|
|
الغزل في الأغنية الامازيغية * تأليف: بشتى ذكي ومحمد المسعودي. قراءة وتقديم: لحسن ملواني توزعت مواضيع الكتاب بين تقديم لأحمد عصيد ومقدمة حول "الأغنية الأمازيغية بين الواقع والآفاق"، علاوة على موضوعات لها علاقة بتجليات الغزل عبر موضوعات وهي تحديدا المرأة – القلب –العنف- الموت. وقد توج الكتاب بخاتمة تحمل وصفحات تجمع المتن الشعري المشتغل عليه إضافة إلى معجم لكلمات لمتن الشعري (أما زيغي عربي). أهم مضامين الكتاب: الأغنية الأمازيغية بين الواقع والآفاق: 1-الإشارة إلى أهمية الأغنية في الثقافة الشفهية ويتحدد ذلك في: -أهميتها التواصلية . -أهميتها التعبيرية عن المشاعر وتطلعات المجتمع. نقل التجارب الروحية والعاطفية إلى الغير. 2- الإشارة إلى التهميش الذي تلاقيه الأغنية الأمازيغية عرضا وتسجيلا وتسويقا وتوثيقا. بنية الأغنية الأمازيغية: في هذا الإطار تحدث المؤلفان عن المراحل التي تمر منها الأغنية الأمازيغية ويتمثل ذلك فيما يلي: ـ تقسيم ب"لوتار" أو بالكمان. ـ إنشاء" تماوايت "بصوت نسوي في الغالب. ـ بداية العزف الرئيسي الذي سيركز عليه المغني طيلة الأغنية. ـ غناء الشطر الأول من اللازمة فالشطر الثاني من البيت، ثم اللازمة بشطريها الأول والثاني(من قبل). ـ غناء الشطر الأول من البيت والأزمة بشطريها (من قبل ب)... يتواصل الأداء على هذا المنوال ثلاث مرات دون توقف العزف مع تغييرات في نقر الدف والعزف وكل أغنية تختم ب"تاحيدوست " المتميزة بإيقاعها الخفيف، أبياتها القصيرة في شكل حوار متبادل بين العازفين والمرددات... مضامين الأغنية الأمازيغية: الأغنية الأمازيغية لا تأسس على وحدة موضوعية، لذا استطاعت التعبير عن كل قضايا المجتمع وأحداثه منتقدة الأوضاع والمعاناة اليومية من فقر وحرمان واستغلال... وبهذا تكون الأغنية الأمازيغية مجسدة لنبض الإنسان الأمازيغي وعلاقته بالحياة والمجتمع. واقع الأغنية الأمازيغية: ركز المؤلفان على الأوضاع المزرية التي يعيشها المغنون الأمازيغيون من حيث وضعهم الاجتماعي والمادي الذي لا يعكسه التفوق الحاصل في الأغنية الأمازيغية. معالجة موضوع الكتاب "الغزل في الأغنية الأمازيغية": حاول المؤلفان معالجة الموضوع في علاقته بالمرأة والقلب العنف والموت. المرأة تجدر الإشارة إلى أن الشعر المشتغل عليه في الكتاب يتعلق بالشعر الأمازيغي الخاص بالأطلس المتوسط تحديدا. وانطلاقا منه يلاحظ ما يوليه الشعراء الأمازيغيون من اهتمام لتنمية الغزل حيث أبدعوا شعرا جميلا يحتضن تعبيرات فريدة عن مواضع الإغراء وأنماط الزينة المرتبطة بالمرأة، مع الإشادة بصفات روحية وخلقية تجعل المرأة كائنا محبوبا ومقتدرا. وقد قدم المؤلفان بعض الصور الفنية المجسدة لرؤية الشاعر الأمازيغي للمرأة وذلك انطلاقا من نماذج وعينات شعرية ذيلت بشروحات تحاول الوقوف على المعنى والجمالية المحاط به عبر المسحة الفنية التي أضفاها الشاعر عليها وهكذا نجد المرأة: ـ تجليا دالا على وجود الخالق والاعتراف بعظمته. ـ كائنا رشيقا وجميلا في كل حركاته. ـ ذات الطلعة الجميلة والخطى المتناسقة. ـ ذات الشعر الطويل والوجه الصبوح (فهي إما بنت الشمس أو أخت القمر). ـ الإنسانة المتحلية بالوقار والمهابة إلى حد بعيد. ـ ... وتجميعا لما استنبط من خلال النماذج الشعرية المختارة يقف المؤلفان على بعض الخصائص الفنية الخاصة بالتغزل بالمرأة ونذكر منها: ـ تناول الأبعاد الروحية والجسدية للمرأة ضمن تعابير جمالية اعتمادا على الكناية. ـ اللجوء إلى التكنية عبر التضاد بين معطيات وأشياء. ـ تشبيهات تحاول النفاذ إلى حقيقة المرأة ووقع جمالها وبهائها على وجدان الشاعر: فالمرأة فاكهة ووردة وبدر ونجمة... ـ الرفع من شأن الجمال انطلاقا من تعابير متميزة. ـ توظيف التشبيهات والمجاز والمقابلة علاوة على الكناية.. ـ ... القلب إن شاعر الغزل غايته التعبير عن خلجات مشاعره إزاء المحبوب. "ولقد حاول الشاعر الأمازيغي مقاربة معالم القلب، من خلال توالي الهزات والسكون وتوالي آهات الانتشاء وزفرات اليأس. لقد تباينت الصور التي رسمها الشاعر للقلب وتنوعت أوصافه وتعددت حسب الحالة النفسية للشاعر من جهة، وحسب طبيعة التجربة العاطفية المعيشة من جهة ثانية" (ص 47). وانطلاقا من نصوص شعرية في غرض الغزل حاول المؤلفان استنباط بعض الصور التي رسمها الشاعر للقلب سواء كانت مستمدة من الطبيعة أوغيرها .فتحدثا عن: ـ القلب الحجر من حيث لا مبالاته بآهات المحب. ـ القلب الأرض حين يصير قلبا للإنبات. ـ القلب الطريدة حين يصير طائرا أو ما يشبهه. ـ القلب المستودع لهموم وأسرار الحب والحياة. ـ القلب الثوب حين تتبعثر خيوطه ويتفكك نسيجه بالحب والوله. ـ القلب النار من حيث التوهج والانحراق بسبب الحب. ـ القلب الصابون من حيث الدوبان والتلاشي. ـ القلب الإنسان من حيث اتخاذه طرفا للتناجي ومبادلة الحديث. ومن حيث الخصائص الفنية المنضوية تحت هذه التيمة تحدث المؤلفان عن التشبيه والاستعارة والحوار التشخيصي... العنـف حاول الكاتبان تخصيص حيز لتناول بعض مواضع تمظهر العنف في علاقته بالتعبير الغزلي الأمازيغي مبرزين رؤية الشعراء للحب وأثره على نفس المحب وانعكاسه على علاقة المحبين وعلى الذات. بالإضافة إلى إبراز العنف كرد فعل ضد الذات توخيا للتخلص من آلام الحب. وغير بعيد عن هذا المحور ضم الكتاب حديثا عن العنف ضد الآخر،فالشاعر لا يعلن "دائما، عن توجيه العنف إلى ذاته حينما تذوّْبه الصبابة ويبرح به الهوى، بل يعلن أحيانا عن رغبته في توجيه العنف ضد الحبيب أو ضد الواشي. وفي هذا الإطار، وعلى غرار ما سبق، أبرز المؤلفان بعض الخصائص الفنية والأسلوبية الخاصة بموضوع العنف وصلته بالتعبير الشعري الغزلي في الأغنية الأمازيغية. المـــوت من التيمات المرتبطة بالغزل "الموت" الذي يستخدم تعبيرا عن غايات أساسها الوجدان وانعكاس محبوب الشاعر على نفسيته. وهكذا، وحسب ما جاء في الكتاب نجد الموت: ـ حلا وخلاصا من معاناة الهوى وعذابات ضد المحبوب. ـ تجذيرا للحب من حيث اعتباره عالما مثاليا لتفتح الحب وترسخه. ـ معيارا للحب الخالص الذي يكنه أحد الحبيبين للآخر. ومن الخصائص الفنية للنماذج المختارة من الشعر الأمازيغي توظيف آليات إنشائية منها النداء والأمر مع الإكثار من توظيف ضمير التكلم ارتباطا بالذات ومكابدتها ولواعجها... ملاحظات لا بد منها: إن معالجة المؤلفين لقضية الغزل في الأغنية الأمازيغية معالجة لا بأس بها من حيث التحليل واختيار النصوص مع التعليق عليها. إلا هناك ملاحظات لا بد من الإدلاء بها كالتالي: ـ الملاحظة الأولى: ـ عنوان الكتاب يبدو فضفاضا إذا قورن بنوعية المعالجة ومضمون الموضوع المستهدف بالتحليل والملاحظة والاستنباط. فالغزل والشعر والأغنية مواضيع ليس من الهين تناولها في حيز ضيق كما هذا الكتاب الذي لا يتعدى عدد صفحاته 125صفحة من الحجم المتوسط، علاوة على أن المؤلفين في الأخير يكونان بمثابة المتحدثين عن الغزل في الشعر الأمازيغي. وما قدم بصدد الأغنية الأمازيغية لا يعدو أن يكون سوى حديث عام عن الأغنية الأمازيغية بصفة عامة بغض البصر عن الغزل أو المدح أو القدح أو غير ذلك، فكان من الأوضح والأنسب في نظرنا عنونة الكتاب ب (الغزل في الشعر الأمازيغي ) مثلا على اعتبار أن الحديث في مجمل الكتاب لم يخرج عن "التيمات " والفنيات التي تشكل الشعر الغزلي الأمازيغي لا غير. ـ الملاحظة الثانية: هناك بعض الهنات اللغوية والأسلوبية الإيحائية المتعلقة بالترجمة للأشعار الأمازيغية إلى اللغة العربية. فالترجمة للشعر ليست هينة إذ لا يجب الاكتفاء بإتقان تلك اللغات وإنما تذوقها في إيحائياتها وأبعادها الجمالية والدلالية ارتباطا بالتصورات الوجدانية والشعورية إزاء الواقع والبيئة الخاصة بالمتكلمين بها. [عد إلى النصوص الواردة في الكتاب ] ـ الملاحظة الثالثة: ـ المعجم الذي ذيل به ما ورد في الكتاب يحتاج إلى إعادة النظر تدقيقا فيه وتصويبا لبعضه. ف"أقمو" ليس هو الثغر وإنما يقصد به الوجه تحديدا .و"ليخرا"ليست هي الموت وإنما البعث (اليوم الآخر) و"تيتلوين" لا يقصد بها الشواء بصفة عامة بل نعني به الشواء الخاص بأحشاء الذبيحة (أمعاء، كبد، الرئتان...). ـ أما شرح اللحد بالقبر فلا يعني شيئا بالنسبة للهدف الذي وضع من أجله معجم المتن الشعري، لأن اللحد والقبر كلاهما لفظان عربيان (انظر الصفحة 124) ولا ندري لماذا وردا في معجم المتن. ـ الملاحظة الرابعة: قد يتساءل القارئ المحتك بدراسة الشعر الأمازيغي وغير الأمازيغي إلى أي حد يمكن أن نموضع كل الشعر الأمازيغي في الغزل حاصرين تمحور كل تيماته التعبيرية في المرأة والقلب والموت والعنف، لأن في ذلك خنقا وتضييقا للشعر الأمازيغي وإمكاناته اللامتناهية في التعبير عما يعتلج في الوجدان إزاء المرأة وإزاء الواقع بصفة عامة. فالشعر وغيره من الفنون لا حد لها في التعبير واستدعاء كل عناصر الطبيعة ومحتويات الأمكنة قصد السمو بالمقول إلى الجمالية الأخاذة والممتعة للمستمع والقارئ. رغم هذه الملاحظات، فإن الكتاب المقروء لا يخلو من فائدة ومتعة. فقد جعلنا نستعيد الكثير من الأساليب الفنية التي يتميز بها الشعر الأمازيغي، وهو ما يستدعي الكثير من الجهد لمزيد من البحث والدراسة والتحليل. وإذا كان كل كتاب قابلا للنقد وإبداء الرأي فما قمنا به ليس سوى رأينا المتواضع كقراء يحبون الموجود ويشتاقون إلى الأجود. الكتاب غني يستحق القراءة ومزيدا من التأمل. *- كتاب الغزل في الأغنية الأمازيغية، تأليف: بوستى ذكي ومحمد المسعودي، مطبعة: مطبعة المعارف الجديدة- الرباط 2006م.
|
|