| |
بئس النظرية، نظرية بنسالم
حميش!
بقلم: رشيد نجيب سيفاو
يوم 15 يوليوز 2005، نظم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ورشة
عمل لتركيب وإعداد الخطة الوطنية للنهوض بثقافة حقوق الإنسان بالمغرب بجميع
تجلياتها. وقد حضرت هذا اللقاء مجموعة من المؤسسات التابعة للدولة إضافة إلى مجموعة
من منظمات المجتمع المدني، وكان المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية من بين الهيئات
الحاضرة. وقد ألقى ممثل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كلمة تم فيها التركيز على
أهمية إحداث مثل هذه المؤسسات الوطنية لتنمية وتطوير وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان
بالمغرب، كما ذكرت الكلمة بمختلف المنجزات التي تحققت في مجال إعادة الاعتبار
للثقافة واللغة الأمازيغيتين في المغرب، مركزة على الغايات النبيلة الكبرى الكامنة
من وراء ذلك كله، والمتمثلة بالدرجة الأولى في تأكيد ثقافة الاختلاف، نبذ كل أشكال
التعصب والإقصاء، إشاعة قيم التضامن والتسامح والحوار والمواطنة الحقيقية التي لن
تستقيم إلا بالتمتع بجميع أنواع الحقوق وليس ببعضها فقط.
ولقد استحسن الجميع هذه الكلمة، الجميع أقول باستثناء إنسان وحيد، لا يزال يشكل
الصوت النشاز كلما تعلق الأمر بقضية الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، سواء كان
ذلك في إطار ما هو رسمي، أو في إطار تنظيمات المجتمع المدني، هذا الصوت النشاز هو
صوت بنسالم حميش، الذي يدعي كونه درس الفلسفة بعمق ويدعي كذلك تبنيه للديمقراطية
والتقدمية واصطفافه إلى جانب التقدميين والديمقراطيين في العالم ويصنف نفسه ضمن
طائفة الكتاب والمفكرين والمثقفين في بلادنا المغرب، ويدعي كذلك تشبعه بثقافة حقوق
الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا. لقد استغل هذا الشخص موقعه كرئيس لإحدى جلسات
الندوة التي نظمها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ليتجاوز بشكل واضح كل الأدبيات
التي ينبغي التقيد والالتزام بها في مثل هذه الجلسات، وأساسا منها الحياد وعدم
التحيز لأية جهة كيفما كانت، ليرد بطريقة غير مباشرة على كلمة المعهد الملكي
للثقافة الأمازيغية، حيث دعا بشكل علني وبلا حرج، ومن فوق منبر إحدى المؤسسات
الوطنية لحقوق الإنسان والعاملة من أجل أن يتمتع كل المغاربة بجميع الحقوق المعترف
بها عالميا، إلى وضع ضوابط أو حدود لبعض الحقوق، وأساسا منها حق الاختلاف، في إشارة
غير خفية إلى الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية بالمغرب. وهنا نسأل السيد بنسالم
حميش والذي يشغل في نفس الوقت عضوية المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان: منذ متى تقبل
حقوق الإنسان حدودا وضوابط؟
إن السيد بنسالم حميش معروف لدى الحركة الثقافية الأمازيغية، وطيلة مساره، بمعاداته
للحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية للإنسان المغربي، وبذلك فهو يعادي كذلك حقوق
الإنسان بشكل عام مادامت الحقوق اللغوية والثقافية جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق
الإنسان وذلك باعتراف وشهادة كل المواثيق وكل العهود وكل الاتفاقيات الدولية في
مجال حقوق الإنسان. ولقد سجلت عليه هذه المعاداة المشبوهة وغير المفهومة في أكثر من
موقع وأكثر من حادث وحديث.
إن الموقف السلبي الذي ما فتئ يعبر عنه المدعو بنسالم حميش، مع ما يدعيه من
ديمقراطية وتقدمية ودراسة للفلسفة وتدريس لها، هو نتيجة لبقائه وفيا لإيديولوجيا
الوحدة العربية الوهمية، رغم أن مجموعة هامة من التحولات حدثت على المستوى الدولي
وسقطت خلالها آخر أوراق التوت عن هذه الإيديولوجية الأحادية القائمة على الإقصاء
والتمييز والعنصرية والحقد على الآخر كيفما كان بمجرد اختلافه.
في الأخير، نود أن نهمس في أذن الفيلسوف التقدمي بنسالم حميش أن ما أتى به مؤخرا لا
يمت بصلة إلى النظرية، ولا يمكن أن يكون كذلك لا راهنا أو مستقبلا، كما نقول له
وبكل صراحة إن الحركة الثقافية الأمازيغية مصرة اليوم أكثر من أي وقت مضى وبنفس
عميق على تدعيم المكتسبات في مجال الأمازيغية والتطلع إلى المزيد من الاستجابات
المستقبلية لمطالبها النضالية المشروعة، كما أنها عازمة العزم كله على مواجهة أي
فكر نشاز يسعى إلى زرع بذور اليأس والإقصاء والتعصب والعنصرية وبذور التقليل من
المقومات والمكونات الهوياتية الوطنية. داعين إياه للتحرر ما أمكن من هذه
الإيديولوجيا المعدية.
|