|
|
منجم كبير وقرية منكوبة قضية إميضر لم تعد تسمح بأن ندير لها ظهورنا أو ندس إزاءها رؤوسنا في الرمال تقرير: حــســن أبـراهـيم
ما تزال ساكنة إميضر معتصمة فوق جبل ألبان، اعتصام كتب له أن يطول مادامت مطالبهم تضرب عرض الحائط في قرية تفترش الذهب والمعادن الثمينة وأهلها يفترشون الحجر والمعاناة فوق جبل ألبان. قضية إميضر نفضت الغبار على الخروقات التي ترتكبها شركة المنجم، والاستنزافات التي تتعرض لها المنطقة سواء ما يتعلق بالفرشاة الباطنية أو الأراضي، التي تحولت إلى جرداء بعد تفريغ نفايات المنجم عليها. هذا في الوقت الذي تواجه كافة مطالبهم بالاستهزاء واللامبالاة من طرف المسؤولين. السيرورة التاريخية يأتي هذا الاعتصام الذي ابتدأ منذ مستهل شهر غشت 2011 كاستمرارية لانتفاضات سبقتها، وتعتبر انتفاضة سنة 1986 المحطة الأولى التي أطلقت شرارة الاحتجاج والمطالبة بحقوق أهالي إميضر، انطلق هذه الاحتجاج بعد علم الساكنة تشييد بئر جديد قرب القرية بدون سابق إنذار، فانطلقت المسيرات التي استمرت خمسة أيام تم على إثرها اعتقال ستة مناضلين وحكم عليهم بالسجن لمدة شهر. بعدها تم إسكات الباقين بوعود لحظية بتشغيل بعض أبناء المنطقة. بعد استمرار إدارة المنجم في عدم الوفاء بالوعود التي قطعتها للساكنة جاءت المحطة الثانية، التي عرفت مشاركة أغلب الناس والتي طالبوا فيها بحقهم في التشغيل وانتفضوا ضد نهب الأراضي السلالية لجماعة إميضر وعدم تجديد عقد الاستغلال وذلك بداية سنة 1996. اعتصام استمر خمسة وأربعين يوما تم توزيعها على ما يلي: شهر واحد أمام المنجم «توزاكت»، وخمسة عشر يوما قرب البئر الجديدة توجت بمسيرات جماعية وتظاهرات يومية، ويأتي تاريخ 10 مارس من نفس السنة والذي شهد تدخل قوات القمع لردع مسيرات الأهالي، تم خلالها اعتقال 23 مناضلا من بينهما امرأتان وتم الزج بهم في السجن، ومن بين هؤلاء المعتقلين الشهيد «لحسن أسبضان» الذي لقي حتفه بعد خروجه من السجن، الشيء الذي خلف استياء ساكنة إميضر نظرا للظروف الغامضة المحيطة بملفه. وتأتي تسمية حركة على درب 96 التي تؤطر نضالات الحركة كإعادة اعتبار لهذا الشهيد... ويبقى الرماد مشتعلا. رفض التشغيل الموسمي وانطلاق الاعتصام بخصوص الشرارة التي أيقظت الرماد من خموده، يحكي أحد المعتصمين، فكان نتيجة لرفض الشركة عقدة الشهر القانوني في العمل لصالح الطلبة أو ما يسمى في أدبياتهم «التشغيل الموسمي للطلبة» وذلك في غشت 2011، تلته احتجاجات وحلقيات نقاش إزاء هذا الرفض، خرجت على إثرها بقية الساكنة حاملة معها قنينات ماء فارغة كإشارة لنقص المياه وشحها وهكذا ابتدأت الاحتجاجات والمسيرات في اتجاه المنجم توجت بحلقيات وتجمعات من أجل توضيح الحقائق والتنديد بخروقات الشركة المستغلة للمنجم. إغلاق الصنبور، نصب الخيام وتهديد بالمروحية بعد صد الأبواب أمام نداءات ومطالب الساكنة وفي خطوة تصعيدية، تم إغلاق الصنبور الرئيسي والذي يتواجد فوق جبل ألبان بذريعة نهاية عقدة استغلال البئر التي تزود الصهريج المتواجد بذات الجبل في متم سنة 2009 وعدم تجديد العقدة. هذا الصنبور الذي يزود المنجم بكميات هائلة من المياه، ( 16 لتر إلى 24 لتر في الثانية بكيفية مستمرة 24\24) استنزف الفرشاة الباطنية، الشيء الذي يهدد الخطارات ويهدد معه حياة الساكنة بالتزود بالمياه الصالحة للشرب. بعد هذه الخطوة، تم نصب الخيام فوق الجبل وتنظيم مبيت يومي وحوارات يومية تم من خلالها تسطير ملف مطلبي جديد يهم تنمية المنطقة وتشغيل أبناء المنطقة بنسبة محددة في %75. لم يستسغ الأمر السلطات والمسؤولين فاستعملوا لهجة غليظة وشديدة وصلت إلى حد إحراق جميع الساكنة على حد تعبير أحد المعتصمين، تهديدات متتالية واستفزاز للنساء وأمهات المناضلين وآباءهم. ووصلت التهديدات أوجها باستعمال مروحية لتفريق المعتصمين وفض الاعتصام، لكن كل هذه التهديدات تكسرت فوق عزيمة «أيت إميضر» التي أبت إلا الاستمرار في مطالبهم المشروعة. اعتقالات جديدة ومحاولة جديدة لثني الساكنة عن الاعتصام يعتبر مصطفى أوشطبان من ساكنة إميضر. كان يعمل بالمنجم لفائدة شركة فرعية وكان يخصص وقته الشاغر للنضال بجانب أبناء المنطقة وكان هو الآخر يشارك في مسيرات واحتجاجات الساكنة سواء فوق الجبل أو أمام المنجم، الشيء الذي أثار حفيظة الشركة المشغلة، وتم على إثرها فبركة «فيلم» من بطولة الشركة جعله يدفع ضريبة نضاله مع أهله، وتعود وقائع هذا الفيلم، حسب تعبير أحد المعتصمين، إلى أن المعتقل «مصطفى أوشطوبان» دُسّت 18 غرام من الفضة في ملابسه، وتم توقيفه بتهمة السرقة، وتسليمه للسلطات التي أضافت تهمة التحريض على العصيان المدني وتمويل الاعتصام... تم البث في قضيته في المحكمة دون توفير المادة المحجوزة وتمت إضافة حلقة بطولية اخرى لنفس المسلسل حكمت عليه بأربع سنوات مع اعتقال لخمسة مناضلين آخرين بتهمة الضلوع في أحداث 2001 و2004 وما قبلها. نساء وعجزة وأطفال مناضلون ما يجذب الأنظار فوق جبل «ألبان»، جبل «التويزة والكرامة» هو وجود جميع شرائح المجتمع وبمشاركة وازنة. أطفال في مقتبل العمر يشاركون في حلقيات النقاش والاجتماعات «إكراون» التي تعقدها الساكنة لمناقشة المستجدات والاستفاضة في النقاش وتوزيع المهام بشكل ديمقراطي يحترم جميع الآراء والمقترحات. تجدر الإشارة أيضا أن الساكنة، تقوم كل عشية بالتجمع قرب الطريق الرئيسية في مكان أطلق عليه « توريرت ن أسبضان» تكريما لروح الشهيد أسبضان، ما أجمل أن يكون اسم الإنسان موشوما ورمزا لأرض تقام حولها حلقيات نقاش. مطالب سوسيواقتصادية ورفض مستمر تهم جل مطالب ساكنة إميضر تأهيل المنطقة وتنميتها وذلك بتوفير الضروريات الأساسية من صحة وتشغيل (بنسبة 75% مع إعطاء الأولوية لأبناء المنطقة) وتمدرس لائق، توازن في استغلال المياه وتقنينها وذلك بتشييد السدود التلية التي ستساعد على الحفاظ على الفرشاة الباطنية المهددة بالاستنزاف، والمحافظة على البيئة بتوفير مطارح النفايات وفضلات المنجم في أماكن بعيدة عن السكان، كما يهم الملف المطلبي أيضا تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين الشركة والجماعة القروية وتجديد العقد المنتهية صلاحياتها. بنية تحتية هشة فوق أرض ذهبية تضم قرية إميضر سبعة قصور وهي (أنو نييزم، تبولخيرت، اكيس، ايت ابراهيم، اغير، ايت امحمد، ازومكن، ) تغيب في بعضها ظروف العيش الكريم، إذ أن هناك دواوير بدون ماء وكهرباء ولا طرق مجهزة، ناهيك عن وجود مستوصف وحيد لسبعة قصور تشتغل فيه ممرضة وحيدة في غياب تام للوسائل الضرورية والأساسية في هذا المستوصف وغياب الشروط الصحية. كما تتوفر القرية على مجموعتين مدرسيتين هما: مجموعة مدارس إميضر ومجموعة مدارس أنو نييزم، التي تغيب فيها شروط مدرسة النجاح وجيل القرن العشرين على حد تعبير أحد المعتصمين. معادن ثمينة ومدارس فقيرة تعتبر مقاطعة الدراسة من طرف التلاميذ حادثة لم تشهدها المدرسة المغربية في تاريخها، سنة بيضاء يسجلها تاريخ مدرسة إميضر بأقلام الطفولة التي أبت إلا أن تقف جنبا إلى جنب مع أهاليهم وذويهم في مطالبهم. مدارس لا ترقى إلى المستوى المطلوب، أقسام مشتركة، مدارس بدون أسوار ومدارس بعيدة عن الساكنة، في غياب النقل المدرسي يضطر بعض التلاميذ إلى قطع مسافة 9 كيلومترات من أجل الوصول إلى المدرسة. ويحكي «بدر» أحد التلاميذ الذي يتابع دراسته في السنة الخامسة أن بعض المدارس تدرس فيها ثلاثة مستويات في قسم واحد يسمى في أدبيات الوزارة « قسم متعدد المستويات» فكيف تريدون أن نتمدرس؟ نفضل أن نتضامن مع ذوينا ونناضل جنبهم على أن ندرس في زريبة، يقول تلاميذ آخرون. طلب مؤازرة وتضامن شبه موجود بالرغم من رفع طلب مؤازرة لكل الضمائر الحية، من طرف «حركة على درب 96» المؤطرة لنضالات أهالي إميضر، يوم 05 ـ 10 ـ 2011 انطلاقا من كون مطالبهم سوسيواقتصادية، يسجل غياب تشبه تام لتضامن فعاليات المجتمع المدني ومؤازرتها للقضية الإميضرية، باستثناء تضامن بعض فعاليات المجتمع المدني على سبيل الذكر (أمال دادس، الكونغرس العالمي الأمازيغي، جمعية سكان الجبال، أطاك المغرب، معطلي تنغير وبومالن... وبعض الطلبة الأمازيغ الذين يأتون بين الفينة والأخرى للتعبير عن تضامنهم مع ساكنة إميضر). قضية تناقلتها قنوات عالمية وتناساها الاعلام المغربي نقلت مجموعة من القنوات الأجنبية (...) في شاشاتها التلفزية روبورطاجا عن اعتصام ساكنة إميضر، بعد أن تناساها الاعلام المغربي، الذي يعاني من نواقص الجودة والاستقلالية الحقيقية ويفتقر إلى الحرفية والانفتاح على الهموم الحقيقية للمواطن المغربي، والذي سجل في حقه غياب تام سواء المكتوب منه أو المسموع، الشيء الذي يبين بالملموس التعتيم الإعلامي المقصود لما يعيشه الإنسان المغربي. وتبقى كتابات بعض الأقلام الغيورة على الشأن المحلي لقرية إميضر هي التي ما زالت مؤازرة لنضالاتهم. من بين الصحافة العالمية التي زارت اعتصام إميضر نجد: الوكالة الفرنسية للصحافة (AFP)، صحافية فرنسية من وكالة (France ô) ووكالة رويترز(REUTERS) ومن بين القنوات التي نقلت اعتصام سكان إميضر، نجد قناة روسيا اليوم، القارة، الناطقتين باللغة العربية، وقناة TV5 , France 24, RTL, CANAL 33 الناطقة بالفرنسية.
|
|