|
|
مشروع ورقة جمعية سكان جبال
العالم، فرع المغرب،
حول التعديلات الدستورية المرتقبة
تعاني المناطق الجبلية بالمغرب منذ أكثر من نصف قرن من إكراهات ناتجة من جهة عن الفترة الاستعمارية - من تخريب ودمار للمجال والإنسان-، ومن جهة ثانية من سياسة الحكومات التي تناوبت على تكريس سياسات التهميش وإقصاء مجال وساكنة وهوية الجبل، من كل المشاريع والمخططات التنموية لأزيد من خمسين سنة خلت رغم السياسة الجهوية للسنوات الأخيرة التي كان من المفروض أن تقضي على هذا الوضع المزري. وقد تجسدت هذه المعاناة في : ـ الحرمان من كل المرافق والبنيات التحتية الأساسية التي توفر لساكنة الجبل ظروف الاستقرار والعيش الكريم. (الطرق، الماء، الكهرباء، الصرف الصحي، التطبيب، التعليم). ـ إقصاء اللغة الأمازيغية من الدستور المغربي وبالتالي من الحياة العامة. ـ الاستغلال الفاحش للموارد الطبيعية من قبل مافيا الماء والأراضي والمعادن والغابات والمقالع... ـ تقليص مجال الرعي واعتماد قوانين تحرم السكان الأصليين من أراضيهم. ـ مكافحة زراعة الكيف دون تقديم زراعات بديلة تضمن للفلاحين الاستقرار والعيش الكريم بعيدا عن كل أشكال الاضطهاد والابتزاز. ـ الوضعية المتردية للرحل ومعاناتهم مع تقليص مجلات الرعي وعبر محطاتها المتعددة بكل المناطق الجبلية بالمغرب التي شكلت صلة وصل بين الجمعية وساكنة الجبل، وبعد فتح نقاش مباشر جاد ومستفيض مع كل الشرائح الاجتماعية والمؤسسات العمومية والجمعيات التنموية والثقافية في كل من جبال الريف والأطلس المتوسط والأطلس الكبير والصغير بالإضافة إلى الأيام الدراسية والحلقات التكوينية والملتقيات والمحطات التنظيمية، فقد تكونت لدى أعضاء جمعيتنا وطنيا وجهويا وإقليميا قناعات بخطورة الوضع الذي يعرفه الإنسان والمجال في سلاسلنا الجبلية وضرورة إسماع صوت هذه الساكنة وإثارة انتباه من يهمهم الأمر لما آلت إليه شريحة هامة من المجتمع المغربي التي اختارت أن تحافظ على هويتها وثقافتها وعاداتها وتقاليدها ضد إيديولوجيا التهميش والإقصاء وضد شراسة العولمة والشركات المتعددة الجنسيات والسماسرة الذين لا يهمهم سوي كسب المزيد من الأرباح واكبها حرمان ساكنة الجبل من جل المرافق والبنيات الأساس. وإيمانا منا بضرورة مآزرة ودعم سكان الجبل في محنتهم وبخطورة ما قد يترتب على التمادي في الإهمال والتهميش، فإن جمعية سكان جبال العالم فرع المغرب تتقدم بهذه الوثيقة المطلبية فيما يتعلق بمكانة الجبل في الإصلاح الدستوري المرتقب، نظرا لدقة وحساسية المرحلة التي تجتازها بلادنا، المرتبط بالحراك السياسي والشبابي الذي تعرفه بلادنا للقطع مع المراحل السابقة، باقتراح مشروع التغيير لتمكين بلادنا من دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا على أساس تعاقد سياسي واضح وضامن لبناء مغرب جديد. إن طرح جمعية سكان جبال العالم في هذه الوثيقة ينسجم مع الطرح القوى الحية في البلاد للمطالبة بدستور ديمقراطي شكلا ومضمونا يستجيب لطموحات الشعب المغربي وإرادته في بناء دولة الديمقراطية والمؤسسات، التي تضمن حياة المساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية وذلك بسن الحقوق والحريات، واستقلالية القضاء، والإقرار بسمو المعاهدات والمواثيق الدولية على القوانين الوطنية، تتشرف جمعية سكان جبال العالم فرع المغرب وطنيا وجهويا وإقليميا أن توجه إلى كل المعنيين بالدستور الديموقراطي موقفها من القضايا الأساسية التالية الأرض: إننا نعتبر الأرض أساس الهوية وبدونها قد يفقد سكان الجبال كل علاقة مع الماضي والحاضر والمستقبل وهي على وعي بخطورة القوانين الاستعمارية التي ما زالت تنظم العقار، والتي فقد بموجبها سكان الجبال جل الأراضي وبالخصوص الأراضي الجماعية والسلالية بسبب حرمانهم من حق الملكية وتحفيظ أراضيهم مما أدى إلى فقدان قبائل بأكملها لأراضيها بتجميدها أو تفويتها إلى سمسارة الأراضي والأغنياء، وإيمانا منها بخطورة الوضع فإن جمعيتنا تطالب بضرورة احترام نظام الملكية الجماعية للموارد كلما تعلق الأمر بالجماعات الأصلية والسلالية أو القبائل وذلك احتراما لقوانين الملكية الجماعية الأمازيغية وحماية للملكية الفردية والجماعية، طبقا للمعايير المتعلقة بالحقوق الجماعية الواردة في إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية المعتمد يوم 13/9/2007 واتفاقية منظمة العمل الدولية 169 المتعلقة بالشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة « واحتراما للمادة 1 من العهد الدولي بشأن الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966كما نطالب بإلغاء القوانين الاستعمارية ومجلس الوصاية التي تحد وتعرقل التنمية في جل مناطق المغرب وتحرم ذوي الحقوق من استغلال أراضيهم وذلك بسن قوانين جديدة تتماشى مع المشاكل المطروحة. وإرجاع الأراضي الجماعية والموارد والغابات التي تم انتزاعها أو التعويض عن التي تم بيعها بدون الموافقة المسبقة الحرة والمستنيرة للقبائل والجماعات الأصلية والسلالية والأفراد مهما كان مغتصبوها. الهوية: إن المعطيات التاريخية والثقافية والاثنية وكذا الطبونيمية لشمال إفريقيا تبرهن على استمرار وصمود الأمازيغية منذ ما يزيد على 30 قرنا رغم احتضانها لعدة شعوب وثقافات. وعلى هذا الأساس أشار جلالة الملك في خطاب 9 مارس 2011 إلى صلب الأمازيغية في الهوية المغربية. وبما أن أغلبية سكان الجبال من أصول أمازيغية وأن الهوية تستمد من الأرض ولا يمكن أن تكون متعددة فإننا نطالب بالتنصيص في الدستور المغربي على أمازيغية المغرب الغنية بروافد ثقافية متعددة (أوروبية - افريقية - عربية...) وينتمي إلى شمال افريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط. الأمازيغية: نظرا لسنوات التهميش التي عانت منها الأمازيغية على أرضها وبناء على المطلب الجمعوي والشعبي وانطلاقا من توصيات الأمم المتحدة بترسيم اللغة الأمازيغية يجب توفير الإمكانيات الضرورية والحماية القانونية للأمازيغية: لغة و ثقافة وحضارة وتاريخا لتدارك التأخير الناجم عن سياسات الإقصاء والتهميش الممنهجين واعتماد أزرف (القانون الأمازيغي) كمصدر من مصادر التشريع. ولتحصين الأمازيغية لغة وثقافة وحضارة وضمان إشعاعها في المجتمع نطالب بترسيم الأمازيغية لغة وطنية ورسمية في الدستور. فصل السلطات: من الضروري اعتماد مبدأ فصل السلطات واقتسامها وهذا يستلزم اعتماد نظام الملكية البرلمانية بناء على مبدأ «الشعب مصدر السلطة» وتبعا لذلك فإنه يقر بفصل بين السلطة التنفيذية التي تتحملها حكومة منتخبة ديموقراطيا منبثقة عن انتخابات حرة ونزيهة، وبين السلطة التشريعية البرلمانية التي تنفرد بسلطة التشريع، والسلطة القضائية المستقلة. الجهوية: سن جهوية تسمح بأساليب جديدة للحكامة تنبني على توازن السلط والتوازنات المجالية والاجتماعية، وعلى الإنصاف والعدالة وتضمن التوزيع العادل والمتوازن للثروة المادية والرمزية، وتسمح للجهات من تدبير الموارد الطبيعة والاستفادة من طاقاتها وإمكانياتها. ويجب الأخذ بعين الاعتبار حقوق الرحل بالتنقل في مختلف الجهات مع مراعاة وضعهم الاجتماعي.من أجل اقتسام السلطات يجب تبنى تنظيما جهويا سياسيا حقيقيا للدولة يضمن اقتسام السلطات بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية التي تنبثق بدورها عن انتخابات جهوية مباشرة لتشكيل مجالس النواب. إن مشروع الجهوية ارتكز على الجوانب الإدارية والاقتصادية والجغرافية بدون الأخذ بعين الاعتبار الجانب التاريخي والثقافي، فللجهات في المغرب تاريخ طويل جعلها تتمتع بشخصيتها المتميزة، والتي تمّ إغفالها في التقسيم الجهوي المعتمد بسبب الهواجس الأمنية والحسابات السياسية. وبناء على ما سبق نطلب إعادة تقسيم الجهات وتقليص عددها على أساس التكامل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، والعمل على المحافظة على وحدة الجبل ( الريف – الأطلس المتوسط – الأطلس الكبير الشرقي – الأطلس الكبير الغربي – الأطلس الصغير) مع الانفتاح كل جبل على السهول والبحر. المجلس الأعلى للجبال: نظرا للتخلف الذي تعرفه المناطق الجبلية على جميع الأصعدة (البنية التحتية – الصحة – التمدرس – الهجرة ...) فقد أصبح الأمر يتطلب التدخل العاجل والحازم لتأهيل الإنسان، والمجال من أجل تنمية ترابية حقيقية بالجبل واعتماد تناوب إيجابي لتقليص الهوة بين مختلف مناطق المغرب وإنقاذ ما يمكن إنقاذه (اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا). ولن يتأتى ذلك إلا بخلق مجلس أعلى للجبال وترسيمه في الدستور وإصدار قانون الجبل يأخذ بعين الاعتبار خصوصية الجبال المغربية. تسمية المغرب: إن المغرب اسم جهة أطلقت على بلدنا إبان الفتوحات الإسلامية في مقابل الشرق الإسلامي. وقد استعمله القوميون العرب في مقابل الشرق العربي وتنظيم القاعدة يسمي بلدنا بالمغرب الإسلامي. ولتفادي هذه الوضعية الشاذة نطلب استبداله بالاسم الأصلي والتاريخي لبلدنا ألا وهو «مراكش» الذي يعني بالأمازيغية أرض الله أو الأرض المقدسة. وهو الاسم الذي اشتقت منه التسميات الغربية ( Maroc, Maruecos, Morocco…). العلم الوطني: قبل عهد الحماية الفرنسية كان العلم الوطني مختلفا عن الحالي وقد تمت ملاءمته في سنة 1948 في عهد الاستعمار مع مشروع الدولة الجديدة ذات هوية عربية إسلامية وذلك بجعل النجمة الخماسية رمزا لأركان الإسلام الخمس. ونحن مقبلون على مشروع جديد مبني على أساس الهوية الأمازيغية المتعددة الروافذ وتنامي حمل العلم الأمازيغي في المسيرات والتظاهرات الثقافية نطالب بملاءمة العلم الوطني للوضعية الجديدة وذلك بإدماج العلم الأمازيغي في العلم الوطني. وهذا الإجراء سيعفي المراكشيين من رفع علمين في المستقبل. مكناس 25 ابريل 2011 المكتب الوطني لجمعية سكان جبال العالم – فرع المغرب
|
|