|
|
بـلا عقد أسئلة من بين أسئلة بقلم: محمد بوزكَو
تزاحمت الأفكار في جمجمتي..كما تتزاحم قضبان الشواء في معدتي بعد عيد أضحى بارد جويا وجيبيا... سؤال وحيد ظل يؤرقني.. عم سأكتب..؟ عن تاريخنا المنسي... كيف قصموه وحَفوا له بالمنجل.. وكيف أصبحنا عراة.. نبحث لنا عن لحاف ولا نجد سوى الفراغ.. فراغ في التاريخ..؟ أم عن مدينتنا الناظور التي بالت في سروالها وأضحت تقطر من كل الأطراف.. بل واستحلت لعبة التبول لدرجة فاضت بها نفسها.. وطلع إلى سطحها مسؤولوها ومنتخبوها ممزوجين مع الميكا السوداء وجذوع الأشجار وبقايا براز أهلها..؟ أم تراني أتوقف عند ردود أفعال أهل الريف عن الفيلم التليفزيوني» اِمزورن» الذي عرضته القناة الأولى في الشهر الماضي.. وكيف دوخ الأهل والأحباب.. ولم يصدقوا أن لهم لغة كباقي اللغات.. لغة للفيلم، للتليفزيون، للأخبار... للإبداع.. لدرجة أن أحدهم، وهو يتابع الفيلم، صاح مبهورا..: انظروا، إنهم يتكلمون مثلنا...؟ تعجب، سؤال وحيرة.. كيف لا، والآن بعد السنة الأربعين من رحيل فرنسا وإسبانيا لم يُسمع لأهل الريف صوت ولا حس في تلفزة يساهمون في تمويلها ببقشيشهم... لم أشاهد الفيلم بعد، لكي أقول فيه كلمتي حتى أنا.. ولكن مع ذلك وكيفما كانت جودة الفيلم ذاك.. ومستوى أداء الممثلين أبناء الريف... تبقى الحقيقة الواحدة الساطعة أن ذلك العمل ترك الكثير من الانطباعات الايجابية بفعل تأثير اللغة الأصل، مما يبين أن سحر الكلمات له تأثير أشد وقعا من كل شيء... وهو ما يؤكد أيضا أن اللغة الأم حين تكون أداة للإبداع تتحول طوعيا إلى أداة للإبهار.. والشعور بالمتعة.. بل أكثر من ذلك أداة لممارسة الحياة إن لم تكن هي الوجود نفسه.. إذ وراء كل كلمة إرث وحمولة وحياة.. ما أن تقذفها الشفتان حتى تخترق صمت سنوات من الضياع والاستلاب...ماذا بعد، في أمريكا انتصرت الأرض الأمريكية على العرق الإفريقي.. فأصبح أوباما رئيسا أمريكيا لأمريكا... وفي فرنسا عرفت داتي كيف تكون مخلصة للأرض الفرنسية حين تركت جانبا عناد عرقها لتحمل مفاتيح أعتد وزارة في فرنسا... هي التي لم تتردد لحظة في إعلان انتمائها للحضارة الفرنسية وثقافتها.. أأكتب عن هذا؟ .. عن مفهوم الهوية.. والشعور بالانتماء للأرض.. وأن سبقني لذلك ماس بودهان؟.. هل أشحذ حروفي وأرسلها نبالا للألباب علها تصيب عقولا قد شاخت وتخرفت...؟ أم سأنبش الأرض بحثا عن فمها لأفك أوزارها وأدعها تتكلم...؟.. أم سأركن لنفسي لأتركها تبحث عن خروف العيد الذي كان قبل قليل كله حياة.. يبعبع.. ينطح.. وكيف تبخر للحظة وتحول إلى قطع لحمية قابلة للافتراس..؟ قد تخونني نفسي، بل وخانتني فعلا حينما هوت على الكبدة.. والكرشة والشواء..تمرمشها.. بل وبوقاحة وفي سرية تامة أعدت خارطة طريق لعملية الإجهاز الكلي على ذلك الحيوان الضعيف.. الكبدة أولا، الجهاز الهضمي والتنفسي ثانيا فالعضلات ثم الرأس والأطراف وباقي الأعضاء... أكان علي أن أكتب على هذا أيضا..؟ ربما... ربما لأننا أيضا أكباش.. نبعبع ولا مخارج حروف لدينا.. خرفان مستعدون لتزيين أضخم الأطباق وأشهاها.. حيوانات ناطقة من غير كلام... بهوية مغدورة غدر السكين.. وبتاريخ برأس مذبوح ذبح العيد... هي أسئلة... من بين أسئلة... كتبت عنها أم لا... ليس بمشكلة... المشكلة هي أن نطرحها أسئلة... وللتاريخ حتما أجوبة.. (محمد بوزكَو thawalin@hotmail.com)
|
|