من المنتدى الاجتماعي المغربي إلى المنتدى الاجتماعي العروبي المغربي.

بقلم: الحسين بوالزيت أوماست (ماست)

يتضمن المقال التالي تقريرا مفصلا حول  فعاليات المنتدى الاجتماعي المغربي  المنعقد بمدينة الرباط أيام 27/28/29        2004. هذا التقرير يهدف إلى تنوير الرأي العام الوطني بصفة عامة والرأي العام الأمازيغي بصفة خاصة حول سيرورة تحوير مسار المنتدى المغربي من فضاء حر مفتوح أمام كل الأفكار والطروحات بكل ديموقراطية إلى منتدى عروبي لإعادة إنتاج البعثية البائدة، إضافة إلى جعل هدا الأخير يلعب دور مختبر جديد لإحياء التراث السياسي القومي العتيق ونشر المعلبات الفكرية القومجية التي انتهت مدة صلاحيتها و تحولت إلى مواد سامة قاتلة لمتناولها.

يهدف العروبيون من وراء تحويرهم  لمسار المنتدى الاجتماعي المغربي إلى إفراغه من محتواه الحقيقي وجعله يلبس لباس القومجية و لبعثية والناصرية المهزومة. و كان دلك نتيجة فشلهم في إيجاد موطئ قدم لهم في المشهد السياسي الوطني.

ينص ميثاق المنتدى الاجتماعي العالمي –الذي يعتبر المنتدى الاجتماعي المغربي جزءً منه – على أنه فضاء مفتوح يهدف إلى التفكير ونقاش الأفكار الديمقراطية وصياغة البدائل والمقترحات وتبادل التجارب. ومن  هدا المنطلق فالمنتدى الاجتماعي العالمي يسعى إلى بناء مجتمع كوني يجعل الإنسان محورا  له. ولتحقيق هده الأهداف والمبادئ الأساسية، فالمنتدى الاجتماعي العالمي يحترم الحقوق العالمية للإنسان و حقوق كل مواطن و مواطنات العالم. ومن هنا لا يمكن  لأي كان الحديث باسمه.

       انطلاقا من هذه القيم والمبادئ السامية التي يسعى المنتدى الاجتماعي العالمي إلى الدفاع عنها وتحقيقها انطلاقا من ميثاقه، انخرطنا، نحن مجموعة من الشباب الأمازيغي، في فعاليات المنتدى المغربي المنعقد في الزمان والمكان المذكورين أعلاه.

من أجل العمل على  أجرأة وتحيين مختلف هذه الشعارات والأفكار ، تحملنا عناء السفر من مدينة أكادير إلى العاصمة الرباط من أجل الدفاع  عن أفكارنا وإيصال صوت الأمازيغية المهمشة إلى كافة شرائح الشعب المغربي المشاركة في المنتدى.

ولكن ما وجدنا عليه الأمور و المسار الذي أخذته مختلف النقاشات والأوراش والندوات جعل المنتدى الاجتماعي المغربي يغني خارج السرب  وضد ما ينص عليه ميثاق المنتدى العالمي الذي يعتبر نفسه فضاء مفتوحا أمام الجميع.

ولكن المفاجأة هي تخصيص ”كوتا“  من  ثمانية أفراد لبعض الجمعيات الأمازيغية دون غيرها من المنظمات العروبية التي شاركت بجحافل كبيرة على خلفية السيطرة على كل الأوراش و اكتساح فضاءات المنتدى من أجل إعادة زرع أفكارها البائدة التي أضحت غير قابلة لإعطاء أى شيء جديد للشعب المغربي. فتمت برمجة العديد من الأوراش والندوات التي لا علاقة لها بالواقع  السوسيوثقافى المغربي. وتتناول قضايا فلسطين و العراق. وتم استقبال العديد من الوفود  العربية  وكان في مقدمة المدعوين مصطفى البرغوثى الذي أعطيت له أول كلمة في المنصة الشرفية في المنتدى المغربي.  هذا الأخير اجتر كثيرا الأفكار البعثية واستعمل المعجم القومجى القديم الجديد من قبيل ”العالم العربي“ و“المغرب العربي“  و“الأمة العربية“. وكان رد المناضلين الأمازيغيين رفع شعارات منها: ”القومية العربية حركة نازية“، 

مما أثار سخط البعثيين المغاربة وردوا علينا بالقول: ”فلسطين عربية لتسقط الرجعية“

وهنا نتساءل مع اللجنة المنظمة للمنتدى المغربي، والتي عملت على استدعاء  البرغوتي من فلسطين وتحملها مصاريف تنقله بالطائرة ومصاريف أضخم الفنادق من أجل إيوائه وإعطائه أول كلمة افتتاحية في منظمة المنتدى  ليستفز إيمازيغن بعباراته ومعجمه القومجي العروبي ويعتبر الشعب المغربي شعبا عربيا قحا. ألم يجدوا في العالم بأسره شعوبا أخرى مضطهدة من غير فلسطين؟ أم أن عمى القومجية والبعثية أعمي الأبصار والأفئدة. هذا ما اكتشفناه نحن الأمازيغ المشاركين في المنتدى. فرئيس الكونغريس الأمازيغي كان حاضرا هناك ولكن لا أحد يلتفت إليه كواحد من شعوب العالم المضطهدة والمقهورة. ولكن الفرق الموجود بين لونيس بلقاسم والبرغوثي هو أن هذا الأخير يمثل شعبا دماؤه طاهرة وزكية، هي دماء العرب الصافية من العجمي، وصاحبنا لونيس يمثل شعبا أعجميا لا سبيل له إلى الحضارة –مع أن العكس هو الصحيح تاريخيا وحضاريا –إلى جانب أن لوينس وأمثاله في القبائل الصامدة يقمعون من طرف نظام عروبي بعثي، وهو ما يسعى أصحاب المنتدى إلى إحيائه كنموذج في السلطة والحكم. إذن معذرة يا لونيس ومزيدا من الصمود أمام الجلادين.

وتتضح نوايا العروبيين الخبيثة أكثر عندما عملوا على إعطاء فرصة للعرب المشارقة في عقد اجتماع خاص بالمنتدى الاجتماعي العربي في أرض المغرب. ينضاف ذللك إلى مسلسل محاولة تحوير المنتدى الاجتماعي وضرب مبادئ وقيم بورتو اليغرى بعرض الحائط.

فما معنى عقد اجتماع لما يسمى يالفوروم  العربي في صلب أشغال المنتدى المغربي؟ إنني لا أجد أي معنى لذلك سوى أن القائمين على تنظيم المنتدى المغربي غارقون في أيديولوجيتهم العروبية حتى النخاع ولا يعرفون أنهم بعملهم ذلك يضعون أنفسهم خارج ميثاق  المنتدى الاجتماعي العالمي. ثم هل نحن أمام فضاء حر تناقش فيه كل الأفكار أم أننا أمام طوائف عرقية تريد أن تعزل نفسها عن العالم؟ ثم هل نحن بصدد منتدى اجتماعي مغربي أم أننا أمام جيوش من القومجين الذين يلهثون أمام مصالحهم الخاصة باسم العراق وفلسطين....؟

إذن فالقوميون عملوا على تمطيط وتنميط كل فقرات وأو راش المنتدى المغربي وجعلها تتكلم فقط بالعربية على الرغم أن المنتدى ينعقد في تربة مغربية ذات الهوية الأمازيغية. واتضح هذا أكثر أثناء اعتبار القضية الأمازيغية كقضية في إطار نقاش القضايا الثقافية. ومن هنا تم إعطاؤها ورشتين هما مشاكل التعدد التفافي ودسترة الأمازيغية. إلا أن العروبيين أخذوا ما أعطوه باليمنى باليسرى بحيث عملوا على الورشتين معا وبقيت الأمازيغية يتيمة بدون ورشة ولا نقاش، واتضح فيما بعد أن العروبيين يخشون أن يخرج المنتدى بتوصيات لصالح دسترة اللغة الامازيغية خاصة إذا ما أخدنا بعين الاعتبار النقاش الدائر الآن في كل الأوساط السياسية المغربية بصدد دسترة اللغة الامازيغية. كل ذلك من أجل قطع الطريق على إيمازيغن حتى لا يخرجوا بتوصيات من هدا النوع.  ما العمل إذن؟ يجب إلغاء الورشتين، وذلك ما تم بالفعل.

وفي الوقت الذي تم فيه إلغاء ورشة دسترة اللغة الأمازيغية عمل العروبيون على برمجة أوراش وندوات تتناول الهموم-العربية-من قبيل الحروب والنزاعات وشارك فيها المشارقة والحوا على مسؤولية الشعب المغربي –العربي – في ما يتعلق بمصير الشعب الفلسطيني.  وأثناء نقاشنا معهم داخل مدرج الندوة تدخل أحد العروبيين الذي ينتمي إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان العربي –AMDH AR – لينهال علينا بالسب والشتم والتهديد إلى حد كادت معه الأمور تتحول إلى ما لا تحمد  عقباه لولا نضج المناضلين الأمازيغيين.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن مشاركة إيمازيغن كانت فعالة واتسمت بالحيوية والدينامية حتى أصبحوا رقما غير قابل للتجاوز ومعادلة لا يمكن إغفالها في جميع أمور المنتدى الاجتماعي المغربي. وقد تحدت الصغير والكبير عن مشاركة إيمازيغن في المنتدى. ومن هنا أود أن أتوجه إلى جميع المناضلين الأمازيغيين من أجل العمل على المشاركة الفعالة في مثل هده المنتديات والأنشطة لأنها هي التي تعطي صورة مصغرة عما هي عليه الأمور في البلاد. وهدا النداء بمثابة دعوة إلى الجميع من أجل تكثيف الجهود كي يصبح صوت الأمازيغية قويا في كل المنتديات الوطنية والدولية وذلك من أجل مواجهة كل محاولات البعثيين تحوير مسار مثل هذه الأنشطة حتى لا  يخسروا مصالحهم الإيديولوجية والسياسية. إذن لنعمل جميعا حتى لا يحول الملتقى مرة أخرى إلى منتدى اجتماعي عروبي يعتبر المغرب بمثابة محافظة صغيرة في الشام أو العراق، يتزلف من خلاله العروبيون المغاربة لإخوانهم أو بالأحرى لأسيادهم في المشرق. وذلك ما توحي به حماسة ذلك العروبي الذي انهال علينا بالسب والشتم أثناء مناقشة ندوة الحروب والنزاعات بحيث إن من بين المنشطين نجد شخصيات عروبية فلسطينية و أردنية...

إذن هلموا جميعا إلى منتدى اجتماعي لمغرب مغربي في سنة 2005، منتدى اجتماعي ينسجم مع الواقع السوسيو تقافي والحضاري للمغرب ولشمال أفريقيا.

ومن أجل تحقيق عمل أكثر فعالية يجب علينا تعبئة الجهود وتركيزها مند الآن من أجل استغلال الفرصة وعدم إفراغ الساحة أمام البعثيين ليعيثوا في الأرض فسادا كما ألفوا أن يفعلوا في كل المحطات السابقة