|
انسحاب سبعة أعضاء من مجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية
في رسالة سُلّمت لعميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يوم 21/02/05، أعلن سبعة أعضاء (الدكتور عبد الملك حوسين أوسادن، محمد بودهان، حسن بنعقية، محمد أجعجاع، إغراز ميمون، علي بوكرين، علي خداوي) في مجلس إدارة المعهد عن انسحابهم النهائي من المجلس المذكور، مرفقين رسالتهم بالبيان التالي:
بيان انسحاب من مجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية
نحن الموقعين أسفله، أعضاء بمجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، نعلن للرأي العام عن قرارنا بالانسحاب النهائي من المجلس المذكور، وذلك للأسباب التالية: في 30 يوليوز 2001، وبمناسبة عيد العرش، أعلن جلالة الملك عن قراره القاضي بالاعتراف بالأمازيغية في أبعادها اللغوية والثقافية والتاريخية، باعتبارها مكوّنا أساسيا للهوية والحضارة المغربيتين، وهو ما صفّق له ورحبّ به مجموع الشعب المغربي قاطبة. وترمي هذه القفزة النوعية إلى إدماج اللغة والثقافة الأمازيغية في النظام التعليمي، وفي وسائل الإعلام السمعية البصرية، وفي مختلف قطاعات الفضاء الاجتماعي، مع إحداث معهد ملكي للثقافة الأمازيغية بجانب جلالة الملك، يسهر على تحقيق هذه المهام الجسيمة. في 17 أكتوبر 2001، ألقى جلالة الملك خطاب "أجدير" الذي أكّد فيه بالملموس هذا التوجه الجديد الذي أعلن عنه خطاب العرش. وأثناء هذا الحفل التاريخي لـ17 أكتوبر بـ"أجدير"، والذي استدعيت له كل النخبة السياسية والثقافية المغربية، تمت قراءة الظهير الشريف المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والذي وضّح، في ديباجته ومختلف فصوله، مرامي خطاب العرش كما حدّد المهام التي ستضطلع بإنجازها هذه المؤسسة. وفي 27 يونيو 2002، استقبلنا جلالة الملك وعيّننا أعضاء بمجلس إدارة المعهد. وقد قبلنا هذه المسؤولية الجسيمة رغم تحفظ جزء من مناضلي الحركة الأمازيغية، إيمانا منا أن جميع المسؤولين أصبحوا مقتنعين بضرورة طي صفحة الماضي المؤلم بصفة نهائية، ماضي التهميش والاحتقار، ماضي الإبادة الثقافية الجماعية الذي عانى منه الشعب المغربي منذ 1912. إن انخراطنا في هذا التوجه الجديد، الذي دشّنه إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، كان تعبيرا عن رغبتنا في المساهمة الواعية والمسؤولة في بناء مجتمع حداثي وديموقراطي، قائم على التسامح والاعتراف بالتعدد والاختلاف، ومتجه نحو المستقبل بشكل لا رجعة فيه.
لقد مرت اليوم أزيد من سنتين ونصف على تعييننا بمجلس إدارة المعهد. إلا أن عملنا كأعضاء فاعلين بهذا المجلس لم يكن له أي تأثير حقيقي على الواقع اليومي للأمازيغية التي لا تزال في نفس الوضع الذي كانت عليه قبل 2001، وهو ما جعل الآمال الكبيرة التي خلقها خطاب العرش تتلاشى يوما بعد يوم رغم بعض الوعود "العرقوبية" من طرف بعض الوزارات، كوزارة التربية الوطنية ووزارة الاتصال. فوزارة التربية الوطنية التي سبق أن أعلنت عن برنامج لتعميم تدريس الأمازيغية، في أفق 2008 ـ 2009، إلى كل التلاميذ وإلى كل المستويات من التعليم الابتدائي إلى الثانوي، لا تزال مصرة على تمسكها بما جاء في "الكتاب الأبيض" و"الميثاق الوطني للتربية الوطنية" اللذين صدرا قبل 2001، واللذين يخصان الأمازيغية بوظيفة مهينة تتمثل في المساعدة على تعلم اللغة العربية خلال العامين الأولين للتعليم الابتدائي. أما فيما يتعلق بجودة التدريس، فليست هناك أية جدية ولا إرادة حقيقية لدى المسؤولين، كما يتأكد ذلك من خلال انعدام تكوين حقيقي لمعلمي الأمازيغية، وغياب الأدوات البيداغوجية الضرورية، ونقص في المراقبة والتتبع والتأطير، وعدم كفاية الحصص الأسبوعية المستعملة... كل هذا يجعل من تدريس الأمازيغية عملا كاريكاتوريا وهزليا. على مستوى التعليم العالي، تم تغييب الأمازيغية نهائيا من الإصلاح الجامعي الجديد. أما في مجال الإعلام، فلا زالت الإذاعة الوطنية (الراديو) تبث برامجها على أساس نظام اللهجات الذي وضع سنة 1938، والتي يصعب التقاطها في كثير من أجزاء التراب الوطني. أما بالنسبة للتلفزة، فإن نشرة اللهجات ما زالت على حالها تقريبا منذ إحداثها سنة 1994، ولم يضف إليها أي جديد باستثناء بعض السهرات الفنية من حين لآخر. وتبرر الوزارة الوصية هذا الوضع بقلة الإمكانات المادية، لكن هذا التبرير لم يمنعها من إنشاء قناتين تلفزيتين جديدتين ناطقتين بالعربية مع الإعلان عن مشروع قناة ثالثة أخرى قادمة بنفس اللغة. وفي الفضاء الاجتماعي، ليس هناك أي مشروع ولا أية محاولة لإدماج الأمازيغية في هذا الفضاء الاجتماعي. فتكوين الأطر الإعلامية، والقضائية، والإدارية، ورجال السلطة... ما زال يتم باللغة العربية وحدها. في الحياة العامة، لا تزال حروف تبفيناغ الأمازيغية ممنوعة من الاستعمال في الشوارع خارج أسوار المعهد الذي ولدت داخله. لا زال الكثير من المواليد محرومين من حمل الاسم الأمازيغي الذي اختاره لهم آباؤهم وأمهاتهم، كما أن الاعتراف القانوني بالجمعيات الأمازيغية لا زال يتوقف، في كثير من الحالات، على مزاج السلطات المختصة. هذا الواقع، المؤكد عمليا وميدانيا، يبين بوضوح أن القوات المناوئة للأمازيغية، بعد أن باغتها إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، استجمعت طاقاتها من جديد لعرقلة وكبح كل مبادرة ترمي إلى تحقيق الأهداف المحددة في ظهير 17 أكتوبر 2001. على ضوء تجربتنا كأعضاء بمجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية التي دامت أزيد من سنتين ونصف، أصبحنا مقتنعين بأن الاعتراف الحقيقي بالأمازيغية لغة وثقافة وهوية وتاريخا... يستلزم إقرارا دستوريا برسمية اللغة الأمازيغية، وحماية قانونية لإدماجها في جميع أسلاك التعليم وفي وسائل الإعلام السمعي البصري وفي كل مؤسسات تكوين الأطر، وذلك بسن قوانين خاصة ملزمة للجميع. فبدون هذا الترسيم الدستوري للأمازيغية، وبدون سن قوانين ملزمة للجميع وملغية لكل النصوص المخالفة لذلك، كالتي يتضمنها "الكتاب الأبيض" و"الميثاق الوطني للتربية والتكوين" فيما يتعلق بالأمازيغية، بدون ذلك لن تحصل الأمازيغية على أي حق من حقوقها العادلة والمشروعة. فما دام أن هذه الشروط غير متوفرة، فإن تواجدنا بمجلس الإدارة أصبح عديم الفائدة والجدوى. لهذا نعلن، بالتالي، للرأي العام عن انسحابنا النهائي من هذا المجلس. والسلام. وحرر بالرباط في 21/02/05
التوقيعات: الدكتور عبد الملك حوسين أوسادن محمد بودهان حسن بنعقية محمد أجعجاع إغراز ميمون علي بوكرين علي خداوي
|
|