|
|
عياد ألحيان يبدع مسرحية: تاواركيت ن ؤفكاركان بقلم: رشيد نجيب
تعزز الريبرتوار المسرحي باللغة الأمازيغية مؤخرا بصدور نص مسرحي جديد من إبداع الكاتب والمبدع الأستاذ عياد ألحيان حاملا عنوان: «تاواركيت ن ؤفكاركان» أي حلم الإنسان الشبيه بشجرة الأركان. هذا النص الجديد الواقع في 66 صفحة من الحجم الصغير مكتوب بالحرفين اللاتيني وتيفيناغ وقد صدر ضمن منشورات رابطة الكتاب بالأمازيغية بمدينة أكادير حيث نال به الكاتب الجائزة التي نظمتها هذه الأخيرة برسم سنة 2011. وضع مقدمة المسرحية الأستاذ العربي موموش حيث فند في طياتها الفكرة القائلة بأن المسرح لا وجود له إلا على الخشبة منتصرا لكون المسرح يقرأ كذلك كنص مكتوب. ولأن معظم النصوص الدرامية تجد طريقها للنشر بعد تجسيدها على خشبة المسرح، فإن الأمر لا ينطبق كذلك على المسرح بالأمازيغية. فبالنسبة إليه لا يتوفر المسرح الأمازيغي إلا على بضعة نصوص مكتوبة ومنشورة وهي: «ؤسان صميدنين» (الأيام الباردة) للكاتب الصافي مومن علي و»س توقلا ن كوضو» (في انتظار كوضو) للكاتب الحسن أولحاج و»تاماوايت ن ؤدرار» (أنشودة الجبل) للمبدع علي أمصوبري. كما تساءل عن الأسباب الكامنة وراء ضعف إنتاج نصوص مكتوبة بالأمازيغية مقارنة مع تعدد المهرجانات الوطنية والجهوية المهتمة بالمسرح بالأمازيغية وعزا ذلك إلى: تأخر الكتابة والإبداع بالأمازيغية ككل وفي جميع الأجناس الأدبية، السياسة الثقافية واللغوية المتبعة، غياب رغبة حقيقة لدى الكتاب والمخرجين بخصوص نشر نصوصهم المسرحية معتقدين أن النص المسرحية موجه أساسا للخشبة وليس للقراءة، وهو ما يشكل عبئا حقيقيا بالنسبة للقراء والباحثين والنقاد على حد سواء والراغبين في قراءة وتذوق نصوص مسرحية... ويمكن قراءة هذه المسرحية الجديدة عبر ثلاث محطات أو مشاهد رئيسية أسس دعائمها بطلاها الرئيسيان في كل من إيدر (الحي) وتيليلا (الحرية) وهي: شكوى إيدر للصخرة، سفر إيدر الشبيه بسفر حمو أونامير حتى وإن اختلفت الغاية هذه المرة، عودة إيدر وتحسره على قطع شجرة أركان. في المحطة الأولى يتقاسم إيدر حبيبته تيليلا بث شكواه للصخرة الخالدة حول الكثير من الأشياء ذات الارتباط بالماضي البعيد مقارنة بما هو حاضر حيث تخلص الجميع من تقاليد وعادات قديمة وعريقة كانت تمنح معنى حقيقيا للحياة والوجود، وفي المشهد الثاني يسافر إيدر بناء على نصيحة من أغوليد (الصخرة العظيمة) ليجمع الناس متحديا الكثير من الصعاب والتحديات التي واجهته تماما مثل حمو أونامير إلا أنه يتفاجأ بلامبالاة هؤلاء الناس إزاء دعوته وندائه وهو ما سيشكل مدخلا للمشهد الثالث حيث يغمر الكثير من الحزن في دواخل إيدر ويرى الحياة أمامه سوداء كاحلة لم تسعف عبارات عشيقته تيليلا في الرفع من معنوياته والتمسك ولو ببصيص أمل بدا صغيرا، ومما سيزيد من الطين بلة حادثة قطع شجرة الأركان الوحيدة التي يملكها إيدر في غيابه فانقطعت بذلك كل الخيوط التي تربطه بالتاريخ والتراث والماضي المشرق العريق فيموت حزنا وكمدا على ذلك وتموت بجانبه زوجته تيليلا في مشهد دراماتيكي وسوريالي يعيد إلى الاذهان أسطورة إملشيل التي خلدت قصة حب بين إيسلي وتيسليت، مشهد الموت هذا سيحفز العديد من الأطفال (أجيال المستقبل) للتحلق حول الفقيدين حاملين شموعهم سيعم نورها فضاء المكان بشكل تدريجي. ويؤكد الأستاذ العربي موموش في قراءته لهذا النص المسرحي أنه نص يمتاز بأصالته وحداثه على مستوى اللغة التي وظفها الكاتب والمكثفة بالرموز والصور الكثيرة، والتي تبدأ من عنوان المسرحية المتسم بالمزج بين الإنسان وشجرة أركان بكل الحمولة الرمزية الخالدة التي تتصف بها هذه الشجرة. كما يجسد هذا النص بشكل ذي غنى ودلالة أسئلة إشكالية حقيقية حول الوجود والكينونة والهوية المهددة بين كل وقت وحين... وقد سبق للأستاذ عياد ألحيان أن أصدر ديوانه الشعري الأول بالأمازيغية بعنوان: «ويسا ن ئكنوان» (السماء السابعة) سنة 2010، وديوانه الشعري الثاني مطلع هذه السنة بعنوان: «تكا تكوري تيسليت ئكاس ئض ئملشيل (الكلمة عروس وإملشيل ليلها) ثم ديوان شعري بالفرنسية هذه المرة يحمل عنوان: «شظايا ناشئة». وله كتاب تعليمي يتضمن دروسا في إملائية اللغة الأمازيغية الموحدة فضلا عن مقالات ومساهمات قرب من خلالها العديد من ظواهر الأدب الأمازيغي الحديث وخصائصه.
|
|