| |
"الأحداث المغربية" تحذّر من
استهداف الهوية المغربية
بقلم: محمد بودهان
نشرت "الأحداث المغربية" ليوم 3 نونبر 2004 مقالا بالصفحة الأولى للأستاذ المختار
لغزيوي بعنوان "استهداف الهوية المغربية في ‘دوزيم‘ برعاية وزارة الأوقاف: طقوس
دخيلة في مباراة تجويد القرآن، وقراءات أجنبية عن المغرب”، يدق فيه ناقوس الخطر
إزاء ما يتهدد ما تبقى من الهوية المغربية بخصوص الطابع المغربي الأصيل في قراءة
القرآن وتجويده بمناسبة مباراة تجويد القرآن التي نظمتها القناة الثانية برعاية من
وزارة الأوقاف. يقول المقال: «مثلما حدث في مسابقة “أستودو دوزيم” التي سارت بذكر
ضجيجها الركبان، والتي استهدفت أول ما استهدفته الأغنية المغربية [...] عادت القناة
الثانية نفسها لكي تعطي من خلال الحلقة الأولى من مباراة “تجويد القرآن الكريم”
الدليل على أنها لا تعير للهوية المغربية أدنى اهتمام».
جميل أن يدافع السيد لغزيوي و”الأحداث المغربية” التي يشتغل بها عن الهوية المغربية
التي اغتالتها “دوزيم” في مجال الغناء ثم تجويد القرآن. لكن لم يتساءل كاتب المقال
عن سبب هذا الارتماء في أحضان كل ما هو مشرقي واحتقار وتبخيس كل ما هو محلي مغربي
أصيل، ولا اقترح حلولا لتصحيح هذا السلوك الغير السليم.
السبب هو أنه منذ الاستقلال أُلحق المغرب قسرا ببلدان المشرق العربي وأصبح بلدا
“عربيا” في هويته وانتمائه ضدا على الواقع الجغرافي والتاريخي والسوسيوثقافي. وقد
فرض هذا التوجهَ المشرقيَّ تواطؤُ الحكم وأحزاب “الحركة الوطنية” على تعريب المغرب
واستعرابه. وكانت الوسيلة الأساسية لتحقيق ذلك هي المقررات المدرسية، والإعلام
الرسمي والمستقل، والأحزاب والنقابات والجمعيات المدنية. الجميع إذن، أحزابا وحكما،
“جاهد” من أجل اغتيال الهوية الأصلية للمغرب، التي هي الهوية الأمازيغية، بمضامينها
اللغوية والثقافية والتاريخية، واستبدالها بالهوية العربية المستورة، بمضامينها
الفكرية الإيديولوجية والدينية والعرقية واللغوية والثقافية والتاريخية كذلك. لقد
كان عمل المؤسسة المدرسية يشبه عملية غسل للدماغ، غسله من كل ما هو أمازيغي مغربي
أصيل وإعادة ملئه بكل ما هو عربي مشرقي دخيل. وبعد نصف قرن أصبح احتقار ما هو مغربي
أصيل وتمجيد ما هو عربي وافد يبدو أمرأ سويا وطبيعيا. وهذا ما فعلته القناة الثانية
في مباريات الغناء أو تجويد القرآن أو في اختيار الأفلام التي تبثها، أو في ترتيب
محاور نشرات الأخبار حسب أهميتها. فالمشرق العربي دائما هو الأول، وهو النموذج، وهو
القدوة في كل شيء، في الغناء، في تجويد القرآن، في التطرف، في الإرهاب، في الحجاب،
في النظرة إلى المرأة، في المقررات المدرسية، في التلفزة، في الراديو... في كل شيء.
ولهذا فما فعلته القناة الثانية شيء عادي وطبيعي لأن هذا ما تعلمه مسؤولوها وهذا ما
نشأوا عليه، ولا ينبغي أن يلاموا عليه. فهذا ما يعرفونه ويجيدونه
لا غير، أي محاكاة المشرق العربي واحتقار ما هو مغربي أصيل. فاللوم يجب أن يوجه إلى
المسؤولين السياسيين الذين لا زالوا يربطون المغرب بالمشرق العربي في تبعية عمياء
مخصية ومهينة.
أما الحل فيتمثل في العودة إلى هويتنا الأمازيغية الأصلية، المستقلة والمتميزة عن
الهوية العربية. فما دمنا لم نستقل هوياتيا عن العرب، فمن الطبيعي أن نقلدهم
ونتبعهم في كل شيء لأنهم منحونا الهوية والانتماء كما لو كنا لقطاء بلا هوية ولا
نسب، مع أن هويتنا الأمازيغية أسبق في التاريخ من هوية المشارقة. فما دمنا نعتقد
أننا “عرب”، فسنبقى عربا من الدرجة الثانية، أي عربا مقلدين للعرب الأصليين كما
تفعل القناة الثانية في برامجها الغنائية والدينية.
فهل ستنبري “الأحداث المغربية”، بما لها من صيت إعلامي وصحفي، للدفاع عن الهوية
الأمازيغية والمطالبة بالعودة إليها والتخلي عن الانتماء العربي المزعوم صونا
لكرامتنا وأصالتنا؟
أما وزارة الأوقاف، فإن سكوتها عما حدث في مباراة تجويد القرآن لا يشكل خطيئة واحدة
فقط، بل خطيئتين إثنتين، لأن وزير الأوقاف السيد أحمد توفيق صديق حميم وقديم
للمرحوم الأستاذ علي صدقي أزايكو الذي هو أول مغربي دخل السجن بسبب دفاعه عن الهوية
الأمازيغية وتنديده بالتبعية البليدة للمشرق العربي.
|