|
|
صبغة
الله
/ لا
تبديل لخلق الله
قضية الهوية في الديانة الإسلامية بقلم: ؤتمازغا Utmazghaمن المعلوم أن مقاصد الدين Asgd تنقسم إلى ثلاثة أقسام، هي: 1 ـ”الضروريات”. 2 ـ”الحاجيـــات “. 3 ـ”التحسينـيــات”. والذي يهمنا، في هذا المقال المتواضع، هو القسم الأول (الضروريات). يقول الإمام أبو إسحاق الشاطبي في كتابه “الموافقات في أصول الشريعة”: “تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق...”، إلى أن قال موضحا مفهوم “الضروريات”: “فأما الضرورية فمعناها أنها لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين”. (كتاب “الموافقات” للشاطبي، تحقيق محمد عبد القادر الفاضلي، المكتبة العصرية ببيروت 2003. ج 2 ص 7). وتشمل الضروريات (التي هي أصل للحاجيات وللتحسينيات) كلا من: العبادات والعادات والمعاملات والجنايات. ـ العبادات: أصولها “راجعة إلى حفظ الدين من جانب الوجود، كالإيمان والنطق بالشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج، وما أشبه ذلك”. (“الموافقات” للشاطبي، مرجع سابق). ـ العادات: “راجعة إلى حفظ النفس والعقل من جانب الوجود أيضا، كتناول المأكولات والمشروبات والملبوسات والمسكونات وما أشبه ذلك”. (الشاطبي، نفسه: ج 2 ص 8). ـ المعاملات: “راجعة إلى حفظ النسل والمال من جانب الوجود، وإلى حفظ النفس والعقل أيضا، لكن بواسطة العادات”. (نفسه). ـ والجنايات:”ويجمعها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ترجع إلى حفظ الجميع من جانب العدم”. (المرجع المذكور). انطلاقا مما سبق، نستنتج أن عدد أو مجموع الضروريات (القسم الأول والأساسي والأصلي من أقسام مقاصد الدين الثلاثة) هو: خمس ضروريات، وهي: 1 ـ “حفظ الدين”. 2 ـ “حفظ النفس”. 3 ـ “حفظ النسل”. 4 ـ “حفظ المال”. 5 ـ”حفظ العقل”. وكما هو مفهوم ومعلوم، فلا يمكن أن يكون هناك أي “حفظ” لهذه الضروريات إلا إذا كان هناك -أولا- حفظ شامل كامل وحقيقي للهوية (Tanettit/Tamagit) وصيانة الانتماء الهوياتي إلى الجغرافيا (Tamurt/Akal) والتاريخ، لا إلى الأعراق والأنساب واللغات. فبدون حفظ الهوية لا يمكن الحديث عن «حفظ النفس» إذْ ليست هناك نفس بلا هوية، والنفس وهويتها هما شيء واحد لا يتجزأ ولا ينفصل ولا ينقسم. وبالتالي: لا حفظ للنفس بدون حفظ الهوية. لأن الإنسان ليس إنسانا فقط، بل هناك ( كما نعلم) تعدد وتنوع واختلاف وتمايز في هويات الناس: الإنسان الفارسي، الإنسان الياباني، الإنسان الأمازيغي، الإنسان الألماني، الإنسان العربي والإنسان الفرنسي....إلخ. بمعنى أن “حفظ النفس” يختلف باختلاف هويات الأنفس البشرية. والذين تم تغيير وتبديل هوياتهم الأصلية، فلا حفظ لنفوسهم، إلا بعد استرجاع وتحرير هوياتهم وحفظها وصيانتها وحمايتها من مخاطر التذويب والتزوير والتحريف والتخريب والتعريب. ونفس ما قيل عن حفظ الهوية / حفظ النفس، يقال كذلك عن "حفظ الدين" نفسه. فالمسلم الأمريكي ليس هو المسلم الفرنسي، والمسلم الأندونيسي ليس هو المسلم الياباني، والمسلم الأمازيغي ليس هو المسلم العربي، والمسلم غير العربي ليس هو المسلم العربي...إلخ. لأن الهويات هي هويات متعددة ومتنوعة تبعا لتعدد وتنوع الأراضي والمواطن الجغرافية التي تُستمد منها الهويات البشرية. وهذا يعني أن: الدين ليس هو الهوية، والهوية ليست هي الدين. فالمسلمون - مثلا - دينهم واحد: الإسلام. لكن هوياتهم متعددة وليست واحدة، فهناك: المسلمون غير العرب (كالأمريكيين واليابانيين والإيطاليين والأمازيغيين والسويسريين والأندونيسيين والفرنسيين والهولنديين والفارسيين... وغيرهم من الشعوب المسلمة غير العربية) . وهناك: المسلمون العرب الذين يختلفون - هوياتيا - عن المسلمين غير العرب. وبالتالي، فحفظ الدين يضم كذلك: حفظ الهوية. لأن للمسلمين هويات متعددة، متنوعة ومختلفة، وإن كان دينهم واحدا. علما أن الدين لا يغير ولا يبدل هويات المسلمين، فالهوية تبقى هي هي، سواء قبل اعتناق الإسلام أو بعد اعتناقه. فالمسلم غير العربي هو إنسان غير عربي قبل إسلامه وبعد إسلامه. والمسلم العربي هو إنسان عربي قبل إسلامه وبعد إسلامه (العرب غير المسلمين في الشرق الأوسط). وإلا، فلماذا بقي سلمان الفارسي فارسيا، وصهيب الرومي روميا، وبلال الحبشي حبشيا، وهم من الصحابة (رضي الله عنهم)؟!وكذلك حفظ كل من: «النسل» و»المال» و»العقل»، يستحيل حفظها بدون حفظ الهوية. إذْ الحديث عن «النسل» و»المال» و»العقل» (وكذلك «الدين» و»النفس») يجرنا إلى طرح السؤال الهوياتي التالي: أي نسل؟ أي مال؟ أي عقل؟ . نسل من؟! ومال من؟! وعقل من؟!. إذن، لحفظ «الضروريات الخمس» لا بد من مراعاة هوياتها المتعددة والمختلفة (هوية الدين، هوية النفس، هوية النسل، هوية المال وهوية العقل) تبعا لتعدد واختلاف هويات الناس والبشر عامة وهويات المسلمين خاصة: «صبغة الله، ومن أحسن من الله صبغة ؟! « / « فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله». فمتى سنعلم ويعلمون أن حفظ )الضروريات الخمس (يكمن في حفظ الهوية والانتماء الهوياتي، أي أن “حفظ الهوية” هو من “مقاصد الديانة الإسلامية العالمية الكونية”؟!أليست قضية الهوية من الضروريات التي «لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة « كما يقول الإمام الشاطبي رحمه الله ؟! خلاصـة واستنتـاج: حفظ الهوية من مقاصد الإسلام. لماذا؟! لأن اختلاف لغات البشر وتنوع هوياتهم يُعتبر - في الدين الإسلامي - آيةً من آيات الله رب العالمين. قال ابن خلدون رحمه الله: «اعلم أن الله سبحانه وتعالى اعتمر هذا العالم بخلقه وكرم بني آدم باستخلافهم في أرضه وبثهم في نواحيها لتمام حكمته وخالف بين أممهم وأجيالهم إظهاراً لآياته فيتعارفون بالأنساب ويختلفون باللغات والألوان ويتمايزون بالسير والمذاهب والأخلاق ويفترقون بالنحل والأديان والأقاليم والجهات. فمنهم العرب والفرس والروم وبنو إسرائيل والبربر (أيْ الأمازيغ). ومنهم الصقالبة والحبش والزنج ومنهم أهل الهند وأهل بابل وأهل الصين وأهل اليمن وأهل مصر وأهل المغرب. ومنهم المسلمون والنصارى واليهود والصابئة والمجوس. ومنهم أهل الوبر وهم أصحاب الخيام والحلل وأهل المدر وهم أصحاب المجاشر والقرى والأطم. ومنهم البدو الظواهر والحضر الأهلون ).... ( ، خَالَفَ أجناسَهم وأحوالَهم وألسنتهم وألوانهم ليتم أمر الله في اعتمار خصوصياتهم ونحلهم. فتظهر آثار القدرة وعجائب الصنعة وآيات الوحدانية، إن في ذلك لآيات للعالمين « . ) تاريخ ابن خلدون، ج ٢. ص 3-4 .أزول فلاونت / فلاون. تانميرت اطاس / باهرا.
|
|