|
|
منظمة تاميينوت: وضعية اللغة الأمازيغية في التعليم من رئيس منظمة تاماينوت إلى السيد المحترم وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي الموضوع: وضعية اللغة الأمازيغية في التعليم سلام تام وبعد لا يخفى عليكم السيد الوزير ما تمثله اللغة والثقافة الأمازيغيتان ضمن عناصر الشخصية المغربية و الإرث الحضاري لبلادنا، وقد تقرر منذ 2003 البدء في إدراج الأمازيغية ضمن النظام التربوي بعد 45 سنة من التهميش والإقصاء، غير أنّ ذلك تمّ بشكل ارتجالي ومتسرع وبدون توفير الإمكانيات الضرورية وخاصة منها ميزانية التكوين والتأطير والموارد البشرية المطلوبة، ولقد كان لقرار إدارج الأمازيغية لغة وثقافة في المنظومة التربوية أهمية بالغة بالنسبة للفاعلين في مجال الثقافة الأمازيغية من جمعيات وأفراد وعموم الناطقين بها، مما وفر لهؤلاء الفاعلين مرجعية سياسية هامة للنهوض بالأمازيغية وإنصافها في التعليم. غير أن تنفيذ ومتابعة هذا القرار من أجل نقله إلى حيز التنفيذ لم تتم على الوجه المطلوب، وكانت نتيجة ذلك ما توصلنا إليه في منظمة تاماينوت بعد التحري والمراقبة لهذه العملية، والذي يمكن إجماله فيما يلي: 1) عدم نجاح التعميم التدريجي للأمازيغية حتى الآن في المدارس وأسلاك التعليم، رغم كل الجهود التي بذلت، مما نجم عنه الكثير من الاضطراب والإخلال بما تمّ الوعد به من طرف الوزارة الوصية، حيث تبين لنا بأنّ ما يجري داخل المؤسسات التعليمية لا يتطابق مع مضامين المذكرات والتوجيهات التربوية الصادرة عن الوزارة (المذكرات 108 ـ 90 ـ 130 ـ 133 ـ 116)، كما لمسنا عدم وجود انسجام بين خطاب الوزارة في المركز ورؤساء الأكاديميات والنواب في الجهات والمناطق، حيث لا يتمّ التعامل مع موضوع تدريس الأمازيغية بالجدّية المطلوبة والحس الوطني اللازم، مع العلم أنّ هناك مرجعية حقوقية وسياسية واضحة لتعليم الأمازيغية تتمثل في: •المرجعية الدولية لحقوق الإنسان التي تنصّ على ضرورة احترام حقوق الشعوب والمجموعات في الحفاظ على لغاتها وثقافاتها الأصلية؛ •الخطاب الملكي بأجدير يوم 17 أكتوبر 2001، الذي اعتبر الأمازيغية مسؤولية وطنية؛ •الظهير المحدث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية؛ • إجماع القوى السياسية والمدنية المغربية على ضرورة فض كل أشكال خرق حقوق الأفراد والجماعات الناتجة عن انتهاك مبدأ احترام الحقوق السياسية والمدنية والثقافية واللغوية. 2) عدم توزيع الكتاب المدرسي الأمازيغي الذي يظلّ مفقودا طوال السنة الدراسية، وعدم إدراجه في مشروع المليون محفظة التي وزعتها الوزارة مؤخرا. 3) انعدام التقييم الموضوعي الشامل لتجربة تعليم الأمازيغية منذ 2003، حيث لم يرد في تقرير المجلس الأعلى للتعليم أي شيء يفيد متابعة هذا الموضوع، كما أنّ الخطّة الاستعجالية أشارت إلى تطوير تعليم العربية واللغات الأخرى بينما اكتفت بالحديث عن النظر في "وضعية الأمازيغية" في التعليم، مما قد يوحي بالسعي إلى مراجعة المبادئ والتوجهات التي تمّ عليها إرساء تعليم الأمازيغية، وهو أمر يكتسي خطورة بالغة ويمثل عودة إلى الوراء ستكون لها عواقب وخيمة ليس فقط على المسلسل الوطني من أجل إنصاف الأمازيغية في كل أبعادها، بل على كل المجهودات المبذولة لتوفير شروط الانتقال الديمقراطي. 4) عدم دعوة وزارة التربية الوطنية للفاعلين في مجال تعليم الأمازيغية لحضور اللقاءات التي تنظمها حول التعليم الأولي أو حول المقاربات البيداغوجية الجديدة المقترحة. 5) إنّ دورات تكوين الأساتذة لا تشمل أساتذة مختلف المستويات التي بلغها تعليم الأمازيغية، كما لوحظ بأنّ عددا من الأكاديميات لم تقم ببرمجة أية دورة تكوينية حتى الآن، علاوة على أنّ المدّة المخصصة للتكوين (خمسة أيام) لا تتناسب وحجم برامج ومحتويات الدورات التكوينية السنوية الثلاث. 6) أنّ بعض مراكز التكوين الجهوية للمدرسين لم تسمح باستفادة أساتذتها من التكوين في مجال بيداغوجيا الأمازيغية. 7) أنّ مسالك اللغة والثقافة الأمازيغية التي أحدثت ببعض الجامعات تجد صعوبات كثيرة في الاستمرار، وذلك بسبب عدم استقلاليتها في الموارد البشرية والمالية، مما يقتضي إنشاء شعب للأمازيغية قائمة بذاتها أسوة ببقية اللغات الأخرى. 8) لوحظ انعدام التنسيق المطلوب بين وزارة التربية الوطنية ومؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وذلك بسبب تجميد اللجان المشتركة. انطلاقا مما سلف ذكره، نعتبر، السيد الوزير، بأن عملية إدراج اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية لم تبلغ المستوى المطلوب، بل يمكن الحديث بكل أسف عن إفشال لهذه العملية بسبب عدم توفير الوسائل والإمكانيات الكفيلة بإنجاحها، إضافة إلى انعدام الإرادة لدى بعض المسؤولين التابعين لوزارة التربية الوطنية، والذين ظهر منهم بشكل علني صريح السعي إلى عرقلة العملية في مجملها والتشكيك في أسسها واختياراتها، وأنتم تعلمون السيد الوزير ما في ذلك من خطورة على السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي في بلادنا، حيث إنّ إفشال تعليم الأمازيغية سيعود بنا جميعا إلى وضع أسوأ مما كان عليه قبل 2001 تاريخ بداية المسلسل الوطني لصالح الأمازيغية، وسيكون أحد الأسباب الرئيسية في فقدان الرصيد المعنوي الذي حققه المغرب في مجال تسوية ملفات ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والتي منها انتهاك الحق في التعليم باللغة الأم، والحفاظ على الثقافة الأصلية. ومن ثم ندعوكم السيد الوزير إلى أن تعطوا لهذا الملف ما يستحق من اهتمام سعيا إلى تحقيق التوازن المفقود داخل مؤسساتنا التعليمية التي ما زالت تعرف وجود هوة كبيرة بين المدرسة والمحيط بسبب تهميش اللغة الأم وما يرتبط بها من قيم ثقافية، كما نتمنى أن تبذلوا قصارى جهودكم لإشعار الأكاديميات الجهوية والنيابات الإقليمية بضرورة احترام ثوابت السياسة التعليمية التي تعمل في إطارها الوزارة الوصية . وتقبلوا السيد الوزير فائق مشاعر التقدير والاحترام. (عن منظمة تاماينوت، الرئيس عبدالله حتوس، الرباط في: الخميس 27 نونبر 2008)
|
|