تأهيل
الحقل الديني في المغرب بين الهاجس الإيديولوجي وتغييب
البعد الديني للأمازيغية
بقلم: المهدي مالك
المغرب يبحث الآن في تاريخه المعاصر عن مجموعة
من الحقائق تساعده على القيام بنقاش فكري حول مجموعة من القضايا كقضية تأهيل الحقل
الديني في بلادنا، والذي أصبح ضروريا في ضوء مجموعة من الأحداث التي وقعت على
المستوى العالمي كأحدات 11 شتبر 2001 في الولايات المحتدة الأمريكية، وعلى المستوى
الوطني كأحداث 16 ماي 2003 المؤلمة بالنسبة لنا كشعب مؤمن بقيم التسامح والتعايش مع
أهل الكتاب.
لكن هناك سؤالا كبيرا وذا أبعاد عديدة، ألا وهو: ماذا نقصد بتأهيل الحقل الديني في
المغرب؟ وسنحاول بقدر الإمكان الإجابة على هذا السؤال الكبير.
إن مغرب الاستقلال آمن بأن ديننا الإسلامي يجب أن يكون نابعا وتابعا للفكر
الإيديولوجي للحركة الوطنية التي جعلت منه، أي الدين، وسيلة لنشر مجموعة من أفكارها
الشرقانية، والتي تدخل في إطار مرجعياتها المعادية لمنطق التعدد الثقافي واللغوي.
فهذه الحركة الإيديولوجية جعل مغرب الاستقلال يعيش تخلفا دينيا من مظاهره تقديس
العروبة. مع أن هناك فرقا كبيرا بين العروبة والإسلام. فالعروبة هي فكر قومجي
وإيديولوجي يهدف إلى الهيمنة بكل مظاهرها السياسية والفكرية واللغوية بدعوى أن
الرسول (ص) ينتمي إلى قبيلة قريش العربية.
وهكذا تكون النزعة العروبية، كإيديولوجيا، ضد الإسلام لأنها تقصي الشعوب الإسلامية
الغير الناطقة باللغة العربية، وتمنعها من ممارسة حقوقها الثقافية واللغوية على
أرضها، وممارسة شعائرها الدينية بلغاتها الأصلية كخطبة الجمعة والعيدين. مع أننا
نشاهد في بعض الدول الإسلامية، كإيران وهي دولة إسلامية، إلقاء الخطب الدينية
بلغتها الفارسية والتي هي لغة الخطاب الديني بامتياز. فلماذا لا يسمح بإلقاء الخطب
الدينية بالمغرب بالأمازيغية كما يجري العمل بذلك في إيران مثلا؟
لقد طال القمع في سنوات الرصاص كل من كان ينادي بالديمقراطية وإعادة الاعتبار
لثقافتنا الأمازيغية، والتي ساهمت بشكل كبير في الحفاظ على هويتنا الدينية ومجتمعنا
الأمازيغي. فلدينا كأمازيغ تقاليد تدعو إلى التسامح واحترام الرأي المختلف، كما
تزخر ثقافتنا الأمازيغية بمجموعة من الفنون كفن الروايس الموجود عندنا في سوس، وهذا
الفن له مجموعة من الوظائف من بينها التوعية الدينية مثل كيفية أداء الفرائض
كالصلاة والصيام والحج. لكن لغة الإقصاء الإيديولوجي لها رأي آخر يعتبر فنوننا
الأمازيغية، وخصوصا الدينية منها، لا تصلح أن تبث على أمواج الإذاعة أو على شاشات
التلفزيون في ل مناسباتنا الدينية بسبب مرجعيات الحركة الوطنية التي لا تعترف
بالبعد الديني في الأمازيغية نهائيا. ولهذا فإن هذه الحركة الوطنية جعلت من الطرب
الأندلسي ركنا من أركان مشهدنا الديني الرسمي ويبث هذا الطرب الإيديولوجي على أمواج
الإذاعة وشاشات التلفزيون في كل مناسباتنا الدينية كأنه ذو قداسة عظيمة أكثر من
الدين نفسه، وسيعتقد الإنسان العادي وهو يشاهد هذا الطرب في مناسباتنا الدينية،
وخصوصا في شهر رمضان المبارك، أنه يعتبر من مقدساتنا الإسلامية.
|