|
|
المشرق العربي يحطم كرامة المرأة المغربية في عز رمضان بقلم: المهدي مالك
نعيش في هذه الأيام المباركة من رمضان الكريم على إيقاع إساءات المشرق العربي تجاه سمعة المغرب كبلد اختار خياراته الديمقراطية والمتمثلة في الإصلاح الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس منذ توليه مقاليد الحكم في صيف 1999. وهذه الخيارات انطلقت من منطلق زرع قيم الحداثة وتحديث مجتمعنا بما يناسب مع مرجعيته الإسلامية ومع خصوصياته الثقافية كرهان يرمي. إلى مغربية كل شيء بعدما عاش المغاربة طوال العقود الماضية كأنهم مشارقة بحكم أن الدولة منذ الاستقلال اختارت ربط روابط وجدانية مع هذا المشرق على كل المستويات والأصعدة انطلاقا من الدين ووصولا غالى الإيديولوجية الرجعية والهادفة إلى تحويل المغاربة إلى متخلفين في كل شيء وجعلهم يحملون قضايا الشعوب الأخرى ويتجاهلون قضاياهم الحقيقية مثل التنمية وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان. وها نحن نحصد نتائج هذا الارتباط الوجداني مع هذا المشرق على كافة المستويات. ويكفي هنا ذكر أحداث 16 ماي 2003 كإشارة واضحة على مدى مسخ الهوية لدى بعض شبابنا وعلى مدى إعجابهم باستعراض العضلات التي تقوم به جماعات الإسلام الجهادي في مختلف بقاع العالم تحت غطاء الدفاع عن الدين الإسلامي ومناصرة تكفير المذاهب المتقدمة كالديمقراطية والحداثة الخ.. وتكفير التطور الذي وصلناه في هذا العصر. لا حديث على صعيد الصحافة المغربية اليوم إلا عن قضية الإساءات الماسة بسمعة المرأة المغربية حيث أن بعض الدول المشرقية حاولت تحطيم كرامة النساء المغربيات عبر الدراما الرمضانية وإظهارهن كساحرات وكعاهرات حسب ما قالت بعض الجرائد وبعض المواقع الالكترونية. إن أي تحليل لهذه القضية عليه أن لا يتجاهل كون هذه الدول لم تصل إلى مستوى المغرب في الديمقراطية وفي حقوق الإنسان وإدماج المرأة في جميع مناحي الحياة العامة. ولعل البعض سيقول إن هذه الظواهر موجودة فعلا في مجتمعنا المغربي كغيره من المجتمعات الإنسانية عموما والمجتمعات الإسلامية خصوصا، غير أن المقصود في هذه القضية هو سمعة المغرب والنيل من شرف نسائه الكرام حسب اعتقادي المتواضع. إن ظهور هذه الإساءات سيسمح لنا في طرح مجموعة من القضايا بشكل صريح مثل مجيء السياح من تلك الدول على الخصوص إلى بلادنا قصد فعل المنكر والفواحش مستغلين الفقر والحاجة وغياب الوازع الديني لدى البعض ليعملوا ما يحلو لهم بينما في بلادهم المرأة هناك ممنوعة من الخروج وقيادة السيارة بحكم التشدد الديني والمعتبر أن المرأة عورة في حد ذاتها لا يجوز لها التنقل لوحدها في الشارع العام ولا يجوز لها تولي مناصب سامية في هرم الدولة كالوزارة والقضاء الخ. إن هذه الفضيحة زادت التأكيد على أن المشارقة ينظرون إلى المغرب نظرة هابطة منذ قرون طويلة من خلال تحريف تاريخه الأصيل وإرجاع أصل سكانه القدامى إلى اليمن ومسخ هوية الشعب المغربي بعد الاستقلال لكي يصبح شعبا آخر يكره التعدد الثقافي ويسعى إلى الأحادية وجعل المرأة المغربية خاضعة للفكر المتشدد بعدما كانت ذات قيمة عالية في تاريخ المغرب بمختلف عهوده وانخرطت بدون قيود في كافة المجالات والميادين. إنني أتابع كأي كاتب مغربي تفاصيل هذه القضية المثيرة على شبكة الأنترنت خصوصا وأنها وقعت في عز شهر الصيام والقيام بمعنى أن هؤلاء القوم لم يحترموا قداسة رمضان لدى المغاربة أو مشاعرهم الدينية. وهنا نطرح السؤال التالي: أين نحن ذاهبون في علاقتنا مع هؤلاء القوم ومتى سندرك أن المشرق لم يعط لنا سواء الرجعية والتشدد الديني البعيد عن إسلامنا الأصيل الذي وجدناه عند آبائنا وأجدادنا الكرام الذين كانوا مثالا للتدين والحياء والتقوى وغيرها من هذه الأوصاف الحميدة.إنني استغرب من بعض الصحافيين والممثلين المغاربة الذين ما زالوا يحاولون الدفاع عن أوهام الماضي في خضم هذه الأزمة الحالية حيث إن من المفروض أن ندافع عن سمعة بلادنا وسمعة المرأة المغربية التي تعتبر الأم والأخت والزوجة أمام هذا الهجوم المضاد. ومن المفروض كذلك أن نعتز بهويتنا المغربية بتعدد روافدها والتخلي عن عقدة تشجيع كل ما هو مشرقي في قنواتنا الوطنية منذ زمن ليس بالقصير من خلال المسلسلات المصرية التي ساهمت بشكل كبير في مسخ تقاليد المغاربة وإدخال مجموعة من الأنماط الحياتية كالشيشة التي أصبحت ظاهرة عادية في مقاهينا المغربية وفي صفوف الفتيان والفتيات على حد السواء. إن تشبثنا بهويتنا المغربية هو الدواء الصالح لمحاربة هذه الإساءات الموجه. إلى بلادنا العزيزة والهادفة لتشويه سمعته كحضارة وكتاريخ وكإنجازات كبرى تحققت طوال عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله. (المهدي مالك ?ehdi1983k@gmail.com)
|
|