| |
غياب المرأة الكتابة، عراقيل ضخمة أمام القضية
الأمازيغية
بقلم:عمر زنفي (أسيف ن دادس ,ورزازات)
وراء كل
حركة أو مشروع أمة وجود نسوي ندا مع الرجل، وأدمغة نشيطة تدون إنتاجها للحد من
الطابع الشفوي لحضارتنا.إن التاريخ الأمازيغي، وإن عرف تميز المرأة بحقوق لم تكن
موجودة آنداك، وإلى حد الآن ببعض الحضارات التي تدعي الكمال والتحضر، فإن نفس
التاريخ كان شاهدا على تردي وضع المرأة مع اغتصاب العرب لهذه الأرض الطيبة
والسعيدة، وبداية احتكاك ثقافة الأمازيغ التي كرمت المرأة بثقافة ترى أن لعنتها
تكمن في الأنثى، وأخذت تدفنها حية و هي تصرخ. رغم أن الإسلام حاول وضع حد لهذا
المرض لكن صورة المرأة تبقى ولحد الساعة ذلك الموجود الذي يحرم تعليمه واحترامه أو
تكريمه ما دام الرجل متعلما و عاملا يشرف العائلة والمجتمع على حد سواء. وعدوى
النظر إلى المرأة على أنها قاصرة وأن مكانها في البيت ولا يجب أن تلج مراكز ومهنا
ظلت محتكرة من طرف الرجل (بالرغم من أن الرجل الأمازيغي يعاني من الإقصاء أيضا،
شأنه شأن المرأة)،انتقلت إلى ثقافتنا الأمازيغية عبر التعايش الغير الطبيعي
والتعاطي للتأويلات الإيديولوجية لمضامين الأحاديث الغير الصحيحة السند ونصوص
القرآن، والتي تصب في مجملها في اعتبار المرأة أداة تلازم الرجل لصناعة الأولاد
والسهر على تربيتهم دون الاهتمام بالمحيط الخارجي وهمومه
الثقافية،الاجتماعية،الاقتصادية والسياسية ونحن نعلم مدى تأثير 14 قرنا من الثقافة
الدينية الممزوجة بالإديولوجية القومية العربية و أثرها العميق على ثقافتنا
الأمازيغية.
ونحن نتحدث عن مشروع حضاري أمازيغي حداثي لتعميقه وتوسيع ثقافته، وإخراجه إلى
الواقع، تحتاج الحركة الأمازيغية إلى كل طاقتها الفكرية المادية والمعنوية بغض
النظر عن جنسها وعمرها ورصيدها المعرفي.
عند إحصاء منخرطي الجمعيات الأمازيغية و مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية
بالجامعات،وعند تصفح الجرائد الأمازيغية،نلاحظ غياب الوجود الأنثوي، كما هو الحال
كذلك في كل التنظيمات السياسية والجمعوية ذات الاتجاه المعارض.هذا إن دل على شيء
فإنما يدل على محدودية خطاب الهوية والثقافة الأمازيغية والموكول للمكونات التي سبق
ذكرها، والذي لا يزال ضعيفا لكونه اكتسح فئة وجنسا دون آخر. وبذلك نسقط في فخ
الثقافة السائدة ونسير على نهج الثقافة الوافدة التي لم تتخلص بعد من وأد البنات
التي كانت تمتهنه في عصور جد بعيدة وقريبة، ونحن في عصر المواثيق العالمية
والتنظيمات التي تناولت وحسمت في هذا الموضوع. وما دمنا بصدد الحديث دائما عن مشروع
متكامل كبديل وحل لمشاكل المجتمع الثقافية،الاجتماعية،الاقتصادية والسياسية بشكل
مواز لمحور وعمود القضية الأمازيغية،فالحركة الأمازيغية بكل طاقتها ومكوناتها
مطالبة بإجراء دراسات ميدانية،اجتماعية لتشخيص بعض الظواهر التي تعرقل وتعيق خطابها
و أدوات عملها،صورة المرأة و غيابها في سجل وأنشطة الحركة الأمازيغية على سبيل
المثال وكيفية إدماجها كعنصر فعال في آليات الحركة الأمازيغية من أجل وجود أمازيغي
كامل متحرر من قيود الإديولوجية القومية العربية المتسترة وراء التأويل الضعيف
بمصادر التشريع الإسلامي. وعند جاهزية الدراسة كإجابة للحالة،رغم أن الفكرة تكونت
لدى معظم مناضلي الحركة الأمازيغية،ففعاليتها تكمن في الانتقال السريع من الجانب
النظري إلى المحك التطبيقي الذي يبدأ بإيمان المناضلين وجاهزيتهم للعمل باعتبارهم
رموزا، والرموز عادة يقتدى بهم أفكارا وأفعالا وينتهي برد فعل الآخرين، وهم يلتمسون
مشاركة فعلية للمناضلين في أطروحاتهم النظرية وإلا فالأمر لن يعدو أن يكون متاجرة
بالأفكار النظرية التي لا تجد لها مكانا في الواقع.
فخلال أنشطة الحركة الأمازيغية في إطار الجمعيات أو الجامعات، بجدر بالمناضل بكل ما
تحمله الكلمة من معنى أن يشجع ويثمن مشاركة ذويه، خاصة العنصر النسوي منهم في
الانخراط والمشاركة في كل خطوة يخطوها الإطار الذي ينشط به، على أن تلي هذه الخطوة
توعية جل شرائح المجتمع بأهمية المرأة في بناء مجتمع حداثي. وللحفاظ على استمرارية
مثل هده المنجزات ومكتسبات كل خطوة من هدا النوع، يجب على كل إطار أن يحافظ على
الطابع والشكل النضالي الملتزم المعروف عن أطر عمل الحركة الأمازيغية بعيدا عن
السلوكات التي تعصف بالمناضلين وأطر عملهم. ومشاركة المرأة كعنصر فعال في هدا
المشروع لا تنحصر في وجودها ماديا و معنويا كجنس مختلفـ،إنما كحلقة جد هامة في
قاطرة و معادلة الأسرة و التربية اللتين يراهن عليهما كل مجتمع ينظر لتحقيق قفزة أو
تغيير مستقبلي جد قريب. فالمرأة مثلا لها كامل القوة، الامتياز والملكة في تربية
أبنائها في اتجاه ثقافتها وقناعتها كما أنها قادرة على التأثير بتوجهها وقناعتها
على رئيس أو أب الأسرة التقليدي إن كان يسير في اتجاه لا يقنع مديرة الأسرة عمليا،
ولا يخدم مصالح الأسرة الثقافية واللغوية،الاقتصادية والسياسية.
ومن واجبات الحركة الأمازيغية فيما يخص دراسة المجتمع اجتماعيا وثقافيا،اقتصاديا
وسياسيا الإجابة على المواضيع والمشاكل الآنية والمستقبلية والتخلص من الطابع
الشفوي الذي ميز تاريخنا وحضارتنا بالرغم من أننا نعلم جيدا أن هذا العائق سبب ما
آل إليه حالنا وأن الكتابة في عصرنا هذا تقوم مقام بعض الأنشطة التي تنهك وقت ومال
الإطار في سبيل تمرير خطاب أو فكرة واحدة قد تحقق الهدف المنشود المتمثل في تحقيق
الجمع ما بين الجودة والكمية. وإن كانت ثقافة المجتمع المخاطب ما زالت سمعية ولم
ترق بعد إلى القراءة والكتابة كشرط للتعامل مع الخطاب نظرا لتكوينه الثقافي
والدراسي، فقد آن الأوان كي ننتج مجتمعا يقرأ المكتوب ويكتب أفكاره الشفوية
وأطروحاته التي تضيع في مخيلته على شكل حوارات داخلية أو أحلام لا تتكلم. فالأفكار
التي نالت جوائز نوبل لن تقل أو تفوق جودة من الأفكار التي تخالج كل إنسان عامة
والأمازيغي لا يكتب أفكاره، خاصة ويحتقرها لكونها لا يمكن طبعها في ديوان أو مجلة
مزركشة وبلغة مهيمنة أو سائدة وبذلك يستبعد أن ما يفكر به ليس بفكرة بل ترهات لا
شعورية لا تعدو أن تكون سكرات أو أحاديث مجالس عشيرته تحت الجدران. فالكتابة إذن
وحدها تحكم على الفكرة بالجودة أو الرداءة. فإذا كانت اللغة تجسد الفكر فالكتابة
تجسد وتقيم الفكر.
لمادا المرأة والكتابة؟ كي لا يذهب سجل و مكتسبات الحركة الأمازيغية التي يمكن
تحديدها في أربعة عقود. لذا يجب على المناضلين الأمازيغ والأمازيغ الباحثين ودون
المستوى الدراسي أن يبادروا بالكتابة بلغة أمهم وبخط لاتيني، وهي اللغة المنشودة
لتوفير تراكم فكري مكتوب أو بأية لغة ما دام الفكر مكتوبا وفي متناول القارئ اليوم
والأجيال القادمة. لماذا المبادرة بالكتابة؟ لأن هدا السلوك يحدث بمبادرة أخد القلم
والتفكير انطلاقا من نفس الإنسان والمجتمع ثانيا، وليس القلم هو الذي ينتقل بين
الأنامل ويفكر. فهو سلوك يصعب على الإنسان ممارسته ليس لعدم توفر الأفكار أو اللغة
بل لأن الكتابة في حضارتنا وتاريخنا الأمازيغي كان ولازال من العقد أوالمستحيلات.
وقد يتساءل الإنسان ماذا يكتب؟ فالكتابة التي أسست للحضارات المهيمنة عالميا ثلاثة
أنواع: الكتابة الإبداعية والفلسفية كالشعر والفلسفة، القصة والمسرح.. ثم الكتابة
التحريرية للمادة الخام من الأداب الشفوي القديم والحاضر والإرث الثقافي بشكل عام،
التقاليد على سبيل المثال، والتحليلية التي تعتمد على المادة الخام من الإرث
الثقافي، المعطيات التاريخية والاقتصادية، الاجتماعية والسياسية التي تحتاج إلى
الجرد والتحليل لتكوين وإجراء دراسات تساعد مشروع الحركة الأمازيغية في وضع مسار
تتحكم فيه الإستراتيجيات المتبعة في كل مرحلة أو جديد تفرزه التقلبات المحلية
والدولية, ولم لا طرح مخططات أو نظام اقتصادي كبديل لمهزلة الأنظمة العالمية، ألم
يكن الأمازيغ فلاسفة و اقتصاديين؟
zanifi@hotmail.com
|