|
وهم الانتقال الديمقراطي بقلم: بويلزان عبدالله إن الانتقال الديمقراطي في أبسط تعريفاته يؤشر على نوع من التحول السوسيوسياسي الذي يستلزم الانتقال من دولة الرعايا إلي دولة المواطنين ومن أسلوب التدبير الشخصاني والتقليداني إلي المستوى المؤسساتي. ولا يمكن الحديث عن الانتقال بدون استحضار كل القضايا المتعلقة بالمسالة الدستورية ومسالة الإدارة والحكامات والسياسات العمومية، وكذا المسالة الحقوقية بكل جوانبها، وتبقى الأمازيغية كذات حضارية جوهر كل هذه القضايا لكونها مرتبطة بالواقع وبالذاكرة الجماعية. إن الاشتغال بالتحليل السياسي وبمبادئ علم السياسة يفترض إن الانتقال لا يمكن بناؤه إلا بمفاهيم وقيم مطابقة للواقع وإحدات قطيعة مع الماضي المستبد. فهل ما يعيش على إيقاعه المغرب يعد انتقالا ديمقراطيا؟ وهل هناك قطائع مع المخزن العتيق؟ ظل الخطاب الرسمي يتبجح بموت المخزن وبداية مرحلة جديدة، لكن بإمعان النظر في طرائق الاشتغال يبدو ألا شيء تغير، بل الأمر متعلق بتحول داخل الاستمرارية، فمخزن اليوم ما هو إلا نسخة مزيدة ومنقحة لمخزن الأمس، وما زالت الترسانة القانونية المستبدة قائمة، وما زال الطابع الشخصاني للسلطة هو السائد. لقد ظل أسلوب الشخصنة في السلطة عائقا أمام كل بناء حداثي للمشاريع السياسية وتبقى المؤسسة هي الطابع الفعلي لمسار أي تغير، وهي التي تمنح الشرعية الممكنة لأي تدبير، ولا يمكن تحقيق أي تعاقد سياسي/اجتماعي خارج دولة المؤسسات. إن المغرب يفتقر إلى مؤسسات حقيقية مستقلة، فالدستور كرس التبعية بين السلط وقام بإخراج أغلب الفاعلين السياسيين /العسكريين خارج إطار المحاسبة والمسؤولية، ويبقى ذلك أهم مظاهر الانتكاسة التي يجب التخلي عنها لتمكين المواطن المغربي من متابعة أي مسؤول لم يقم بالمهمة المنوطة به. إن الرهان المركزي للدولة المغربية ما زال قائما على ثقافة الواجهة والتلميع والماركوتينك السياسي، مما أدى إلى تواصل مسلسل الإهدار العلني للطاقات والمشاريع وكذا مسلسل انتهاك الحقوق والحريات، الشيء الذي يجعل الانتقال في المغرب انتقالا معطوبا ومشوها. فمما لا شك فيه أن السلطة السياسية تفتقر إلى إرادة سياسية لمعالجة كل القضايا الاجتماعية والثقافية والسياسية، وبالتالي الانتقال نحو الديمقراطية، فلا يمكن بالبت والمطلق الحديث عن الانتقال بدون التخلي عن آليات القهر والتهميش، واعتماد آليات ديمقراطية لإعادة الاعتبار لكل ما تم استبعاده عن الساحة العامة مند الاستقلال، خاصة الأمازيغية التي عانت الكثير من الإقصاء. إننا في حاجة ماسة إلى نظام سياسي مبني على قيم التعددية والاختلاف التي بواسطتها نستطيع خلق وحدة وطنية متينة، تعطي الأهمية اللازمة لكل الجهات والمناطق وكل المكونات الثقافية والدينية... وبالتالي التأسيس لمجتمع حداثي ديمقراطي تعددي. إن التوزيع العادل للثروة والسلطة والاعتراف بالواقع المتنوع والتخلي عن التأثيرات الإيديولوجية الفارغة والنهوض بالأمازيغية على كل المستويات، سيمكن المغرب من الاستقرار السياسي والاجتماعي وبالتالي تحقيق الانتقال المنشود، ويبقى الدستور البوابة الرئيسية لأي تغير، الشيء الذي يلزم السلطة التخلي عن احتكار مسلسل تعديل الدستور ومنح الفرصة للمواطن لتدبير شؤونه الدستورية وفق قواعد ديمقراطية حتى نستطيع بناء سياسة حقيقية.
|
|