيين
لمسألة
المقابلة
الحادة
والنزاعية
بين العربية
والأمازيغية".
ويفهم من هذا
الكلام أن
الأمازيغية
هي العلمانية
(اللادين
بمفهومهم)
واللغة
العربية هي
الدين الذي
يجب أن يؤمن
به كل واحد
منا. هنا يصدق
القول إنهم
استبدلوا
الإسلام
بالعربية
واتخذوا
العروبة دينا.
هذا ما توحي
به العبارة
التي قالها
مصطفى الخلفي
وتصرح به.
وهذا
أمر خطير! غير
أن الذي
يقابل
الأمازيغية
بالعربية ليس
هم الأمازيغ،
بل الأحزاب
العروبية،
والحركة
الإسلامية.
والطرف
الثاني هو ما
يعنينا الآن،
فهاكم الأدلة
الموضحة. أولا:
لا يتحدث
المرء عن
الأمازيغية
إلا وتثار
أمامه، من
حيث لا يدري،
اللغة
العربية
وقداستها.
فقد وجد
الأمازيغيون
لغتهم مقصاة،
وعندما
طالبوا برد
الاعتبار لها
ـ وهو أمر
طبيعي ـ وضعت
أمامهم اللغة
المقدسة سيدة
المكان. ثانيا:
اعتبار
الاهتمام
بالأمازيغية
"فصلا للمغرب
عن العمق
العربي
الإسلامي". ثالثا:
تعزيز المقال
برسم
كاريكاتوري
يتبول فيه
حرف الزاي
على جهاز
التلفزيون
الذي تظهر
فيه خريطة
تامازغا
وعليه حرف
الضاد الذي
يرمز إلى
عروبتها،
ويقول إن تلك
المناطق
يسكنها
ويمتلكها
العرب
الناطقون
باللغة
العربية،
ويخبرنا
التاريخ أن
العرب يسكنون
شبه الجزيرة
العربية. مما
يعني أن هذا
التلفاز يكذب
على الناس
ويطمس هويتهم
الحقيقية.
فعلقوا على
الصورة بكون
الزاي يتبول
على اللغة
العربية، ولو
صح ما ذهبوا
إليه لتبول
عليه الزاي
لوحده، فما
الحاجة إلى
التلفاز
والخريطة؟
والهدف من
هذا التعليق
هو تأليب
قرائهم
المهيئين
نفسيا لذلك.
والحقيقة أنه
لو وجد حرف
آخر من
الأبجدية
الفرنسية أو
الإنجليزية...
في الموضع
نفسه لتعرض
لمصير الضاد
نفسه. رابعا:
قول محمد
يتيم "والأمازيغيون
العلمانيون
لا يبالون ما
دام ذلك خطوة
نحو تحجيم
اللغة
العربية،
وتحجيم قنطرة
تواصل
مجتمعنا مع
القرآن، مع
غيره من
الشعوب
العربية
والإسلامية".
مما يعني
أيضا وجوب
عدم الاهتمام
بالأمازيغية
خوفا على
تحجيم اللغة
العربية.
وبالتالي
وجبت
إبادتها لكي
لا تعيق
التواصل مع
القرآن،
والشعوب
العربية
والإسلامية،
وكأن المغرب
هو آخر معقل
للغة
العربية،
لذلك وجبت
صيانتها من
الاندثار،
وإن كان ذلك
على حساب
اللغة
الفعلية
للشعب
المغربي.
ولكي نتكلم
بمنطق الأمر
الواقع، وجب
أن نسأل
هؤلاء
الإسلاميين
عن هوية
الدولة التي
قامت على "الثورة
الإسلامية"،
عن الدول
المتضمنة
لأكبر عدد من
المسلمين؟
أليست أعجمية
بلغة العرب؟
هل إسلامها
أقل درجة من
إسلام العرب
ما دام أنها
لم تضف "الركن
السادس"
إليه؟ وكيف
أن
الإسلاميين
المغاربة لم
يتخلصوا بعد
من عبارة "العربي
الإسلامي"؟
ألا
يدركون
معناها؟ وإذا
كان الأمر
كذلك، فلهذا
التصنيف
معنيان:
الأول أن
هناك دولا
عربية غير
إسلامية،
وبالتالي وجب
عدم عطفها
على "الإسلامية"
لأنها
بالضرورة
عدوتها (وفق
المنطق
الإسلامي).
والثاني أن
الدول
العربية
مسلمة أيضا،
مما يوجب
الاقتصار على
الكلمة
الثانية فقط،
وإلا سيكون
ذلك محض
تمييز عرقي
عنصري ـ غير
مسبوق في
التاريخ
الإسلامي،
وخاصة مع
المختصين في
المجال
الديني ـ إذ
يتم وضع
المسلم
العربي فوق
المسلم "العجمي".
وعندما توظف
من طرف
الإسلاميين
في بلدنا
معناه أنهم
يقومون بعمل
توسعي مشبوه.
وهنا يحق أن
نتساءل عن
الجهات
الخارجية
المسؤولة عن
إدارة وتصدير
هذا الإسلام
المؤدلج،
الذي يحتقر
الإنسان
الأامزيغي
ولا يطابق
الإسلام
الحقيقي، كما
جاء به محمد (ص)
نبيا
للعالمين
كافة. خامسا:
اعتبار
الأمازيغية
ضرة للغة
العربية
لأنها في
نظرهم تضايق
لغة القرآن، "هذه
الثقافة
المائعة
المميعة ضرة
للغة القرآن
الحاملة
رسالة القرآن"،
مع اعتبار
الاهتمام
بالأمازيغية
عامل تفرقة،
فأن "تزدوج
وتتثلث
وتتربع لغات
ولهجات فذلك
التمزيق
المميت"،
خلافا للغة
العربية التي
هي لغة
الوحدة، إذ
إن في "تحديات
العدوان.. ما
يدفع العجم
والعرب لتبني
لغة القرآن". سادسا:
يتجاوز
الإسلاميون
المقابلة بين
الأمازيغية
والعربية إلى
مقابلتها
بالإسلام،
وهذا ما يفهم
من اقتران
الأمازيغية
بالعلمانية،
واللغة
العربية
بالإسلام و"لذلك
فحين يتعارض
أي مكون من
مكونات
الهوية
المغربية مع
هذه
المرجعية،
فإن الأولوية
ينبغي أن
تكون للإسلام".
فما
المكون
المرشح
لمعارضة
الإسلام، هل
هو العربي؟
كلا! إنه
المكون
الأمازيغي!
سابعا:
ما يدل على
إصرار
الإسلاميين
على المقابلة
بين اللغة
الأمازيغية
والعرببية هو
موقفهم مما
أصبح يعرف
بقضية الحرف
إذ يعتبرونه "حجة
قوية في
الخطاب
الإسلامي
للتدليل على
النزوعات غير
البريئة لبعض
الدعاة
الأمازيغيين"
(كل
الأمازيغيين
لأن شبه
إجماع حصل
بشأن هذه
القضية)،
بل إن مصطفى
الخلفي ذهب
مهددا إلى
اعتبار قضية
الحرف هي
المنعطف
الأخير في
العلاقة بين
الحركتين
الأمازيغية
والإسلامية،
حيث سيتفجر
صدام لا يعرف
حجمه إلا
بارئ
السماوات
والأرض. وكان
هذا ردا على
كلام الأستاذ
محمد بودهان،
حيث أورد
مقاطع من
افتتاحية
جريدة "تاويزا". وتصور
الإسلاميين
للحرف ينبني
على كثير من
المغالطات،
وخاصة أنهم
يربطون مسألة
اختياره
بقضية
الإسلام
واللغة
العربية،
وسنوضح بعض
جوانبها كما
يلي: ـ
إن القرآن
نزل شفويا
على الرسول،
ولم يدون
بشكل رئيسي
إلا في عهد
عثمان. ورغم
أنه منزل
باللسان
العربي
المبين، إلا
أنه دون
بالحرف
الآرامي (ليس
العربي) ـ
والآرامية
لغة سامية
للأقلية
الكلدانية
المسيحية
بشمال العراق
حيث ما زالت
تستعمل ـ
وكان
بالإمكان
أيضا تدوينه
بأي حرف آخر [إذا
لم يدخل
الحرف بدوره
دائرة
التقديس]
والله سبحانه
وتعالى لم
يوص ولم يفضل
حرفا على آخر. ـ
إن الحرف
اللاتيني ليس
عدوا لله
والمسلمين،
بل إن الله
يعرفه لأن
عبده هو الذي
وضعه، وهو من
آيات الله في
كونه. ـ
إذ كانت
اللغة
العربية قد
اختارت الحرف
الآرامي
لنفسها ـ وهو
من حقها ـ فلا
يجب على
العرب ومن
والاهم أن
يفرضوا الحرف
ذاته على
الأمم
والشعوب
الأخرى، التي
لها كامل
حريتها في
اختيار
الأنسب
للغتها. ـ
إن الحركة
الإسلامية
ليست مؤهلة
للحكم في هذا
الشأن، لأنها
تركت اللغة
الأمازيغية
تواجه مصيرها
المجهول
قرابة نصف
قرن. فكيف
تسمح الآن
لنفسها
بتقرير مصير
لغة اعتبرتها
ضرة للغتهم
المقدسة. كما
انه من
المستحيلات
الجمع بين
العداوة
والصداقة نحو
موضوع معين. ـ
إن التجربة
الجزائرية لم
تفشل كليا،
وبسبب الحرف
اللاتيني، بل
بسبب عدم
رغبة الحكام
البعثيين في
نجاحها، وذلك
بحرمانها من
أسباب ذلك.
بالإضافة إلى
الحملة
الشعواء
والخطاب
الديماغوجي
المكوّن حول
الأمازيغية
من طرف
الحركة
الإسلامية
بهذا البلد.
وأذكّر
إسلاميي
المغرب بشيء
يفيدهم في
معركتهم من
أجل الحرف
المناسب، وهو
أنني سمعت
أحد أعضاء
جبهة الإصلاح
الوطني
بالجزائر،
يتحدث عن
أكثر من
عشرين دليلا
على ملاءمة
الحرف
الآرامي
للأمازيغية،
لكنه لم
يذكرها، وقد
يزودكم بها
أنتم، فلكم
الأهداف
نفسها، ومنها
إعاقة تطور
اللغة
الأمازيغية.
ـ
إن إقامة أي
تناقض بين
الحرف
اللاتيني،
والآرامي،
والدين
الإسلامي،
واللغة
العربية، لهو
استهانة
بخالق العالم
المتنوع،
وقصور في فهم
الإسلام
ذاته، لأن
رفض الحرف
العالمي من
طرف
الإسلاميين
لا يبرره إلا
نزوعاتهم
الإيديولوجية
التي ليست من
الإسلام في
شيء. ـ
إن المناضلين
الأمازيغيين
الذين ضحوا
من أجل لغتهم
بكل شيء،
يريدون
ترقيتها
بالاستفادة
من التقدم
التكنولوجي
والعلمي الذي
اندمج فيه
الحرف
اللاتيني
بشكل كلي،
خلافا للحروف
الأخرى، فضلا
عن الإمكانات
الصوتية
والشكلية
المتعددة
التي يوفرها،
إذ يلائم كل
لغات العالم.
والفقيه
أو القومي
العروبي الذي
يعارض هذا
الحرف، إذا
أجمع عليه
اللسانيون
وعلماء
اللغة، لن
يوصف فكره
إلا
باللاوطني،
واللاعلمي،
لأنه يقف
أمام المصلحة
العامة للوطن
المغربي،
ويعيق تقدمه،
فلا دخل
للدين أو
الإيديولوجيا
في اللغة
والحرف... ولا
يمكن الحديث
عن الصدام
المستقبلي
بين الحركتين
الأمازيغية
والإسلامية
حول تدبير
الملف
الأمازيغي،
وكأن
الإسلاميين
يعملون من
أجل إنصاف
الأمازيغية،
فمتى أخذ
هؤلاء
الأمازيغية
مأخذ الجد،
وجعلوها من
أولوياتهم؟!
إنه من العار
أن نركب على
نضال الغير
وننسبه
لأنفسنا،
كما
أنه من
المخزي أن
نأكل من عرق
الآخر وننسب
الكد والجهد
لأنفسنا،
وبالتالي
فالصدام قد
يقع حقا، إذا
أصر
الإسلاميون
على
عنجهيتهم،
ودوسهم
للأمازيغية
والوقوف أمام
مطالبها
العادلة. خلاصات: ـ
لا توجد
حركات
إسلامية
متعددة في
المغرب، بل
توجد حركة
واحدة، تنهج
أساليب
مختلفة،
وتتوحد من
حيث
المنطلقات
والمرامي. ـ
لا علاقة
للمطالب
الأمازيغية
بالدين، ورغم
ذلك يصر
الإسلاميون
على رفضها
تحت ذريعة
الخطاب
العلماني
للحركة
الأمازيغية. ـ
تعاني الحركة
الإسلامية من
عجز عن تقديم
خطاب واضح
المعالم قائم
على مبادئ
واضحة، يتم
الدفاع عنها
بالمحاججة،
دون اللجوء
إلى المراوغة
وإطلاق التهم
المجانية،
والقذف غير
المثبت،
لاستهداف
عاطفة القراء
والسامعين.
ويكفي أن
أذكر بالتغير
الحربائي
لهذه الحركة
في الجزائر
وتصويتها
لصالح دسترة
الأمازيغية
في البرلكان
الجزائري،
بعدما كانت
أشد الأعداء
لها! وها هو
السيناريو
نفسه يتكرر
في المغرب. ـ
تدافع الحركة
الإسلامية عن
اللغة
العربية
وتسخر الدين
لذلك، حيث
تقدم الكلمة
ذات المضمون
العرقي، على
الكلمة ذات
المعنى
العقدي،
والصحيح أن
آصرة العقيدة
أهم وأصح من
آصرة العرق.
وبهذا يتضح "أن
الإسلاميين
لا يحددون
موقفهم من
الأمازيغية
انطلاقا من
مبادئ الدين
الإسلامي، بل
يفعلون ذلك
بوحي من
شعورهم
بالانتماء
إلى العروبة"(20). ـ
على الحركة
الإسلامية ـ
حرصا على
مصداقية
خطابها ـ أن
تحدد
مفاهيمها
بدقة وتحرر
تفكيرها من
القيود
الزائفة التي
وضعت فيها
نفسها، وتؤمن
بجدوى العقل
والعلم في
بناء رؤيتها
للعالم،
والتاريخ
الرسمي
المؤسطر.
وهنا يجب
التذكير بأن "الظاهرة
الإسلامية
رمز نفسي
وتمثيل ديني
تاريخي
لحضارات
إسلامية،
متعددة
الأديان،
متعددة
الطوائف،
ومتعددة
الثقافات
ومتعددة
الأعراف،
متعددة
اللغات"(21).
وهذا ما يجب
أن يؤخذ بعين
الاعتبار
أولا، عند
الحديث عن
التاريخ
الإسلامي
والتفكير
فيه، كما
ينبغي ثانيا،
التمييز بين
الإسلام كدين
و"التجليات
التاريخية
للظاهرة
الإسلامية
كما مثلتها
الشعوب لئلا
تظن جماعة
مسلمة أن
أقوالها
وأفعالها وحي
ودين من الله"(21).
وهنا نسقط
فيما يسمى
بالإسلاموية،
إذ لا يوظف
الإسلام كما
هو، ولا
لأهداف،
وإنما محملا
بأفكار اخرى
مصدرها إما
النزوعات
الشخصية
للإسلامويين
أو لتأثرهم
بإيديولوجيات
معينة فسعوا
إلى تمريرها
باسم الإسلام"،
ويصبح
الإسلام
إسلاموية
عندما يحوله
إيديولوجيون
إلى أنموذج
نسقي لتحقيق
أهداف
إيديولوجية
لقيم قائمة
على فهم يجب
أن يكون
مفتوحا دائما..
[وهكذا] تجعل
الإسلاموية
الإسلام
ساكنا
ومحدودا"(21).
وبالنظر إلى
مواقف الحركة
الإسلامية
بالجزائر
والمغرب حيال
بعض القضايا
الداخلية
والخارجية،
فإننا نجد
خطابها
إسلامويا
بامتياز، وفق
ما بيناه
أعلاه، وإذا
علمنا جيدا
ظروف ظهور
هذه الحركة
في المشرق،
سنقتنع أن "الإيديولوجيا
الإسلاموية
هي في
النهاية نسخة
أخرى وطنية
وقومية
ثقافية،
سيطرت على
مثقفين عرب
خلال مرحلة
إزالة
الاستعمار
وبعدها"(21).
فصُدّرت كما
هي إلى دول
إسلامية
مختلفة منها
المغرب. من
هنا جاء
اللبس والخلط
المقصودان
بين الإسلام
دين العالمين
كافة، واللغة
العربية لغة
شبه الجزيرة
العربية.
والحركة
الإسلاموية
المغربية
الآن أمام
خيارين، أن
تبقى
إسلاموية،
وهنا لن
يصدقها أحد،
أو أن تبني
خطابها
الإسلامي
الخاص بها،
المراعي
لحقيقة هوية
المغرب، إذ
ذاك يمكن أن
نتحدث عن
تدبير مطلب
إنصاف
الأمازيغية
جنبا إلى جنب. الهوامش: 1
ـ الصافي
مومن علي، "السياسة
التعليمية
بين الولاء
الطبيعي
والولاء
الاصطناعي"،
العالم
الأمازيغي،
عدد 1. 2
ـ ابن خلدون،
المقدمة،
صفحة 565، نقلا
عن احمد عصيد:
"الأمازيغية
في خطاب
الإسلام
السياسي"،
صفحة 109. ـ
محمد منيب، "الظهير
البربري،
أكبر أكذوبة
سياسية في
المغرب
المعاصر"،
صفحة 38. 4
ـ André Gide, La symphonie pastorale, page 78. 5
ـ محمد يتيم،
"الحركة
الإسلامية
بين الثقافي
والسياسي"،
صفحة 5. 6
ـ وليم
الشريف، "المسيحية،
الإسلام
والنقد
العلماني"،
صفحة 44. 7
ـ وليم
الشريف،
نفسه، صفحة 80. 8
ـ أحمد
الزيد، "بحث
لنيل الإجازة
في التاريخ:
الفتح العربي
الإسلامي
لبلاد المغرب
بين نبالة
النص ودناءة
الممارسة"،
سنة 1996، صفحة: 30، 36،
44. 9
ـ سعد زغلول،
"تاريخ
المغرب
العربي"،
نقلا عن احمد
الزيد، صفحة 35. 10
ـ حسين مؤنس،
"فتح العرب
للمغرب"،
نقلا عن احمد
الزيد: نفيسه. 11
ـ أحمد الزيد:
نفسه، صفحة 44. 12
ـ محمد
مونيب، نفسه،
صفحة 37. 13
ـ كرر عبارة "العربي
الإسلامي"
خمس مرات على
الأقل في
مقدمته
الصغيرة جدا
لمؤلفه، نفسه. 14
ـ عبد الله
إبراهيم، "ثورة
العقل"، صفحة
65. 15
ـ محمد يتيم،
نفسه صفحة 78. 16
ـ Ali Guennoun, Chronologie du mouvement berbère,
pagr 64. 17
ـ محمد
مونيب، نفسه،
صفحة 38. 18
ـ محمد
مونيب، نفسه،
صفحة 95. 19
ـ Demain magazine n°
71, interview de Abdeslam Haddou Ameziane accordée au quotidien La Razon. 20
ـ أحمد
عصيد، نفسه،
صفحة 153. 21
ـ وليم
الشريف،
نفسه، صفحة 88، 141.
|
|