|
حول العنف في الجامعة المغربية بقلم: أوشن محمد ارتبط العنف في الجامعة المغربية بالتيارات اليسارية التي كانت تدعي أنها صاحبة المرجعية التاريخية وما سواها من الفصائل عبارة عن مجموعات مخزنيه توسلت بها الدولة المغربية لإجهاض النضال وللإجهاز على مكتسبات الطالب المغربي. كما نجد في المرجعية الماركسية سمات العنف، إذ تحدث لينين عن الوعي الثوري فدعا إلى اللجوء إلى العنف من أجل القضاء على الأفكار الرجعية التي تقف حجرة عثرة أمام الثورة الاشتراكية. وأعتقد أن القراءة الهادئة لتاريخ الإتحاد الوطني لطلبة المغرب تقود إلى هذه النتيجة. فقد عرفت الجامعة العنف مع البوادر الأولى لدخول التيارات الإسلاموية للحرم الجامعي في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات. ونذكر هنا فقط بالتقاتل الذي شهدته جامعة الحسن الأول بوجدة، والذي أدى إلى العديد من الإصابات والوفيات. ولم يكن ولوج الحركة الثقافية الأمازيغية إلى الجامعة أمرا يسيرا، إذ تعرض المناضلون الأمازيغيون للاضطهاد من لدن التيارات الماركسية، وأشير هنا إلى أن الأمازيغيين ممنوعون لحد الآن من فتح حلقيات والقيام بأنشطة داخل بعض الجامعات مثل ظهر المهراز بفاس والقاضي عياض بمراكش. وما يقع الآن من أحداث داخل الجامعات هو استمرار لهذه السلوكات، رغم أن هناك اختلافا بسيطا مفاده أن اليساريين لم تعد لهم تلك القوة وتلك الهالة التي تمتعوا بها لسنوات خلت، فقد أدرك الطالب المغربي الحالي أن الإيديولوجيات الماركسية ليست بالضرورة الحل الوحيد للخروج من الأزمة، بل ظهرت مقاربات ترى في الإسلام مخرجا وأخرى تعتقد أن النزوع الشرقاني وبالتالي الاستلاب الثقافي هو سبب التخلف. على كل فالمعطيات العالمية قد تغيرت، لكل تصور الحق في الوجود والدفاع عن أفكاره بالحجة والدليل. فزمان الوصاية الفكرية قد ولى، وهذا ما عجزت بعض التيارات عن استيعابه. ونتيجة لذلك لا زالت تتشبث بتلك الأحلام الوردية التي راودتها منذ الستينات زمن الماركسية بامتياز. لقد أعلن العلم الحديث منذ نشأته الحقيقية مع عصر الأنوار أن الحقيقة نسبية، وأن تغير ظروف التجربة يؤدي لا محالة إلى تغير النتائج، كما بشرنا فريديريك نيتشه أن عهد المحكيات الكبرى والمذاهب التي تدعي امتلاك الحل الأمثل لم يعد موجودا، وهذا ما جعله يعيد صياغة السؤال الفلسفي من جديد. فنقله من المنطق الماهوي، أي ما هي الحقيقة؟ إلى المنطق الكيفي، أي كيف تنتج الحقيقة؟ وما هي الخلفيات المتوارية وراء كل خطاب؟ وهذا ما يجب على كل الفصائل اليسارية فهمه، لأنه لم يثبت أن بادرت إحدى الفصائل الأخرى إلى ممارسة العنف، بل والأكثر من ذلك أن الحركة الثقافية الأمازيغية، دعت مختلف التلاوين الفكرية في الجامعة إلى توقيع ميثاق شرف ضد العنف الطلابي، اقتناعا منها بعدالة قضيتها وبعلمية المناهج التي تلجأ إليها لتحليل الظواهر. إن الجامعة هي فضاء للحوار العلمي الجاد، إنها فرصة لتلاقح الأفكار وتناسلها، وليس لتناطحها، كما يحب البعض، وقد قامت بأدوار طلائعية في صناعة التاريخ الإنساني. نحن نريد أن يستمر هذا الدور ويتقوى ليجد هذا البلد أكتافا قادرة على الرقي به نحو الأمام. وأشير في نهاية هذه القراءة البسيطة، إلى أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين، كما هو مطبق في الجامعة، ساهم في إفراغ التعليم الجامعي من محتواه، وفي تمييع الجامعة المغربية التي تحولت إلى أشبه بالثانويات، التي تعد مجالا لحفظ الدروس واسترجاعها، ثم فضاء للمراهقة الفكرية أحيانا أخرى. وهذا ما فتح جبهات أخرى للعنف. (تونفيت)
|
|