|
|
تدريس الأمازيغية... حقيقة أم زيف؟ إعداد: لحسن أمقران (أنمراي) – تنجداد
لا يسعنا في هذا المقال الا أن نتقدم بالشكر الجزيل والامتنان الصادق الى النائب الاقليمي لوزارة التربية الوطنيّة بالبرنوصي الذي حذف تدريس اللغة الأمازيغية بالمدارس التابعة لنيابته مع توزيع أساتذتها على مدارس أخرى لسدّ الخصاص. نشكره جزيل الشكر لأنه كشف الوجه الحقيقي للتعامل الرسمي للمؤسسة التربوية مع اللغة الأمازيغية، وكشف للعموم طابع الارتجالية التي يميز ملف ما يعرف ب «تدريس الأمازيغية» . فقطاعا التعليم والإعلام نافذتان يمكن اعتبارهما الأكثر أمانا لتصالح المغاربة مع صلب هويتهم والمتمثل في المكون الأمازيغي، ذلك أن شخصية أفراد المجتمع تبنى انطلاقا من هذين الحقلين اللذين عن طريقهما يحدد الفرد آماله و يكتشف ذاته وكينونته، كما يهيئ عبرهما المجتمع أفراده للمساهمة في الركب الحضاري للإنسانية. سنحاول في هذه الأسطر التركيز على الجانب التعليمي ومدى مساهمته في بلورة التعامل الرسمي الجديد، والذي دشن بتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية فجر هذه الألفية. لو أن كل ما صدر عن وزارة التربية الوطنية بوطننا الحبيب في شقه المتعلق بتدريس الأمازيغية نفذ وطبق كما خطط له لكانت اللغة الأمازيغية اليوم معممة في المؤسسات التعليمية وعلى امتداد التراب الوطني وعلى كافة المستويات الدراسية كلها... لكان المتعلمون المغاربة يعبرون ويكتبون باللغة الأمازيغية... لما تجرأ مدير إقليمي ولا جهوي ولا حتي وزير « حذف « اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية... لكان الانفتاح المزعوم للمدرسة المغربية على محيطها حقيقة وواقعا نفتخر به و نجني ثماره. لكن، ولشديد الأسف وعميق التحسر، تبقى سياسة النعامة والشعارات الرنانة والشكليات المدروسة والأجرأة المعدومة هي الواقع و المعيش. تصوروا معي أن أغلبية المدرسين لا يتناولون هذه اللغة المغلوبة على أمرها في أنشطتهم داخل الفصول الدراسية إلا القلة القليلة منهم، كيف ننتظر تدريسا فعليا للأمازيغية ممن لم يستفد من أي دورة تكوينية بالمرة؟ كيف ننتظر تدريسا فعليا للأمازيغية لبعض الاساتذة المنتدبين لتدريس الأمازيغية غير ناطقين تماما بها؟ وبالنسبة للفئة القليلة التي يقال إنها استفادت كما يحلو للمسؤولين أن يسموه عبثا «دورة تكوينية» فلم يتعد تكوينهم أربعة أيام أو خمسة، يؤطرهم فيها مفتشون دفعهم الحافز المادي إلى الخوض في معادلة متعددة المجاهيل، دورات باطل أريد به باطل... حيث وكما أسلفنا الذكر تجد الوثائق وباقي الجانب الشكلي أعد بإتقان وعلى أحسن وجه في حين أن ما يجب التركيز عليه معدوم تماما. كم تكون الحسرة كبيرة حينما ترى تلاميذ درسوا الأمازيغية عاما ثم يحرمون منها في الموسم الموالي ليعودوا إليها في موسم ثالث، أصبحنا نفضح أنفسنا للناشئة التي اكتشفت عشوائية ومزاجية هذا النظام التعليمي المهترئ. غريب أن يجد ويجتهد المتعلم في الأمازيغية ليجد نفسه بعد ذلك غير مطالب للامتحان فيها؟ حدثتنا المذكرات التنظيمية عن الأستاذ المتخصص لكن هيهات وهيهات، فمن الشح في الأطر التربوية الذي نتج عن الانتقالات المشبوهة إلى العرقلة الصريحة من الإدارة لهذه الخطوة الكفيلة بإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا المشروع المجتمعي الطموح، عرقلة غير مبررة بتاتا وتنم عن حقد دفين للتوجهات التي رسمها الأبناء البررة لهذا الوطن. لنكون صريحين مع أنفسنا: إذا جزمنا بحق الأمازيغية في أن تدرس للمغاربة بحكمها لغة رسمية للبلاد وقبل ذلك لغة فئات عريضة من المجتمع، إذا آمنا بمشروعية تدريس الأمازيغية في المدرسة الوطنية فكفانا من سياسة التحامل و الترقيع والضحك على الذقون ولنتعاطى مع الأمر بجدية عبر التخطيط المحكم والتطبيق الحازم والتتبع الدائم والتقويم الموضوعي إن نحن أردنا فعلا الإدماج الحقيقي والفعلي المثمر، لنضع آليات فعالة للتتبع والمراقبة، كفانا من تعبئة المطبوعات بأمور لا وجود لها في الواقع!!! كفانا من الإحصائيات الكاذبة والمشبوهة!!! كفانا من النظر بعين السخرية إلى هذا المكون الهام!!! كفانا من الانتقاص من قيمة أغلى ما نملك متمثلا في ارثنا الحضاري و الثقافي!!! أما إذا كنا نرى أنه لا داعي لتدريس الأمازيغية، فرجاء تشجعوا يا سادة كما تشجع النائب الاقليمي المذكور وأوقفوا طبع وتوزيع المقررات التي تستنزف الجيوب والميزانيات وتثقل كاهل المتعلمين بدون جدوى!!! أوقفوا الدورات التكوينية الكاذبة والمفرغة!!! أوقفوا تبذير المال العام في التوثيق الكاذب الذي لا طائل منه. !!!إن مسؤولية إفشال تدريس الأمازيغية تتحملها الحكومة في شخص الوزارة الوصية على القطاع، والتي لم تلتزم بتعهداتها السابقة، وباتفاقاتها مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وعدم توفيرها للوسائل والإمكانيات الكفيلة بإنجاح تدريس اللغة الأمازيغية»، إن السكوت على قرار من وزن «حذف» اللغة الأمازيغية يستحق أكثر من تناول وردة فعل من الوزارة، وهذه دعوة مجددة إلى وزير التربية الوطنية إلى تحمل كامل مسؤولياته والتدخل العاجل بإشعار القيمين على الشأن التربوي بضرورة احترام مقتضيات الدستور الجديد في شأن الأمازيغية أو التراجع عن تدريس هذه اللغة وبكل شجاعة كي يفكر أبناؤها في أنجع السبل لتبويئها مكانتها الحقيقية. باختصار شديد، وتفاديا للإطناب الممل، أظن أن الفكرة وصلت، فنحن أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن نكون مع أو ضد، لكن الموقف يجب أن يكون مدروسا دراسة علمية حقوقية وموضوعية ثم بعدها يجب الأخذ الجاد والحازم للموضوع إن كنا فعلا نريد تغييرا حقيقيا وواقعيا ونبرهن لغيرنا أننا نقوى على أن نشكل الاستثناء في التعاطي مع أمهات القضايا. نأسف في الأخير لواقع الأمازيغية بالمدرسة المغربية ونتمنى أن تؤخذ الأمور بجدية أكبر لأن المسؤولية ستظل على عاتق أهلها أمام محكمة التاريخ التي لا ترحم.
|
|