|
عبد
الرحمان
اليوسفي
يكذّب نفسه
بنفسه بخصوص ”إنعاش
الأمازيغية“ بقلم:
محمد بودهان قدم
الوزير الأول
السيد عبد
الرحمان
اليوسفي،
أمام مجلس
النواب يوم
فاتح غشت 2002،
تصريحا مطولا
استغرق ثلاث
ساعات ـ نعم
ثلاث ساعات! ـ
استعرض فيه
حصيلة ما
أنجزته حكومة
التناوب خلال
أربع سنوات
من ولايتها.
ثلاث ساعات
من العرض
تعني أن
السيد
اليوسفي قد
تكلم عن كل
صغيرة
وكبيرة، عن
كل حدث بسيط وهام، عن
كل شيء
وزيادة.
استمعت إلى
العرض
بانتباه
وتركيز راصدا
ما سيقوله
عما أنجز
لصالح
الأمازيغية
خلال حكومة
التناوب. لكن
السيد الوزير
الأول لم يشر
إطلاقا إلى
شيء اسمه
الأمازيغية،
فبالأحرى "المنجزات"
الخاصة بها.
لم أصدق أن
يكون الوزير
الأول قد
تكلم لمدة
ثلاث ساعات
تحدث فيها عن
كل شيء
باستثناء
الأمازيغية.
شككت في
مقدرتي على
تتبع خطاب
لمدة ثلاث
ساعات؛ وقلت
ربما أن
فتورا اعترى
انتباهي لطول
مدة العرض،
مما سيكون قد
حال دون
الانتباه إلى
ما قاله عن
الأمازيغية.
فانتظرت إلى
أن نشرت "الاتحاد
الاشتراكي"
النص الكامل
لعرض الوزير
الأول أمام
مجلس النواب.
فقرأته
بتأنٍّ
وتأمل،
فوجدته خاليا
من أية إشارة
إلى
الأمازيغية،
عدا قوله: "...مقومات
الأمة
المغربية
وأصولها
الحضارية
العربية
والأمازيغية
والإسلامية.."،
وذلك في سياق
لا علاقة له
بتاتا بموضوع
الأمازيغية
وما أنجز
لفائدتها. ما
ذا يعني سكوت
الوزير الأول
عن
الأمازيغية
وإقصاؤها
كلية من
خطابه الذي
دام ثلاث
ساعات؟ 1
ـ إن السكوت
عن
الأمازيغية
وعدم ذكر أي
إنجاز تم
لفائدتها
خلال ولاية
حكومة
التناوب،
يعني أن
الوزير الأول
كان صادقا،
صريحا وغير
ديماغوجي،
لأنه بالفعل
لم تنجز
حكومة السيد
اليوسفي
قليلا ولا
كثيرا فيما
يتعلق بتنمية
الأمازيغية
ورد الاعتبار
لها. 2
ـ لكن صدق
الوزير الأول
وصراحته في
عرضه حول
حصيلة حكومة
التناوب فيما
يتعلق
بالأمازيغية،
هو دليل على
أنه كان
ديماغوجيا
وغير صادق
عندما قدم
التصريح
الحكومي أمام
مجلس النواب
يوم 17 أبريل 1998،
والذي تعهد
فيه بـ"إنعاش
الثقافة
الأمازيغية"،
كما أن
برنامج حزبه
للانتخابات
التشريعية
الأخيرة،
والذي نشر بـ"الاتحاد
الاشتراكي"
ليوم 4 نونبر 1997،
يؤكد على "ضرورة
توفير سبل
الاعتناء
باللغة
الأمازيغية
وثقافتها
ورصيدها
الحضاري
كمكون أساسي
من مكونات
الثقافة
الوطنية".
والحال، أن
حكومة السيد
اليوسفي لم
تقم بأي شيء
في سبيل "إنعاش
الأمازيغية"
كما التزمت
بذلك أثناء
تنصيبها،
وكما أكد على
ذلك أيضا
البرنامج
الانتخابي
لحزب الوزير
الأول. فيكون
ما جاء في
التصريح
الحكومي
الأول من "إنعاش
للثقافة
الأمازيغية"،
وما جاء في
البرنامج
الانتخابي
لحزب السيد
اليوسفي من "الاعتناء
باللغة
الأمازيغية"
مجرد كذب على
الشعب
المغربي.
وهذا ما أكده
التصريح
الحكومي
الأخير الخاص
بحصيلة حكومة
التناوب.
فصدق ما جاء
في هذا
التصريح حول
الأمازيغية،
أي عدم إنجاز
شيء لإنعاشها
والاعتناء
بها، هو
تكذيب لما
جاء في
التصريح
الأول الذي
يتحدث عن "إنعاشها"،
وتكذيب كذلك
لما جاء في
البرنامج
الانتخابي
الذي تعهد
بالاعتناء
بها. فلا
إنعاش ولا
اعتناء.
وهكذا يكون
الوزير الأول
قد كذّب نفسه
بنفسه. فهل
سنصدق مرة
أخرى حزب "الاتحاد
الاشتراكي"
عندما يعدنا
بالاهتمام
بالأمازيغية
كلما دنت
مواعيد
الانتخابات؟ 3
ـ لكن، إذا لم
تنجز الحكومة
أي شيء يدخل
في إطار "إنعاش
الأمازيغية"،
فقد هناك
الإنجاز
الملكي
المتمثل في
إنشاء المعهد
الملكي
للثقافة
الأمازيغية،
والذي رأى
النور أثناء
ولاية حكومة
التناوب.
فكان من
الطبيعي
الإشارة، في
تصريح يستعرض
الحصيلة، إلى
هذا الإنجاز
الكبير لصالح
الأمازيغية.
ومع ذلك فإن
الوزير الأول
أغفل ذلك
وسكت عنه رغم
أنه حدث بارز
جدا كعلم في
رأسه نار. ولا
يمكن
الاعتراض
بالقول بأن
اليوسفي
اقتصر في
تصريحه على
ما أنجزته
الحكومة دون
الحديث عن
الإنجازات
الملكية،
لأنه أشار في
تصريحه إلى "المجلس
الاستشاري
لحقوق
الإنسان" و"ديوان
المظالم"
التي هي
مؤسسات أنشئت
بأوامر
ملكية، وليس
بقرارات
حكومية. ثم إن
معهد
الأمازيغية،
كما قلت، حدث
استثنائي
وهام جدا لا
يمكن السكوت
عنه وعدم
الإشارة إليه
في تصريح حول
حصيلة أربع
سنوات، خصوصا
أنه كان من
الممكن ربط
المعهد ب"إنعاش
الأمازيغية"
التي جاءت في
التصريح
الأول لحكومة
اليوسفي،
والقول بأن
الملك هو
الذي تكلف
بهذا الموضوع
أو الملف
بإنشائه
للمعهد. فما
مدلول هذا
السكوت عن
المعهد
الملكي
للأمازيغية
وعدم ذكره
نهائيا في
خطاب دام
ثلاث سنوات؟ إنه
يعني ـ وهذا
أخطر من عدم
إنجاز أي شيء
للأمازيغية
من طرف
الحكومة ـ أن
الأمازيغية
لا تزال، كما
كانت دائما،
تنتمي إلى "اللامفكر
فيه" L'impensable لدى
الوزير الأول
وحزبه. فحتى
إذا كانت
هناك إنجازات
إيجابية
تحققت لفائدة
الأمازيغية،
مثل المعهد
الملكي، فإن
السيد
اليوسفي لا
يمكنه أن "يراها"،
وإن رآها فهو
لا يدركها
لأنها لا
تخطر بباله،
بل هي في حكم
الغائب عن
الوعي، في
حكم اللامفكر
فيه، وهو ما
يعطي فكرة
دقيقة وصحيحة
عن مكانة
الأمازيغية
في وعي
الوزير الأول
وحزبه. إنها
دائما غائبة،
لا مفكر
فيها،
ومقصاة،
عمليا من
البرامج
والمنجزات،
وذهنيا من
التفكير
والوعي
والإدراك. 4
ـ رغم سكوت
الوزير الأول
عن
الأمازيغية
والمعهد
الأمازيغي في
تصريحه أمام
البرلمان،
إلا أن
جريدته "الاتحاد
الأسبوعي"
ستخصص لها،
بالعدد 17 ليوم 4
غشت 2002، ملفا
ساخنا وسيئا
تحذرنا فيه
من "إحياء
الظهير
البربري" (هكذا
جاء في الملف)،
وتنبهنا إلى
أن "الأمازيغية
هي القنبلة
الموقوتة
التي نصبها
المستعمر
ليعود من
النافذة"،
وتذكّرنا
بالأيادي
الأجنبية
التي تحرك
ملف
الأمازيغية،
والمؤامرات
التي توظف
الأمازيغية
لضرب الوحدة
الوطنية...!! إنه
ملف خبيث
وبذيء وأعد
عن سوء نية،
يكرر
الأدبيات
الأمازيغوفوبية
لسنوات
السبعينيات. إلا
أن أخطر ما فيه
هو تهجمه على
المعهد
الملكي
للثقافة
الأمازيغية،
والتشيك في
دستوريته،
والإيحاء بأن
تركيبة أعضاء
مجلسه
الإداري
تركيبة
عنصرية لأنها
لا تشتمل إلا
على
أمازيغيين مع
إقصاء
للعناصر "العربية"،
وهو ما
يتنافى مع
مبدأ
المساواة بين
المواطنين في
شغل مناصب
عمومية (هكذا).
المساواة!
نعم،
المساواة!
الآن فقط
اكتشفت جريدة
الوزير الأول
وصحفيوها
مبدأ
المساواة بين
المواطنين،
وأن هناك
إخلالا بهذا
المبدأ، حسب
رأيها وفهمها
وتأويلها،
عندما تعلق
الأمر برد
الاعتبار
للأمازيغية.
يا سلام!
ولماذا لم
يسبق أن نددت
الجريدة
وصحفيوها
بخمسين عاما
من غياب تام
للمساواة بين
العربية
والأمازيغية،
وذلك على
جميع
المستويات
وفي جميع
المجالات،
بدءَ من
الدستور الذي
تدعي أن
المعهد خالف
أحكامه؟ إذا
كان هذا هو
موقف جريدة
الوزير الأول
من المجلس
الإداري
للمعهد، الذي
يتكون من
أعضاء
متطوعين
وبدون أجر
ولا راتب،
ماذا سيكون
موقفها لو أن
هؤلاء
الأعضاء
يتقاضون ما
يتقاضاه
برلمانيو
الاتحاد
الاشتراكي أو
أعضاء
المجالس
الإدارية
للمؤسسات
التي نهبت
مال الشعب
المغربي، مثل
الصندوق
الوطني
للضمان
الاجتماعي،
القرض
السياحي،
القرض
الفلاحي...
وغيرها؟ فلو
كان الأمر
كذلك لرفعت
دعوى تطالب
فيها بـ"توقيف"
المعهد أو
استبدال
اعضائه
بعناصر "عربية"
حتى لا يكون "عنصريا"! إن
حقد الجريدة،
من خلال كتاب
اختارتهم
لهذا الغرض،
على المعهد
وأعضاء مجلسه
الإداري،
يرجع بالأساس
إلى أن هذا
المعهد،
بأعضائه
المتطوعين،
أعطى درسا في
الديموقراطية
والوطنية
للأولئك "الاشتراكيين"
الذين ألفوا
نهب المال
العام من
خلال تعيينهم
في المجالس
الإدارية
لكثير من
المؤسسات
العمومية
برواتب
خيالية. لما
اطلعت على
هذا الملف
البذيء
والحاقد، كما
قلت، حول
الأمازيغية،
فهمت لماذا
سكت الوزير
الأول عن ذكر
المعهد أثناء
تقديم تصريحه
أمام
البرلمان، إذ
كيف سيذكر
الأمازيغية
والمعهد بخير
وجريدته،
الممولة من
جيب
الأمازيغيين،
تحضّر ملفا
عن
الأمازيغية
والمعهد كله
تحامل واتهام
وتشكيك في
وطنية مناضلي
الحركة
الأمازيغية
باستحضار
المؤامرات
الخارجية
التي تستعمل
ورقة
الأمازيغية
لزرع التفرقة
وتكسير
الوحدة
الوطنية! وهو
ما لا يتطلب
ردا ولا
نقاشا لأن
مثل هذه
الأدبيات
الأمازيغوفوبية
التي تغرف من
أسطورة "الظهير
البربري"
رددنا عليها
وناقشناها
في مرحلة
السبعينات
والثمانينات.
ولا أدري ما
ذا تريد
جريدة الوزير
الأول من
العودة إلى
الأطروحات
البعثية
القومانية
العروبية
القديمة حول
الأمازيغية،
بعد أن ظن
الجميع أنه
قد تم القطع
معها منذ
أزيد من عقد
ونصف من
الزمن؟ لكن،
وما الحب إلا
للحبيب الأول،
كما
قال الشاعر. وأخيرا،
ليعلم أصحاب
هذه الأفكار
أن لا مفر لهم:
فالأمازيغية
أمامهم،
والأمازيغية
وراءهم.
|
|