|
صيحة ضمير الأمازيغية بين محاكمتين بقلم: رشيد نجيب سيفاو جاء في إحدى البلاغات الأخيرة لمنظمة "العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان" المواكبة لأجواء محاكمة الناشط الأمازيغي عبد العزيز الوزاني أن محاكمته تم تأجيلها إلى غاية الخامس من نونبر القادم. ويتابع هذا المناضل أمام المحكمة الابتدائية بكلميم بناء على شكاية كيدية تقدم بها أشخاص اتهموا المناضل عبد العزيز الوزاني بقوله "يجب العودة إلى عهد السيبة التي كان عهدها تحل المشاكل بالقوة أما الآن فلا حل حتى بالقانون"، وكذا "المغرب يعيش بدون سيادة". وفي الواقع، وأنا أستحضر الأجواء العامة والمجريات المتعلقة بمتابعة الزميل العزيز عبد العزيز الوزاني بسبب أرائه وبسب دفاعه عن الحقوق الأمازيغية بجميع عناصرها، ودفاعه بشكل خاص عن الأرض الأمازيغية، عادت بي الذاكرة إلى الوراء حينما تعرضت قضيتنا الأمازيغية لمحاكمة من ذات الصنف تقريبا في بداية الثمانينيات، تحديدا سنة 1982، حين قدم الفقيد المناضل الأمازيغي الفذ علي صدقي أزايكو للمحاكمة بسبب مقال نشره بالعدد الأول من مجلة "أمازيغ" المحظورة. وأعتقد جازما أنه لكي نفهم ونعي جيدا المغزى والدلالة الحقيقية من وراء التضييق على الناشطين الأمازيغيين في شخص عبد العزيز الوزاني، ينبغي أن نعود إلى محاكمة أزايكو الذي اعتبرت محاكمته من قبل المحللين نوعا من التعاطي السلبي إزاء الطرح الهوياتي الأمازيغي إلى جانب استمرار النظرة السلبية لأحزاب الحركة "الوطنية". أما التكييف القانوني لقضية أزايكو فيشير إلى أن "الاهتمام بالأمازيغية لا يثير الشكوك فحسب بل يتبعه العقاب كذلك إذ من شأنه أن يمس بالأمن العام والوحدة الوطنية في النظر السلطة" حسب التحليل الذي قدمه الأستاذ الحسين وعزي في أطروحته المعنونة ب"نشأة الحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب". وكان أزايكو قد نشر مقالا في العدد الوحيد من مجلة أمازيغ الصادرة بالعربية عنوانه: "في سبيل مفهوم حقيقي لثقافتنا الوطنية". وإذا أردنا قراءة ما وراء متابعة المرحوم أزايكو، فإنه يمكن القول إن السلطات الحاكمة آنذاك والتي باشرت مسلسل استنطاق فمحاكمة ثم اعتقال أزايكو في المعتقل السيئ الذكر "دار المقري" أرادت توجيه رسالة إلى الناشطين الأمازيغ الذين بدأوا ينشطون بقوة وديناميكة ملحوظتين في مجال الدفاع عن الأمازيغية، هذه الرسالة تتعلق بثنيهم عن مواصلة هذا النضال والتقهقر إلى الوراء. ونفس الشيء يقال عن محاكمة عبد العزيز الوزاني تبعا لمنطق الفقهاء الذين يقولون "وقس على ذلك". فأمام الدينامية التي بدأت تعرفها الحركة الأمازيغية مجددا في الآونة الأخيرة وخصوصا بانتقال نضالها إلى المستوى السياسي وفتحها للملفات المتعلقة بالحقوق المرتبطة بالأرض والمياه والثروات، أراد من حرك المتابعة في حق الوزاني ومن قام بالتنكيل بمناضلين آخرين في عدد من المناطق ومنهم: عبد الرحيم الشهيبي وعبد الله الصديق وأحمد الخنبوبي وغيرهم، أراد أن يقول للجميع بأن الخوض في مثل هذه الملفات حرام وكل من يقترب من عش الدبابير، فإنه يعرض نفسه للعقاب كما حدث لعبد العزيز. غير أن المثير والخطير في مثل هذه القضايا هو استغلال القضاء وجره بتوظيفه لتصفية الحسابات مع الناشطين الحقوقيين، وعلى ذكر القضاء، نسجل بإيجابية ما تعرضت له عدالة محمد بوزبع والسياسة التعليمية لحبيب المالكي من انتقاد واضح في خطاب العرش الأخير للملك محمد السادس حينما قال بالحرف الواحد: "يأتي القضاء في طليعة القطاعات ذات الأسبقية في المرحلة المقبلة، لذا يتعين على الجميع التجند لتحقيق إصلاح شمولي للقضاء لتعزيز استقلاليته". وفي مدينة طاطا، غير بعيد كثيرا عن كلميم حيث يتابع الوزاني، تمت تبرئة شاب من طرف محكمتها الابتدائية من تهمة المس بأمن الدولة الداخلي لأنه ضبط وهو يكتب على الجدران عبارات ساخطة على النظام والبلاد. أما عبد العزيز الوزاني فقد وقف صامدا، تماما مثل أزايكو، بهمة عالية وشموخ كبير سنده في ذلك عشرات المحامين والحقوقيين الذين تطوعوا لمؤازرته ودعم المئات من منظمات المجتمع المدني والآلاف من النساء والرجال الأحرار من داخل المغرب وخارجه، دون إغفال ما قامت به الصحافة الأمازيغية والصحافة المستقلة في هذا الإطار. والشكر موصول للجميع.
|
|