|
|
الحركة الإبداعية النسوية بالريف بقلم: سعيد بلغربي
للمرأة الأمازيغية حضور متميز داخل النسق الرمزي والثقافي الأمازيغي. فالحركة الإبداعية بالريف، في فترة بداية متقدمة من القرن الماضي، شهدت حضورا لافتا للمرأة الأمازيغية ليس بشكله المعروف حاليا، وإنما كان عبارة عن استمرارية طبيعة لعطاءات المرأة الإبداعية في مجالاتها المعيشية والحياتية التي بصمت فيها بكل قوة شخصيتها الفريدة، واستطاعت المرأة الأمازيغية أن تفرض "كيدها" الإبداعي على مسارها المرتبط بحياتها اليومية وأسلوبها الناضج في التعبير على دواخل ومكامن الإنسانية فيها، فكانت مبدعة في فن الغناء والرقص والإنشاد وإنتاج الإيزري الذي يعتبر من أرقى الإنتاجات الشعرية الريفية التي أرّخت لنفسية المجتمع الأمازيغي، إلى جانب إتقانها لفن الرسم وإظهاره من خلال زخاريف غنية بإيحاءات تاريخية وسسيوإجتماعية ونفسية تظهر اليوم واضحة وبارزة في الزربية الأمازيغية والزخاريف البادية على الخزف... وكانت مبدعة في ثقافة الحكي وحفظ الأحاجي الأمازيغية وروايتها من جيل إلى جيل بأسلوب راقٍ ومؤثر، محافظ على دلالته التربيوية والاجتماعية وطاقته الأسطورية. لكن مع نهاية السبعينينات من القرن الماضي تمردت المرأة الأمازيغية بالريف بشكل ساهم في تواصلها واحتكاكها بالمجتمع الخارجي، وفرصة للخروج بالإبداع من قوقعته المحلية الأسرية إلى الوسط الخارجي من خلال مساهمة المرأة في الحركة الإبداعية الغنائية، وكانت المبدعة الأمازيغية "ميمونت ن سلوان" رائدة في هذا المجال في نقل الإيزري والأغنية الأمازيغية من طابعها الاحتفالي الأسري أو الموسمي إلى طابعها العالمي من خلال إنتاج تسجيلات في أقراص وأشرطة، وحضورها لمهرجانات محلية وعالمية تميزت بطابعها الحديث. وكرست المرأة الأمازيغية حاليا دورها الفعال في احتفاظها بمساحة مهمة داخل الخريطة الإبداعية الأمازيغية، وخصوصا بالريف، وذلك في مجالات مختلفة كالمسرح والتشكيل والكتابة الأدبية بكل أشكالها النثرية، المسرحية والشعرية، هذا الصنف الأدبي الأخير أبانت من خلاله المبدعة الأمازيغية تطورا ملحوضا من خلال صدور العديد من الدواوين الأمازيغية التي تحتفي بها الساحة الشعرية بالريف ولو بصمت، نموذج: (فاضمة الورياشي، مايسة رشيدة، لويزة بوسطاش، عائشة بوسنينة، عائشة الكردي) وغيرهن كثيرات ممن اخترن الكتابة في الظل. على الرغم من كل هذا، لا يمكن أن نتحدث بتفاؤل مطلق ومفرط عن تفاعل المرأة الأمازيغية بمسرح التحول والتطور الثقافي والإبداعي بالريف، لأن ذلك يرجع بالأساس إلى الواقع الثقافي الأمازيغي الهش الذي يعيشه المغرب في ظل غياب اعتراف رسمي باللغة الأمازيغية، وغياب مؤسسات تحمي الإنتاج الإبداعي الأمازيغي وتحمي المرأة الأمازيغية باعتبارها المنبع الإنساني المنتج والمحافظ بالفطرة على خصوصياته، هذا الغياب الذي يؤثر بصفة عامة على الأدب والإبداع الأمازيغي الذي يعرف تحركا بطيئا راجعا بالأساس إلى الإمكانيات الغائبة لتطويره وتوثيقه وتشجيعه. |
|