uïïun  153, 

ynyur 2960

  (Janvier  2010)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

racid nini d xalid ssufyani niv idrfyiyn imaynutn

Amaris amaynu n tamaynut lxsas

Rrif

Anfarar

Cem d tamazgha

Amddukl ancruf

Tfawt n webrid

Agdez

Asif n ighilufn

Ssidat a yusman

Français

L'amazighité entre arabisation et islamisme

Lettre au président Sarkozy

Fulgence de Ruspe

Condoléances du CMA

العربية

رشيد نيني وخالد السفياني أو الموالي الجدد

ألم نقل لكم...؟

عبد الله العروي والتكفبر عن الذنب تجاه الأمازيغية

أقفلوا السراويل

هل كان الأمازيغيون حقا وثنيين؟.

مع الشيخ أحمد العدوي

بيان حقيقة من السيد عمر زنفي

الأمازيغية بمكسيكو

حوار مع الخطاط الأمازيغي  موليد ن يدوسعدن

حوار مع الممثل الأمازيغي براهيم واعراب

الذكرى المائوية لمعركة إغزار ن ووشن

أيام ثقافية للحركة الأمازيغية بجامعة أكادير

كتابان للدكتور مصطفى الغديري

أميافا تخلد الذكرى 60 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان

تكريم إبراهيم أخياط

رسالة من معتقلي القضية الأمازيغية

بيان الحركة الأمازيغية بثيطاوين

بيان الحركة الأمازيغية بأكادير

تأسيس فرع لمريك بالرشيدية

بلاغ تاماينوت

بيان المرصد الأمازيغي

تعزية أيت غيغوش

تعزية جمعية تنغير

تعزية جمعيات أيث عبد الله

 

 

 

افتتاحية:

رشيد نيني وخالد السفياني أو "الموالي" الجدد

بقلم: محمد بودهان

 

لا يترك الصحفي رشيد نيني أي حدث يجمع بين أمازيغيين ويهود، مهما كان تافها وصغيرا، إلا واستغله لممارسة شذوذه الجنسي (نسبة إلى "الجنس" بمفهومه في العربية، والذي يعني الهوية والقومية التي ينتمي إليه الشخص)، وذلك بتضخيمه والنفخ فيه والكتابة عنه كواقعة "خطيرة" وخبر لافت يستحق الاهتمام والأولوية. وهذا ما فعله ـ كما سبق أن فعل مثل ذلك مرات عديدة ـ بعدد 20 نونبر 2009 من "المساء"، عندما كتب بالصفحة الأولى، بعد أن مهد لذلك بالتأكيد على »أن الأراضي الفلسطينية المحتلة تعيش في هذه الآونة ظرفا استثنائيا عنوانه التطرف ورفض الحقوق المشروعة لشعب أعزل والتمادي في سياسة الاستيطان ضد كل المواثيق والمناشدات الدولية«، حتى "يقنعنا" بحجم المؤامرة التي يشترك فيها "أمازيغيون" ضد الحقوق الفلسطينية، كتب يقول »ومن الغريب أن هذا الظرف بالذات هو الذي اختارته مجموعة من نشطاء الأمازيغية (18 فردا) لزيارة تل أبيب بدعوة من "متحف" مختص في "المحرقة"، قصد إطلاعهم -في ما يقال- على ممارسات هتلر ضد اليهود، وليس ممارسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ضد الفلسطينيين، وسكان غزة بالخصوص. مع مناشدتهم -وكلهم من رجال التعليم- بأن ينقلوا أخبار "المحرقة اليهودية" إلى تلاميذهم وطلبتهم«.

وبنفس العمود، وبعد "تعليقه" على زيارة أولئك الأمازيغيين لإسرائيل، يعلق على زيارة رئيسة حزب كاديما الإسرائيلي ووزيرة الخارجية السابقة "تسيبي ليفني"، التي حضرت إلى المغرب للمشاركة في أعمال مؤسسة "اماديوس" التي يرأسها ابن وزير الخارجية المغربي.

وهذا الترتيب في إيراد الخبرين ذو دلالة خاصة ولافتة: فتقديم خبر زيارة أمازيغيين إلى إسرائيل على خبر زيارة "تسيبي ليفني" للمغرب، يعني أن الزيارة الأولى أخطر وأضر بالقضية الفلسطينية من استضافة المغرب، الذي يرأس لجنة القدس، لشخصية إسرائيلية حزبية وحكومية معروفة بتطرفها الصهيوني، وكانت مسؤولة عمليا على قتل الآلاف من الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على غزة ابتداء من أواخر فبراير 2008.

لماذا تسبيق الخبر الأول عن الثاني باعتباره أهم وأخطر من هذا الأخير الذي تعامل معه رشيد نيني كخبر يأتي في المرتبة الثانية؟ لأن "الشذوذ الجنسي" (بمعناه الهوياتي الذي شرحناه أعلاه وليس بمفهومه الأخلاقي)، للسيد نيني لا مفعول له إلا عندما يمارسه على جنسه الأصلي، تماما مثل "الشذوذ الجنسي" الأخلاقي الذي لا معنى له إلا إذا مورس الفعل الجنسي الشاذ على جنس الشاذ نفسه، والذي هو فعل يمارس في الأحوال العادية والطبيعية على الجنس الآخر والمختلف.

وإلى جانب رشيد نيني، المعروف بشذوذه الجنسي الهوياتي، صرح خالد السفياني، المعروف بهيامه المجنون بالعروبة، أن »حفنة الأمازيغ الذين زاروا إسرائيل مؤخرا مجرد خونة وعملاء ولا علاقة لهم إطلاقا بالأمازيغ المغاربة الأحرار« (“المساء"، عدد 22 نونبر 2009). ومن هم هؤلاء الأمازيغيون "الأحرار" الذين يعنيهم السفياني؟ إنه يعني من هم على شاكلة رشيد نيني، أي كل الذين يحتقرون انتماءهم الأمازيغي ويدافعون عن انتماءات أخرى مشرقية، أي المصابين بـ"الشذوذ الجنسي" (الهوياتي) على غرار "الحر" رشيد نيني.

واللافت لدى خالد السفياني أنه توقف في منتصف الطريق، في ما يتعلق بما يعتبره "تطبيعا" مع إسرائيل، عند تخوينه للأمازيغيين وحدهم، ولم يخوّن، كما كان يقتضي المنطق الذي يستخدمه وينطلق منه، المسؤولين الكبار المغاربة الذين استضافوا "تسيبي ليفني" التي تتجنب السفر إلى الخارج خوفا من اعتقالها بناء على تقرير "كولدوسطون" الذي يدينها كمجرمة حرب، فضلا عن أمر باعتقالها أصدره القضاء البريطاني بنفس التهمة، وهو ما اضطرها إلى إلغاء سفرها الذي كان مقررا إلى بريطانيا. فإذا كان هؤلاء الأمازيغيون الذين زاروا إسرائيل، في إطار مدني وخاص، لم تستدعهم جهة رسمية لا التقوا بمسؤول حكومي إسرائيلي، خونة مع ذلك بناء على منطق مقاومة التطبيع الذي يحتج به السفياني ضد هؤلاء، فماذا سيكون المسؤولون المغاربة الذين استدعوا "تسيبي ليفني" ورحبوا بها ووفروا لها كل الحماية وحسن الضيافة؟ هذا ما سكت عنه خالد السفياني ولم ينبس في حقهم ببنت شفة، كما يقال. فلم يتهم هؤلاء بالخيانة ولا العمالة ولا "التصهين"، مع أن ما قاموا به، من منطلق ما يعتبره السفياني "تطبيعا"، أفدح وأخطر آلاف المرات بالزيارة المغمورة والمدنية التي قام بعض الأمازيغيين إلى إسرائيل. وهذا السكوت عن تخوين هؤلاء مع الجهر بتخوين الأمازيغيين، يكشف عن النفاق الجبان والانتهازية الخسيسة والسلوك السياسي المزدوج واللئيم لدى القوميين العروبيين المغاربة. فهم ليسوا "أبطالا" و"شجعانا" إلا في مواجهة الأمازيغية المسكينة والمستضعفة، ككل الجبناء الذين لا يعتدون إلا على الضعفاء والأرامل اللواتي يفتقرن إلى من يحميهن ويدافع عنهن.

ماذا يمثل رشيد نيني وخالد السفياني بشذوذهما الجنسي الهوياتي، وبمواقفهما المعادية لكل ما هو أمازيغي حر ـ لكن ليس بالمعنى الذي يعطيه خالد السفياني لعبارة "الأمازيغي الحر"؟

إنهما يمثلان نموذجا حيا لحالة "الموالي" التي كانت معروفة ومنتشرة على نطاق واسع بعد الفتوحات الإسلامية، حتى أصبحت ظاهرة اجتماعية وديموغرافية بارزة تشكل ما يعرف بـ"نظام الولاء". "الموالي" ـ جمع مولى، وهي من الأضداد في اللغة العربية إذ تعني السيد والمستعبد في نفس الوقت ـ لفظ يطلق على أشخاص من أصول غير عربية ـ الشرط الأساسي لاكتساب صفة "المولى" ـ هم في الأصل عبيد استرقّوا من طرف العرب أثناء حروب الفتوحات، وهجّروا قسرا من بلدانهم الأصلية غير العربية، كفارس ومصر وتامازغا، ليتحولوا على يد الغزاة العرب إلى رقيق يباعون في أسواق النخاسة بدمشق وبغداد. وإذا حصل أن حرر سيد عربي عبيده، كما كان يحدث ذلك في حالات كثيرة، فإن هؤلاء العبيد المحررين يصبحون من "الموالي"، تربطهم بمحرريهم علاقة الولاء (ومن هنا أصل التسمية "الموالي") والتبعية، مع ما يترتب عن ذلك من استمرارهم في خدمة أسيادهم ومالكيهم الذين أعتقوهم، والإخلاص لهم والانتساب إليهم (مولى فلان أو فلان...). فالفرق إذن بين "المولى" و"العبد" هو أن الأول، عكس الثاني، لم يعد "بضاعة" تباع في الأسواق وتنتقل من يد إلى أخرى حسب قانون العرض والطلب. وحتى إذا أتيحت الفرصة لهؤلاء "الموالي" للعودة إلى أرضهم وذويهم، فإنهم غالبا ما يرفضون ذلك بعد أن يكونوا قد فقدوا، ولمدة ليست بالقصيرة، كل علاقة تربطهم بعائلاتهم وببلدانهم الأصلية، وخصوصا الذين يسترقون منهم وهو صبيان وأطفال، وهي الحالة الغالبة، فيتربون في أضان أسر عربية ويتعلمون اللغة العربية، فلا يعرفون من أهل غير تلك الأسر العربية ولا من بلد غير ذلك البلد الذي نقلوا إليه بعد أسر عائلاتهم. فمن الطبيعي إذن أن يبقوا تابعين لهذه الأسر العربية، ويتفانوا في خدمتها والوفاء لها حتى بعد تحريرهم، لأنهم لا يعرفون أسرا أخرى يمكن أن تحتضنهم وتتبناهم بعد أن فصلوا، ومنذ عشرات السنين، عن أسرهم الأصلية وهم صغار لا يعون ما يجري حولهم. بل غالبا ما كانوا يجندون ضمن الجيوش العربية التي تغزو بلدانهم الأصلية فيبلون في ذلك بلاء حسنا كطارق بن زياد الذي كان مولى لموسى بن نصير.

هذه الحالة من استمرار "الموالي" في خدمة أسيادهم والولاء لهم، حتى بعد أن ينعموا عليهم بالحرية، يجسدها بشكل حي وملموس رشيد نيني وخالد السفياني. فرغم أن إيديولوجية القومية العربية، التي هي السيدة المالكة لهما، بمضمونها العرقي وقيمها العنصرية المعادية لهويات الشعوب الأخرى، قد تراجعت وفقدت كل بريقها بعد أن مات "أبطالها" السياسيون مثل جمال عبد الناصر وحافظ الأسد وصدام حسين، وكادت أن تختفي نهائيا، خصوصا بعد أن تخلى عنها العرب أنفسهم، وهو ما يعني أن رشيد نيني وخالد السفياني اللذين كانت القومية العربية قد أسرتهما واسترقتهما، أصبح من الممكن لهما الانعتاق والتحرر منها. لكنهما مع ذلك لا زالا يدينان بالولاء والتبعية لها وتقديم الخدمة لها رافضين العتق الذي أصبح متاحا لهما. إنهما مثل أولئك "الموالي" الذين يستمرون في خدمة أسيادهم بعد أن ينالوا حريتهم منهم. بل إن السفياني، الذي كان "مولى" حقيقيا لصدام حسين، لا زال تابعا لسيده ومدافعا عنه رغم أنه مات وانتهى.

وبما أن العروبة العرقية، التي تشكل المضمون العرقي والإيدلولوجي للقومية العربية، كانت من أشد أعداء الأمازيغية، فإن الولاء لها والتفاني في خدمتها يعنيان التفاني في العداء لكل ما هو أمازيغي يرفض الولاء للعروبة. وهذا ما نراه ونلمسه في مواقفهما تجاه الأمازيغ الأحرار، أي الرافضين للولاء للعروبة. بل إنهما لا يختلفان عن أولئك الموالي الذين كانوا يقودون حملات عسكرية لصالح أسيادهم العرب ضد بلدانهم الأصلية.

وإذا كان "الموالي" القدماء يظلون مرتبطين بولائهم الدائم لأسيادهم لأنهم، بعد أن انتزعوا قهرا من أسرهم، تلقوا تنشئة عربية داخل البيوت العربية وانقطعت علاقتهم بأهلهم وذويهم، فكذلك رشيد نيني وخالد السفياني لا زالا مرتبطين بولائهما للعروبة العرقية بعد أن رضعوا من ثديها في المدرسة العروبية المغربية التي انتزعتهما قسرا من حضن هويتهما الأصلية التي هي الأمازيغية، وغسلت دماغهما من كل ما يمت إلى ثقافتهم ولغتهم وهويتهم الأمازيغية.

ولأن العروبة العرقية هي التي احتضنت، كفكر وإيديولوجيا وأساطير، رشيد نيني وخالد السفياني وأرضعتهما حليب العداء للأمازيغية، فلذلك نجد أن رشيد نيني يدافع عنها باستماتة قل نظيرها عند أي عربي حقيقي. ففي مماحكاته ومهاتراته مع رضا بنشمسي، مدير "تيل كيل"، يتهم رشيد نيني هذا الأخير بأنه "يهدد العروبة والإسلام" (هكذا). فلو كتب بأنه يهدد الإسلام مثلا، لكان الأمر مستساغا ومقبولا. القول بـ"تهديد" العروبة بالمغرب، يعبر عن تخوف رشيد نيني من تحطيم أصنامه وتقويض أوثانه. وذكر "الأصنام" و"الأوثان"، هنا بصدد العروبة، ليس مبالغة ولا استعارة، بل هو حقيقة، لأن العروبة العرقية تمثل ثقافة جاهلية وممارسة عنصرية كانتا مرتبطتين بعبادة الأصنام والأوثان، وقد جاء الإسلام لمحاربتهما والقضاء عليهما. ولهذا فإن القول بتهديد العروبة والإسلام لا يختلف عن القول بتهديد الجاهلية والإسلام! لكن رشيد نيني، كأي "مولى" وشاذ جنسيا (بالمفهوم الهوياتي دائما)، لا يرى في سيده ومخدومه إلا النموذج الصالح والقدوة الحسنة، ولو كان هذا السيد يُحيي العنصرية الجاهلية ويمارسها كما هو شأن العروبة العرقية. ولهذا فإن أسوأ ما قرأته لرشيد نيني هو رده على بنشمسي الذي يتهمه فيه بـ"تهديد" العروبة والإسلام. لقد نزل وأسفّ رشيد نيني في هذا الرد، الذي خصص له أكثر من عمود، إلى مستوى لا يليق بكاتب حصيف مثله. فكيف يدافع عن عروبة عرقية هي أولا ثقافة جاهلية تتعارض مع تعاليم الإسلام، وثانيا يفعل ذلك في بلد أمازيغي وكأنه في العصر الأموي عندما كان الولاة الأمويون يحكمون شمال إفريقيا؟

وفي تعليق آخر له على زيارة الأمازيغيين إلى إسرائيل بعدد 23 نونبر 2009 من "المساء"، كتب: »إنهم يطلبون منا (يقصد اليهود)، ببساطة، أن ننسى تاريخنا وتاريخ أمتنا، وأن نتذكر الأكاذيب والأساطير المعاصرة التي يريدون أن يحكموا بها العالم«. عمن يتكلم هنا رشيد نيني؟ لقد وضحت بمزدوجين أنه يقصد اليهود حتى لا يظن القارئ أنه يقصد العروبة بسبب توفرها على هذه "المزايا" التي ذكرها، وربما أكثر مما تتوفر عليها الحركة الصهيونية. فمن، يا ترى، يطلب منا، نحن المغاربة، أن ننسى تاريخنا الأمازيغي وتاريخ أمتنا الأمازيغية؟ من يطلب منا أن نتذكر الأكاذيب والأساطير المعاصرة التي يريدون أن يحكمونا، نحن الأمازيغ، بها؟ ليس اليهود طبعا، بل "موالي" العروبة العرقية بالمغرب، الذين فرضوا أكاذيب وأساطير العروبة على ناشئتنا وتلامذتنا في المدارس ومؤسسات التعليم، يملأون عقولهم ووجدانهم بالتاريخ الأسطوري الكاذب لهذه العروبة، مثل أسطورة "الظهير البربري" التي لم يختلقها اليهود بل العروبيون المغاربة، مثل أسطورة إدريس الأول الذي أسس أول دولة "عربية" بالمغرب، مثل أسطورة العرب "الفاتحين" الذين جاءوا لإنقاذ الأمازيغ ـ يا له من إيثار ونكران للذات ـ وإخراجهم من النور إلى الظلمة، مع أنهم جاءوا في الحقيقة لسبي نسائهم وقتل رجالهم واسترقاق أطفالهم. من عرّبنا، نحن الأمازيغ، ليحولنا إلى عرب عرقيا وسياسيا وهوياتيا ولننسى تاريخنا وتاريخ امتنا؟ ليس اليهود طبعا بل "موالي" العروبة العرقية بالمغرب الذين يمارسون سياسة عنصرية تجاه الأمازيغيين، إحياء للممارسات العنصرية الجاهلية، المتمثلة في سياسة التعريب الإجرامية.

وليس غريبا أن القومية العربية تلتقي مع الصهيونية في اختلاق الأساطير والأكاذيب لتحكم بها الآخرين، ذلك أن كليهما إيديولوجيتان عنصريتان ترضعان من نفس الثدي للفكر العرقي والعنصري الذي تقوم عيه كل من القومية العربية والحركة الصهيونية.

في إطار هذه العلاقة الولائية التي تجمع بين السيد ومولاه توزع الأدوار، في ما يتعلق بالموقف من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بشكل خبيث وماكر بين الأسياد و"الموالي": فالأسياد يواصلون التطبيع مع إسرائيل ولا يجدون حرجا من استضافة رموز الصهيونية مثل الوزيرة السابقة "تسيبي ليفني". أما دور "الموالي" فهو التنديد بالتطبيع و"المطبعين"، لكن مع تحميل المسؤولين في ذلك للأمازيغيين الذين يتهمهم هؤلاء "الموالي" بالخيانة، في الوقت الذي يغازل فيه نفس "الموالي" المطبعين الحقيقيين المالكين للقرار السياسي. في الحقيقة، من الخائن الحقيقي؟ من يزور إسرائيل، أم من يتنكر لهويته ويتخلى عن قضايا بلده ووطنه ويكرس حياته لخدمة قضايا بلدان وشعوب أخرى أجنبية، منصبا نفسه ناطقا باسم هذه القضايا وهذه الشعوب الأجنبية؟ بالنظر إلى مبادئ المواطنة والوطنية وما يفرضانه من واجب الاحترام للوطن والالتزام بالدفاع عن قضاياه وقيمه، فإن هؤلاء "الموالي" الجدد هم الخونة الحقيقيون لأنهم يتخذون الوطن مجرد قاعدة خلفية للدفاع عن قضايا أجنبية كما يفعل الخونة والعملاء عندما يندسون داخل وطن ما لخدمة وطن آخر بعيد.

ولكم يبدو موقف رشيد نيني وخالد السفياني من زيارة الأمازيغيين لإسرائيل غبيا ومتجاوزا، ليس لأن استضافة "تسيبي ليفني" من طرف المسؤولين المغاربة تجاوزت في درجة تطبيعها مع إسرائيل الزيارة الأمازيغية، بل لأن الفلسطينيين أنفسهم يبذلون كل ما في وسعهم من أجل تحطيم الجدار الذي أقامته إسرائيل لمنعهم من الدخول إليها، وليضعوا بذلك حدا "للمقاطعة" التي فرضتها عليهم إسرائيل. وقد نقلت كل فضائيات العالم، بمناسبة الذكرى العشرين لسقوط جدار برلين، كيف أن فلسطينيين استغلوا هذه الذكرى لإحداث ثقب في الجدار الإسرائيلي ليعبروا منه إلى إسرائيل كما حدث أثناء سقوط جدار برلين. فما يناضل من أجله هؤلاء الفلسطينيون ليس مقاطعة إسرائيل، بل السماح لهم بالدخول إليها وزيارتها كما فعل الأمازيغيون الذين يتهمهم السفياني بالخيانة.

لكن إذا كان خالد السفياني يجني من وراء لعبه دور "الموالي" منافع وامتيازات مادية ورمزية معلومة، فما الذي يكسبه رشيد نيني من لعب هذه الدور الذي أصبح متخصصا فيه ومتقنا له؟ فقط الأحكام بالسجن (نتمنى صادقين أن لا يدخله) وبالغرامات الخيالية التي تصدر ضده.

فليتذكر "الموالي" الجدد ماذا كان جزاء من سبقهم من "الموالي" على ما قدموه من خدمة للعرب والعروبة. فطارق بن زياد، الذي كان مولى لموسى بن نصير كما سبقت الإشارة، مات، بعد أن ذاق أنواع العذاب بسجود دمشق حيث حبسه أسياده العرب، وبعد أن قضى ما تبقى من عمره متسولا بأبواب المساجد، مات مجهولا ومغمورا بلا لحد ولا قبر معروف. لقي كل هذا الهوان والإذلال من طرف من كرس كل حياته لخدمتهم، ورغم كل ما قدمه من أعمال جليلة للإسلام نسبها أسياده إليهم طبعا. فليأخذ إذن "الموالي" الجدد العبرة من حالة "المولى" طارق بن زياد، وليتذكروا أن العرب لا يعترفون بعروبة "الموالي" مهما قدموا لهؤلاء العرب من خدمة لهويتهم ولغتهم العربية. بل يبقى الموالي دائما، في أعين أسيادهم العرب، "أعاجم"، أي مجرد "بهائم" حسب المعنى الأصلي لكلمة "أعجم" في اللغة العربية.

أما إسلاميو المخزن، أصحاب جريدة "التجديد"، "المستثمرون" الأكبرون في القضية الفلسطينية، فلم يتورعوا عن الكذب على القراء في تعليقاتهم على زيارة الأمازيغيين إلى إسرائيل، خصوصا عندما أقحموا أسماء ضمن وفد هذه الزيارة لم يسبق لأصحابها (الأسماء) أن غادروا التراب المغربي إطلاقا سواء لزيارة إسرائيل أو أية دولة أجنبية أخرى. وقد أصدر الأستاذ عمر زنفي بيانا يكذب فيه أهل "التجديد" ـ تجديد الأكاذيب ـ الذين أوردوا اسمه ضمن لائحة الأمازيغيين الذين زاروا إسرائيل كذبا وبهتانا. وقد استدعى، كالعادة، أصحاب "التجديد" بهذه المناسبة اثنين من "أبطال" الشذوذ الجنسي الهوياتي ليقولا بأن »هناك مخططا واسعا يتم تنفيذه يقوم على استدراج بعض من يشتغلون في الحقل الأمازيغي إلى المشروع السياسي الصهيوني«، مطالبين بتحريك » مسطرة قانونية وزجرية ضد هذه المجموعة«، داعيين »جمعيات آباء وأولياء التلاميذ إلى التحرك والتنديد بالزيارة والمطالبة بطرد المجموعة المذكورة من مهنة التدريس خوفا على أبنائهم من اختراق الفكر الصهيوني. «

لكن لماذا لم يطالب هذان "الموليان" لإسلاميي المخزن الحزبَ الإسلامي المخزني بالاستقالة الجماعية من البرلمان احتجاجا على استضافة المخزن للصهيونية "تسيبي ليفني"، والتي لا تساوي أمامها (الاستضافة) زيارة أمازيغيين إلى إسرائيل واحدا على الألف فيما يخص التطبيع الرسمي والحقيقي ومن طرف المالكين للقرار السياسي؟

ولماذا لم يطالبا بتحريك» مسطرة قانونية وزجرية« ضد واحد من أطر الحزب الإسلامي المخزني الذي زار إسرائيل، مع كل ما كان يمثله من منصب رسمي يشغله كمنتخب وضع السكان ثقتهم فيه؟ فهذه الزيارة أخطر بكثير وكثير من زيارة أمازيغيين إلى إسرائيل، وذلك:

ـ لأنها زيارة من مسؤول في حزب إسلامي يعتبر دائما أن زيارة إسرائيل من طرف أي مسلم هي بمثابة خيانة وردة.

ـ لأنها زيارة من طرف شخصية عمومية انتخبها السكان، وبالتالي فإن زيارته لإسرائيل تعني ترخيصا من هؤلاء السكان بهذه الزيارة.

فلماذا إذن لم يطالب "الموليان"، بنفس المنطق الذي يطالبان به »جمعيات آباء وأولياء التلاميذ إلى التحرك والتنديد بالزيارة والمطالبة بطرد المجموعة المذكورة من مهنة التدريس خوفا على أبنائهم من اختراق الفكر الصهيوني«، لماذا لم يطالبا إذن بطرد إطار الحزب الإسلامي، الذي زار إسرائيل، من منصبه وتجريده من مسؤوليته، خوفا على السكان الذين انتخبوه من اختراق الفكر الصهيوني؟

هذه الأسئلة تبين أن إسرائيل ليست هي العدو، بل الأمازيغية هي العدو. أما زيارة إسرائيل فليست إلا مبررا للتحريض على مزيد من الاستعداء ضد الأمازيغية، تأكيدا للشذوذ الجنسي الهوياتي وتعبيرا عن إتقان دور "الموالي" الذي يجيد لعبه الكثير من المغاربة المستلبين.

 

 

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting