|
حسن نجمي أو لغة التشويش وخبث الكلام بقلم:
محمد بودهان من
حسنات المعهد
الملكي
للثقافة
الأمازيغية
أنه أجبر
الكثيرين على
الإفصاح عن
مواقفهم
الحقيقية من
الأمازيغية،
بعد أن أخفوا
ذلك أو سكنوا
عنه لمدة
طويلة ما دام
أن
الأمازيغية
لم تكن تهدد
مكاسبهم
وامتيازاتهم
المرتبطة
بالعربية
والعروبة،
والمؤسسات
ذات التوجه
العروبي
الشرقاني،
مثل "اتحاد
كتاب العرب،
فرع المغرب"،
الذي يرأسه "الشاعر"
حسن نجمي منذ
أزيد من سبع
سنوات. قال
حسن نجمي في
تصريح له حول
المعهد
لأسبوعية "الأيام"،
عدد 47: "أنا ما
زلت أمل أن
يتم تدارك
الخلل الذي
شكلته
التركيبة
الحالية
للمجلس
الإداري
للمعهد" (هكذا).
وكأن السكوت
عن
الأمازيغية
وإقصاءها
قرابة نصف
قرن، وتخريب
البلاد
والعباد
بسياسة
التعريب
الأعمى لم
يكن هو الخلل
بعينه. أما
مظاهر هذا "الخلل"،
الذي شكلته
تركيبة
المجلس
الإداري
للمعهد، فهي
حسب نجمي: 1
ـ "إنها شكلت
من خارج
معيار التخصص
العلمي
والبعد
الأكاديمي.
فباستثناء
قلة من
الأسماء
الذين أنتجوا
علميا في
مجال النهوض
بالمسألة
الأمازيغية،
فإن غالبية
الأسماء
الأخرى
اختيرت من
بين
المناضلين
والحركيين
الجمعويين
والذين ليس
لديهم إنتاج
علمي يذكر في
هذا المجال".
هذه الملاحظة
تستدعي
التوضيحات
التالية: أ
ـ إن المجلس
الإداري ـ
ولا أعتقد أن
نجمي يجهل
ذلك ـ ليس
هيئة تقنية
ولا حتى
تنفيذية
ليشترط في
أعضائها توفر
التخصص
الأكاديمي في
الموضوعات
المرتبطة
بالأمازيغية،
لأن هذا
الدور العلمي
والأكاديمي
موكول لمراكز
البحث الستة
التي أنشأها
المعهد لهذا
الغرض. ولهذا
فإن من
شروط
الالتحاق
للعمل بهذه
المراكز توفر
المستوى
العلمي
التخصصي
المطلوب
والمناسب.
كما
لا أعتقد أن
نجمي يجهل
كذلك أن مهمة
المجلس
الإداري ـ كل
مجلس إداري ـ
هي تحديد
الأهداف
وإعداد
التوجهات
والتصورات
العامة التي
في إطارها
ستشتغل مراكز
البحث
التابعة
للمعهد، وليس
حل المشاكل
التقنية أو
ذات الطبيعة
العلمية،
الذي (الحل) هو
من اختصاص
مراكز البحث. ب
ـ إذا كان
المجلس
الإداري
يتكون من "المناضلين
والحركيين
والجمعويين"،
فذلك شيء
إيجابي
ومطلوب لأن
هؤلاء، أي
مناضلي
ونشطاء
الحركة
الأمازيغية،
هم الذين
أوصلوا
القضية
الأمازيغية
إلى ما وصلت
إليه اليوم،
وليس "الإنتاج
العلمي" حول
الأمازيغية،
رغم أهميته
التي لا تخرج
عن حدود
ما هو معرفي
وبحثي. ثم
إن ما
يتجاهله نجمي
هو أن البحث
الأكاديمي
والإنتاج
العلمي حول
الأمازيغية
لا يوجدان
بعدُ، وبشكل
رسمي، أي
تمولهما
الدولة
وتعترف بهما
وترصد لهما
ميزانيات
وبرامج
ومخططات،
وتشرف عليهما
مؤسسات تابعة
لها. فإذا
كانت هناك
إنتاجات
علمية وبحوث
أكاديمية حول
الأمازيغية،
فهي مجرد
تضحيات فردية
ذات طابع
نضالي، لا
غير، عكس ما
نجد في اللغة
والثقافة
العربية التي
تنفق عليها
الدولة
الملايير،
وتنشئ لها
مؤسسات
ومعاهد
وجامعات
تضطلع بالبحث
العلمي في
موضوع اللغة
والثقافة
العربيتين.
أما الإنتاج
العلمي
الحقيقي
والرسمي حول
الأمازيغية،
فهو ما
سينجزه
المعهد
مستقبلا
بتمويل من
الدولة، وليس
من جيوب
المناضلين
الأمازيغيين
كما كان
الأمر في
السابق.
النتيجة هو
أنه من
الطبيعي جدا
أن يتكون
المجلس
الإداري "من
مناضلين
وحركيين
وجمعويين"
لأنه رسميا
لا يوجد
إنتاج علمي
إطلاقا حول
الأمازيغية،
وهو ما كان
يشكل
أحد مطالب
الحركة
الأمازيغية
التي كانت
تطالب
بالاعتناء
بالأمازيغية
بإحداث مراكز
علمية خاصة
بها. 2
ـ أما "الخلل"
الثاني، حسب
نجمي، فهو أن
تشكيلته "فئوية
لم تراع
البعد الوطني
للقضية
الأمازيغية.
فقد تم
الاقتصار فقط
على الناطقين
بالأمازيغية".
وهنا يتساءل،
نجمي: "فهل
يعقل مثلا أن
يستبعد غدا
من المعهد
الوطني
للتعريب
الأساتذة
الأمازيغيون؟"
سؤال ماكر
وخبيث يتضمن
مغالطة توحي
ـ بل تقنع
بذلك ـ بأن
معيار اختيار
أعضاء المجلس
هو معيار
إثني وعنصري (وهذا
ما يلتقي مع
الملف الذي
نشرته جريد
الحزب الذي
ينتمي إليه
نجمي، انظر "اليوسفي
يكذّب نفسه
بنفسه"). مع أن
السؤال كان
يحب أن يكون:
هل يعقل مثلا
أن يستبعد
غدا من
المعهد
الوطني
للتعريب
الأساتذة
الأمازيغيون
الذين يجيدون
العربية؟ وهو
ما يؤدي إلى
السؤال
الواضح
التالي: هل
يعقل أن يعين
بمعهد
التعريب
أساتذة لا
يجيدون
العربية؟
طبعا لا، لأن
ذلك سيشكل
مفارقة غريبة
تجعل معهد
التعريب ينفي
نفسه بنفسه.
وهو نفس
الشيء يصدق
على معهد
الأمازيغية
لو عين
بمجلسه أشخاص
لا يجيدون
الأمازيغية
التي اختيروا
من أجل
مناقشة
قضاياها
والدفاع عنها
ورد الاعتبار
لها. إذن هنا
لا يتعلق
الأمر
بالأمازيغ أو
العرب، بل
بالتمكن من
اللغة
الأمازيغية،
وهو أمر
طبيعي ومنطقي
لأن طبيعة
المؤسسة
تتطلب ذلك.
أما
ما اعتبره
نجمي "استبعادا
لعدة أسماء
متخصصة في
مجال اللغة
واللسانيات،
مثل إدريس
السرغوشني
والفاسي
الفهري وأحمد
المتوكل
وأحمد
الإدريسي"،
فإن ما آخذه
على المعهد
من عدم
اختيار ذوي
التخصص
العلمي في
مجال
الأمازيغية
يمنع هؤلاء
الذين ذكرهم
من أن يكونوا
أعضاء بهذه
المؤسسة:
فماذا قدم
هؤلاء "العلماء"
من إنتاج
علمي حول
الأمازيغية
ولفائدتها؟
لا شيء، بل
فيهم من عبر
عن معاداته
للأمازيغية،
سواء
بالتصريح أو
التلميح، مثل
إدريس
السغروشني
والفاسي
الفهري. فهم
إذن ليسوا لا
بمناضلين ولا
بـ"علماء" في
الأمازيغية.
فما الذي
سيجمعهم
بمعهد يعتني
أصلا
بالأمازيغية
فقط؟ 3
ـ يقول نجمي،
تتمة لما سبق:
"إن
الأمازيغية
سؤال وطني
ومن صالح
المغرب
والأمازيغية
أن يصل هذا
السؤال داخل
الفضاء
الوطني بكل
تنوعه وغناه".
ما دامت
الأمازيغية،
حسب نجمي،
سؤالا وطنيا
وقضية وطنية
تهم كل
المغاربة،
يحق لنا أن
نطرح السؤال
التالي على
نجمي: كم خصص "اتحاد
كتاب العرب،
فرع المغرب"
الذي يرأسه
نجمي، من
الندوات
والمتقيات
الخاصة بهذه
القضية
الوطنية؟ كم
نشر "الاتحاد"
من البحوث
والدراسات
والإنتاجات
العلمية
والأدبية
الخاصة
بالأمازيغية؟
ما هي
المكانة التي
خص بها هذه
القضية
الوطنية في
القانون
الأساسي
لاتحاد
الكتاب؟
لماذا لم
يسوّ بينها
وبين العربية
في "اتحاد
الكتاب" ما
دامت هي أيضا
ذات بعد وطني
وتهم كل
المغارية؟ كم
أنشأ "اتحاد
الكتاب" من
أقسام لتدريس
وتعليم
الأمازيغية
لأعضائه ما
دامت قضية كل
المغاربة وكل
الكتاب كذلك؟
كم موّل من
البحوث
والدراسات
حول
الأمازيغية
التي هي سؤال
وطني؟ لا
شيء، لا شيء،
لا شيء... وهذا "اللاشيء"
يعني أن
الأمازيغية
ليست "وطنية"،
من الناحية
العملية، عند
"اتحاد
الكتاب" ما
دام استبعدها
من اهتماماته
"الوطنية".
إذن الادعاء
بأنها سؤال "وطني"
ـ وهو ما
تطالب به
الحركة
الأمازيغية ـ
هو مجرد نفاق
رديء، الغرض
منه تبرير
التدخل
لتوجيه
الأمازيغية
توجيها غير
أمازيغي. 5
ـ ثم ينتقل
نجمي إلى
إسداء النصح
وإعطاء
الوعظ،
فينبهنا إلى
أن "قضية
حساسة مثل
الحرف أو
اللغة التي
ستكتب بها
الأمازيغية...
من المفروض
أن تحظى أولا
بنقاش علمي
بحت، ثم
باستشارات
واسعة، إن لم
يكن المطلوب
هو استفتاء
للأمة
بكاملها".
الاستشارة
نعم، ولكن مع
من؟ مع نجمي
وأمثاله
الذين
يكتشفون
الأمازيغية
لأول مرة
بمناسبة
إنشاء المعهد
الملكي
للأمازيغية؟
أما إذا كانت
هذه
الاستشارة مع
المعنيين
بهذه القضية،
فليعلم نجمي
انه، وعلى
مدى ثلاثين
سنة، نُظمت
المئات من
الندوات
العلمية حول
مختلف
الموضوعات
المرتبطة
بالأمازيغية،
بما فيها
مسألة الخط
والمعيرة،
كما نشرت
تقارير
وتوصيات حول
نتائج هذه
الأعمال
والندوات.
فأين كان
نجمي و"كتبة
اتحاده"
عندما كانت
تعقد هذه
الندوات
والاستشارية
والعلمية حول
الأمازيغية؟ وعلى
ذكر "الاستفتاء"،
وهو ما سبق أن
لمح ـ بل طالب
ـ به آخرون
قبل نجمي،
فإننا لا نرى
مانعا من
إجراء
استفتاء ـ
رغم أن
الاستفتاء
حول أمر يهم
الهوية شيء
غريب وغير
معقول ـ شرط
أن يكون فيه
عدل وإنصاف
وديموقراطية.
فإذا كان
التعريب قد
بدأ منذ أزيد
من أربعين
سنة، مع ما
يتضمنه من
دعاية
للعربية
والعروبة،
وغسل لدماغ
المغاربة،
وإقصاء
للأمازيغية
والتحذير
منها بربطها
بالانفصال
والتفرقة،
فإن إجراء
استفتاء عادل
وديموقراطي
حول قضايا
الأمازيغية،
يشترط أربعين
سنة جديدة من
التمزيغ
وإعادة غسل
دماغ
المغاربة
والدعاية
للهوية
الأمازيغية
وللغة
الأمازيغية،
وتدريسها
والتدريس بها
مدة أربعين
سنة كذلك،
كما حصل مع
العربية
والتعريب.
آنذاك فقط
يمكن إجراء
استفتاء عام
حول أية نقطة
تهم
الأمازيغية.
أما في غياب
هذه الشروط،
فإن كل
استشارة أو
استفتاء يجب
أن تقتصر فقط
على من ثبت
أنهم كانوا
يحملون دائما
همّ
الأمازيغية
ويناضلون من
أجل رد
الاعتبار لها. إن
ما بات يقلق
حسن نجمي
وأمثاله، هو
أنهم أصبحوا
مقتنعين بأن
الأمازيغية
غدت أمرا
جديا وليس
وعدا
انتخابيا ولا
مجرد "إنعاش"،
خصوصا أن من
علامات هذه
الجدية أنه
لأول مرة
يتولى
الأمازيغيون
شأنهم
الأمازيغي
بأنفسهم دون
وساطة نجمي
وبقية السحرة
المشعوذين.
لقد اعتقد
هؤلاء أنهم
قد اغتالوا
الأمازيغية
وتخلصوا منها
نهائيا بعد
أربعين سنة
من الإقصاء
والافتراء،
وإذا بها
تفاجئهم
وتخرج إليهم
حية بسبعة
رؤوس. ومن هنا
يأتي كلام
السوء، كالذي
كتبه نجمي
وغيره،
للتشويش على
مشروع إعادة
الاعتبار
للأمازيغية.
لكن القافلة
تسير والكلاب
تنبح، كما
يقال.
|
|