قناة "العربية"
تحيي اتهامات أصحاب "اللطيف" للأمازيغيين
بقلم: حقي عبد اللطيف (دمنات)
لما اطلعت على خبر تحت عنوان "أمازيغيون
يعتنقون المسيحية "، على صفحة مجلة "الصحيفة المغربية"، عدد 18 لـ20/26 يناير2006،
إبان تلك اللحظة اعتبرت الخبر عاديا، وعقبت على الموضوع أن الاعتقاد حرية شخصية،
وأن الأمازيغي شأنه في ذالك شأن باقي الأجناس له أن يعتقد ما شاء مادامت هذه الحرية
لا تلحق أذى بالغير. واستغربت لإثارة هذا الموضوع بهذا الحجم!!، ولماذا الأمازيغيون
بالذات، وليس العرب مثلا رغم أن نسبة المسيحيين في الدول العربية تقارب النصف من
ساكنتها. واعتبرت الخبر في تلك ألآونة عاديا، ولم اعره اهتماما بالغا، وأعددت
مقالتي أحاول أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع وعنونته بـ"حرية الاعتقاد". إلا أن
الأمر سرعان ما تطور بعد إحالتي من بعض ألإخوة على شبكة الأنترنيت، للاطلاع على
الموضوع الذي نشرته قناة "العربية"، والذي هو أكبر مما أتصور، بل لقد أحدث زوبعة
على الشبكة حينها لكثرة التعقيبات والردود، من معوذ ومبسمل، من حاقد ومنكر، من متهم
ومكفر... فأدركت أن شيئا ما يحدث وخلصت إلى ما يلي:
يان: إن الموضوع الذي نشرته قناة "العربية" نقلا عن صحفية (مريم التيجي) تعمل لصالح
جهة أخرى لا يستند إلى دليل، بل بني على روايات شفوية لا ترقى إلى مستوى الخبر
الصحفي الذي من أدبياته تحري الحقيقة من مصادرها.
سين: إن الفترة التي قامت فيها هذه الضجة المصطنعة ـ وهذا استنتاجي فيما بعد ـ ليست
بالاعتباطية، بل تزامنت مع تصاعد وتيرة المطالب الأمازيغية، خاصة مع الخرجات
الإعلامية المكثفة للأمين العام للحزب الديمقراطي الأمازيغي السيد أحمد الدغرني:
لقاؤه مع الجزيرة، لقاؤه مع قناة العالم، لقاؤه مع جريدة الأيام... وما رافق هذه
الخرجات من مواقف معروفة لديه تلزم صاحبها وتعبر عن رأيه، كمواطن له الحق في
التعبير عنةرأيه.
كراض: إن إعطاء أهمية من هذا الحجم لموضوع بسيط من طرف قناة عروبية معروف موقفها
العنصري تجاه القضايا الأمازيغية ينم عن نية مبيتة تجاه المطالب الأمازيغية من طرف
المشرفين عليها، والذين لا يقل عداؤهم للأمازيغية عن موقف البعثيين والقومجيين في
المغرب.
حين اطلعت على هذه الضجة المفتعلة من طرف العروبيين وعملائهم في بلاد تمزغا شعرت أن
التاريخ يعيد نفسه، وأن حفدة من كانوا يسمون "أبطال الحركة الوطنية" حفظوا وصية
أجدادهم في عداء ألأمازيغية منذ أسطورة "الظهير ألبربري" التي كانت عندهم مناسبة
لتلفيق التهم الجاهزة ـ العمالة، الخيانة، التفرقة، المؤامرة والتنصير... ـ من أجل
تحقيق أهداف خسيسة وترويج ألأباطيل على إيمازيغن لتأليب قلوب العامة عليهم و من هم
بعيدون عن ساحة المعركة، فيصدرون أحكاما وفتاوى مغلوطة كانت تصلهم عبر جواسيسهم ممن
كانوا يسمون أنفسهم "وطنيين": إنهم مرددو "اللطيف".لقد كتب الأستاذ محمد بودهان في
تقديمه لكتاب "الظهير البربري أكبر أكذوبة سياسية في المغرب المعاصر" لمؤلفه محمد
منيب: «...وقد كتب رشيد رضا بالمشرق بناء على ما توصل به من رسائل أصحاب "اللطيف"
عبر الجاسوس شكيب أرسلان: "آلاف المسيحيين الرهبان الحاملين للصلبان يغزون البوادي
والجبال ألأمازيغية لنشر النصرانية...»(1). هكذا نرى الشيخ المصري يروج، استنادا
لما توصل به من معلومات كاذبة، لانتشار النصرانية بين البوادي الأمازيغية. وهي
معلومة أثبتت السنون أنها مجرد كذب مقصود، وأن الأمازيغ أكثر إسلاما من مرددي
اللطيف ودعاة التعريب، وأن طول مدة الاستعمار لم يؤثر في الأمازيغ لا تنصيرا ولا عن
طريق شيء آخر، بل لقد ثبت أن الشخص الوحيد الذي تنصر هو المسمى ألأب محمد بن عبد
الجليل، وهو من عائلة استقلالية (من حزب الاستقلال) تنتمي إلى "الحركة الوطنية"
وإلى أصحاب "اللطيف"، ولم يكن أمازيغيا ولا علاقة له بالأمازيغية(2). ولنا أن نتمنى
مع الأستاذ بودهان لو كان المستعمرون المنتشرون في الجبال والمناطق الأمازيغية كما
ادعى وطنيو" اللطيف" ورشيد رضا حاملين للصلبان لأن ذلك كان سيكون أرحم على المنطقة
وأهلها، ولكنهم كانوا مدججين بكل أنواع ألأسلحة الفتاكة ومارسوا أبشع الإبادات في
تاريخ المغرب المعاصر، في الوقت الذي كان فيه أصحاب "اللطيف" قابعين في المساجد
يتلون اللطيف ويخدعون به ضعاف العقول ويتلقون به إعانات ومساعدات من البعثتين في
الشرق مغتنمين الفرصة من حماية أنفسهم ومصالحهم الاقتصادية عن طريق تجنيسهم من
المستعمر ليدخلوا في زمرة المحميين، ولينعموا بلياليهم الأندلسية وطرب الملحون.
فإذا رجعنا إذن إلى ما نشرته قناة "العربية" حول "اعتناق الأمازيغ للمسيحية" نجد
التاريخ يعيد نفسه: فهذه القناة تحيي أكاذيب "الحركة الوطنية" وأسطورتها حول ما
سمته "الظهير البربري" لممارسة الابتزاز على الحركة الأمازيغية: إما أن يندمج
الأمازيغيون في العروبة ويتخلوا عن مطالبهم الهوياتية وإلا فهم مرتدون يعتنقون
المسيحية ويعادون الإسلام. وهذه الأراجيف التي تروج لها هذه القناة لا تثير
استغرابنا إذا عرفنا أنها تسمى "العربية". ولهذا فهي تدافع عن "إخوانها العرب"
بالمغرب ضد المطالب الأمازيغية، مستعملة نفس الأكاذيب والأساطير التي اعتاد هؤلاء
استعمالها في مواجهة الأمازيغية منذ 16 ماي 1930. فالقناة المشرقية (العربية) تفعل
إذن نفس ما كان يفعله رشيد رضا بالمشرق عندما كان ينشر أخبارا كاذبة عن حقيقة
الأمازيغيين استنادا إلى ما كان يصله من هذه الأكاذيب عبر الجاسوس العربي شكيب
أرسلان.
لكن حبل الكذب قصير.
(1)-”الظهير البربري" أكبر أكذوبة سياسية في
المغرب المعاصر محمد منيب ص24
(2)- المرجع نفسه .
(3)- المرجع نفسه ص25
عبد اللطيف حقي دمنات e.mail=massinissa10k@yahoo.fr
دمنات في 04/02/200
|