| |
أصل الألفاظ (1)
بقلم: masher n at jadu (ليبيا)
سرقة الألفاظ أوكما يفضل الكتّاب العرب أن يعبروا عنه باقتراض
الألفاظ، وهذا ما ذكره الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه (من أسرار اللغة)، ومن أن
اللغة العربية سلكت مسلك غيرها من اللغات، فاقترضت قبل الإسلام وبعده، ألفاظاً
أجنبية كثيرة، والتي في اغلب الحالات تلك التي تعبر عن أمور غير مألوفة في بيئة
العرب في ذلك الزمن، منها كلمات تتطلبها مظاهر الحضارة والمدنية لدى الأمم العريقة.
وكذلك ذكر أن كثيرين من الشعراء الجاهليين الذين قاموا باقتباس الكثير من الألفاظ
الأعجمية، أي الغير عربية في أشعارهم وكما ذكر الأب رفائيل في كتابه "غرائب اللغة
العربية" حيث قال إن العرب القدماء من غيرتهم على لسانهم أغنوه بآلاف الألفاظ
الأعجمية.
إن العرب المسلمين يعتقدون أن القرآن نزل باللغة العربية، إذن عليهم بتعريب العالم
كله، ولكن هم غافلون عن ما كان من لغة القرآن، وأنهم لا يعلمون أن لغة القرآن بها
من الألفاظ الأعجمية أكثر من الألفاظ العربية. ومنها الألفاظ الفارسية والكردية
والآرامية والعبرية الامازيغية (البربرية) والقبطية و..الخ. وهذا ما ذكره العلماء
المسلمون، ومنهم المعاصرين لنزول القرآن، وما نؤكده الآن من أن في القرآن ألفاظا من
اللغة الامازيغية، ونحن نعرف معانيها ولكن العلماء العرب مازالوا يجهلونها حتى الآن.
والذين يدّعون أن القرآن عربي، نحن نرد عليهم، ونقول إنما القرآن نزل لجميع الشعوب
ومن عدة لغات، وتفسيراً لقوله (وأنزلناه قرأناً عربياً)، فكلمة عربياً لا تعنى
الجنس أو العرق وإنما هي (أعرابياً) وتعنى بدوياً أي أن القرآن نزل إلى البدو، وعن
طريق واحد من البدو.
وكما هو معلوم لدينا من أن القرآن قبل موت محمد كان غير مكتوب وإنما كانوا
يتناقلونه عن طريق الحفظ من شخص إلى آخر، وبعد موت محمد قام الأمويون والعباسيون
بجمع وترتيب وكتابة القرآن وهذه الكتابة استمرت سنوات حتى انتهى إلى ما هو عليه
ألان، ومن منا لا يخطئ أو ينسى، فلربما عند كتابة القرآن سقطت همزة أو حرف من إحدى
الآيات، وهذا مما يجعلنا نعتقد أن (عربياً) ربما تكون (أعرابياً).
والعرب قبل الإسلام تقول هذا أعرابي أي بدوي، ولم تستعمل هذا اللفظ تعبيراً عن
الأقوام العربية، فالعرب كانت في الجاهلية قبائل تتنادى بأسمائها، وهى قبائل متفرقة
ومتنازعة في الجزيرة العربية، ولم تضمها أي رابطة قومية عربية. وفي هذا الجانب
سأوضح بعض الألفاظ التي ذكرت في القرآن وهى ليست عربية بل أخذت من عدة لغات مجاورة
للعربية، ومن الملاحظ أن اقتراض اللغة العربية ألفاظاً من باقي اللغات، إنما يرجع
سببه إلى افتقار اللغة العربية لكثير من الألفاظ التي تجعل منها لغة متكاملة.
إن ما أورده الدكتور احمد عبد الرحمن حماد في كتابه (عوامل التطور اللغوي): نقلاً
عن أبوعبيد القاسم بن سلام، أما لغات العجم في القرآن، فروى عن ابن عباس ومجاهد
وابن جبير وعكرمة وغيرهم من أهل العلم، ومن الألفاظ - طه --أليمّ -- الطور –
الربانيون – ويقال إنها سريانية، والصراط – القسطاس – الفردوس – إنها
بالرومية.
وهنا اذكر بعض الألفاظ الغير عربية الموجودة في القرآن حسب ما ذكرها العلماء العرب
حيث قالوا إن (جهنم) وهى عبرانية وتعنى وادي هنم، والذي يتم فيه إحراق الأطفال
تقرباً للإله، و(صراط) لاتينية، و(الفيل) هنديَة، و(المسك)فارسية، (إبليس) يونانية
ومعناه كذاب، و(دجّال) آرامية ومعناه كذاب، (آمين) عبرانية ولكن هذا اللفظ يرجعه
بعض الكتاب إلى (آمون) الذي عبده المصريون والليبيون قديماً وهو إله بربري (أمازيغي)،
و(أساطير) يونانية ومعناها أخبار تاريخية، (الإنجيل) يونانية معناها خبر وبشرى، (شهر)
آرامية ومعناها القمر، (شيطان) عبراني ومعناه خصم وعدو، (فردوس) فارسية ومعناها
بستان، (فرعون) آرامية ومعناها من الملوك الرعاة، (قلم ) يونانية ومعناها قصبة، (اللات)
آشورية معناها صنم، (كاهن) عبرانية ومعناها خادم الأب، (ملاك) عبرانية ومعناها مرسل.
وحسب ما أورده ابن فارس في كتابه فقه اللغة: إن العرب كانت في جاهليتها على إرث
آبائهم في لغاتهم، فلما جاء الله بالإسلام حالت أحوال، ونسخت ديانات، وأبطلت أمور،
ونقلت من اللغة ألفاظ من مواضع إلى مواضع أُخرى، بزيادات زيدت، وشرائع شرعت، وشرائط
شرطت.
وقال إنما العرب عرفت المؤمن من الأمان والإيمان، وهو التصديق وكذلك كانت لا تعرف
من الكفر إلا الغطاء أو الستر، وأن المنافق كان في الأصل نافقاء اليربوع، ولم
يعرفوا في الفسق إلا قولهم فسقت الرُطبة إذا خرجت من قشرها، وقال ما جاء في الشرع
إن الصلاة وأصلها في لغتهم الدعاء، وأن السجود ومنها أسجد وتعنى طأطأ رأسه وانحنى،
والحج لم يكن عندهم غير القصد، وأن المخضرم من خضرمت الشيء أي قطعته.
وقد أشار بعض العلماء العرب إلى بعض الملاحظات حول الألفاظ العربية والأعجمية. حيث
قرروا: أن لا يجتمع النون وبعدها راء في اللفظ العربي مثل (نرجس)، وأن لا يوجد في
كلام العرب دال بعدها ذال مثل بغداد عاصمة العراق، وهي كلمة فارسية وتعنى (باغ أي
بستان وداد إي عدل).
وقال الفارابي في ديوان الأدب: إن بعض الحروف لا يجتمعان في كلمة واحدة من كلام
العرب مثل الجيم والتاء، منها الجبت وهى تعنى الصنم.
والجيم والصاد منها الجص والأجاص والصولاجان، والجيم والطاء ومنها الطاجن والطيجن
وهما الطبق.
وفي الصحاح: ليس من كلام العرب زاى قبلها دال مثل، المهندز والتي ينطقونها المهندس
والجيم والقاف ومنها الجردقة وهى الرغيف، الجرموق، الجوسق وهوالقصر، جلق، الجولق ،
الجلاهق، المنجنيق.
وقال الأزهري في التهذيب: لا يجتمعان في كلام العرب الجيم والصاد، مثل جصص وهى فتح
العينين، والصج وهى ضرب الحديد بالحديد.
أما من حيث الأوزان فقرروا أن وزن (فعالان) مثل خراسان غير عربي، والوزن (فاعيل)
مثل آمين فهو غير عربي، وقال ابن فارس: من أن اللفظ بور ليس من كلام العرب، وفي
تذكرة الشيخ تاج الدين بن مطتوم: قال نصر بن محمد بن أبي الفنون النحوى، في كتاب
أوزان الثلاثي: سين العربية شين في العبرية، مثل سلام: شلام، واللسان: اللشان،
والاسم: اشم.
ومن كتاب المعرب للثعالبي: قال أسماء تفرد بها الفُرس دون العرب فاضطرت العرب إلى
تعريبها أو تركها كما هي، مثل الكوز والجُرة والإبريق والطشت والخوان والطبق
والقصعة والسكرجه والسمور والسنجاب والقاقم والفنك والذلق والخزُ والديباج والسندس
والياقوت والفيروز والبلور والكعك والدرمك والجردق والسميد والفالوذج والجلًاب
والدار والفلفل والكروية والزنجبيل والقرفة والنرجس والبنفسج والنسرين والخيري
والسوسن والياسمين والمسك والعنبر والكافور والصندل والقرنفل.
ومن الرومية: الفردوس وهو البستان، والقسطاس وهو الميزان، والسجنجل وهو المرأة،
وكذلك البطاقة والاصطرلاب والقسطل وهو الغبار، والقنطار والبطريق وهو القائد،
والقراميد وهو الآجر، والترياق وهو دواء السموم، والنقرس والقولنج وهما مرضان.
وقال ابن دريد: إن الكيمياء ودمشق ليس من كلام العرب.
وقال الجواليقى: عن ابن دريد من أن الزنديق فارسي واصله زنده: الحياة وكرد: العمل.
وفي الجمهرة روى ابن دريد: من الفارسية البستان والبهرمان والأرجوان والقرمز والدشت
وهى الصحراء، والبوصي هى السفينة، والكرد وهى الغنق، والبهرج وهو الباطل، والسراويل
والعراق.
وقال ما أخذ من الرومية: القمقم والخوخ، ومن الأسماء مثل ماريه ورومانس، وما أخذ من
السريانية: الإصغاء إلى الشيء.
وقال الأصمعي: ومن الفارسية مثل الطيجن والطاجن وأصله طابق، والباريّ واصله بورياء،
والخندق وأصله محفور، والجوسق وأصله كوشك، والجردق من الخبز، والطست والّتور
والهاون، والعسكر وأصله من لشطر، والإستبرق وهو غليظ الحرير، والتنور والجوز
واللوز، والخور وهو الخليج من البحر، وقابوس وأصله طاووس.
وذكر في الصحاح: الدولاب والميزاب والبخت والدهليز والطراز والبوس بمعنى التقبيل
والزئبق والباشق والجاموس والمغنطيس والدورق والزمرد والجوهر والسكر والزرنيخ.
وأن بعض العلماء العرب ومنهم السيوطي، قالوا إن ما عربته العرب من اللغات الأخرى هو
الفرند والابرسيم واللجام والموزج والمهرق والرزدق والاجر والبادق …. الخ.(يتبع)
|